مقالات

افخاخ نتنياهو لقلب الطاولة على الاتفاق !!

سهيل ذياب

عدم قدرة عودة نتنياهو للحرب في غزة لا يعني عزوف نتنياهو عن خلق ذرائع لقلب الطاولة وعينه الاولى ستكون على ايران والثانية على الضفة الغربية.

فالأسابيع القليلة القادمة تُعد من أكثر الفترات حساسية وخطورة في مسار الاتفاق الحالي بشأن التهدئة في قطاع غزة. حيث توصلت إسرائيل إلى استنتاجين رئيسيين خلال هذه الفترة، خاصة بعد التحذيرات التي أطلقتها حركة حماس قبيل التبادل السادس للأسرى، الاستنتاج الأول لإسرائيل يتمثل في التخلي عن مشروع التهجير القسري لسكان قطاع غزة، وذلك بعد أن استسلمت الولايات المتحدة الأمريكية لفكرة أن هذا المشروع لن يجد طريقًا للتنفيذ العملي.

أن هذا التخلي يعود إلى عدة أسباب، أهمها عدم وجود شريك عربي يدعم هذا الاتجاه بشكل واضح، خاصة في ظل الموقف المصري والأردني المدعوم من السعودية، والذي يعارض أي محاولات لتهجير سكان غزة. فغياب الشريك العربي يعني أن إسرائيل لن تتمكن من تنفيذ مشروع التهجير، خاصة في ظل الرفض العربي القوي لأي خطوة من هذا النوع.
هذا الاستنتاج يعكس تحولًا في الموقف الإسرائيلي، حيث أصبحت تل أبيب تدرك أن مشروع التهجير لن يكون ممكنًا في المدى المنظور.

أما الاستنتاج الثاني لإسرائيل يتمثل في إدراكها أنه لا يوجد طريق عسكري لاستعادة الأسرى الإسرائيليين المتبقين في قطاع غزة. الأمر الذي دفع إسرائيل إلى عدم التعجل في العودة إلى الحرب، خاصة في ظل وجود أسرى إسرائيليين لا تزال حركة حماس تحتجزهم.

باعتقادي أن كل هذا لا يعني أن إسرائيل ستتوقف عن التلاعب بالوضع، حيث إنها تحتفظ بوسائل لـ”قلب الطاولة” في أي وقت تراه مناسبًا. فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يلجأ إلى قلب الطاولة في حال أن شعر أن مستقبله السياسي في خطر، أو إذا وصل إلى استنتاج أن المراحل القادمة من الاتفاق قد تؤدي إلى طرح القضية الفلسطينية على الطاولة مجددًا، بما في ذلك إمكانية حل الدولتين.

ونتنياهو يمتلك وسائل عديدة لقلب الطاولة، بما في ذلك خيارات غير العودة إلى الحرب في غزة. فالسيناريو الأول يتمثل في التصعيد مع إيران، حيث إن الكابينت الإسرائيلي وضع إيران في المرتبة الأولى ضمن التهديدات القائمة، متجاوزًا حتى قضية استعادة الأسرى والقضاء على حركة حماس.فعدم عودة نتنياهو للحرب في غزة لا يعني عزوف نتنياهو عن خلق ذرائع لقلب الطاولة، وستكون عينه على ايران.

أما السيناريو الثاني لقلب الطاولة يتمثل في توسيع العمليات العسكرية في الضفة الغربية، خاصة في المناطق التي تراها إسرائيل الأكثر خطورة، مثل طولكرم وقلقيلية وجنين ونابلس وطوباس وقباطية، مع التأكيد على المخيمات الفلسطينية . هذه الخطوة قد تكون بمثابة إرضاء للأطراف اليمينية في الحكومة الإسرائيلية، كوزير المالية بتسلائيل سموتريش، بالإضافة إلى أنها قد تفتح الباب أمام تهجير قسري لسكان بعض المناطق في الضفة الغربية الى شرق نهر الاردن
.
أن خطاب رئيس حركة حماس في قطاع غزة، خليل الحية أمس، يحمل مؤشرات مهمة حول مستقبل الاتفاق.
الحية أكد في خطابه أن تنفيذ البروتوكول الإنساني ليس قضية “إنسانية” بحتة، بل هي قضية ” سياسية” تعتمد عليها السياسات المستقبلية للقضية الفلسطينية بشكل عام، ولمستقبل قطاع غزة بشكل خاص.

أن خطاب الحية يشير إلى أن المرحلة القادمة ستشهد تركيزًا على إعادة إعمار قطاع غزة والإبقاء على السكان الفلسطينيين على أرضهم، في انتظار مقترح متكامل من المجموعة العربية يتم مناقشته في مؤتمر القمة العربي المقبل. هذا التوجه يقلق نتنياهو، خاصة في ظل إمكانية أن تؤدي هذه الخطوات إلى طرح حلول سياسية شاملة للقضية الفلسطينية، تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.

سهيل دياب- الناصرة
د. العلوم السياسية

19.2.2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق