المبادرة الإسرائيلية”، التي عرضها رئيس حزب الاتحاد الوطني المفدال وعضو الكنيست بيني ألون في أكتوبر/تشرين الأول 2007 باعتبارها خطة إسرائيلية للسلام وتأهيلا اللاجئين الفلسطينيين، هي أحدث ما تفتقت عنه الذهنية الإسرائيلية المؤسساتية من أفكار بشأن التوطين.
وتتمركز هذه المبادرة حول الدعوة إلى الابتعاد عن الحلول السياسية بذريعة البحث عن حلول إنسانية. وتبعا لذلك فقد ورد فيها تحت عنوان “حل إنساني لقضية اللاجئين” ما يلي:
من الضروري أن يكون حل قضية اللاجئين مكونا جوهريا في أي تسوية. وعلى إسرائيل بذل جهدها لحل قضية لاجئي 1948 نهائيا ومطالبة المجتمع الدولي بالمشاركة في ذلك.
يتوجب بدء الحل بتفكيك الأونروا التي تخلد قضية اللاجئين، ومواصلة خطة تعويض سخية لكل اللاجئين الفلسطينيين الذين سيمكنون من التحول إلى مواطنين في دول مستعدة لاستيعاب المهاجرين.
وأضاف أن تلك الأمور هي رغبة أغلبية اللاجئين الفلسطينيين، كما يظهر من استطلاعات رأي موثوقة أجريت في المدة الأخيرة وسط الفلسطينيين.
والواقع الجديد في الشرق الأوسط الذي سوف تحل فيه قضية اللاجئين سيكون في مصلحة العالم العربي أيضا.وسيتم تفكيك المخيمات بشكل مرحلي، ويرفع التهديد والعار الناجم عن وجودها.
وبالتالي سيكون هناك على سبيل المثال مشروع تأهيل سخي يمكن ملايين من اللاجئين المكتظين في طنجرة الضغط من أن يصبحوا هدية نفيسة للمجتمع الفلسطيني والعالم أجمع.
“الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل سوف تتمكن، إلى جانب دول النفط العربية، من التمويل المباشر للتأهيل الكامل والسخي لكل لاجئي عام 1948، بحيث يتم استيعابهم في دول يسرّها استيعاب المهاجرين
بيني ألون
من سيدفع؟
وجوابا على سؤال من سيدفع؟ أجابت المبادرة ضمنيا بأن مليارات الدولارات تنفق سنويا على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وهذه المبالغ هي دولارات أميركية تخصص لسباق التسلح الإقليمي.
ومبالغ طائلة تحول من أوروبا للحسابات البنكية التابعة للسلطة الفلسطينية. وهناك مبالغ هائلة من المال الإسرائيلي الذي ينفق على إقامة الجدار وتنفيذ الانفصال وتقوية أبو مازن.
وتضيف المبادرة أن الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل سوف تتمكن إلى جانب دول النفط العربية من التمويل المباشر للتأهيل الكامل والسخي لكل لاجئي عام 1948، بحيث يتم استيعابهم في دول يسرّها استيعاب المهاجرين، مع أموال تمكنهم من العيش الكريم وبداية جديدة مليئة بالأمل.
وهذان النموذجان، اليساري واليميني، من المواقف الإسرائيلية المتداولة في البورصة السياسية يشفان عن الرؤية الإسرائيلية الحقيقية للحل الدائم لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وعمادها إخضاع هذا الحل للغايات والمصالح الصهيونية السياسية.
دعم أكاديمي للمواقف السياسية
ويسهم في دفع هذه الرؤية قدما جيش من الأكاديميين والمستشرقين ورجال الأعمال.
وعلى سبيل المثال كتب المستشرق البروفيسور يوسف غينات نائب رئيس كلية نتانيا الأكاديمية في صحيفة معاريف يوم 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2007، أنه في الوقت الذي لا تبدو فيه مشكلة الحرم القدسي صعبة للحل في نظره إذا ما اتبع الطرفان المسار الصحيح، فإن مشكلة اللاجئين تبقى الموضوع الأكثر صعوبة، مضيفا أن دراسة الجانب الثقافي وأنماط السلوك العربية توجد حلا للمشكلة.
وأضاف غينات أنه بعد حرب الأيام الستة سنة 1967 أجرى بضع جولات ولقاءات في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك زار بعد حرب لبنان الأولى صيف 1982 مخيمات اللاجئين التي كانت تحت سيطرة إسرائيل، ومخيمات اللاجئين في الأردن بعد التوقيع على اتفاق السلام في العام 1994، وأدرك من المحادثة مع اللاجئين وبالأساس مع ذريتهم أن الكثير من أبناء المخيمات تزوجوا من الضواحي المجاورة.
ورغم أن الدول العربية شجعت اللاجئين على البقاء في المخيمات من أجل تكريس كونهم لاجئين، فإن الواقع أدى إلى إيجاد علاقات اقتصادية واجتماعية بين سكان المخيمات والمناطق المجاورة. وأضاف أنه يوجد حاليا حتى سنة 2007، جيل ثالث وطلائع جيل رابع من الذين تزوجوا خارج الإطار العائلي وخارج مخيمات اللاجئين.
وزعم أن ما لا يقل عن 70% من سكان المخيمات حاليا غير مستعدين استعدادا عمليا لمغادرة بيوتهم أو قطع صلاتهم مع ذريتهم الذين تزوجوا من أبناء المدن والقرى المجاورة للمخيمات، والعودة إلى مساكنهم الأصلية قبل عام 1948.
“ما لا يقل عن 70% من سكان المخيمات حاليا غير مستعدين استعدادا عمليا لمغادرة بيوتهم أو قطع صلاتهم مع ذريتهم الذين تزوجوا من أبناء المدن والقرى المجاورة للمخيمات، والعودة إلى مساكنهم الأصلية قبل عام 1948البروفيسور يوسف غينات
واستشهد باستطلاع أجراه قبل عامين الباحث الفلسطيني خليل الشقاقي، وهو نفسه لاجئ، في جميع مخيمات اللاجئين، بما فيها تلك التي لم يكن في وسع غينات نفسه الوصول إليها في سوريا ولبنان.
وتوصل إلى نتيجة مماثلة، وهي أن نحو 75% من سكان المخيمات غير مستعدين لمغادرة بيوتهم مرة أخرى والعودة إلى الأماكن التي اضطر أجدادهم إلى مغادرتها إثر نكبة 1948.
وبعد أن تساءل الكاتب عن الحل العملي لمشكلة اللاجئين، سرعان ما أجاب بأنه في ما يخص اللاجئين يجب ترميم المخيمات، وهدم جميع المباني الرثة، وإقامة أحياء عصرية، وإشراك اللاجئين في إقامة بيوتهم.
إضافة إلى بناء مدارس للأطفال مع تجهيزات تكنولوجية وحواسيب وملاعب، وإقامة مصانع تكون مصادر للعمل. وعلى جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بمن في ذلك إسرائيل، إبداء التعاون وحل مشكلة اللاجئين مرة واحدة وإلى الأبد.