الصحه والجمال

بين البحث عن حلول… لوقف الحرب و منع عودة الديكتاتورية ليبيا :

هل يفك دستور 1963 عقدة الانتقال الديمقراطي / الاعلامي المعز بن رجب

ما زالت ليبيا تتلمس الطريق نحو الاستقرار السياسي الذي يرتبط بالمجال الأمني والاقتصادي، فمعالجة أزمة هذا البلد النفطي الغارق في الفوضى منذ اندلاع ثورة 17 شباط عام 2011 تتطلب اتفاقاً وطنياً.

فقد أعاد الاقتتال ليبيا إلى المربع الأول من الفوضى التي تهدد بحرب أهلية طويلة الأمد، إذا لم يتوافر مشروع وطني كحل يحفظ حقوق المواطن الليبي ويضمنه وفق أسس ديمقراطية.
فيما توالت الانسدادت السياسية في ليبيا، فتحت قريحة المجتمع الدولي على مبادرات لإنهاء الجمود السياسي، وأهم تلك المبادرات مبادرة باريس في 29 مايو (أيار) 2018، واتفاق أبوظبي في أبريل (نيسان) 2019.

مبادرات جمعت بين الفرقاء الليبين لإعداد تسوية سياسية برعاية البعثة الأممية التي تغافلت عن أهمية مشروع وطني يكون الحوار المجتمعي لبنته الأولى، وفق تصريح رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية والمستقبلية مصطفى الخميسي.

ويدعو الخميسي إلى بدء صوغ مشروع وطني يمهد له حوار بين مكونات المجتمع الليبي انطلاقاً من مبدأ حق الجميع في المشاركة في صوغ مشروعهم الوطني.

ويقول “بداية حل الانسداد السياسي تقتضي تحليل تاريخ العملية السياسية منذ 1951 حتى الآن، لتحديد الإنجازات وتجاوز الإخفاقات”.

وينبّه إلى أن “ليبيا تدور في حلقة مفرغة من الفشل في الانتقال الديمقراطي، بسبب إهمال هذه الخطوة الوطنية التي ستضمن عدم عودة الديكتاتورية وتؤسس لنظام سياسي تكون فيه حقوق المواطن فوق المشاورات السياسية وتسهر على تنفيذه حكومة مصغرة”.

حكومة أزمة

تساند الأمينة العامة لحزب الجبهة الوطنية، فيروز النعاس، مقترح المشروع الوطني كحل “لمعالجة الأزمة الليبية مبيّنة أهمية تشكيل حكومة أزمة تكون قادرة على جعل البلد يخرج من مستنقع الإشكالات الأمنية والاقتصادية وتهيّء مناخاً صحيّاً للاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات نزيهة”.

وتعلن “أمام ما تمر به ليبيا من أزمات، فإن الأمر يتطلب تكوين حكومة مصغرة تتكون من رئيس وثلاثة نواب فقط، منهم امرأة، ولا تتعدى حقائبها الوزارية 12 حقيبة، وتكون مخولة إعطاء نتائج تنعكس إيجاباً على حياة المواطن فى مدة لا تتعدى 18 شهراً.

وتدعو إلى “تحديد مهمة هذه الحكومة التي تقتضي معالجة ملفات رئيسة تشمل توحيد مؤسسات الدولة المنقسمة بين شرق البلد وغربه وإلغاء المركزية الإدارية”.

وتؤكد ضرورة إيجاد آلية يتم من خلالها إلزام مجلس النواب ومجلس الدولة تنفيذ مخرجات الملتقى الوطني الذي ستكون قراراته ملزمة، على أن تعتمد بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ومجلس الأمن الدولي تنفيذ قراراته ومعاقبة المعرقلين والحيلولة دون التعامل مع بقية الأجسام التشريعية السياسية الموازية التي يجب إنهاء مهماتها.

تنظيم المجموعات المسلحة

في ظل انتشار 20 مليون قطعة سلاح وظهور تشكيلات مسلحة غير نظامية بات الانخراط في مسار انتقالي بعيد المنال. ومن هذا المنطق، يرى الخبير العسكري عادل عبد الكافي، أهمية إطلاق مبادرة لتوحيد المؤسسة العسكرية والأمنية لإنهاء الشرخ الذي يهدّد المجال الأمني الذي عطل بدوره قيام دولة موحدة.

ويقترح إطلاق فترة انتقالية لاستيعاب الفصائل المسلحة ودمجها في مؤسسات الدولة وفق ضوابط المؤسسة العسكرية وإقناعها بتسليم أسلحتها للدولة.

ويرى “وجوب أن تنطلق هذه الإصلاحات الهيكلية من صلب المؤسسة الأمنية والعسكرية على الأراضي الليبية من دون تدخل المجتمع الدولي خشية اختراق منظومة الأمن القومي الليبي”.

وينبه إلى الارتباط الوثيق بين نجاح الانتقال الديمقراطي والإصلاح الأمني الذي يجب أن يكون على رأس قائمة الحلول للقطع مع الفوضى والانصهار في دولة تكون المسؤولة عن أمن البلاد والمواطنين. وبذلك، تكون المؤسسة العسكرية تحت سيطرة الدولة ولن يتم ذلك إلا إذا غرست في المؤسسة الأمنية عقيدة الولاء للوطن وليس للأشخاص لضمان مناخ أمني يشجع على الاستثمار الاقتصادي، ويكون قادراً على تأمين الانتخابات في مرحلة مقبلة.

تنويع الدخل

للخروج من المعضلة الاقتصادية الحالية يقترح خبراء، تحييد النفط عن التجاذبات السياسية والعسكرية، إنطلاقا من مبدأ التعامل مع الموارد الموجودة إلى حين وضع خطة انتقال اقتصادي.

ويرى مدير الشؤون الاقتصادية في الاتحاد العام لغرفة التجارة والصناعة والزراعة وحيد الجبو، أن إنهاء الصعوبات الاقتصادية يبدأ بالرهان على العنصر البشري كقوة فاعلة ومنتجة وليست مستهلكة وفق قوله.

ويقول “الوصول إلى دولة يقتضي إرساء سياسة اقتصادية صلبة، شعارها تعزيز التبادل التجاري مع دول الجوار وبقية القوى الاقتصادية العالمية”.

يضيف أنه “بات من المهم تنويع مصادر دخل ليبيا التي تعتمد بنسبة 95 في المئة على إيرادات النفط والغاز، والانفتاح على المجال الزراعي والبحري، فليبيا تمتلك أطول شريط ساحلي في المنطقة قادر على أن يصنع منها أقوى دولة في مجال الصناعات البحرية”.

الخروج من النفق

يذكّر الخميسي بأن ليبيا عرفت تجربة تعديل دستور ناجحة، إذ شرعت الحكومة سنة 1962 في إدخال تعديلات على مواد دستور 1951. واستغرقت العملية سنة، ليكون دستور 1963 جاهزاً، وتحولت بمقتضاه ليبيا من دولة اتحادية إلى دولة موحدة.

وفي ضوء ذلك يتم تنظيم الانتخابات التي يبدو أنها الحل الأنسب للوصول إلى حكومة موحدة.

وتشير آخر إحصاءات المفوضية العليا للانتخابات إلى أن عدد المسجلين في سجل الناخبين بلغ مليوني ناخب. ما يبين أن المواطن الليبي يرى في الانتخابات حلاً للخروج من نفق الانشقاقات والانقسامات السياسية والأزمات الاقتصادية التي تعاني منها ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق