
لم أكن أصدق ما أسمعه. الجالس أمامي الآن، هذا الرجل ذو الابتسامة الهادئة، الذي يتحدث عن القتل وكأنه يسرد مغامرة ممتعة… هل يمكن أن يكون هو نفسه الشاب الذي عرفته قبل سنوات؟
أتذكره جيدًا. حين جاءني أول مرة، كان شابًا مرهف الإحساس، محطمًا بسبب حادث بسيط حيث تعرض كلبه الصغير لحادث سيارة وكُسرت ساقه، ولم يستطع تقبل الأمر. يومها، جلس أمامي صامتًا، ممسكًا برأسه، يبكي بحرقة كأن العالم كله انهار أمامه. احتجنا إلى جلسات طويلة حتى تمكن من التعامل مع صدمته، حتى استطاع تقبل أن الألم جزء من الحياة.
أما الآن، فقد عاد إليّ رجلا آخر. لم يعد ذلك الفتى الذي رأيت فيه يومًا قلبًا نابضًا بالحياة، بل أمامي الآن شخص يروي لي، بابتسامة لا تخلو من الزهو، كيف دمر، وقتل، وكيف سقط الأعداء أمامه، وكيف أنهى حياة أناس لم يكن يعرفهم. كان يتحدث كأنما يروي قصة شيقة، لا كأنها ذكريات حرب.
استمعت إليه بصمت، لكن داخلي كان يغلي بالدهشة، و بالأسئلة. كيف يحدث هذا التحول؟ كيف يصبح شخص بكى لأيام على كلب صغير جنديًا لا يهتز لصرخات البشر؟ الآن أدركت اني بحاجة لأن اعيد كل ما تعلمته خلال سنوات عن علم النفس البشرية.