قافلة القدس

مكانة القدس في الديانات السماوية الثلاث (الإسلام، المسيحية واليهودية)

إعداد الباحث: أ. د. حنا عيسى / الأمين العام للهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات

القدس :5/ 4/2020 م

ملخص البحث

تُعتبر مدينة القدس مدينة عربيّة من أقدم مدن العالم، وقد دخلت القدس عبر التاريخ في حكم عدد من الإمبراطوريات ما أدى إلى تغير اسمها أكثر من مرة تاريخياً، ففي العهد الروماني صار اسمها إيليا وحصلت على إسمها القدس منذ العهد العباسي، كما وتغيرت حدود القدس أكثر من مرة وصولاً إلى حدودها الحالية، كما شغلت على مر التاريخ مكانة خاصة في نفوس أتباع مختلف الديانات السماوية.

وحظيت مدينة القدس، وما تزال، بمكانة عظيمة في التاريخ الإنساني، وتميزت بخصوصية الزمان والمكان. فهي في الزمان ضاربة جذورها منذ الحضارة العربية الكنعانية، أما بالنسبة لخصوصيتها المكانية، فقد شملت الموقع والموضع، فكانت ملتقى الاتصال والتواصل بين قارات العالم القديم، تعاقبت عليها الحضارات، وأَمّتها الجماعات البشرية المختلفة، مخلفة وراءها آثارها ومخطوطاتها الأثرية، التي جسدت الملاحم والحضارة والتاريخ، دلالة على عظم وقدسية المكان.ولابد أن يكون لمثل هذه الظاهرة الحضارية الفذة أسباب ومبررات، هي سر خلودها واستمرارها آلاف السنين، رغم كل ما حل بها من نكبات وحروب أدت إلى هدم المدينة، وإعادة بنائها ثماني عشرة مرة عبر التاريخ، وفي كل مرة كانت تخرج أعظم وأصلب وأكثر رسوخاً من سابقتها، دليلاً على إصرار المدينة المقدسة على البقاء.

*مقدمة

في القدس، في حاراتها وشوارعها وأزقتها، المسجد يجاور الكنيسة، والكنيسة تشاطر المسجد أفراحه وأتراحه، تتعانق المآذن والأجراس معلنة نموذجا للتآخي والتعايش، في القدس شيوخ ورهبان، يصلون يتضرعون، مسلمون ومؤمنون يحملون هول القضية، قضية الامة العربية، قضية القدس الأبية… في القدس تكية ومحراب، دير ومذبح، في القدس… عمامة وكلوسة، صلوات عيسى ومحمد عليهما السلام، جنبا الى جنب ولدوا، ترعرعوا كبروا وبتعايش جميل …استمروا.

في القدس بلدة قديمة، تحتضن حضارة عريقة، في القدس ازقة واسواق، حارات واسوار، لكل معلم فيها قصة، ولكل زاوية رواية، في القدس رائحة التاريخ تعبق، في القدس تكايا وزوايا، لكل منها طريقه واتباع، في القدس مكاتب ومدارس، طلاب وطالبات، ينهلون علوم المعرفة من قبلة الحضارات وعاصمة التاريخ.

القدس قبلة وعاصمة، تاريخ ومستقبل، تاريخ أجداد بنوا وعمروا وشيدوا، ومستقبل ابناء ناضلوا وجاهدوا، القدس حنين الطفولة، وزهو الشباب، القدس عشيقة وحبيبة، ام حانية ومربية فاضلة، في القدس تجد الروعة والكمال، القوة والاباء… فهي القدس.

على اسوارها قاتلت أعتى الجيوش، وفي حاراتها نقشت أعرق الحضارات، ومن قيامتها قام يسوع المسيح له المجد، ومن مسجدها عرج النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) الى السماوات، ومن نور سراجها أضاءات الظلمات.

*تمهيد

تُعتبر مدينة القدس مدينة عربيّة من أقدم مدن العالم، وهي عاصمة دولة فلسطين المحتلة، وأول من سكنها هم اليبوسيون الكنعانيون وأسموها يبوس أو أورسالم، وقد دخلت القدس عبر التاريخ في حكم عدد من الإمبراطوريات ما أدى إلى تغير اسمها أكثر من مرة تاريخياً، ففي العهد الروماني صار اسمها إيليا وحصلت على إسمها القدس منذ العهد العباسي، إذ كانت في ذلك وقت مشمولة بالحكم الإسلامي الذي عم المنطقة، كما وتغيرت حدود القدس أكثر من مرة وصولاً إلى حدودها الحالية، كما شغلت على مر التاريخ مكانة خاصة في نفوس أتباع مختلف الديانات السماوية وتكثفت هذه المكانة مؤخراً بسبب الاحتلال الذي تتعرض له هذه المدينة.

تمتد القدس بين كتلتي جبال نابلس في الشمال، وجبال الخليل في الجنوب، وتقع إلى الشرق من البحر المتوسط، وتبعد عنه 52كم، وتبعد عن البحر الميت 22كم، وترتفع عن سطح البحر حوالي 775م، ونحو 1150م عن سطح البحر الميت، وهذا الموقع الجغرافي والموضع المقدس للمدينة ساهما في جعل القدس المدينة المركزية في فلسطين. وتبلغ مساحة مدينة القدس 19331 كيلومتر مربع، وتحيط بها عدة جبال أسماؤها كالتالي جبل الزيتون أو جبل الطور، جبل المكبر الذي سمي بهذا الاسم عندما دخل عمر بن الخطاب القدس وكبر، ثم تسلم مفاتيحها من بطرياركها صفرونيوس عام 15 هجريا، الموافق 637 ميلاديا، وجبل النبي صمويل تل العاصور، بالإضافة إلى جبال القدس فإن هناك ثلاثة أودية تحيط بها وهي وادي سلوان أو وادي جهنم واسمه القديم وادي قدرون الوادي أو الواد.

تعني القدس في اللغة تنزيهَ الله، وتعني أيضاً الطّهارة، ومن معانيها التّنزيه، والتّقديس. وقد عُرِفت القدس بالعديد من الأسماء قديماً وحديثاً منها: يبوس؛ نسبةً إلى اليبوسيّين الذين يُعدّون من العرب البائدة، ثمّ بعد ذلك سُمِّيت بمدينة داود زمن النبيّ داود عليه السلام، ثمّ سُمِّيت يروشاليم؛ وذلك عندما فتحها الإسكندر الأكبر، ثمّ سُمِّيت بهيروساليما في زمن تيطس عام 70م، ثمّ في عهد الرّومانيِّ إدرياتوس سُمِّيت إيلياكابتولينا، واستمرّت على تلك التسمية حتّى عهد هرقل، ولمّا فتحها المسلمون أطلقوا عليها بيت المقدس أو القدس، ثمّ سُمِّيت بالقدس الشريف في عهد العثمانيّين، ومن أسمائها كذلك جروسالم؛ أي المكان المُقدَّس.

يتفق علماء التاريخ البشري أنّه لم تحظَ مدينة قط بما حظيت به القدس من أهمية لدى شعوب الأرض قاطبة، فهي مهبط الوحي، وموطن إبراهيم خليل الرحمن، ومقر الأنبياء، ومبعث عيسى كلمة الله التي ألقاها إلى مريم، وهي أولى القبلتين، وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال، استقبلها المسلمون في صلاتهم، وخصّها الله بإسراء رسوله وحبيبه المصطفى وحتى اليهود يزعمون بأنها تضم “معبدهم المقدس”.

وحظيت مدينة القدس، وما تزال، بمكانة عظيمة في التاريخ الإنساني، وتميزت بخصوصية الزمان والمكان. فهي في الزمان ضاربة جذورها منذ الحضارة العربية الكنعانية، أما بالنسبة لخصوصيتها المكانية، فقد شملت الموقع والموضع، فكانت ملتقى الاتصال والتواصل بين قارات العالم القديم، تعاقبت عليها الحضارات، وأَمّتها الجماعات البشرية المختلفة، مخلفة وراءها آثارها ومخطوطاتها الأثرية، التي جسدت الملاحم والحضارة والتاريخ، دلالة على عظم وقدسية المكان. ولابد أن يكون لمثل هذه الظاهرة الحضارية الفذة أسباب ومبررات، هي سر خلودها واستمرارها آلاف السنين، رغم كل ما حل بها من نكبات وحروب أدت إلى هدم المدينة، وإعادة بنائها ثماني عشرة مرة عبر التاريخ، وفي كل مرة كانت تخرج أعظم وأصلب وأكثر رسوخاً من سابقتها، دليلاً على إصرار المدينة المقدسة على البقاء، فمنذ أن قامت (القدس الأولى) الكنعانية قبل نحو 6000 سنة، وهي محط أنظار البشرية، منذ نشأت الحضارات الأولى في (فلسطين ووادي النيل والرافدين)، مروراً بالحضارة العربية الإسلامية، وحتى يومنا هذا.

ومن الثابت تاريخياً عند المؤرخين أنَّ اليبوسيين العرب هم أول من بنى المدينة حوالي الألف الثالث ق.م وأطلقوا عليها اسم “يبوس”، واليبوسيون بطن من بطون العرب في الجزيرة العربية هاجروا مع غيرهم من القبائل الكنعانية واستوطنوا ساحل البحر المتوسط، خاصة ما يعرف اليوم بفلسطين، وكانت القدس التاريخية هدفاً للهجرات العربية من قلب الجزيرة، ويرجع وجود الجنس العربي فيها في رأي الباحثين الثقات إلى عشرة آلاف سنة، فقد جاء  إليها العموريون والكنعانيون واليبوسيون في الألف الرابع ق.م، وأهم ملوك اليبوسيين على القدس “سالم اليبوسي” و”أدوني بازق” و “ملكي صادق”، فهذا الأخير هو أول من خطّطها وبناها وبنى فيها مركزاً للعبادة، ولأنَّه كان محباً للسلام سمَّاها “سالم” ، وعرفت فيما بعد بالاسم الكنعاني”أور سالم” أي مدينة السلام، كما ورد ذكرها في الكتابة الهيروغليفية المصرية والبابلية باسم”يروسليمو”، وحتى اليهود يعترفون ويؤكدون في سفر يوشع ما يدحض هذه المزاعم :”أما اليبوسيون الساكنون في أورشليم فلم يقدر بنو يهوذا على طردهم فسكن اليبوسيون مع بني يهوذا في أورشليم حتى اليوم”   “واليوم تعني يوم كتابة التوراة أي بعد موت النبي موسى ويوشع بأجيال.

وللمدينة مكانة عظيمة عند ساكنيها وما جاورها أو مر بها من أمم وممالك، والدليل على ذلك كثرة أسمائها وتعدد صفاتها والحديث عن فضائلها فمن أسمائها الكثيرة التي أطلقت عليها “أور ساليم” سماها بذلك الكنعانيون الذين هاجروا إليها في الألف الثالثة قبل الميلاد، وتعني مدينة السلام أو مدينة الإله ساليم. واشتقت من هذه التسمية كلمة “أورشليم” التي تنطق بالعبرية “يروشاليم” ومعناها البيت المقدس، ومن أسمائها كذلك يبوس وإيلياء وكابتولينا، وبيت المقدس، والقدس، والقدس الشريف. وذكرت القدس مئات المرات في كتب يهودية مقدسة لكنها لم تذكر أبدا في التوراة، وتحديدا فيما يعرف بأسفار موسى الخمسة الأولى، التي تعتبر بمثابة كتب الوحي، والأكثر قبولا واعتمادا من اليهود، وهذا يعني أن القدس جاءت في الكتب الملحقة بالتوراة التي هي كتب تاريخ. وقد ورد ذكر القدس فيها حوالي680 مرة. ثم عرفت في العصر اليوناني باسم إيلياء ومعناه بيت الله. ومن أهم الأعمال التي قام بها الكنعانيون في القدس شق نفق لتأمين وصول المياه إلى داخل المدينة من نبع جيحون الذي يقع في وادي قدرون والذي يعرف اليوم بعين سلوان. ومن خلال تتبع تاريخ مدينة القدس المسطور يتبين أنه في عام 3000 ق.م هاجر العموريون العرب إلى فلسطين فكانت أول حضارة وأول عمارة لهذه الأرض وبعدها بأكثر من ألف سنة أي في العام 1900 ق.م هاجر إبراهيم الخليل (عليه السلام) من أور إلى فلسطين وهذه هي أول علاقة بين أبناء إبراهيم وهذه الأرض المعمورة سلفا.

وفي سنة 1785 ق.م هاجر الهكسوس إلى القدس وكذلك هاجر آل يعقوب إلى مصر نحو عام 1740 ق. م. وقد خرج نبي الله موسى عليه السلام فاراً بقومه ودينه من بطش فرعون مصر كما وردت في القرآن والتوراة وكتب التاريخ وذلك عام 1290 ق.م. ولم تستقر الأمور لأتباع الديانة الموسوية حتى عام 1003 ق.م حين اتخذ داود (عليه السلام) أورشليم عاصمة له وخلفه ابنه سليمان عليه السلام. لكن عام 722 ق.م شهد سقوط إسرائيل على يد الملك سرجون الثاني الآشوري وشهد عام 586 ق.م سقوط مملكة يهودا على يد الملك نبوخذ نصر البابلي. وفي عام 536 ق.م احتل كورش الأخميني بابل وسمح لليهود بالنزوح إلى فلسطين بعد السبي البابلي. وبعد عامين أي في عام 538 ق.م احتل الأخمينيون فلسطين، وقام كورش بتجديد هيكل سليمان وبناء أور شليم القدس من جديد. وسقطت القدس عام 332 ق.م في يد الإسكندر المقدوني الذي استولى على بلاد الشام والشرق عموما، وقد حلت الفوضى بعد وفاته عام 322 ق.م. وفي العام 62 ق.م احتل الرومان المدينة ونصبوا هيرودوس الأدومي ملكاً على الجليل والقدس، وظل يحكمها حتى سنة 4م وفي زمانه ولد يسوع المسيح (عليه السلام) في بيت لحم.

قبة الصخرة من جهة حائط البراق

وقد حدثت أعمال شغب كبيرة عام 70 م في مدينة القدس فحاصرها طيطوس الروماني وأحدث في المدينة النهب والحرق والقتل وأحرق المعبد الذي بناه هيرودوس. وبقيت الأمور هادئة حتى عام 135م أثار اليهود الشغب مرة أخرى إلا أن الإمبراطور الروماني هديريان قام بالتنكيل بهم ودمر المدينة وحرث موقعها وحول القدس إلى مدينة وثنية وسمح للمسيحيين أن يقيموا فيها على أن يكونوا من أصل اليهود وسمى المدينة “الياكا بيتو لينا” مشتقة من أسرة هدريان المدعوة إليا. وفي عام 324م أصبحت فلسطين تحت الاحتلال البيزنطي الذي استمر حتى 614 م حيث احتل كسرى أبرويز فلسطين.

في ليلة 27 من شهر رجب قبل الهجرة النبوية بسنة أَسرى الله برسوله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. في شعبان السنة: 2 هـ صلّى الرسول صلى الله عليه وسلم أول صلاته باتجاه القدس ثم حولت القبلة إلى الكعبة المشرفة في هذا التاريخ. وفي السنة: 7 هـ / 628 م استطاع الإمبراطور البيزنطي هرقل أن يطرد الفرس من القدس.

*أهمية القدس بالنسبة للمسلمين:

ذكرت القدس في القرآن الكريم في آيات عديدة.. أحياناً من خلال ذكر المسجد الأقصى، وأحياناً من خلال ذكر الأرض المباركة أو المقدسة. قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). كما حوت السُنة النبوية الشريفة على الكثير من الأحاديث الخاصة بالقدس، فتحدَّث بعضها عن قدم المسجد الأقصى وأصل بنائه، وهو بمثابة القلب لمدينة القدس، وتحدث بعضها عن فضائل بيت المقدس ومكانتها بين المدن. وقد اكتسبت أرض المسجد الأقصى، بما فيها الصخرة المشرفة، بالإسراء والمعراج، قدسية عميقة، فذكروا الكثير من المرويات تشيد بجلالة الصخرة، ولاسيما أن الصخرة النقطة التي عرج بها النبي إلى سدرة المنتهى.

متوضأ الكأس والمسجد القبلي

أما مكانة القدس في قلوب وعقول ووجدان المسلمين، فلا تعادلها إلا مكانة الحرمين بمكة المكرمةوالمدينة المنورة، لذلك كتبوا في فضائلها. وروي عن رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، قوله: “مَن مات في بيت المقدس، فكأنما مات في السماء”. وقال رسول الله “مَن أراد أن ينظر إلى بقعة من بقع الجنة، فلينظر إلى بيت المقدس”.

إن الله تعالى وصفه في القرآن الكريم بأنه مبارك قال تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله)(سورة الإسراء / 1) والقدس هي مما حول المسجد وبهذا تكون مباركة.

أن الله تعالى وصفها بأنها مقدسة في قوله تعالى على لسان موسى عليه السلام: (يا قومِ ادخلواالأرض المقدسة التي كتب الله لكم) (سورة المائدة /21).

فيها المسجد الأقصى والصلاة فيه تعدل مائتين وخمسين صلاة. عن أبي ذر رضي الله عنه قال:تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل مِثْل شطن فرسه من الأرض حيث يَرى منه بيت المقدس ; خير له من الدنيا جميعاً “. رواه الحاكم (/509) وصححه ووافقه الذهبي والألباني كما في “السلسلة الصحيحة” في آخر الكلام على حديث رقم (2902). والصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة، فتكون الصلاة في المسجد الأقصى بمائتين وخمسين صلاة.

والقدس عند المسلمين هي أولى القبلتين التي توجه إليها المسلمون في صلاتهم، نحو ما يزيد عن ستة عشر شهراً بإمامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وعن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، قال: (الصلاة في بيت المقدس ألف صلاة. وهي ثالث الحرمين الشريفين، وهي مهبط الأنبياء والرسل، ومنها انطلاق الهداية للبشر لعبادة الله وحده) وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: “إن بيت المقدس بنته الأنبياء، وعمرته الأنبياء، وما فيه موضع شبر إلا وقد صلى فيه نبي وقام عليه ملك”.
وتضم القدس معالم الحضارة الإسلامية كالحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك ومسجد قبة الصخرة والجامع العمري وحائط البراق الذي أوقف النبي صلى الله عليه وسلم براقه عنده ليلة الإسراء، وفي القدس مقابر تضم في ثراها أعداداً كثيرة من الشهداء وأبطال المسلمين، وفيها من المدارس الإسلامية التاريخية التي اهتمت بشتى العلوم الإنسانية والفقهية والإسلامية وغيرها من العلوم.
أن الأعور الدجال لا يدخلها لحديث “وإنه سيظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس” رواه أحمد (19665)، وصححه ابن خزيمة (2 / 327)وابن حبان (7 / 102).
والدجال يقتل قريباً من هناك يقتله المسيح عيسى بن مريم عليه السلام كما جاء في الحديث “يَقتل ابنُ مريم الدجالَ بباب لُدّ ” رواه مسلم (2937) من حديث النواس بن سمعان. و” لدّ“: هي مكان قرب بيت المقدس.
أن الرسول صلى الله عليه وسلم أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قال تعالى:(سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) (الإسراء/1).
أنها قبلة المسلمين الأولى، كما جاء عن البراء رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً..  رواه البخاري (41) – واللفظ له – ومسلم (525).
أنها مهبط الوحي وموطن الأنبياء وهذا معلوم مقرر.
أنه من المساجد التي تُشد الرحال إليها. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى “. رواه البخاري (1132). ومسلم (827) من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ ” لا تشدوا الرحال إلا …“.
أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمّ الأنبياء في صلاة واحدة في الأقصى في حديث طويل “.. فحانت الصلاة فأممتهم ” رواه مسلم (172) منحديث أبي هريرة.
جبل الزيتون (جبل الطور): يقع هذا الجبل في شرق القدس، وقد شهد نزول معظم الجيوش التي قدمت لفتح القدس. نزل عليه القائد الروماني (تيطس) بجيشه، وجيوش المسلمين عندما حاصرت القدس، ودخلها الخليفة عمر بن الخطاب وأبوعبيدة بن الجراح سنة 637م، وكذلك صلاح الدين الأيوبي سنه 1187م، والسلطان الظاهر بيبرس سنة 1260م. وعلى جبل الزيتون، يوجد قبور شهداء المسلمين من عهد عمر بن الخطاب الى الان، ومنها قبر رابعة، وقبر سلمان الفارسي.
مدارس بيت المقدس الدينية: انشئت زمن الأيوبيين والمماليك والعثمانيين، وعددها في القدس سبعون مدرسة، وكانت تمنح شهادات مثل الازهر الشريف في القاهرة، وتقدم تعليماًدينياً في الأساس على مستوى جامعي، أي أنها كانت بمفهوم اليوم كليات دينية.
مؤسسات الطرق الصوفية:
1. في القدس كان 12 رباطاً \خوانق القدس وعددها سبعة.
2. الزوايا الدينية وعددها في القدس 54 زاوية.
3. دور الكتب في بيت المقدس وعددها أربع.
4. مكتبات الأسر المقدسية والمكتبات الخاصة الأخرى، وعددها تسع.

جامع الديسي

وفي البلدة القديمة من القدس العديد من المساجد والتي تدل على اهميتها وقدسيتها لدى المسلمين:

مسجد المئذنة الحمراء: تحفل مدينة القدس بكنوز رائعة من الآثار الإسلامية، ومن هذه الكنوز مسجد المئذنة الحمراء، الذي يقع في حارة السعدية داخل القدس القديمة. وهو من أهم العمارات التي بنيت في العهد العثماني. وتعتبر مئذنته من أروع المآذن في مدينة القدس، فنموذجها المعماري متأثر بفن العمارة المملوكية المتأخرة. وأنشأ هذا المسجد شيخ الشيوخ علاء الدين علي بن شمس الدين محمد الخلوتي قبيل عام 940هـ ـ 1533م. ثم أطلق عليه أهل القدس اسم “مسجد المئذنة الحمراء” نسبة إلى شريط أحمر كان يحيط شرفة مئذنته من أعلى. يتألف مسجد المئذنة الحمراء من مبنى ومئذنة طويلة ومصلى يقع في الناحية الجنوبية الغربية من المبنى. ومئذنته من المآذن الدائرية التي ترتكز على قاعدة مربعة فوق الأرض، على عكس المآذن المحمولة على أبنية وقد أُطلق على هذا المسجد في النصف الأول من القرن السادس عشر اسم: مسجد الشيخ علي الخلوتي، نسبة إلى منشئه.عرف المسجد أيضا بالمئذنة الحمراء أو مسجد المنارة الحمراء أو الزاوية الحمراء.

مسجد النبي داود: موضع هذا المسجد يُعتقد أن فيه قبر نبي الله داود ـ عليه السلام، وقد تنازع عليه المسلمون والنصارى، حتى مَكَّن المماليكُ المسلمين منه، فأعادوا بناء مسجدٍ كان هناك، وعهد سليمان القانوني إلى أشراف القدس بالإشراف عليه سنة 930هـ. وهذا الأثر مجمع معماري كبير، يضم قاعات وساحات عدة، ويقع المسجد الذي يُصلى فيه في القسم الجنوبي منه، ويقع مقام داود في القسم الشمالي. وللمسجد مئذنة جميلة الشكل، تُرى من فوقها مدينة القدس. ويطلق عليه أيضا بمسجد الديسي ومسجد المطحنة، وهو في الاصل عمري محاط بالأبنية اليهودية والنصرانية بعد هدم البيوت العربية عام 1967م. وقد استولى اليهود على المسجد في حرب عام 1948، وأزالوا عنه الكتابات القرآنية والعربية، وثبتوا مكانها كتابات عبرية، وما زال المسجد تحت سيطرة اليهود.

مسجد عمر بن الخطاب (مسجد الملك الأفضل):أحد مساجد القدس الشهيرة ويقع في الجهة الجنوبية من كنيسة القيامة. ، بَنَاه الأفضلُ نورُ الدين عليّ بن صلاح الدين الأيوبي سنة خمسمائة وتسع وستين من الهجرة، و ذلك في العهد الايوبي وعندما دخل عمر رضي الله عنه بيت المقدس حان موعد الصلاة وهو في كنيسة القيامة فطلب منه البطريرك صفرونيوس ان يصلي فيها فرفض، حتى لا يتخذها المسلمون بعده مسجدا وصلى في المكان قريب من الكنيسة، عرف فيما بعد بمسجد عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ثم توجه إلى ساحة الحرم من الجهة الجنوبية وامر بتنظيف المكان وبنى فيه مسجدا .
المسجد القيمري: مسجد مقدسي، يشير طراز بنائه إلى أنه مبني في العصر العثماني. وقد يكون ذا علاقة بالقبة القيمرية المشيدة خارج سور القدس. ومكان الصلاة في هذا المسجد مربع الشكل، تقوم عليه قبة، ترتكز على قاعدة ثمانية.

جامع المولوية: من الجوامع المقدسية، يُنسب إلى إحدى الطرق الصوفية، ويرجع تاريخه إلى القرن العاشر الهجري، حيث أنشأه أحد أمراء القدس (خداوند كار بك) سنة 995هـ. والجامع يتكون من طابقين، الأول منها كان كنيسة بناها الصليبيون إبان احتلالهم للقدس، ثم حوّله المسلمون إلى مسجد بعد التحرير، وبنى العثمانيون الطابق الثاني ومئذنة الجامع وبعض الغرف الملحقة به شرقي ساحته المكشوفة. والجامع يستخدم الآن في الصلاة، كما تقيم بعض الأسر الفلسطينية في بعض غرفه.
مسجد الشوربجي: يقع قرب باب العامود وهو من العهد التركي وفوق باب المسجد حجر مكتوب عليه سنة 1097هـ وهو مسجد صغير وله محراب مبني بالحجر الاملس، وله قبة دائرية الشكل مطلية باللون اللاصفر وله شباك فوق الباب وشباكان يطلان على السوق وأنشأ مسجد الشوربجي وسبيله الحاج عبد الكريم بن مصطفى الشوربجي، في سنة 1097هـ/1685م، وجعله سبيلاً، وله حوض، وطاسات نحاسية. ووقف عليه أوقافاً، وعين له عدداً من الموظفين مثل المسبلاتي، والمنظف، كما يُتبين من وقفيته المسجلة لدى المحكمة الشرعية في القدس ثم حُوّل هذا السبيل إلى مسجد. وهو الآن عبارة عن بيت صغير للصلاة، وهو بيت مربع الشكل تقريباً. وله مدخل صغير في واجهته الشرقية، يتناسب وحجمه. وتغطي بيت الصلاة قبة صغيرة. وله محراب في منتصف واجهته الجنوبية. ويتكون هذا المحراب من حنية مجوفة مغطاة بالبلاط الصيني الحديث وقد جدد في عام 1990م تقريباً.
مسجد الحيات: يقع المسجد داخل سور القدس في حارة النصارى على يمين المتجه من مسجد عمر بن الخطاب إلى مسجد الخانقاه الصلاحية وهو مسجد صغير الحجم مساحته ٤* ٤ مضاء بالكهرباء تم ترميم جدران المسجد ببلاط منشار وللمسجد اهمية خاصة فهو من المساجد العمرية نسبة إلى عمر بن الخطاب ويقع في وسط حارة النصارى وهو مسجد صغير الحجم تفتح بوابته على جبهة الغربومحاط بالمحلات التجارية ولا يميزه عن المحلات التجارية غير الاية القرآنية كتبت عن المدخل وهي قوله تعالى : وللاخرة خير لك من الاولى” وبجوار المسجد من الجهة الشرقية كنيسة القيامة ، وسبب تسميته ” ان المسجد كان في طلسم بسيط سم الحيات التي تلدغ الانسان في القدس وقد يكون في ذلك شفاء الملدوغ بلسعة الحيات وربما يكون لهذه التسمية مبررات اخرى منذ قديم الزمان ” وللمسجد حاجز لخاع الاحذية ونافذتان تفتحان على الشارع ولا يوجد له مئذنة ويفتقر لدورة مياه .
مسجد قلاوون: ينسب هذا المسجد إلى المنصور قلاوون، وبنى هذا المسجد زمن المماليك في عام ١٢٨٨ م ” ٦٨٦ ” يقع هذا المسجد في حارة النصارى وبالقرب من مسجد الخانقاة الصلاحية، وهو بعد مدخل باب الجديد، تبلغ مساحة هذا المسجد ” ٤٠ مترا مربعا” ويوجد فيه متوضأ فقط دون مراحيض لضيق المكان وعدد المصلين قليل لكثرة المساجد في تلك المنطقة مثل مسجد عمر والخانقاة والحيات لوقوعه في حي النصارى وبقرب الكنيسة. تقام فيه جميع الصلوات اما الصلاة الفجر فلا تقام به لقربه من المسجد الاقصى المبارك. والمشاكل التي تواجه المسجد وجود نادي للطوائف المسيحية مما يسبب إزعاج للمصلين ويوجد على باب المسجد حجر قديم يبين من اقام المسجد وذكر أحد العاملين بالآثار (لجنة عمر) ان هذا الحجر تعرض لمحاولات سرقة من قبل النصارى فقامت الاوقاف بوضع شيك حديدي لمنع هذه المحاولات.
مسجد الخانقاة الزاوية الصلاحية: الخانقاة جمعها خوانق وهي كلمة فارسية معربة معناها بيت الصوفية وقد اقام فيها جماعة من الزهاد يقرأون القرآن الكريم ويتعبدون ويتبتلون بالعالم ودراسته ونسخ المخطوطات وتجليدها بعيدا عن الزخرف الحياة وقد اهتم صلاح الدين الايوبي بالخوانق وعندما سأل عن سبب اهتمامه بجماعة الصوفية اجاب: “نحن نقاتل باسهم تصيب وتخطأ وهؤلاء يقاتلون باسهم لا تخطأ ابدا”. من المساجد الهامة داخل السور في البلدة القديمة مسجد الخانقاة او الزاوية الصلاحية نسبة لصلاح الدين الايوبي وهو معلم هام من المعالم صلاح الدين في بيت المقدس. يقع هذا المسجد في حارة النصارى بالقرب من كنيسة القيامة، والراجح في بناء هذا المسجد ان صلاح الدين الايوبي بعد فتح القدس قام ببناء هذا المركز على انه من القلاع الهامة حيث يحتوي البناء على مسجد ومدرسة ومكان عام للجلوس وغرف للقادة والضباط وصالة طعام للغرباء وأهل السبل وغرف صغيرة للحراسة وخلوات تعبدية لصلاح الدين الايوبي ومكان للتدريب العسكري، وباختصار يمكن القول ” ان الخانقاة مركز اسلامي في مدينة القدس وكان لهذا المركز مقررات من بيت المال من حيث النفقة وقد اوقفه صلاح الدين الايوبي للمسلمين عام ١١٨٩ م (الخامس من رمضان ٥٨٥ ه) ومنذ ذلك الوقت حتى الانتداب البريطاني والخانقاة مركز اشعاع حضاري وفكري في فلسطين نظرا لاهميته وقربه من كنيسة القيامة، نتيجة للظروف العامة التي تمر بها البلاد لم يعد مركز الخانقاة كما كان في الاول، فالخانقاة تبلغ مساحتها قرابة الدونمين “٢٠٠٠ ” متر مربع ، وكان معظم شيوخ الخانقاة من بني غانم وهي عائلة عربية استقرت في القدس بعد الفتح الصلاحي واستقرت بجوار الحرم عند باب الغوانمه. ان هذا المسجد من الاهمية بمكانه فهو مجاور لكنيسة القيامة ويعاني من الاهمال وخاصة الغرف الداخلية وهو بحاجة إلى ترميم وإصلاح يتناسب مع انفاس صلاح الدين الايوبي التي تدعو جميع المسلمين الغيورين إلى إعادة هذا المجمع إلى سابق عهده، والمشكلة تكمن في عدم وضع الاوقاف الاسلامية يدها على بقية البنايات التابعة للمسجد، وإلى الخلاف القائم بين المسؤولين في الاوقاف الاسلامية والشيخ عبد المعطي العلمي، واننا نوجه نداء إلى الجميع لتناسي الخلافات واصلاح هذا المسجد بالسرعة الممكنة، خاصة ان بجواره كنيسة القيامة وقد وجدنا ان الفرق بين الجانب المحيط بالكنيسة حيث التعمير والأشجار والورود بينما جانب الصلاحية الاخرفيه الاوساخ والتخريب الحمام وغير ذلك مما لا يتناسب مع قدسية المكان ومكانته.
جامع ابو بكر الصديق (خان الزيت): ويقع داخل السور الى الجهة الجنوبية للمسجد الاقصى المبارك، وهنا المسجد في آخر سوق خان الزيت،وأول سوق العطارين، ويقع في مركز تجاري هام وتحته عدد من المحلات التجارية وهو من العهد المملوكي ويسمى مسجد خان الزيت.وكان لهذا المسجد مئذنة هدمت عام 1967م وهو دائماً عامر بالمصلين.
المسجد العمري الكبير: ويسمى حديثاً بسمجد عبد الله بن عمر ويقع في حارة الشرف، داخل السور وينسب الى عمر بن الخطاب رضي الله عنه جدد في عهدين عبد الملك بن مروان، وكذلك في العهد التركي، والى الشمال من المسجد كنيس لليهود ومحاط بالبنايات التي اقامها اليهود على أنقاض البنايات العربية ويتم الصعود الية بواسطة ممر وامامه حوض من الحجارة ودورة مياه وعدة صنابير للوضوء.والمسجد عبارة عن اقواس وفي نهاية قوس وغرف وله ثلاثة شبابيك وهو مبلط ومفروش وله محراب ومئذنة ويفتح في اوقات الصلاة.ويحيط بالمسجد من جوانبه الاربعة بيوت للنصارى واليهود. وله شباكان يطلان على طريق السرايا وهو مضاء بالكهرباء وامامه ساحة صغيرة وتقام فيه الصلاة بأوقاتها وقد جرت على المسجد ترميمات في عهد اسلامية،أبرزها العهد الايوبي والعهد المملوكي والتركي ثم عام 1974م وعام 1985م، ولجنة جامع عمر ما زالت مستمرة ويتبع اليه دكان والطابق الثاني من المسجد هو مدرسة النهضة.
المسجد الحريري: يقع في الجهة الجنوبية الغربية من المسجد الاقصى المبارك جنوب باب الخليل ويقع وسط حي محاط بالسكان اليهود والنصارى، أنشئ مسجد الحريري في العصر الأيوبي، ورممه شمس الدين محمد بن إبراهيم الحريري، المتوفى في سنة 886هـ/ 1482م، في العصر المملوكي. وكان هذا المسجد مسجداً عامراً تقام فيه الصلوات الخمس. ولكنه أصيب بالخراب في الفترات المتأخرة. ويتكون هذا المسجد من بيت للصلاة، مستطيل الشكل. ولم يبق من بنائه الأصلي سوى جدران متهدمة، وبعض العناصر الزخرفية المعمارية المتآكلة،والمسجد مغلق بأمر بلدية القدس وهو الآن خارب.
جامع الشيخ ريحان (مسجد الحنابلة): يقع في حارة السعدية في الجهة الشمالية الغربية من المسجد الاقصى المبارك ويسمى أيضا باسم مسجد الحنابلة ويتكون من طبقتين الاولى عبارة عن مغارة مدفون فيها الشيخ ابو ريحان،والطابق الثاني المسجد وله محراب ومكتبة صغيرة ولا توجد له مئذنة وله مكبرات صوت ورمم على فترات آخرها عام 1981م ويفتح في اوقات الصلاة فقط.
جامع عثمان بن عفان: يقع في سوق البازار وسمي أيضا بمسجد البازار نسبة الى ذلك وبني في العهد التركي وجرت عليه اصلاحات عام 1988م-1989م وهو مسجد صغير تقام في الصلاة.
مسجد علاء الدين البصري: يقع في الجهة الغربية من باب المجلس ودائرة الاوقاف الاسلامية ويسكنه عدد من ابناء الجاليات الافريقية ويرجع الى العهد المملوكي عام (0666هـ) وكان قديما يستخدم سجناً ورمم على يد الجالية، وتشرف عليه الجالية وبجانب مقام علاء الدين البوصيري.
مسجد الشيخ محمد الخليلي: يقع في الجهة الغربية في المسجد الاقصى المبارك بالقرب من باب السلسلة وهو من الطراز المملوكي.
مسجد ومقام السيوني: يقع في طريق الواد على الشارع الرئيسي وهو من العهد التركي بجوار سوق القطانين، وفيه متوضأ يتسع لرجل واحد وضريح ويفتح ابوابه في اوقات الصلاة.
مسجد القرمي: ويقع بالقرب من مدرسة دار الايتام الاسلامية بحارة الواد، وهو مسجد قديم تم بناءه في عهد صلاح الدين الايوبي، وقد كان مهجوراً حتى عام 1976م وأصبح المصلون يرتادونه، ويحتوي على مكتبة وداخل المكتبة مقام صاحب المسجد وبجواره مصلى للنساء وتقام فيه الصلاة، وفيه دورة مياه ومتوضأ ومحراب وله اربعة شبابيك وبابان.
مسجد احمد المثبت: يقع في المسجد الاقصى المبارك طريق القرمي بجوار دار الايتام الاسلامية نسبة الى احمد الدين المثبت، وهذا المسجد رمم في السبيتان واشرفت على ترميمه لجنة الصدقات، ويذكر أنه كان يستعمل للمجاهدين وهو اليوم مغلق.
مسجد الظاهر برقوق (خان السلطان): قديماً سمي بمسجد خان السلطان، ويقع داخل البلدة القديمة فوق سوق العطارين ويرجع تاريخه إلى زمن السلاطين من العهد المملوكي وبنيّ على يد السلطان الفاضل صلاح الدين. ويحيط بالمسجد من الجهة الشمالية احدى الكنس اليهودية ومحاط بعدة دكاكين ومن الجهة الشرقية بيوت سكن للمسلمين، وله محراب ودورة مياه واربعة شبابيك وبابان، وباب يطل على الكنيس،والباب الآخر يدخل من المصلون.

مسجد ومقام أبو قصيبة: يقع في حارة الشرف أول حارة المغاربة ويرجع بناء المسجد كما تشير الى ذلك لوحة داخل المسجد أنه بني في العاشر من ربيع الاول عام (595هـ) وليس له دورة مياه ولا متوضأ ولا مئذنة وتقام فيه الصلاة في اوقاتها فقط.
مسجد اليعقوبي: يقع في باب الخليل مقابل قلعة صلاح الدين والتي تسمى داود بزقاق ويحيط المسجد كنيسة للبروتستانت وبيوت كانت قد صودرت وهو من البنايات الرومانية القديمة، وذكر في مساجد بيت المقدس، وذكر كامل العسلي أن بناءه يرجع الى القرن السابع والثامن الميلادي حيث حول الى مسجد وقد افتتحه صلاح الدين الايوبي، (يتكون هذا المسجد من بيت للصلاة، مستطيل الشكل، ويمتد من الشرق إلى الغرب. وقد فُتح له محراب في جداره الجنوبي. وتوجد ساحة مكشوفة في الجهة الغربية منه) وله ساحة خارجية، وثلاثة شبابيك ومضاء بالكهرباء، وفيه مكتبة صغيرة وليس له مئذنة.
مسجد القلعة (مسجدان): عبارة عن مسجدان يقعان في قلعة القدس من الجهة الشمالية الغربية للبلدة القديمة للقدس، داخل باب الخليل، والمسجد العلوي من العهد التركي والمسجد السفلي من العهد الايوبي. بنيت في عهد السلطان محمد الرابع سنة (1065هـ/1655م) وتجددت عمارة المسجد الكائن في القلعة عام 1738م، ومئذنة مسجد القلعة والتي تبرز في سماء القدس فوق سور البلدة القديمة من الجهة الغربية، والتي تعتبر الآن من رموز القدس الإسلامية والتي بنيت في زمن السلطان محمد باشا وذلك عام 1655م والسلطان المملوكي ناصر الدين محمد بن قلاوون وهو الذي بنى مسجد القلعه ويوجد نقش يشير إلى أنّ ذلك تمّ في عام 1531م.

جامع سويقة علون: ويسمى حديثاً مسجد حمزة بن عبد المطلب، ويقع في سوق علون في طريق البازار وحارة النصارى، وهو من العهد التركي ويدخل اليه بدهليز وبعده مدخل المسجد وفيه مكان للوضوء ومحراب مبلط صغير ملون وقد تم ترميمه حديثاً وفيه مكتبة.
مسجد بدر الدين لؤلؤ غازي: يقع في باب العامود وهو من العهد الايوبي سنة 775هـ/1373م وكان في الاصل زاوية بسور من جميع الجهات، ويتوسطه قاطع فيه باب مفتوح في وسطه، وله محراب وجدران مبلطة وله بابان وأربعة شبابيك مستطيلة الشكل، وفيه مكتبة ومزود بالكهرباء وساحة وممر مبلط بالحجر وحديقة وبئر ماء مغلق. وفي احدى الغرف مقام الشيخ لؤلؤ مغطى بستائر خضراء.
مسجد مصعب بن عمير: يقع في باب العامودمقابل مسجد الشيخ لؤلؤ وهو مغلق.

جامع درغث: يقع في طريق الواد أقيم سنة (1383هـ / 1964م) ويقع في طابق ثان ويصعد إليه بواسطة درج وينسب إلى أحد الأولياء الصالحين واسمه درغث حيث يوجد مقام خلف المسجد وله اربعة دكاكين تابعة للأوقاف الاسلامية، وشبابيك وله مئذنة وتقام فيه الصلاة.

مسجد ولي الله محارب: أنشأه ولي الله محارب في سنة 595هـ /1198م، في العصر الأيوبي. ووقّف عليه أوقافاً كثيرة، كما يبدو من النقش الكتابي التذكاري القائم فوق المدخل. ويبدو أن مساحة هذا المسجد الأصلية كانت أكبر مما هي عليه الآن. ويتكون من بيت للصلاة، وهو بيت صغير الحجم، مستطيل الشكل، قليل العرض. وله محراب جميل في منتصف واجهته الجنوبية. وهو عبارة عن حنية في الحائط. وأما سقفه فيغطيه قبو نصف برميلي. وله مدخل معقود يتناسب وحجمه  ويقع مسجد ولي الله محارب داخل السور في حارة الشرف ” اول حارة المغاربة ” ويرجع بناء المسجد باب يطل على الشارع العام ويوجد بجانبه نافذة صغيرة تطل ايضا على الشارع العام، والمسجد يقع بين عدة دكاكين في تلك المنطقة، ويبلغ طول المسجد من الداخل ٦٫٥ م وعرض مترين، ويتسع لعشرة مصلين، والمبنى مبلط بالرخام وله محراب صغير ويوجد على المسجد من الخارج حجر مبني عليه العبارة الاتية ” بسم الله الرحمن الرحيم ” إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاخر، واقام الصلاة واتى الزكاة ولم يخش إلا الله” سورة التوبة ١٨ ، قام بعمارة هذا المسجد المبارك العبد الفقير الراجي الاول من ربيع الاول سنة خمس وتسعين وخمسمائة ” ولا يوجد في المسجد دورة مياة او متوضأ ولا مئذنة وبالنسبة لمكبر الصوت يوجد فيه سماعة صغيرة داخل المسجد مسحوب لها سلك من جامع البيزار، الذي يبعد عن المسجد حوالي ٢٥٠ م، حيث قام اليهود بالاعتداء على مكبر الصوت ولا توجد في المسجد مكتبة او اية نشاطات اخرى، ولا تقام في المسجد سوى صلاتي الظهر والعصر ويغلق في باقي الاوقات وبالنسبة للدكاكين التابعة للمسجد فقد بيع احدها لليهود .
مسجد الزاوية الافغانية: مسجد بسيط التكوين. ويتكون من بيت للصلاة، وله محراب في واجهته الجنوبية. ويقع المسجد إلى يمين الداخل على طريق باب حطة وعلى بعد بضعة أمتار من الزاوية النقشبندية في حارة الواد.
مسجد الزاوية النقشبندرية: داخل اسوار البلدة القديمة ويقع داخل الزاوية على طريق باب حطة وتقام فيه الصلوات.
مسجد بني حسن: يسمى بِمسجد الشيخ حسن، وهو أحد الصالحين الذين سكنوا القدس، يقع في عقبة (زقاق) الشيخ حسن بالقرب من حارة باب حطة، وقد ظل مهجورًا لسنين طويلة إلى أن أعيد افتتاحه مؤخرًأ كمكتبة ومصلى لمنع المستوطنين اليهود من الاستيلاء عليه.
جامع حارة الارمن: خارج الحرم وداخل أسوار البلدة القديمة بالقرب من دير الأرمن وهو الآن مهجور.
جامع البراق: داخل اسوار البلدة القديمة في محلة المغاربة وملاصق للبراق كانت تقام فية الصلاوات ولكن بعد عام 1967 قامت سلطات الاحتلال السرائيلي بتدمير حي المغاربة وجرفه مع أحياء أخرى وبنيت فيه مساكن جديدة لليهود وتم تدمير المسجد.
مسجد حارة النصارى: ويقع خارج الحرم وداخل اسوار البلدة القديمة على طريق باب خان الزيت وتقام فيه الصلوات.
جامع قمبر: داخل حدود اسوار البلدة القديمة على يمين الداخل من باب الجديد له قبة وليست مئذنة وفيه قبر يقال إنه للذي بناه.
مسجد الديسي: الكائن في حارة الحيادرة، على الطريق الواصل بين حارتيْ الشرف والأرمن في البلدة القديمة بالقدس. الطريق إليه تعجُّ باليهود ودكاكينهم وملامحهم التي ألصقت إبان احتلال المدينة المقدسة عام 1967، بعد طرد أهلها وسرقة بيوتهم وتسمية حاراتهم “حارة اليهود“. تقام صلوات الظهر والعصر والمغرب بالمسجد فقط، ويُغلق فيما بينها، وهو على هذه الحال منذ عام 1967.
المسجد الرصاصي: المسجد الرصاصي مسجد أثري يعود تاريخه إلى الحقبة العثمانية في فلسطين. يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس بالقرب من باب الناظر، أحد أبواب المسجد الأقصى تمت تسميته بهذا الاسم لأن حجارته جُمعت لبعضها بصهر الرصاص.
مسجد الشرفاء: مسجد صغير يقع في طريق باب السلسلة، داخل مدرسة، عثماني الأصل، وهو عامر بالمصلين من أبناء المدرسة والسوق المجاورة، وجرى ترميمه مؤخرًا.
مسجد ومقام الشيخ مكي: يقع في باب الساهرة، وتحديدًا على يمين الداخل إلى داخل مدينة القدس القديمة من الباب المذكور تجاه المسجد الأقصى، حيث يقابل مدرسة القادسية. يغلب القدم والحداثة عليه؛ فأصل بنائه ضريح مقام الولي الشيخ مكي. ولأن الضريح أو المقام بات مهجوراً؛ تطوع بعض المجاورين له في سنة 1982 بتشكيل لجنة عرفت بـ لجنة مسجد الشيخ مكي”، وتهدف إلى تعمير المسجد للصلاة لخلو المنطقة من المساجد.  وبعد صدور موافقة دائرة الأوقاف في القدس على تشكيل هذه اللجنة وإنجاز المخططات والتقديرات اللازمة، بوشر بتعمير وترميم المكان وافتتح مسجداً في نفس السنة بمساحة تبلغ 24م. وفي العام التالي أدخل التيار الكهربائي إليه وافتتحت فيه مكتبة صغيرة. كما أعيد ترميمه وتكحيل جدرانه الخارجية سنة 1984م، ويواجه هذا المسجد خطر متطرفي المستوطنين الذين استولوا في سنة 1986م على منزل مجاور له، وواصلوا الاستفزاز ومحاولات منع رفع الأذان فيه.
مسجد الملاط: يقع في منطقة الباب الجديد، وتحديداً على الطريق الواصلة من حارة الجوالدة إلى حارة النصارى.  قرب دار أولاد حجيج ودير اللاتين من الغرب.  وبحسب بعض الحجج الشرعية، عرفت هذه المنطقة بـ محلة الملاط”، لم يوجد له ذكر ولم يظهر على أرض الواقع حتى العقد الأخير من القرن العشرين الماضي؛ حيث كشف عن بعض معالمه كالمحراب والجدران في أحد المساكن التابعة لدير اللاتين؛ ولا يزال هذا
جامع الشيخ غباين: يقع في سوق البازار، على الطريق المؤدية من باب الخليل إلى المسجد الأقصى المبارك، وتحديداً في شارع السوق الرئيسية.  أي أنه يقع في وسط تجاري ينشط في حركة ذهاب الناس وإيابهم.  يبدو أن اسمه مستحدث؛ ومع ذلك، يخلط الكثيرون بينه وبين مسجد آخر في نفس السوق يعرف باسم “مسجد عثمان بن عفان”؛ ولا يعرف تاريخ إنشائه، لكن وثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية تحفل بإشارات حول تعميره منذ الثلث الثاني من القرن العشرين الماضي، وتحديداً منذ عام 1938م حتى عام 1990م؛ كما تفيد أن دائرة الأوقاف في القدس اقتطعت من هذا المسجد دكاناً مجاورة تقع في قطعة رقم 47 حوض 28، وأنها كانت بِتَصَرُّفْ أحد أفراد عائلة الكيالي بطريق الإجارة منذ سنة 1942.  وفي سنة 1958، تحفظ القيم في الحكومة الأردنية على تلك الدكان، بسبب إقامة المستأجر المذكور في مدينة يافا.  وقد نجحت دائرة الأوقاف بإنقاذه، فأعدت له مخططات مساحة وأجرت بعض التعميرات في سنة 1990م.

مسجد عمر بن الخطاب

*الفاروق ومقاليد بيت المَقْدس

ما أن أدرَكَ واستوعَبَ المسلمون أهميَّة المكانة الدِّينيَّة الرَّفيعة للمسجد الأقصى وبيت المقدس وعلاقتهما الوثيقة بالعقيدة الإسلاميَّة، حتى بدؤوا بأسلمتهما ماديًّا وسياسيًّا. فكان الفتح العُمَري لبيت المَقدس سنة 15هـ/ 636م، عندما دَخَلَها الخليفة عمر بن الخطاب سلمًا، وأعطى لأهلها الأمان من خلال وثيقته التي عُرِفَتْ بالعهدة العُمَريَّة، وقد جاءت هذه الوثيقة لتمثّل الارتباط السياسي وحق الشَّرعيَّة الإسلاميَّة بالقدس وبفِلَسطين. وبعد تسلمه مفاتيح مدينة القُدس من بطريرك الروم صفرنيوس، سار الفاروق عمر إلى منطقة الحرم الشريف التي كانت خرابًا تامًّا في ذلك الوقت، وزار موقع الصخرة المشرفة وأمر بتنظيفها كما أمر بإقامة مسجدٍ في الجهة الجنوبية منَ الحَرَم الشريف، ثم عمد إلى تنظيم شؤون المدينة فأنشأ الدَّواوين، ونَظَّم البريد، وعَيَّن العيون، وأقام يزيد بن أبي سفيان واليًا، وعيَّن عبادة بن الصامت قاضيًا فيها وعلى جند فلسطين.

*القدس مدينة السيد المسيح

تقسم حياة السيد المسيح إلى مرحلتين، الحياة الخفية، التي امتدت من مولده إلى سن الثلاثين تقريبًا، والحياة العلنية وهي السنوات الثلاث الأخيرة من حياته حتى موته وقيامته. وفي المرحلتين زار السيد المسيح القدس أو أقام فيها. فأول مجيء للسيد المسيح إلى القدس كان في اليوم الأربعين لمولده لختانه هناك. “وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيُخْتَنَ الطِّفْلُ، سُمِّيَ يَسُوعَ، كَمَا كَانَ قَدْ سُمِّيَ بِلِسَانِ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ يُحْبَلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ. ثُمَّ لَمَّا تَمَّتِ الأَيَّامُ لِتَطْهِيرِهَا حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى، صَعِدَا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمَاهُ إِلَى الرَّبِّ”. وهرب القديس يوسف والسيدة مريم العذراء بالطفل يسوع إلى مصر من بطش هيرودس وظلمه، إذ قتل أطفال بيت لحم من عمر السنتين وما دون علّ يسوع يكون بينهم. ولما توفي هيرودس عادت العائلة إلى الناصرة، خشية من بطش ابنه ارخلاوس. فَوَصَلَ بَلْدَةً تُسَمَّى «النَّاصِرَةَ» وَسَكَنَ فِيهَا، لِيَتِمَّ مَا قِيلَ بِلِسانِ الأَنْبِيَاءِ إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً“. ويذكر الإنجيل المقدس أن السيد المسيح صعد إلى القدس من الناصرة؛ “وَكَانَ أَبَوَاهُ أي والدته البتول ومربّيه القدّيس يوسف) يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ. فَلَمَّا بَلَغَ سِنَّ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ، صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَالْعَادَةِ فِي الْعِيدِ. وَبَعْدَ انْتِهَاءِ أَيَّامِ الْعِيدِ، رَجَعَا، وَبَقِيَ الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ، وَهُمَا لاَ يَعْلَمَانِ. وهذا النص الإنجيلي يبين بوضوح مركزية القدس والصعود إليها في الأعياد والحج. الرواية الإنجيلية هذه تذكر زيارة السيد المسيح إلى القدس في عمر الثانية عشرة، ولكن الرواية تترك المجال مفتوحا للتأويل والاستنباط؛ فقد يكون السيد المسيح قد كرّر هذه الزيارة سنوياًمع أهله إلى القدس في عيد الفصح، لأن النص يقول ان أبويه كانايَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ”. أما سبب صعود السيد المسيح إلى القدس في عمر الثانية عشرة، لان هذا العمر كان سن البلوغ ونشوء المسؤولية الدينية في تتميم العبادات المدعوّ بالعبريّة “بار متسفاه” اي “ابن الوصيّة”، والصعود إلى القدس في عيد الفصح.

غدت القدس في الحقبة الثانية من حياة السيد المسيح، أي الحياة العلنية، وهي تقريبًا السنوات الثلاث الأخيرة مركز حياة السيد المسيح ومحور بشارته وعمله الخلاصي. تجوّل السيد المسيح في الجليل وأتى إلى نهر الأردن، وأقام في عبر الأردن، أي شرق الأردن، لدى يوحنا المعمدان، وزار المدن العشر، وبعضها في الأردن، ووصل جنوب لبنان. ولكن القدس ظلت الموئل الأخير، والمنزل الرئيس في حياته، إذ فيها ستتم أهم النبوءات الواردة في العهد القديم عن آلامه وموته وقيامته (خصوصًا في أشعيا 53، والمزمور 22 (21).   وكثيراً ما أشار العهد الجديد إلى صعود السيد المسيح إلى القدس وربط بين المدينة المقدسة وكتب الأنبياء في العهد القديم: “ُمَّ انْتَحَى بِالاثْنَيْ عَشَرَ وَقَالَ لَهُمْ: «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَسَوْفَ تَتِمُّ جَمِيعُ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبَهَا الأَنْبِيَاءُ عَنِ ابْنِ الإِنْسَانِ. أما آيات السيد المسيح وعجائبه في القدس فعديدة، ويختصر الإنجيلي يوحنا ذلك بقوله:” وَبَيْنَمَا كَانَ فِي أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ، آمَنَ بِاسْمِهِ كَثِيرُونَ إِذْ شَهِدُوا الآيَاتِ الَّتِي أَجْرَاهَا”. وأهم هذه الأعاجيب؛ شفاء المخلع، وشفاء الأعمى، وإقامة اليعازر الميت.إن معظم الأماكن التي جرت فيها هذه الآيات والتعاليم في القدس وأكنافها وفي أنحاء فلسطين وجوارها كانت معروفة في عصر السيد المسيح وبعده، ونالت أكرام المسيحيين، وتوجهوا إليها في عبادتهم وحجهم، وشيّدوا على مواقعها الكنائس والأديار. والأسبوع الأخير من حياة السيد المسيح يُعرف بالأسبوع المقدس، ويبدأ بأحد النخيل، وينتهي بفجر الأحد التالي بالقيامة. وفي أحد النخيل دخل السيد المسيح إلى القدس قادماً من جبل الزيتون واستقبلته الجموع بالهتاف، معلنة كبيرها وصغيرها أنّه “ابن داود” أي المسيح الملك المنتظر، ممّا سرّع مراحل التآمر عليه بين اليهود، وكان فصح اليهود قد اقترب. أما الحدث الأهم في حياة السيد المسيح، فهو آلامه وموته وقيامته، التي امتدت زمنيا بين مساء الخميس المقدس إلى فجر يوم الأحد، يوم القيامة، (حوالي 60-65 ساعة). فقد تمت هذه الأحداث في القدس على رقعة جغرافية لا تتجاوز الكيلومترين المربعين. وأفرد لها الإنجيليون الأربعة 19 فصلا من مجموع فصول الأناجيل البالغة 89 فصلا، أي أن بنسبة 21.3 أو خمس الإنجيل تقريبا، فقد خصصت لهذه الأيام المقدسة، بينما بقية الفصول تروي حياة السيد المسيح البالغة 33 عاما. وأهم مراحل الآلام التي تمت في القدس هي: تآمر أحبار اليهود على السيد المسيح، خيانة يهوذا، السيد المسيح في بستان الزيتون (الجتسمانية)، السيد المسيح لدى قيافا عظيم أحبار اليهود، إنكار بطرس للسيد المسيح، السيد المسيح يُوثق ويُساق إلى بيلاطس الحاكم الروماني، يأس يهوذا الإسخريوطي وانتحاره، السيد المسيح في حضرة هيرودس، إكليل الشوك والجلد، الصلب والموت والدفن، القيامة، ترائي السيد المسيح بعد القيامة..

يدرك المرء من أقوال السيّد المسيح وفعاله في القدس أنّه عدّها عاصمته حيث تربّع لا على عرش العظمة الدنيوية – بما أنّ “ملكوته ليس من هذا العالم” (يوحنا 18: 32) بل على عرش الصليب وهكذا أصبحت القدس مرّة أخرى وأفضل من اي وقت مضى “مدينة الملك العليّ” و “بهجة الأرض كلّها”.

ويوجد في القدس العديد من الكنائس والأديرة ودور العبادة والتي تعكس اهمية وقدسية المدينة لدى المسيحيين:

كنيسة الجثمانية: وهي كنيسة جميلة واقعة في وادي قدرون عند ملتقي الطرق بين القدس والطور وسلوان، بنيت سنة 389 للميلاد فوق صخرة الالام التي يعتقد المسيحيون أن السيد المسيح عليه السلام صلى وبكى عليها قبل أن يعتقله الجنود الرومان، دمرها الفرس سنة 614 للميلاد، ولكن الصليبيين أعادوا بناءها في القرن 12، وقد أعيد بناء هذه الكنيسة سنة 1924م على يد المعماري الإيطالي انطونيو بارلوزي، وقد أسهمت 16 دولة بتمويل بنائها، ولذلك صارت تعرف أيضاً باسم “كنيسة كل الأمم”.

كنيسة مريم المجدلية

دير مار مرقس: وهو من ممتلكات السريان الأرثوذوكس، وقد شيد في المكان الذي يعتقد السريان أن السيد المسيح أقام في المكان عشاءه الأخير، وهو على بعد 20 مترا شمال شرقي كنيسة القديس توما.
راهبات مار يوسف: قدمن إلى القدس عام 1848م، ولهن فيها “مستشفى القديس لويس” ويقع شمال سور القدس بالقرب من الباب الجديد وبني عام 1880م.
كنيسة سانت ان: تقع شمالي الحرم القدسي بين باب حطة وباب الاسباط، حيث أتى السيد المسيح بإحدى معجزاته، وهي للروم الكاثوليك، وقد بناها البيزنطيون في القرن الخامس الميلادي، وفي هذا المكان بنيت كنيسة عرفت باسم كنيسة مريم البتول سنة 530م، ويظهر أن هذه الكنيسة احترقت مع ما احترق من ممتلكات النصارى على يد الفرس سنة 614م، فأعادوا الصليبيون بناءها عندما فتحوا القدس سنة 1099م، وكانت تدعى كنيسة القديسة حنة، وجعل صلاح الدين هذه الكنيسة رباطا للصالحين ومدرسة للفقهاء الشافعيين سنة 1188م، وكانت هذه تعرف فيما مضى بـ “صند جنة”، وسميت بعد الفتح الصلاحي بالصلاحية، وحدث زلزال خلال المدة الواقعة بين 1821م و1842م، هدمت على اثره جدران الدير، فنقلت الحكومة العثمانية حجارته وبنت الثكنة العسكرية المجاورة له.
كنيسة مريم المجدلية: بنيت سنة 1888 للميلاد من قبل القيصر الروسي ألكسندر الثالث تخليداً لذكرى والدته “ماريا ألسكدوفنا”، وتقع على جبل الزيتون وتتميز بقبابها الذهبية السبعة البصلية الشكل، وتعتبر واحدة من أجمل كنائس القدس وفلسطين بشكل عام، وتحتفل هذه الكنيسة بعيد القديسة مريم المجدلية في 22 تموز من كل عام.

كنيسة القيامة: واحدة من أعرق وأقدم وأهم الكنائس في العالم، تقع في حارة النصارى في قلب القدس المحتلة، استغرق العمل في بنائها أحد عشر عاماً إذ بدأ عام ثلاثمائة وخمسة وعشرين وانتهى عام ثلاثمائة وستة وثلاثين للميلاد، إذ كان طولها 54 متراً وعرضها 62 متراً، وكان موضعها يقع خارج محيط السور الذي أحاط بالقدس في ذلك الوقت. أشرفت على بنائها الملكة هيلانه والدة الإمبراطور قسطنطين عندما حضرت إلى القدس في الثلث الأول من القرن الرابع للميلاد، وتتكون الكنيسة من قبتين كبيرتين، والكبرى هي القائمة فوق القبر المقدس، والأخرى هي قبة كنيسة نصف الدنيا. وتقدر مساحة الأرض القائمة عليها كنيسة القيامة بنحو ثمانين متراً في ستة وستين متراً. وتحتضن كنيسة القيامة عدداً كبيراً من الكنائس والأديرة التابعة لطوائف مسيحية عدة كالروم الأرثوذكس والفرنسيسكان والأرمن والسريان والأقباط والأحباش. وواجهة الكنيسة/ القيامة: يوجد أمام مدخل الكنيسة بلاطة من الرخام رسم عليها ترس “نورماندي” حيث يقع قبر فيليب ابيوني معلم الملك هنري الثاني ملك انجلتر.
الساحة/القيامة: وتقع تجاه الباب الرئيس الذي يتوصل منه إلى داخل الكنيسة، وتمتد على طول 25 مترا وعرض 17 مترا، وتشمل على عدد من الأعمدة والتيجان، وفي الجانب الاخر من الساحة يوجد جامع عمر بن الخطاب الشهير، اضافة لعدد من الأديرة التاريخية مثل معبد “سيدة الأوجاع”، ودير السلطان، وكنيسة مار إبراهيم للروم الأرثوذكس، ومصلى الأرمن، وكنيسة يعقوب ومريم المجدلية والأربعين شهيدا.
برج الاجراس/القيامة: ويقع في الناحية الغربية من الكنيسة على يسار الداخل من بابها الجنوبي الوحيد المفتوح، ويرجع تاريخ إنشاءه إلى الفترة ما بين 1160م إلى 1180م.
درج الجلجلة/القيامة: يقع على يمين الداخل إلى كنيسة القيامة تجاه دكة الحراس وتؤدي الدرجات نصف الدائرية إلى كنيسة الجلجلة للاتين ثم للروم.
دكة الحراس/القيامة: تقع على يسار الداخل مباشرة إلى كنيسة القيامة وهي مخصصة لوقوف حراس الكنيسة من عائلة نسيبة المقدسية.
حجر المغسل/القيامة: يقع تجاه الباب الخارجي للكنيسة، وترقى جذوره التاريخية إلى القرن الرابع عشر الميلادي.
قبة كنيسة القيامة: تم تجديد قبة الكنيسة عام 1994م، وقد أعد التصاميم اللازمة لأعمال الزخرفة والبناء الفنان الأمريكي ارا نورمات، وقد تم تدشين تجديد القبة في احتفال سنة 1997م مجسدة لشمس تسطع في منتصف القبة.
القبر المقدس/القيامة: ويقع في الناحية الغربية من الكنيسة، أسفل قبة الكنيسة الكبيرة الرئيسة، وهو عبارة عن بناء مرتفع مستدير، ويدخل إلى القبر من باب شرقي تزينه الرسوم المصورة والشمعدانات والنقوش الرخامية والقناديل والمصابيح الذهبية والفضية والرايات المقدسة. ويوجد بداخل القبر المقدس غرفة مثمنة الشكل مكسوة بالرخام، تنتهي إلى حجرة أخرى تسمى “مصلى الملائكة” أو “معبد الملاك”، وعلى جانبيها طاقتان تخرج منهما النار في عيد سبت النور، وتعلو الغرفة من الداخل قناديل ذهبية.
كنيسة الجلجلة/القيامة: تقع إلى اليسار من كنيسة الجلجلة للاتين وهي تتصل بها كما إنها تساويها تقريبا بالمساحة، ويتصدرها إلى الشرق أيقونات وصور، وفي أسفلها مذبح صخري يقع إلى يمينه صخرة مشققة تنفذ إلى مغارة تحت الجلجلة تسمى “معبد ادم”.
كنيسة قبة نصف الدنيا/القيامة: تقع تجاه القبر المقدس من ناحية الشرق، وتعد مقر الكرسي البطريركي وبداخلها تجري المراسيم الدينية لطائفة الروم الأرثوذكس.

كنيسة ادم/القيامة: تقع أسفل كنيسة الججلة وتشتمل على مغارة طبيعية فيها صخرة الجلجلة.
كنيسة القديس يعقوب/القيامة: تحد كنيسة القيامة من ناحية الغرب وتسمى أيضا بكنيسة “مار يعقوب” وهي للروم الأرثوذكس العرب.
معبد حبس المسيح/القيامة: يقع حبس المسيح للروم الأرثوذكس في الركن الشمالي الشرقي من كنيسة القيامة، ويرجع تاريخه إلى الفترة ما بين القرنين التاسع والحادي عشر الميلاديين، ويقول التقليد المسيحي الشرقي أن هذا المكان شكل حبسا للسيد المسيح عليه السلام أثناء مرحلة درب الالام.
قبة الثلاث مريميات/القيامة: هو حجر دائري يقع تجاه معبد الأرمن الأرثوذكس على يسار الداخل إلى كنيسة القيامة، ويرمز هذا الحجر إلى الثلاث مريميات اللواتي ساعدن المسيح عليه السلام وهن مريم المجدلية، ومريم أم يعقوب ويوسف، وأم ابني زبدى.
كنيسة القديسة هيلانة/القيامة: يصل طولها 30 مترا وعرضها 13 مترا، وتشتمل على قبة حجرية مرفوعة على ستة أعمدة كبيرة مزينة بتيجان مختلفة الأشكال.
مغارة الصلب/القيامة: يتوصل إليها بعد النزول من كنيسة القديسة هيلانه من الناحية الجنوبية الشرقية، وهي عبارة عن مغارة محفورة بالصخر مساحتها سبعة أمتار وارتفاعها خمسة أمتار تقريبا، وفي هذه المغارة عثرت هيلانه على خشبة الصلب وفقا للكنيسة الفرنسيسكانية.
درب الالام: هو طريق لا يتعدى طوله كيلومتر واحد، وبحسب المعتقد المسيحي هي الطريق التي سلكها السيد المسيح- عليه السلام – من المحكمة إلى جبل الجلجثة حيث تم صلبه، وقد سميت بهذا الإسم نسبةً للآلام التي عاناها السيد المسيح في الطريق. وتبدأ من باب الأسباط وتنتهي في كنيسة القيامة، وتحوي الطريق 14 مرحلة 9 منها في الطريق نفسه، وآخر 5 مراحل داخل كنيسة القيامة، وهو طريق مليء بالكنائس والمزارات. وتبدأ مراحل درب الآلآم المعروفة أيضا بدرب الصليب أو طريق الجلجلة، من حارة باب حطة حيث تقع المدرسة العمرية المعروفة تاريخيا باسم المدرسة الجاولية، وتنتهي في داخل القبر المقدس بكنيسة القيامة.
كنيسة المخلص “الفادي”: وهي من ممتلكات البروتستانت تأسست سنة 1898م، بمناسبة زيارة الامبراطور الألماني غليوم الثاني.
بطريركية الارمن الكاثوليك: وهي للأرمن الكاثوليك، وهي طائفة جديدة نسبياً بالقدس، وقد جرى تشييد دير وكنيسة على قطعة الأرض المعروفة بـ “حمام السلطان” في حارة الواد بالقرب من الزاوية الأفغانية سنة 1872م.
دير السلطان: هو من الأديرة القديمة بالقدس، وقد احتله الرهبان اللاتين بعد استيلاء الصليبيين على المدينة، ولكن صلاح الدين الأيوبي أرجعه للأقباط الأرثوذكس بعد تحرير بيت المقدس، فعرف من وقتها باسم دير السلطان. يلاصق هذا الدير سطح كنيسة القيامة من الجهة الشرقية، ولدير السلطان أهمية خاصة عند الأقباط لأنه طريقهم المباشر للوصول إلى كنيسة القيامة.

دير العذراء: وهو دير للروم الأرثوذكس، يقع إلى الجنوب من كنيسة القيامة ويسمى أيضا “دير ستنا مريم”، ولا يفصله عن الكنيسة سوى مسجد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وهو دير بيزنطي قديم بني في عهد البطريرك الياس الأول سنة 494 للميلاد.
دير مار انطونيوس: يقع فوق كنيسة القيامة، وترجع أهميته إلى أنه صار مقرا للبطريركية القبطية الأرثوذكسية منذ سنة 1912م، وفيه تقع مساكن الرهبان الأقباط ومقر رئاسة الدير والكلية الأنطونية.
دير القديسة مريم: وهو للراهبات القبطيات ويقع قرب باب الحديد.
دير القديسة كاترين: وهو دير صغير للأرثوذكس ويقع قرب دير مار ميخائيل.
دير الارمن الكاثوليك: يوجد في موضع المرحلة الثالثة من درب الآلام، حيث وقع السيد المسيح مغشياً عليه، وهو في الزاوية القائمة على مفترق الطريقين: “طريق الآلام والطريق التي تصل بين الواد وباب العمود”.
دير مار افتيموس: وهو دير صغير للروم الأرثوذكس، ملاصق لدير السيدة من الشمال.
دير السيدة: وهو للروم الأرثوذكس، ويقع على بعد عدة أمتار من الخانقاه الصلاحية.
دير البنات: بناه البطريرك الياس الأول سنة 594م للروم الأرثوذكس، وهو مجاور لخان الأقباط من جهة الشمال، وفيه كنيستان إحداهما أرضية تعرف باسم “القديسة ميلانيا”، والأخرى فوقها تعرف باسم “مريم الكبيرة” أو “العذراء البكر”.
خان الاقباط: ويقع في حارة النصارى، وهو في الماضي كان مكان للحجاج والرهبان الاقباط، وهو على بعد أمتار من كنيسة القيامة.

كنيسة سانت ان: تقع في يمين باب الأسباط وفي حقبة صلاح الدين الأيوبي حولها المدرسة سميت باسم المدرسة الشافعية، وفيها أتى السيد المسيح بإحدى معجزاته، وهي للروم الكاثوليك، وقد بناها البيزنطيون في القرن الخامس الميلادي، عرفت باسماء عدة منها “كنيسة مريم البتول” سنة 530م، و”كنيسة القديسة حنة”، وحدث زلزال خلال المدة الواقعة بين 1821م و1842م، هدمت على أثره جدران الدير، فنقلت الحكومة العثمانية حجارته وبنت الثكنة العسكرية المجاورة له.
دير مار حرجس: يقع على مقربة من باب الخليل، وقد شيد في العصر العثماني بالقرن (11هـ/17م) وقد ألحقت به مدرسة تعرف باسم “القديسة دميانة” وبالدير كنيسة بها هيكل واحد يصلى فيه قداس يوم الاحتفال بعيد الشهيد مار جرجس (7من أكتوبر).

كنيسة القديسة حنة (الصلاحية): وتقع الكنيسة شمالي الحرم القدسي قرب باب الأسباط، حيث أتى السيد المسيح في هذا الموقع بإحدى معجزاته وقد احترقت الكنيسة إبان الغزو الفارسي عام 614م فأعاد الصليبيون بناءها.

–  كنيسة الجثمانية: تقع هذه الكنيسة في المنطقة بين سلوان وجبل الطور وباب الأسباط، حيث يعتقد ان الموقع شهد عملية القبض على السيد المسيح عندما وشى به “يهوذا الاسخريوطي”.

– كنيسة العلية (دير صهيون): يقع هذا الدير على قمة جبل صهيون بالقرب من باب الخليل ويعتقد بعض المسيحيين أن “السيد المسيح” تناول وأتباعه في الدير عشاؤهم الأخير.

– كنيسة الصعود: بنيت على جبل الزيتون في المكان الذي يعتقد أن “السيد المسيح” صعد منه إلى السماء.

– قبر البستان: يقع قبر البستان شمالي باب العامود وقد حفر القبر في الصخرة على هيئة جمجمة أصبحت مزارًا مسيحيًا وسياحيًا، حيث تعتقد طائفة من البروتستانت أن السيد المسيح صلب في حديقة تقع على مقربة من تلة كان اليهود يرجمون فيها المحكومين ويصلبونهم ويلقون بجثثهم منها إلى واد قريب، ويعتقدون أنه هو هذا المكان.

عهد القضاة:

عاش بنو إسرائيل على الفوضى والضلال طيلة حكم القضاة، وعددهم أربعة عشر، وكان تاريخهم عبارة عن مشاغبات وانقسامات، حيث ارتد الكثير من الإسرائيليين عن دينهم، وتحولوا إلى ديانات الكنعانيين، وعبادة أوثانهم “كبعل” و”عشتروت”.هذا بالإضافة إلى الانقسامات والانقلابات الداخلية التي دبت في صفوفهم. فكانوا يلتفون حول القائد الذي يتولى قيادة أمورهم سنة، ثم ينقلبون عليه ويعصون أوامره سنين. وخلال هذه الفترة، ونتيجة هذه الفوضى؛ لم يذوقوا طعم الحرية والاستقلال أبداً، إذ حاربهم الكنعانيون وقضوا مضاجعهم أجيالاً طويلة، ومن ثم حاربهم المؤابيون، وألحقوا بهم الذل والهوان، ثم حاربهم المديانيون والعمونيون والفلسطينيون. وكانت حروبهم مع الفلسطينيين الأشد ضراوة والأبعد أثراً، إذ أدت إلى انتحار “شاؤول” ملك العبرانيين سنة (1095 ق.م) ... ويذكر لنا التاريخ أن المدن (الكنعانية – الفلسطينية) التي عجز العبرانيون عن فتحها، كانت ذات حضارة قديمة، وكانت المنازل مشيدة بإتقان، فيها الكثير من أسباب الراحة والرفاهية وكانت مدنهم تشتهر بحركة تجارية وصناعية نشطة. وكانت هذه المدن على علم ومعرفة بالكتابة، ولها ديانة كما لها حكومة سياسية أيضاً، لقد اقتبس أولئك العبرانيون السذج من مواطني المدن الكنعانية حضارة، لأنهم لم يستطيعوا أن يعيشوا بمعزل عن أهل هذه المدن التي عجزوا عن فتحها.

وذكر تاريخ بني إسرائيل في تلك الحقبة، أن منازعات داخلية كبيرة نشبت بين شاؤول وداود وبين أسرتيهما، أما داود فقد حالف الفلسطينيين وعقد معهم حلفاً، والآخر أراد أن يحصل على استقلاله بالقوة، الأمر الذي صعب عليه ومات مقهوراً. ويدعي بعض اليهود أن المسجد الأقصى، قد أقيم على أنقاض الهيكل الذي بناه سليمان بعدما أصبح ملكاً علي بني إسرائيل بعد موت أبيه داوود. غير أن هذا ليس صحيحاً، فحتى هذه اللحظة لم يكتشف أي أثر يدل على بناء الهيكل في هذا المكان، أو في منطقة القدس، وحتى هذه اللحظة لم يستطع أحد أن يحدد مكان مدينة داود. فكيف لليهود أن يتحدثوا عن الهيكل؟

ونذكر هنا أن مدينة القدس تعرضت لغزوات عديدة، كان أولها من قبل الكلدانيين، وقام “نبوخد نصر” بسبي بعض اليهود المقيمين في أطراف المدن الكنعانية لرفضهم دفع الجزية، فيما عرف بالسبي البابلي الأول. وتلاه غزو آخر عرف بالسبي البابلي الثاني، بسبب انضمام بعض اليهود الرعاع إلى جملة المدن الثائرة على بابل، عام 586 ق.م، واقتاد عدداً منهم أسرى إلى بابل. وتلا ذلك الغزو الفارسي للمدينة سنة 539-538ق.م. ومن ثم تعرضت المدينة للغزو اليوناني، عندما دخل الإسكندر المقدوني الكبير فلسطين سنة 332 ق.م. وبعد ذلك دخلت الجيوش الرومانية القدس سنة 63 ق.م على يد “بوبي بومبيوس” الذي عمل على تدميرها بعد أن تم دمج الأطراف الشرقية للبحر الأبيض المتوسط في الإمبراطورية الرومانية. وفي هذه الأثناء عهد “بومبي” سورية إلى أحد الموظفين الرومان البارزين وهو “غابينيوس” (57- 55 ق.م)، الذي عمل على فرض ضرائب باهظة على السكان وتقسيم الدولة إلى خمسة أقاليم، يحكم كل منهما مجلس، وأعاد “بوبي بومبيوس” بناء عدد من المدن اليونانية- السورية التي كان المكابيون قد هدموها، مثل: السامرة، وبيسان، وغزة. في تلك الفترة، شهدت روما حروباً أهلية، ودب الاضطراب في الدولة الرومانية كلها، مما أدّى إلى انتقال هذه الاضطرابات إلى سورية، وأثناء تقسيم العالم الروماني من قبل الحكومة الثلاثية، وأصبحت سورية ومصر والشرق تحت سلطة “أنطونيو” المعروف بعلاقاته مع “كليوباترا” ملكة مصر. وفيهذه الأثناء أهمل “أنطونيو”الأسرة الكابية، ووضع مكانها الأسرة الهيرودية، وقد برز من هذه الأسرة “هيرودوس الكبير” عام 37 ق.م، الذي أخذ “أورشليم” ووطد سلطته عليها، وبقي على الحكم ما يقارب الثلاثة وثلاثين عاماً بدعم من روما. وكان “لهيرودس الكبير” فضل إعادة تعمير مدينة القدس، وبناء بعض المرافق العامة. وتوفي هيرودس في عام 4 ق.م.

سور القدس والمسجد القبلي

القدس في الأساطير اليهودية:

تدعي سلطات الاحتلال الكثير من الافتراءات والاكاذيب على أحقية اليهود بمدينة القدس ومقدساتها وتحويلها مدينة ليهود العالم وحدهم ضاربة بعرض الحائط حقوق المسلمين والمسيحيين فيها، فقد ورد في كتب المستشرقين العديد من هذه الاساطير نورد بعضاً منها “يورشلايم في التوارة: يروشلايم القدس العاصمة الأبدية لشعب إسرائيل، وتعتبر إحدى المدن القديمة والمشهورة في العالم، وهي مدينة المقدسات، وهي عاصمة دولة إسرائيل الجديدة، ومقر المؤسسات المركزية للدولة والحكومة الصهيونيّة… وقد ورد اسم القدس في التوراة 6400 مرة، لم يعرف مصدر هذا الاسم، سميت في عهد القضاة (يبوس) وبعد أنْ احتلّها الملك داود سميت مدينة داوود… حيث أقام عليها المذبح، وأمّا سليمان فقد بنى هناك الهيكل الأول الذي أصبح شعارًا لوحدة اليهود، وعندما تجزّأت المملكة في عهد (رحبعام) إلى مملكتيْ (يهوذا) و(إسرائيل) بقيت القدس عاصمة للمملكة يهوذا فقط”. وعندما وصلها الفتح الإسلامي عام 637م -حسب التصوّر اليهودي- “أقام المسلمون في منطقة (جلالييت) مساجد فاخرة وحوّلوا القدس إلى مكان ديني إسلامي أطلقوا عليه: اسم القدس”. هذا تصوّر للقدس ومكانتها وتاريخها في التراث والأساطير الصهيونية التي تأسّست عليها دولة إسرائيل وعاصمتها القدس، حيث لا وجود حقيقيّ لـ(إسرائيل) بدون القدس، ولذلك يعمل الاحتلال على تهويدها باستمرار من حيث المكان والزمان. فمدينة القدس هي على رأس الأعمال الفكرية التهويدية، من طمس للتراث الزاخر والعبث به وتشويهه وتقديمه لأبناء الأمة العربية والإسلامية، وقد قام بهذا الدور الفئة التي تستّرت بستار العلم لخدمة الاستعمار وبالذات في البلاد المستعمرة. وقد كان على رأس هؤلاء المستشرقين كثيرًا من اليهود الذي استطاعوا تحصيل الكثير من العلوم العربية والإسلامية بواسطة وجهود المدرسة اليهودية الأولى في الاستشراق التي لم تكنْ لتقوم لها قائمة لولا جهود (شبرنجر) و(جولد زيهر) و(مونك) و(فامبرى) و(شاخت)، وكانت هي الأساس الذي اعتمد عليه المستشرقون اليهود في فلسطين المحتلة. لقد بدأ الاستشراق اليهوديّ في فلسطين على يد كلٍّ من (جوتياين) و(شلوسنجر)، (وبلانك) و(بينس)، إلى أنْ امتدّ حتى البروفيسور (م.ي. كستر)؛ حيث اتّجه بالاستشراق إلى وجهة جديدة تتوجه بدراسة القضايا الحيوية والفعالة مثل: (أدب فضائل المدن) و(فضائل بيت المقدس، نشأتها وأهميتها)، (الرواية الإسلامية في بلاد الشام) أو (روايات الشاميين)، و(القبلة وتحويلها من بيت المقدس إلى الكعبة). والجهاز الاستشراقيّ لم يغفلْ باحثوه ودارسوه للتوجّه نحو دراسة الحق اليهوديّ المزعوم في فلسطين (منذ داود حتى وقتنا الحاضر)، فما نحن من وجهة نظر تاريخهم إلا غزاة ولسنا بأصحاب الأرض أو الحق ويطلقون على الفترة الإسلامية بـ(الاحتلال الإسلاميّ). ولم يغفلْ قادة الاستشراق عن تدريس الإسلام لجيل (الصابرا) الجديد كي يتقن التعامل مع أبناء العروبة والإسلام، فلديهم كتب إسلامية مهمّة قد فُرِضت وقُرّرت لكي يقرأها أبناء جيش الاحتلال الإسرائيليّ، وعدا عن الطواقم والأجهزة فهناك أساليب كثيرة تدور في دائرة الاستشراق ينبغي دراستها ورصدها وتفهمها من مؤسسات، ودور نشر، ودوريات، ومؤتمرات… إلخ. وإنّ أهمّ مؤسسة تقوم بدراسة الإسلام وتدريسه بدقة وإخلاص لأبنائها اليهود هي (الجامعة العبرية) و(جامعة تل أبيب). وأنّ أهمّ مستشرقٍ خاض في هذا المجال وأسّس الدراسات التي كان لها دورٌ كبير في التطاول على الإسلام وتراثه العظيم هو: أجناس جولد زيهر (1850-1921)، المستشرق اليهودي المجري.


ويمكن تلخيص أبحاث المستشرقين اليهود في دراساتهم حول فضائل بيت المقدس إلى تكريس النقاط التالية:

أولاً: أنّه لم تكنْ هناك أي قداسة لبيت المقدس في الإسلام، قبل وجود الخلافة الأموية في بيت المقدس، وأنّ الخليفة عبد الملك بن مروان قد بني قبة الصخرة المشرفة ليصرف أنظار المسلمين عن الكعبة، وذلك بسبب ثورة ابن الزبير، وأنّ بناءه لقبة الصخرة المشرفة جاء ليكون مبنى يحجّ إليه المسلمون ينافس الكعبة في مكة المكرمة، التي كانت آنذاك تحت سيطرة عبد الله بن الزبير، ولأنّ عبد الملك لم يردْ أنْ يحجّ رعاياه إلى منطقة التمرد، وأنه -عبد الملك- قد منع الأمويين من أداء الحج في مكة، وهذه الفرية من افتراءات المستشرق جولد زيهر.

ثانياً: أنّ المسجد الأقصى الذي باركنا حوله، هو في السماء وليس في الأرض، على حدّ زعمهم، وأنّ كلمة الأقصى تفيد أنّه مصلى سماوي، أي القدس العليا، البعد الزماني المعلق، أو أن الأقصى مكان آخر في المدينة.

ثالثاً: يزعم المستشرقون أنّ الأحاديث التي رُوِيت في فضائل بيت المقدس وجدت في فترة متأخرة وفي عهد الخليفة عبد الملك بن مروان وأنّ جلّ الأحاديث هذه هي من اختلاق محمد بن شهاب الزهري.

رابعاً: أنّ بناء الخليفة عبد الملك بن مروان لقبة الصخرة هو لأنّه كان يحاول في تلك الأيام أنْ يطوّر شعائر عبادة في الحرم تشبه تلك التي قام بها في الكعبة، كالطواف، غير أنّ الطواف في الصخرة من اليمين إلى اليسار على عكس الطواف في الكعبة، ويعتقد المستشرق غويتاين أنّ الأسباب التي دفعت عبد الملك إلى إقامة قبة الصخرة ليست في الواقع سياسية وإنما دينية. إنّ جميع هذه الشبهات والترّهات التي أثارها هؤلاء المرجفون يمكن الرد عليها بآية واحدة من سورة الإسراء: {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}. إنّ لفظ البركة قد أطلق في القرآن الكريم سبع مرات على أرض فلسطين أرض بيت المقدس، وإنّ هناك حِكَماً كبيرة قد غابت عن هؤلاء الذين أعمى الله بصيرتهم، ولا يمكن أنْ يستطيعوا فهمها لأنهم يتعامون عن الحق، وإلا ما هي الحكمة من أنّ الله سبحانه وتعالى أسرى بمحمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى المبارك، ثم قل لي بربك ما الحكمة من عروج النبي محمد صلى الله عليه وسلم من فوق قبة الصخرة المشرفة وإمامته للصلاة في الأنبياء جميعاً، ثم عروجه إلى السماء السابعة وفرض الصلاة. إنّ هناك رابطة مقدّسة ووثيقة بين مكة وبيت المقدس وقد توثّقت منذ اتخاذ المسلمين المسجد الأقصى قبلتهم الأولى حوالي سبعة عشر شهراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق