مكتبة الأدب العربي و العالمي
كيف ننقل دارسي العربية من الناطقين بغيرها من المستوى المبتدئ إلى المستوى المتميز في ضوء معايير المجلس الأمريكي لتعليم اللغات الأجنبية (ACTFL)
الأستاذ الدكتور مهدي العش
ويشتمل على ثلاث دراسات:
كيف ننقل دارس العربية من المستوى المبتدئ إلى المستوى المتوسط؟
كيف ننقل دارس العربية من المستوى المتوسط إلى المستوى المتقدم؟
كيف ننقل دارس العربية من المستوى المتقدم إلى المستوى المتميز؟
الصادر عن منظمة الإيسيسكو مع خالص الشكر وعظيم الامتنان على جهودها العظيمة متمثلة في شخصيّ:
Majdi Haji Ibrahim
رئيس مركز الإيسيسكو للغة العربية للناطقين بغيرها
والمدرب فيها الدكتور الراقي
Youssef Ismaili Yussuf Ismaili
وقد سعدت بتقريظ أستاذي وشيخي له
الأستاذ الدكتور مهدي العش
عرّاب إرشادات معايير المجلس الأمريكي (آكتفل) ومستشاره، ومما قال فيه :
مؤلف هذا الكتاب، الدكتور خالد حسين أبو عمشة، يمثل كوكبة من اللسانيين التطبيقيين من عرب وغيرهم الذين أدركوا فائدة إرشادات المجلس الأمريكي لتعليم اللغات الأجنبية في تقييم أداء دارسي أي لغة أجنبية (والتركيز هنا على العربية) وفي تطبيق هذه الإرشادات على طرائق التعليم وأساليبه المختلفة كي تسير عمليتا التعليم والتقييم يدًا بيد. لقد عاين عن كثب الأثر الإيجابي لتطبيق هذه الإرشادات على عملية التقييم خصوصًا وتبيّن له أثرها الواضح وإمكانية تطبيقها في العملية التعليمية.
يتألف هذا الكتاب من ثلاثة مباحث موجهة للمدرسين والدارسين: مسألة نقل الدارس من المستوى المبتدئ إلى المتوسط، ومن المتوسط إلى المتقدم، وأخيرًا من المتقدم إلى المستوى المتميز. فهو بذلك يعدّ دليلاً مفصلاً للمدرس. ينبه مؤلفنا المعلم لحقيقة مهمة هي أن الارتقاء من مستوى إلى آخر أعلى منه لا يحدث بين ليلة وضحاها، بل يقتضي ذلك تدريبًا متواصلاً يأخذ بالاعتبار ما يستطيع الدارس فعله باللغة وما لا يستطيع فعله بها وفق معايير آكتفل ويجعل ذلك أساسا لتنمية القدرة اللغوية.
وضع المؤلف إرشادات آكتفل وإطارها النظري في متناول معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها ولأبنائها من خلال نشرها في كتابه على صورة دراسة علمية تناول فيها دراسات عالمية أخرى نظرت في أوجه مختلفة من الإرشادات. كان الهدف دومًا التركيز على مساعدة الدارسين على الارتقاء من مستوى لغوي لآخر أعلى منه.
وبالنظر إلى أن كل مبحث من المباحث الثلاثة يشتمل على مستويين فلا بد من النظر في توصيفات المستويين ومفرداتهما وتراكيبهما والموضوعات المناسبة لهما والقواعد التي يحسن التركيز عليها. والأهم من ذلك كله الاستفادة من التطبيق العملي خلال عقدين من الزمن في المؤسسة التي ينتمي إليها.
شرح مؤلفنا بكل وضوح مصطلحات وعبارات في الإرشادات قد تكون غامضة للمدرس كمفهومي الأرضية والسقف وأسئلة التحقق والسبر والتعطل اللغوي على سبيل المثال. ثم خاض في مسألة خلافية كالمفردات اللازمة لكل مستوى وعددها وما الكلمة التي يمكن اعتبارها مفردة مستقلة في ضوء نظام الاشتقاق بالعربية. ثم عمد إلى تحديد التراكيب اللازمة لهذين المستويين.
على الرغم من بناء تصوره للكتاب الدليل على إرشادات آكتفل، إلا أنه لم يتجاهل الإطار المرجعي الأوروبي فعمد إلى مقارنة أوجه من الاثنين مما يعطي المعلم بعدًا آخر يعتمد عليه في التعليم وفي تقييم أداء طلابه. وهذا أمر يدعو للثناء لا سيما أن الإطارين معياريان وأن الأوروبي متأثر إلى حد بعيد بالإطار الحكومي الأمريكي (ILR) لكن الاثنين لهما نقطتا تركيز مختلفتان، فالأوروبي يفيد في تعليم اللغات بينما يركز الأمريكي على تقييم الكفاءة اللغوية. وبهذا استفاد مؤلفنا من كليهما.
عرّج المؤلف أيضًا على نظرية اكتساب اللغة وتعلمها لكراشن حيث يفيد الاطلاع عليها في معهد يمكن لطلابه الانغماس في المجتمع ما يؤدي لاكتساب اللغة وفي نفس الوقت يتعرضون للتعليم الصفي الذي يتضمن تطبيق مفهوم المرقاب في النظرية، أي دراسة قواعد اللغة لتحكم أداءهم. تطرق أيضًا إلى مسألة استخدام لغة الطالب في التعليم مقابل اللغة الهدف، وعرّف الطلاقة والدقة اللغويتين وقدم نصائح عملية للمعلم في مساعدة الدارس للارتقاء إلى المستوى الأعلى التالي.
يختتم المبحث الأول بقوائم من عبارات تمثل ما يستطيع الدارس فعله باللغة في مهاراتها المختلفة وما لا يستطيع فعله بها في المستويات الرئيسة والفرعية للمبتدئ والمتوسط. وهو يدعو بحق ما غطاه من نقاط جوهرية خريطة الطريق للمدرس. وكما يرى القارئ فإن هذا الكم الهائل من النقاط الأساسية في تعليم اللغة وتقييمها يشكل مرجعًا أساسيًا يهديه في مساره نحو رفع مستوى طلبته.
يتبع المؤلف في المباحث الثلاثة خطة شبه واحدة يضاف إليها في المبحثين الثاني والثالث وظائف المستويين في كل مبحث ودور الأرضية والسقف في بناء المنهج وتقدم الدارسين، ويعرض نماذج من أسئلة التحقق والسبر المناسب لكل مبحث تشكل وصفًا لتجربة عملية طويلة طالت آلاف الطلبة. ثم يقدم نماذج من بعض النصوص المكتوبة. وفي ظني أنها ستتغير بتغير الظروف التي دعت لاختيارها. ويقدم مؤلفنا نماذج مكتوبة من إنتاج الطلاب في المستويات المختلفة وحبذا لو اشتملت على نماذج محكية أو تسجيلاً لمقابلات غير رسمية أجريت من بعض الطلاب.
هناك تركيز على تحديات تخص الانتقال من المستوى المتقدم إلى المتميز منها استعمال الأسئلة ذات المقدمات التي تعطي الطالب نموذجًا من كمية الكلام ومستواه المطلوبين في هذا المستوى، والتعامل مع موضوعات مجردة والدفاع عن الرأي ومعالجة موضوع افتراضي. ومن التحديات غير اللغوية المدرس غير المؤهل، وكذلك البيئة الفقيرة في التعرض للغة، واستعمال لغة الطالب في التعليم، واعتماد زائد على المعلم، وتقديم نصوص غير مناسبة، والخوف من المشاركة.
كما يتضح للقارئ فإن الكتاب يضم فيضًا من النقاط الأساسية في التعليم والتقييم مترابطة فيما بينها لتعطي صورة متكاملة عن منهج متماسك للعربية وطرائق فاعلة. قدم مؤلفنا إضافة ثمينة عن دراسة متأنية لإطار آكتفل النظري ورؤيته لتجربة عملية طويلة حالفها النجاح يعتز بها المهتمون بتعليم العربية لا سيما لغير أبنائها.