أخبارمحلية

يهود الجنوب التونسي ..تعايش و سلم

في شهر مايو من كل عام يتوافد آلاف اليهود من شتّى أنحاء العالم إلى جزيرة جربة التونسيّة، جنوب شرقي البلاد، حيث يوجد كنيس الغريبة، أقدم كنيس يهودي في إفريقيا، وذلك لأداء شعائر الحج.

تاريخ طويل لليهود التونسيين
روى جاكوب ليلوش، الناشط في المجتمع المدني ومؤسس جمعيّة “دار الذّكرى” التي تعنى بالثقافة والتراث اليهوديين لمدير مكتب همسة سماء الثقافة الدولية مكتب تونس إنّ “تاريخ اليهود في تونس، تاريخ طويل جدّاً، وجذور اليهودية في تونس ممتدة في التاريخ”.
أما الآن، تابع، “في تونس نحو 1400 مواطن يهودي يتمركزون أساساً في جربة وجرجيس (جنوب البلاد) حيث قرابة ألف شخص، بينما يوجد قرابة الـ400 في تونس العاصمة”. وأضاف أنه “يوجد كذلك 20 في مدينة سوسة، وخمسة في صفاقس، و4 في مدينة نابل”.في السياق ذاته، قال المؤرّخ منصور بوليفة لمدير مكتب همسة سماء الثقافة الدولية مكتب تونس المعز محمد بنرجب ،إن وجود اليهود في تونس “يعود إلى عصور قديمة من خلال اعتناق بعض السكّان المحليين لليهودية بفعل العلاقات التجارية مع المشرق”. لكن النّسبة الأكبر منهم “جاءت أساساً بفعل الهجرات من الأندلس وإيطاليا وبلدان الحوض المتوسّط، فسوق القرانة في مدينة تونس العتيقة مثلاً يأخذ اسمه من اليهود القادمين من مدينة قرنة Livourne الإيطالية”.
أفكار خاطئة عن اليهود
أما عن التعايش مع باقي أطياف المجتمع التونسي، فقال ليلوش: “نحن نتعايش مع جيراننا منذ قرون، ويحدث أحياناً أن تحصل مشاكل بين الجيران وحينها فقط يتذّكر كل طرف أنّ هذا مسلم والآخر يهودي، وهذه ليست عنصريّة. هي مشكلة جهل”
الدكتور محمد ضيف الله مؤرخ كاتب تونسي يتحدث عن علاقة اليهود التونسيون بالمسلمين في محافظة (ولاية قبلي أو نفزاوة) حيث قال :

كان اليهود يكتبون أحيانا عقودهم عند العدول المسلمين، بل وكانوا يلجؤون أحيانا إلى المحاكم الشرعية لفض خصوماتهم، فيما يلي مثال على كتابة عقد وقع بسوق البياز (قبلي) سنة 1925، نصه:
“رسم تحمل نصه الحمد لله حضر لدى شهيديه اليهوديان حواتي بن يوسف بيتان
القاطن بسوق البياز ودفيد بن ساسي بن مردخاي القابسي القاطن بالبياز وأشهد
الأول أنه تحمل بألفين فرنك ليجهز بها ابنته حبيبه عندما يدخل
بها الثاني منها خمسماية فرنك صياغة ذهب وفضة والباقي كسوة
إلى حبيبه ودفيد المذكورين ومبيليه وكسوة لبيت سكناها على شرط
أن يسكن دفيد بحبيبه المذكورة بعد الدخول بها بالبلد التي يسكن بها
والدها حواتي المذكور وينتقل معه حيث انتقل وقبل دفيد المذكور
الشروط المذكورة ورضي بها الرضى التام وحضر والده ساسي المذكور وقبل
لابنه الشروط المذكورة ووافقه عليها وفاقا تاما شهد عليهم بذلك
حال الجواز والمعرفة بالأول تامة وعرف بالأخيرين اليهوديان الصغير
بن للو بن رحمين التاجر بسوق البياز وساسي بن خليفة بن صراي التاجر بالمكان
بتاريخ يوم الاثنين الرابع من جمادى الثاني عام ثلاثة وثلاثين وثلاثماية وألف والتاسع
عشر من أفريل سنة خمسة وعشرون وتسعماية وألف أجره فرنكات1 وترسيمه صانتمات18
وسلم توصيل عدد 8 حرره علي بن عبد الله وعبد الله القلالي.”
ملاحظة:
من خلال الأسماء الواردة في الوثيقة نلاحظ درجة تعريب أو تونسة اليهود التونسيين، إذ نجد اسم ساسي، حبيبة، الصغير، خليفة.
كذلك شدة تعلق الأب بابنته التي تبدو أنها وحيدته.
تونس هي أرض السلام و أرض الحظارات… تونس الخضراء..
بنعود الي وضعهم في تونس، عد احتلالهم فرنسا عام 1940، دخل الألمان الأراضي التونسية في نوفمبر 1942 ضمن ما سمّي بـ”حملة تونس”. ولكن في مايو 1943 انتصرت قوات الحلفاء على قوات المحور وخرجت القوات النازية من البلاد.
حينذاك، روى بوليفة أنّ “دخول الألمان رافقه ترحيب شعبي بسبب كره الأهالي للمستعمرين الفرنسيين”. ولكنه لفت إلى أنّ “هذا الترحيب الشعبي لم يصل إلى درجة التماهي مع السياسة النازيّة تجاه اليهود، إذ لم ينخرط التونسيون في أيّة أعمال ضدهم أو ضد ممتلاكاتهم”.
وذكر أنّ العائلات اليهودية التي كانت تقطن في تطاوين، أقصى الجنوب التونسي، انتقلت، أثناء دخول الألمان، إلى القرى التي يسكنها المسلمون كي لا يتمكن الألمان من تمييزهم والاعتداء عليهم. فكثير من العائلات اليهودية هربت إلى قرية “بني بركة” التي كانت تمثّل مركزاً تجارياً هاماً في المنطقة وبقيت هنالك وسط المسلمين حتى خروج الألمان من تونس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق