مقالات

نايّات الطبيعة الحزينة “

الكاتب والإعلامي د. علي موسى الموسوي

تعبير صوتي هادر يرجرج سقوف الروح الداخلية وينساب بين طياتها الشفافة كما الينابيع الدافئة، آلآتها المصنوعة من الواح الطبيعة لها مزاج البشر وملامحه وبإمكانها ان تتكلم بشعور العازف وتكشف أسراره وعواطفه بوضوح حتى التي لم يبح بها وأخفاها في أقصى الوجدان، تأتي النوتات تلك لتضيء الاكواخ المختبئة في القلب بأعذب وأجمل الألحان بل تذهب بها الى خارج حدود الزمان والمكان لانها لغة النفوس التي تطرق أبواب المشاعر وتهذب الحانها وتُزيل التوتر من بينِ اوتارها، وما السكون الذي يعتري الجسد ويكمم اواجعه ماهو إلاّ خلجات مانريد إيصاله من مشاعر صافية كالحب والسعادة والحزن والحماس، ذلك الصفاء النفسي الذي استخدمه القدماء تعبيرأ عن السمو لذلك صُنفت الطبيعة كأول الاوتار المقدسة ومنها انبثقت موسيقى طبيعية كخرير المياه ونثار المطر والرعد وغناء الطيور وحفيف الأشجار وصوت الامواج والرياح التي صار يستخدمها الكثير من المعالجين كوسيلة للعلاج لانها تساعد في ترطيب حياتنا وتطويع المزاج بشكل أيجابي بالسمع والإبداع الموسيقي من الطبيعة، ولعل أجمل موسيقى في العالم هي موسيقى السلام التي اضاعها ضجيج الحروب وقساوة الرصاص، صرنا نفتقدها في داخلنا اكثر من خارجنا، اشتقنّا لحديثها الذي كان يضع للروح جناحين فتطير هاربة من مآزق الحياة من ناحية وتفتح ذراعيّها للملكوت المقدس من ناحية اخرى لان الموسيقى بحقيقتها الرمزية هي اللغة الوحيدة التي تخاطب جميع الأمم بلهجة انسانية مشتركة، أنها هدية السماء لكل البشرية الهائمة في الظلام، تفاجئنا بعنفوانها ودهشتها وتشعرنا بطفولتنا الدائمة وإلا من يملأ هذا الخواء المفجع الذي يزداد اتساعا فينا كل يوم، لااحد سوى الموسيقى وقانونها الاخلاقي الفذّ الذي يمنح السلام للاكوان المتصارعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق