اقلام حرة
تنامي الصهيونية الدينية العنصرية في “اسرائيل” واحتمالات تصدع الجبهة الداخلية للكيان*
حيدر العيلة "أبو الأمير"* *باحث في الشأن الصهيوني.همسة نت
***
*تنامي الصهيونية الدينية العنصرية في “اسرائيل” واحتمالات تصدع الجبهة الداخلية للكيان*
*وانعكاسات وتداعيات حكومة اليمين الفاشي القادمة علي القضية الفلسطينية*
*حيدر العيلة “أبو الأمير”*
*باحث في الشأن الصهيوني*
“يوفال ديسكين” الرئيس السابق لجهاز الامن العام الصهيوني نشر مقالة في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، قبل أيام من الانتخابات الأخيرة تحت عنوان *”نحن على شفا حرب أهلية”* ، وقال ديسكين في مقالته ان الصراعات والتناقضات الخفية داخل “المجتمع الصهيوني” والتي بدأت تظهر على السطح وتأخذ أشكالا عنيفة وخطيرة قد تؤدي الى تفكك هذا المجتمع وربما تصل الى حرب أهلية، وأن الصراع العربي الاسرائيلي هو ما يمنع تطور هذه التناقضات الحادة الى حرب أهلية.
المجتمع الصهيوني ( لا يجوز تسميته بالمجتمع )هو عبارة على تركيبة ديمغرافية متناقضة وخليط غير متجانس من الجماعات ذات الأصول المتباعدة عنصريا وثقافيا وفكريا، رغم ان جميعها تشترك في أيديولوجية واحدة هي *الايديولوجية الصهيونية العنصرية* ، اذا إستثنينا حزب ميرتس الإسرائيلي الذى خرج من الكنيست، والمصنف إسرائيليا على إنه “يساري” صهيوني يؤمن بالصهيونية ولكنه يرفض يهودية الدولة وقوانينها العنصرية ، وينادي بالمساواة للعرب الفلسطينيين داخل مناطق ال ٤٨ ومبدأ حل الدولتين
هذا التناقض الذي أشار له ديسكين ، وغيره من القادة الصهاينة ، ينمو ويتصاعد وقد يصل الى الانزلاق في سلسلة من الصراعات الداخلية العنيفة والتي قد تؤدي في النهاية الى تفكك داخلي وربما الى حرب أهلية داخلية كما اشار في وقت سابق عدد من الزعماء الاسرائيليين ومنهم زعيم حزب العمل الاسبق ايهود براك وجابي ايزنكوت عضو الكنيست عن قائمة معسكر الدولة بزعامة بيني غانتس، ويوسي بيلين وبعض الكتاب والصحفيين “الاسرائيليين” منهم الكاتب اليساري جدعون ليفي وعاموس هرئيل وعميرة هس وآخرون.
*وجاءت انتخابات الكنيست الخامسة والعشرين لتعزز هذا التناقض* وتكشف عن التنامي المضطرد لأحزاب اليمين الديني المتطرفة والاحزاب اليمينية العنصرية المتشددة “قوميا ودينيا” *كحزب تحالف الصهيونية الدينية* بزعامة الثلاثى الكاهانى: بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية وايتمار بن غفير زعيم حزب العظمة اليهودية وآفي ماعوز زعيم حزب نوعام المتشدد.
إضافة لحزب اليهود المتدينين الشرقيين *”شاس”* بزعامة ارييه درعي، وحزب اليهود الغربيين *يهدوت هتوراة* بزعامة يتسحاق جولد كنوبف والتي حصلت ثلاثتها (الصهيونية الدينية وشاس ويهدوت هتوراة) على ٣٢ مقعدا متساوية بذلك مع حزب الليكود، وأعتقد انها لن تقبل بأقل من نصف عدد وزراء حكومة نتنياهو لتتمكن من تنفيذ برامجها الدينية المتشددة على الداخل الاسرائيلي وتهديداتها تجاه القضية الفلسطينية ، وسيرضخ الثعلب نتنياهو لتلك المطالب لانه لايوجد لديه خيارات أخرى بعد أن رفضت باقي الكتل الدخول معه في الائتلاف الحكومي المزمع تشكيله قريبا.
*الصهيوقومية الدينية والأحزاب الدينية الحريدية في مواجهة علمانية الدولة*
إن التقارب والتزاوج بين الأيديولوجية الصهيونية القومية والفكر الديني المتطرف أعطى قوة للصهيونية الدينية وللمستوطنين المتطرفين ، الذين يشكلون نواتها الرئيسية وأصبحت الصهيونية الدينية تجمع بين التطرف القومي والتطرف الديني الحريدي، مما يشكل خطرا كبيرا على باقي مكونات الجمهور الصهيوني العلماني والتقليدي، خاصة في ظل النمو المضطرد لحركة الصهيونية الدينية والأحزاب الدينية التي حصلت على ٣٢ مقعدا فى الانتخابات الاخيرة أي بزيادة ١٢ مقعدا عن الانتخابات السابقة وهنا يكمن جوهر التغيير ، الذي لا يستطيع نتنياهو منعه ، وربما يستطيع الالتفاف عليه ، فالأحزاب الدينية المتشددة ستطالب بحقها الكمي في فرض قوانين تتلاءم مع جوهر أفكارها الدينية التوراتية المتطرفة وبالتالي سيشكل ذلك بداية للتصادم القادم مع باقي مكونات القوى الصهيونية من علمانيين ويمين ليبرالي ويسار الوسط من الطبقة الوسطى ومجتمع المثليين الذين لن يقبلوا التعايش مع قوانين دينية متشددة تكبح من حريتهم في اختيار منهج حياتهم العلماني، ووفقا لاحصائيات رسمية فان ٤٤ % من اليهود هم علمانيون واليهود التقليديون يشكلون ما نسبته ٣٤ % فيما يشكل اليهود المتدينون نسبة لا تزيد عن ٢٠ % في الوقت الحاضر ، وهي قابلة للزيادة بفعل النمو الطبيعي .
*تداعيات وانعكاسات حكومة اليمين المتطرف على الوضع الداخلي للكيان*
إن تنامي حزب الصهيونية الدينية المتطرف هو نتاج لأزمة بنيوية لدولة الاحتلال التي باتت تقف على أعتاب ثورة دينية استبدادية لا تستطيع منع اهدافها في تدمير أسس “الديمقراطية” وعلمانية الدولة ، وبناء أسس دينية صهيوقومية ، وللتوضيح اكثر سأعرض بعض المبادئ والقوانين التي ستحاول الصهيونية الدينية تمريرها من خلال سيطرتها العددية القادمة علي الكنيست ومفاصل الدوائر الحكومية في حال تشكلها :
*أولا : فرض القوانين التوراتية والتشريعات الدينية*
تطالب الصهيونية الدينية(التي تجمع بين التشدد القومي والديني) ومعها الاحزاب الدينية التقليدية بفرض طابع الدولة اليهودي كدولة يهودية توراتية في كافة مناحي الحياة، وهنا يكمن محور الأزمة التي تدور حول شكل الدولة المتنازع على هويتها: *هل هي دولة يهودية دينية ، أم هي دولة اليهود اينما كانوا*
وهذا الاختلاف يعبر أشد تعبيرا عن الأزمة البنيوية لهذا الكيان وتحديدا دور الدين في الحياة العامة، فالصهيونية الدينية ترى ان الكيان هو دولة يهودية توراتية ولذلك فهي تطالب بتطبيق القوانين والتشريعات الدينية ، ليس فقط على تجمعات اليهود الحريديم ، وانما على كل المناطق في الكيان وفي كافة مناحي الحياة العامة على المتدينين والعلمانيين على حد سواء .
*ثانيا : السعي لتعديل قانون الأحوال الشخصية* وصبغه بالطابع الديني الذي يتعارض مع القوانين العلمانية ولديهم عدد مقاعد يساعد على سن تلك القوانين ، وستعمل على تعديل قوانين الأحوال الشخصية، وفرض قواعد الأكل الحلال “الكشروت” وحرمة يوم السبت والزواج والمرأة وغيرها ، رغم ان غالبية اليهود التقليديين ليس لديهم مشكلة مع بعض تلك القواعد الدينية كالسبت والزواج والكشروت التي يمارسونها كتراث صهيوني دون أية اعتبارات للبعد الديني المتزمت ، أما اليهود العلمانيون لا تعنيهم القضايا الدينية ويعتبرون انها غير ملزمه لهم .
*ثالثا : نشر الافكار والمبادئ التوراتية المتشددة في المدارس والجامعات*
ستعمل القوى الدينية على اضافة نصوص من التوراة ضمن المناهج الدراسية ، وحتى ضمن مناهج الجغرافيا والرياضيات، لتغيير طبيعة المجتمع من مجتمع علماني مدني ليبرالي الى مجتمع صهيوني ديني ارثوذكسي، وقمع الافكار الصهيونية العلمانية واعتبارها افكارا كافرة يجب محاربتها ، وكان آفي ماعوز أحد أقطاب الصهيونية الدينية ، الذي وقع منذ أيام إتفاق إئتلافي مع نتنياهو سيحصل بموجبه على منصب نائب وزير بوزارة (هوية الدولة) وصلاحيات موسعة في وزارة التعليم والمناهج ، قد أعلن إنه سوف يشن حربا على “المثليين” وسيطالب بمنع مشاركة المرأة في الحياة العملية وفي الجيش وأن المرأة خلقت للزواج وإنجاب الأطفال وتربيتهم فقط
كما إنه يعارض المفهوم الحالي لقانون العودة الذي يحدد من هو اليهودي ويعتبره قانون سخيف ، ويجب غربلة المجتمع الإسرائيلي بهدف الوصول لمجتمع يهودي خالص ، وأعلن انه سوف يعمل على إحداث تغيير جوهري لمحتوى المناهج التعليمية التي لا تنسجم مع الشريعة اليهودية .
*رابعا : قضية من هو اليهودي*
يدور الخلاف الديني والاجتماعي وحتى السياسي في هذه القضية حول من هو اليهودي ، وتعتبر الأحزاب الدينية المتطرفة أن اليهودي هو فقط كل من ولد من أم يهودية، ورفض الاعتراف بكل من اعتنق الديانة اليهودية من غير اليهود (عدم اختلاط الدم اليهودي بدم غير اليهود)
هذه الأفكار المتشددة تتناقض مع اساس الافكار العلمانية لمؤسسي الكيان مثل ثيودور هرتسل مؤسس دولة الكيان الأول، ودافيد بن غوريون الذي أرسى مبادئ علمانية “دولة اليهود” على أرض فلسطين المحتلة .
ويرى غير المتدينين ان هذه الأفكار تهدد علمانية وديمقراطية “الدولة” وتهدد مستقبل الهجرة اليهودية الى فلسطين وأيضا تخلق تناقض مع المجموعات اليهودية التي ستتردد في القدوم الى “اسرائيل” بسبب سيطرة المذهب الارثوذكسي المتشدد .
*خامسا : العمل على تغيير طابع مؤسسات الدولة المدنية*
ستقوم القوى الدينية بمحاولات للتأثير السلبي على عمل المحكمة العليا وممارسة الترهيب على قضاتها والعمل على تهميشها لغرض انفاذ بعض القوانين الدينية التوراتية الخاصة بالمتدينين وفرضها على باقي فئات المجتمع ، وهذا يعني تغيير لمعالم وأسس النظام الذي قام عليه الكيان منذ تأسيسه ويرى المتدينين المتشددين أن المحكمة العليا هي رأس العلمانية ويجب محاربتها واحلال المحاكم الشرعية بديلا عنها ، وقد نشرت صحيفة TIMES OF ISRAEL تصريحات ليتسحاق بندروس احد قادة يهدوت هتوراة بمناسبة احتفال “اسرائيل” باستقلالها ال ٧٤ قال فيه : ان حلمه هو احضار جرافة D-9 ونسف مبنى المحكمة العليا ، التي تحتكم للقوانين العلمانية المدنية المنافية للتعاليم الدينية ، وهذا التصريح أدى لردود فعل غاضبة جدا من قوى اليمين الليبرالي والوسط وما يسمى اليسار الصهيوني .
*إنعكاسات وتداعيات حكومة اليمين الديني على القضية الفلسطينية*
ايتمار بن غفير ، اليهودي الفاشي ، العنصري المستفز ، من مجرم ومدان بالإرهاب في أكثر من ٦٠ قضية جنائية إلى وزير للأمن القومي وعضو في الكابينيت المصغر لحكومة نتنياهو ، وهو أمر بات يثير المخاوف لدى العديد من دول العالم بسبب مواقفه العنصرية المتشددة المعادية للعرب .
وسيعمد بن غفير وسموتريتش وماعوز مع القوى الدينية التقليدية الأخرى إلى استغلال الصلاحيات الموسعة التي منحتهم إياها الاتفاقية الائتلافية في وزارة الأمن القومي وتطوير الجليل والنقب ووزارة المالية والداخلية لتنفيذ سلسلة من الخطوات المدروسة وهي :
*أولا : شرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية والاستيلاء على المزيد من الأرض الفلسطينية*
ستعمل الصهيونية الدينية ومن خلال موقعها على شرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية مثل حومش وأفيتار وحوالي ١٤٠ مستوطنة عشوائية غير معترف ببعضها من الحكومة السابقة وتخصيص ميزانيات ضخمة للبناء في هذه المستوطنات المقامة على الأراض الفلسطينية (غير المصادرة) حتى اللحظة ، وتشجيع المجموعات الاستيطانية وفتية التلال للاستيلاء على المزيد من أراضي الضفة الغربية او ما يسمونها (يهودا والسامرة) وتخصيص ميزانيات ضخمة لهذا الغرض على حساب باقى مؤسسات الدولة
ولهذا الغرض تعمل الاحزاب الدينية المتشددة على المطالبة بوزارة المالية ووزارة تطوير النقب والجليل لتسهيل مصادرة المزيد من الأراضي والتضييق علي العرب الفلسطينيين داخل المناطق المحتلة عام ٤٨ في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية المختلطة لدفعهم للهجرة .
وانشات الصهيونية الدينية جمعية خاصة لمراقبة البناء الفلسطيني (الغير مرخص كما يدعون) في القدس ومناطق عديدة في الضفة والمناطق المحتلة عام ٤٨ والابلاغ عنه للجهات الحكومية ، وحتى التصدي له بالقوة ، لمنع الفلسطيني من التوسع الطبيعي في أرضه ودفعه إلى اليأس والعمل على تهجير اكبر عدد من الفلسطينيين من الضفه الغربية وفلسطين المحتلة عام ٤٨ لإحداث تغييرا في الواقع الديموغرافي لصالح المستوطنين الصهاينة وعزل باقي السكان الأصليين في (كانتونات منعزلة) لقطع الطريق على أية تنازلات سياسية يمكن أن تقدم عليها الحكومات الاسرائيلية مستقبلا.
إن منح بن غفير حقيبة الأمن الداخلي ، وتوسيعها لتشمل الأمن الداخلي والإقتصاد والصحة والتعليم والعلاقات الدولية ، ومنح بن غفير وسموتريتش وماعوز صلاحية تشكيل جيش خاص ، وسلطة على حراسة الحدود مع الضفة والتي هي شكل من أشكال طمس الحدود بين الضفة المحتلة و”اسرائيل” وهذا يعني فيما يعنيه ضم الضفة الغربية لدولة الإحتلال خلافا للقرارات الدولية ، والمحاولات المستمرة والمتصاعدة لتهويد الأقصى ، وتقسيمه زمانيا ومكانيا فإن هذه السياسة الخطرة لحكومة اليمين الديني ستشكل خطرا على الاحتلال ذاته من خلال قيام تلك المليشيا بممارسة القوة العسكرية المفرطة وبالتالي ارتكاب أخطاء أمنية قاتلة ستجعل إسرائيل أمام ضغوط دولية وعربية كبيرة ، وامام انتفاضة فلسطينية شاملة لن تستطيع دولة الاحتلال السيطرة عليها
*ثانيا : رفض أية حلول سياسية مع السلطة الفلسطينية* وعدم التنازل عن متر واحد من الارض المحتلة عام ٦٧ وتحديدا في القدس والخليل ونابلس وباقي مدن الضفة المحتلة لأنها بنظرهم (وليس فقط مناطق الساحل والمثلث والنقب والجليل ) تشكل أرض اسرائيل التوراتية ويعتبرون ان التنازل عن متر واحد (تم تحريره في عام ٦٧) هو خيانة كبرى لا تسامح معها ، وقد سبق أن وصفوا رابين بالخائن لأنه أراد إبرام تسوية مع السلطة الفلسطينية يتم بموجبها التنازل عن بعض الأراضي، وقد أدى التحريض ضده من الجماعات الدينية المتطرفة الى إغتياله لاحقا .
*ثالثا : العمل على سن قوانين متشددة ضد المقاومة الفلسطينية* واطلاق يد الجيش والمستوطنين بملاحقة وقتل الفلسطينيين وحماية الجنود من أية ملاحقات قانونية ولهذا السبب يطالب بن غفير بوزارة الأمن القومي بصلاحيات موسعة لتحقيق هذا الهدف ، وهي مقدمة لتشكيل ميليشيات مسلحة على غرار كتيبة (نيتسح يهودا) في الضفة والمليشيات الارهابية التي أنشأتها العصابات الصهيونية قبل نكبة عام ٤٨ لملاحقة وتهجير الفلسطينيين والإستيلاء على ممتلكاتهم .
وكذلك سن قانون الاعدام للمناضلين الفلسطينيين ، ونفي عائلاتهم خارج فلسطين، والتضييق على الأسرى داخل السجون الصهيونية كما صرح بن غفير وسموتريتش ، وهذا الامر وما سبقه سيؤدي الى مواجهة حتمية داخل وخارج السجون ويمكن أن يعجل بانتفاضة فلسطينية شاملة وتغييرات جوهرية في المنطقة .
