اقلام حرة
البذلَ البذلَ…لا عُذرَ لأحدٍ / عزت ابو الرب
انظرْ للموضوعِ كيفما تشاء، ومن أي زاويةٍ تريد: زكاۃ، صدقۃ، مروءة، كرم، انسانية، أخلاقية، قومية، مذهبية، طائفية، عصبية….لا ضَيْر، مُدَّ يدَك لذوي الحاجةبالمُسَمّى الذي تُحب. فالضيقُ يحاصرُ الناسَ كالسوارِ في المعصم، يُطبِقُ علينا ويشتد، أتى على مَنْ يُحَصِّلُ قوتَهَ يوماً بيوم، واحتياجاتُ شهرِ رمضانَ تطرقُ الأبوابَ، والبطالۃُ استفحلت وأتت علی الأخضرِ واليابس، فأُنْهِكَ أربابُ الأُسَرِ، وأصبح العَوْزُ يتمردُ على السترِ والكِتمان، وبدت مظاهرُ الكَسَفِ والهمِّ تطفحُ على الوجوه.
فالبذلَ البذلَ، والتضامنَ التضامنَ، لمواجهۃِ وباءِ ِ”كورونا” وإرهاصاتِهِ، فإن غاب التعاضدُ والتساندُ في هذه الأوقاتِ العصيبةِ، والأيامِ العجافِ، فمتى يكونُ؟ وما قيمةُ الإبتساماتِ ومعسولِ الكلامِ الذي نحيي به بعضا،ً إذا كان خالياً مِنِ التراحمِ والتعاون؟ وما معنى الأمثالِ التي نرددُها صباحَ مساء؟ “الصديقُ وقْتَ الضيقِ”، و “الجارُ قبلَ الدار”۟، فيما جارك يتلوى ألماً علی صغارٍ يَتَضوَّرونَ جوعاً، فلا يحتملونَ ولا يعذرون.
لقد آن استجلاءُ المشاعرِ الحقيقيةِ مِن الزائفة، ومعرفةُ النبلاءِ الذين يأبونَ أن يُراقَ ماءُ الوجوهِ على عَتَباتِ الموسرينَ، ويعرفونَ أنَّ للناسِ حقاً شَرَعَهُ اللهُ “وفي أموالِهم حقٌ للسائلِ والمحروم”. فمَنْ كانَ لديْهِ ما يُؤَدِي زكاتَه فَعَلامَ يُؤخِرُه؟ وما عليه إن قَدَّم مَوْعدَه؟ أليس رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- استلف مِن عمهِ العباسِ زكاةَ مالِه لسنتين؟ يسدُّ بها حاجةَ الناس. فإن لم يكنْ البذلُ واجباً فهو شرفٌ وفَضْلٌ يَتقلدُه الأحرارُ والعقلاءُ. ومهما كان العطاءُ قليلا فهو لدى المحتاجِ كثير، فلا تَضُنَّ به وتبخل، وكن من الذين قال الله تعالی فيهم: “ويؤثرونَ على أنفسِهم ولو كان بهم خصاصة”.وقال رسولُ ﷲ صلی ﷲ عليه وسلم: “للسائلِ حقٌ وإنْ جاءَ على فرس”
وأما الحُطَيْئةُ فقال:
من يفعلْ الخيرَ لا يعدمْ جوازيه
لا يذهبُ العرفُ بينَ اللهِ والناسِ