مكتبة الأدب العربي و العالمي
صهري أم مالكي قصة ملبارية ترجمها : عبد الحفيظ الندوي

كنتُ أظنُّ أنني عبدٌ لصِهري !
عندما تزوّجت أختي، كان صهري المغترب يظنّ كأنه حصل عليَّ كعبدٍ معها. كنتُ مطالبًا بالركض خلفه في كل أمرٍ يخصّه. حتى عندما يأتي في إجازة، تقع عليَّ مهمة الذهاب إلى المطار لاستقباله.
“أخي… سأنزل في مطار كاليكوت الساعة العاشرة صباحًا بعد غدٍ، رتب مع السيد ساداناندان التاكسي، وكن هناك.”
أرأيتُم؟ هذه هي حالتي. لا يهمّه إن كنتُ مشغولًا في ذلك اليوم أم لا. ما عليه إلا أن يُصدر الأوامر! وإن أخبرت أمي أو أختي، فسيكون الرد:
“أي مهمة عندك أهم من الذهاب لاستقبال صهرك؟”
لا أحد يمكنني أن أفضي له بما أعانيه. عليَّ أن أتحمّل بصمت!
مرت أربع سنوات على زواج أختي. يوم وفاة والدي، تكفّل صهري بجميع مسؤوليات العائلة. ومن ضمن ذلك منزلنا المهدّد بالمصادرة. تعتبر أمي ذلك فضلًا كبيرًا. لكنها لا تعلم أن صهري اختار أختي بعد أن أعجب بجمالها، وأدرك أنه لا يوجد من يطالب بيدها، فهي وحيدة لا سند لها!
“لماذا لا تستطيع الذهاب لاستقبال صهرك؟” سألتني أمي.
قلت في نفسي :
يا لَحالي… لا قيمة لرأيي! داخل بيتي !
شابٌ في الواحدة والعشرين، ألا يحقّ لي أن تكون لي رغبات وأهداف؟! أنهيت دراستي الجامعية منذ شهرين، وكل حلمي أن أصبح لاعب كرة قدم معروف. لكن لا أحد يهتمُّ أو يحاول أن يفهمني.
“لدي مباراة كرة قدم… لا أستطيع التغيب عنها…” قلتُ.
“مجرد لعب كرة؟! أما لعبتَ كفاية أثناء الدراسة؟! عليك أن تصغي لصهرك وتنفّذ أوامره. لولاه لكنا الآن في الشارع. إن عشتَ مطيعًا له، فسيصنع لك مستقبلًا.”
كلام أمي أفقدني القدرة على الرد. حتى أختي طلبت مني ألا أُحرج صهري أمام ابنها الذي يناديني “خال”. لم أجادل معها . خرجتُ من البيت كمن بلع غصّته.
أشعر أنني عبدٌ لصهري. فكلّ مرة يأتي فيها إلى البيت، يجلب أمتعة لا تسعها حقيبة السيارة. وإن سألتُه: “ما كل هذه الصناديق؟”، يجيب أن عليه توزيعها على عدة أماكن. والمهمة تقع دائمًا عليّ. لا أعلم لماذا، لكنني لا أستطيع قول “لا” له. وجهه الصارم يخيفني!
في الليل، سألتني أمي: “ألن تذهب لاستقبال صهرك؟”
لم أستطع تكرار رفضي. ربما خشيتُ أن تتركه السواق بمفرده. قلتُ: “سأذهب”. فابتسمت أمي، بينما لففتُ وجهي بالبطانية.
لست أتباهى، ولكن في مباراة الغد، لا يوجد في الفريق من يقدر على اللعب في الدفاع مثلي. إن لم ألعب، فسنخسر. فلتكن الهزيمة! حياتي كلها هزائم! يبدو أن قَدَري هو البقاء عبدًا لصهري. كنت ألعن أبي، الذي تركنا في هذا الوضع وهرب، تلك الليلة أكثر من أي وقتٍ مضى.
في صباح اليوم التالي، وصلنا المطار قبل العاشرة. خرج صهري من البوابة، مبتسمًا. لكنني لم أستطع ردّ الابتسامة. ولأنه لم يسألني عن السبب، لم أضطر للحديث.
حتى وصولنا للبيت، كنتُ أفكّر في الملعب الذي سأفقده اليوم. الملعب الذي يفوح منه عرق روحي، لا بدني فقط.
“أمي، لقد وصلنا.”
كانت أختي وطفلها ينتظران في الساحة. أنزلنا الحقائب، وغادر السواق. دخلتُ المنزل دون أن أقول كلمة، وأغلقت باب غرفتي. كنت منهكًا من السفر، فنمت.
استيقظتُ على صوت صهري وهو يناديني:
“لقد حان وقت العشاء… تعال نتعشى معا.”
شعرتُ وكأنه يأمرني. فأطعت.
“غدًا صباحًا، علينا الذهاب إلى مكان ما. كن جاهزًا…” قال بعد العشاء.
يبدو أنها رحلة لتوزيع صناديق الاغتراب. وكالعادة، يجب أن أكون برفقته. لا شك، أنا عبدٌ لصهري!
بتُّ ليلتي تلك مهمومًا، بعد أن علمت أن فريقنا فاز في المباراة. لا أعلم إن كان ذلك هو سبب أرق الليل. لكنني شعرت بأن حلمي بالاحتراف بات بعيدًا جدًا.
“أمي، سنخرج الآن… قد نتأخر.”
كما خططنا، انطلقنا صباحًا بسيارة ساداناندان. لم يتحدث أحد في الطريق. مرّت ساعتان، فتوقّفنا.
“انزل”، قال صهري.
فنزلت. لم يبدو المكان كمنزل، بل مساحة واسعة. دخلنا مبنى كبيرًا.
“عذرًا، لقد اتصلنا بالأمس بخصوص القبول…” قال صهري للموظف.
ما الذي يحدث؟! بدأتُ أستفسر، إلى أن لمحتُ الملاعب من النوافذ! من كل جهة لافتات تقول “مدرسة كرة القدم”. صور بيليه وميسي وكل أساطير كرة القدم على الجدران. إنه مركز تدريب احترافي!
شعرتُ بارتباك.
“نعم، القبول من أجل أخي الصغير. هذا هو.” قال صهري مشيرًا إليّ.
لم أصدّق. اكتملت إجراءات التسجيل. حددوا لي تاريخ الالتحاق وقائمة المستلزمات، وخرجنا.
عندما سألني صهري: “ألست سعيدًا؟”، لم أتمالك نفسي، وارتميت على صدره دون تفكير.
ما أبعدَ الحقيقة عن ظنوننا! لم أكن عبدًا لصهري… كنتُ أخاه الأصغر فحسب!