*مآلات التصدع داخل المجتمع الصهيوني*
التصدع في المجتمع الصهيوني ما بين مجتمع المتشددين دينيا الذي يعيش حالة شبه منعزلة وفق قوانين “الهالاخاة” والتشريعات التوراتية الارثوذكسية وبقية افراد “المجتمع” من يهود تقليديين وعلمانيين وليبراليين ويساريين صهاينة آخذ في الازدياد بوتيرة مرتفعة اذا علمنا ان تلك الجماعات الدينية تتزايد باضطراد اكثر من باقي الجماعات ، فمثلا متوسط مواليد المرأة اليهودية المتدينة يتراوح بين ٨ – ١٠ أفراد في حين ان اليهود التقليديين لا يزيد مواليد المرأة عندهم عن ٣ – ٤ أفراد ، وهذا يعطي مؤشر على طبيعة التغيير الديموغرافي المستقبلي الذى سيخلق معه تناقضات تراكمية ستؤدي في النهاية الى صراع عنيف بدأت بوادره الأولى في اعتداءات الجنود المتدينين في الخليل على أحد نشطاء اليسار “الاسرائيلي” في الخليل وقد سارع بن غفير وزير الأمن القادم بإعلان دعمه للجنود وموجها حديثه لنشطاء اليسار : “لن تكونوا محميين بعد اليوم”
وللدلالة على الجنوح المخيف للمجتمع الصهيوني والجيش تحديدا باتجاه التطرف الديني كتب الصحفي جدعون ليفي بعد ظهور نتائج الانتخابات مقالا عن نسبة الجنود الذين صوتوا لأحزاب الصهيونية الدينيه في الانتخابات الأخيرة قال فيه: أن اثنان من كل عشرة جنود صوتوا لصالح ايتمار بن غفير ، بمعنى ان اثنين من كل عشرة هم جنود كهانيون ، اثنان من كل عشرة يؤيدون الترحيل والضم والموت للعرب ، اثنان من كل عشرة يعتقدون انهم ينتمون الى أمة أعلى وأسمى من باقي الأمم ، واثنان من كل عشرة يعتقدون أيضا انه مسموح للجنود باطلاق النار وقتل الفلسطينيون لانهم ليسوا بشرا
وكتبت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها الصادره في الأول من نوفمبر وبعد الفوز الكبير للأحزاب المتشددة في انتخابات الكنيست ال ٢٥ :
ان الصهيونية الدينية شوهت المشروع الصهيوني وحولته من وطن قومي للشعب اليهودي الى برنامج تفوق قومي – عرقي – ديني لليهود بروح كهانية مسيانية.
“اسرائيل” اليوم على شفا ثورة قومية – دينية – استبدادية ، هدفها اغتيال البنية التحتية للديمقراطية ، وسيكون هذا يوما أسود في تاريخ “اسرائيل”
وتابعت الصحيفة ان معسكر الوسط واليسار واليمين الليبرالي يجب أن لايقفوا مكتوفي الايدي وألا يغرقوا في اليأس ، وبدلا من ذلك عليهم أن يتحركوا لكبح جماح التوجهات الصهيودينية الفاشية التي من المتوقع أن تتسبب في دمار لا رجعة فيه “للديمقراطية الاسرائيلية” .
*على الصعيد الفلسطيني*
لقد شكلت نكبة عام ٤٨ وما تلاها من نكبات ومجازر مأساة كبرى للشعب الفلسطيني ، لازال يعاني من ويلاتها حتى اليوم ، ولا يزال الاحتلال مستمرا في محاولات تنفيذ مخططاته الإجرامية بالتهويد وسن التشريعات بهدف إنهاء الوجود الفلسطيني وطمس معالم القضية الفلسطينية
وقد حاول عتاة الصهاينة من جنرالات وسياسيين كبار بكل السبل الخبيثة من قمع وقتل وتشريد لتحقيق هدف الصهيونية بانهاء الوجود الفلسطيني ، إلا أن كل محاولاتهم باءت بالفشل وتحطمت أوهامهم على صخرة صمود الشعب الفلسطيني المتمسك بأرضه وبحقه في الوجود والعيش بكرامة والتمسك بمقاومته حتى تحقيق أهدافه في العودة وتقرير المصير والدولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس العربية
لقد فشل قادة الكيان الآباء في تحقيق هدفهم بكسر ارادة الشعب الفلسطيني في المقاومة والصمود ، فكيف ينجح بعض الصغار الفاشيين من أمثال الزعران بن غفير وسموتريتش في تحقيق ما فشل به أسلافهم .