شربتُ مِن أكوابِها صبابةً حتّى المللْ
وعِشتُ فِي عذابِها كآبةً لا تُحتَمَلْ
باركتُها في غدرِها ولم أُفارِق الأملْ
قاومتُها في مَكرِها؛ مَن حكّمَ العقلَ وصلَ
مَن لم يُفِق مِن وهمِهِ؛ فَعن أساهُ لا تَسلْ
صارَت حياتُه عدمْ؛ صارَت همومُهُ جبلْ
اشربْ لوحدِك الأسى؛ وذُق مرارةَ الفشلْ
إن لم نُقاوِم ضعفَنا؛ ليسَ لَنا فيها مَحلْ
هيَ الحياةُ هكذا …
تُبيّن لنا هذه القصيدة الصورة المُجرّدة للإنسان العاشِق الذي يعيشُ حالةً مِن التناقضَات ما بين عقلِهِ الحكيم وقلبِهِ الحَليم، فيكونُ تارةً الفارسَ الشّجاع رافِضاً هزيمة الحُبّ لهُ؛ وتارةً أخرى يقدّم التنازلات لهذا الحُب مُبرِّراً لهفتَهُ العمياء.
إذ وقعَ في حُبّ المرأة المُتجبِّرة؛ التي طَغَت وتمرّدَت عليه وداسَت أحلامَهُ بِكبريائِها، فاتّخذَ موقفَ عزيزِ النّفسِ الذي يأبى الذّل والخذلان؛ لينتَفِضَ على قلبِه العاشِق واضِعاً إياه تحت أحكامِ العَقلِ والكرامة؛ مُتّجهاً نحو اعتزال معركة الحُب الخاسِرة بِشَرف.
لكن سُرعَانَ ما يرقُّ الفؤادُ بِحنينِهِ عند لقاء المحبوبة؛ ويطيرُ فَرِحاً غير آبِهٍ بكرامةِ العقلِ وعِزّة النفس وحِكمةِ العقل القَديم.
ويأتي التبريرُ المُعتاد:
“فالحُبّ أعمى لا يَرى ما في الحبيبِ مِن عِللْ”.
كَم مِن قتيلٍ فِي الهوى؛ قبّلَ كفّيّ مَن قَتَلْ!!
هِيَ الحياةُ هَكذا …
#الحياة
#كاظم_الساهر
الكاتب مجد ابراهيم