ثقافه وفكر حرمؤتمر المرأة وحوار الحضاراتمقالاتمكتبة الفيديو

شاهد الفيديو / من القدس الخانقاه الصلاحية

مصدر الصور المرفقة جوجل

بعد تحرير القدس من الصليبيين أنشأ الفاتح صلاح الدين الأيوبي أول خانقاة في المدينة العتيقة، وأوقفها على الصوفية، ونسبت إليه وسميت بـ”الخانقاة الصلاحية”. والخانقاه عبارة عن مجمع معماري كامل مكون من غرف للسكن ومسجد ومرافق عامة، وخصصت لتعليم وقراءة القرآن الكريم والحديث الشريف. وكان لها دور ملموس في الحركة الفكرية بالقدس. وبنيت “الخانقاه” عام 1189 ميلادي، وهي تقع داخل أسوار البلدة القديمة في حارة النصارى بالقرب من كنيسة القيامة، وتصل عليها، كما يبين نائب المدير العام لدائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة د. ناجح بكيرات. ويوضح أن الخانقاة من الزوايا الصوفية الهامة جدًّا؛ وكانت تطلق على المدرسة الدينية وتحولت في عهد المماليك من زاوية إلى مدرسة. التكوين المعماري ويقول: إن المرويات التاريخية تفيد بأن صلاح الدين كان يتوجس مما يفعله الصليبيون في الكنيسة، إذ يقيمون اجتماعاتهم ويهربون الأسلحة، “لذلك جعل هذا البناء مركزًا للمراقبة، ولا تزال مفاتيح أسطح الكنيسة مع عائلات مقدسية مسلمة”، لافتًا إلى أن “الخانقاة الصلاحية” سميت كذلك بـ”دار البطرك”، لأن بطرك القدس أهداها للقائد صلاح الدين، والذي عمل بدوره على تطوير تكوينها المعماري. ويبين أن “الخانقاة” مجمع معماري كبير يضم مسجدًا كبيرًا، وآخر صغير، وغرف في الطابق العلوي، وغرف في الطابق السفلي لا يزال يسكنها مقدسيون، وفيها مكان عام للجلوس وصالة للطعام، ومكان للتدريب العسكري، فكان بذلك مركزاً إسلامياً مهماً في مدينة القدس، وقد أوقفه صلاح الدين للمسلمين وبقي منذ ذلك الوقت حتى عهد الاستعمار البريطاني لفلسطين. ويضيف بكيرات أن “الخانقاة الصلاحية” تستخدم اليوم كمدرسة تابعة للأوقاف الإسلامية، تُدعى مدرسة “الخانقاة الأساسية الشرعية”، وتضم فصول التعليم الأساسي الابتدائي (من الأول إلى السادس)، ويدرس فيها 140 طالبًا وطالبة المنهاج الشرعي، مشيراً إلى أن 13 موظفًا يعملون على خدمة مصالح التجمع، “وكل الإصلاحات والنفقات التي تجري فيها تتم بتبرعات تصل الأوقاف الإسلامية”. ويذكر أن الخانقاة أدت دورًا تعليميًّا ودينيًّا لفترة طويلة، وأضيف إليها في فترات من الزمن مسكن وفرن ومتاجر وبركة عرفت ببركة السلطان أو البطرك. وقف الخانقاة ويمضي بكيرات إلى القول، بأن هناك مدن وقرى أوقفت على الخانقاة، من بينها مدينة صفد، وأراضي البقعة التي تصل من باب الخليل إلى صور باهر والمكبر، ناهيك بعشر قرى في القدس، منها بيت صفافا، وصور باهر، وعين كارم، وكلها أوقفت على الخانقاة. وبدوره يبين الباحث في تاريخ القدس د. يوسف النتشة أن سجلات محكمة القدس الشرعية تحفل بالحجج التي تتناول شؤونها الوقفية والإدارية والتعليمية، وشؤون موظفيها اليومية والاجتماعية. وعن تكوينها البنياني، يوضح النتشة أن مدخلها يحتوي على سلم حجري يؤدي إلى الطابق الثاني الذي يقوم فيه مسجد كبير فتح له محراب في جداره الجنوبي لطيف الشكل وفوقه نقش كتابي على لوح من الرخام يحمل اسم بانيه. أما عن أجزاء الخانقاة الأخرى فهي تستعمل كمساكن للصوفيين وشيخ الخانقاة، وهدفها تعليم قراءة القرآن وتجويده وحفظ الحديث النبوي الشريف، وكان القرّاء يذهبون إلى المسجد الأقصى كل يوم جمعة بعد طلوع الشمس للقراءة فيها. ويلفت النتشة إلى أن الخانقاة تستخدم اليوم كمسجد تؤدى فيه الصلوات الخمس، أما الغرف فأصبحت دار للسكن. ويشار أن الخانقاة هي كلمة معربة من الفارسية، وتعني المكان الذي ينقطع فيه المتصوف للعبادة، ولذلك فبناؤها يكون ذا تصميم خاص لتجمع ما بين تصميم المسجد والمدرسة، ويطلق على الغرف التي يختلي المتصوف بها اسم “الخلاوي”، ومن أشهر الخوانق التي عرفت عبر التاريخ الإسلامي خانقاة السلطان بيبرس.

مريم الشوبكي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق