نشاطات

إنتبه ! هناك مفترس بشري … الافتراس الجنسي سلوك إجرامي عالمي مدمر!!!

افترس، يفترس، افتراسا: أي التهم الفريسة ونهشها نهشا. والمفترس في اللغة، هو كل حيوان شرس يصطاد ويفترس الحيوانات الضعيفة لسد جوعه.
والافتراس في عالم الحيوان مجرد إسقاط، لما يتسم به بعض البشر المعتدين “بالحيوانية” عبر البحث عن قوة منشودة ومن نوع خاص، وذلك بفرض السيطرة على ضحاياهم والتحكم بهم جنسيا أو نفسيا.
لكن، يصبح صيد الفريسة في عالم الحيوان أكثر رقيا مقارنة بالافتراس في عالم البشر الذي يتخذ منحى أكثر وحشية ولاأخلاقية.
وقد شاع استخدام مصطلح “الافتراس الجنسي” أو “الاعتداء المفترس” عالميا. ويشمل كل سلوك مهيمن يمارس على الضحية بالقوة من خلال الاعتداء والاغتصاب والإساءة النفسية.
يقول الخبير في السلوك الإجرامي ومؤلف كتاب عقول إجرامية الدكتور ستانتون سيمناوي بأن القوة والسيطرة هما الدافعان الأوضح لدى المفترس الذي يؤدي من خلالهما غزوات مزعومة في الواقع والخيال بإستخدام القهر والاجبار للضحية واللذان يجدهما أكثر إثارة.
وللأخذ بالاعتبار عن كيفية منع تزايد وقوع جرائم الافتراس الجنسي اللاأخلاقية، من الجوهري فهم عقلية المعتدي، بحسب سيمناوي.
وقد صنف سيمناوي المفترسين إلى أربعة أنماط شخصية جاء أولها السطوة والقوة والشعور بتفرد مرضي، حيث يرغب المفترس دائما بفرض جاذبيته على الضحية والسيطرة عليها جنسيا أو معنويا.
ومع تزايد جرائم الافتراس الجنسي والاغتصاب على الساحة، لابد من الغوص في عقلية “المفترس الجنسي” أو predator ومعرفة طريقة تفكيره ودوافعه، والتي يمثل محورها “السطوة” أو “قوة وهمية”، وقد يتصف أبطالها بمزيج من النرجسية والسيكوباثية والكثير من الأنا الأعلى المتنفذ والمتضخم.
وقد يبدو “المفترس” ودودا أو ناجح في الحياة العامة. غير أن لديه دافع مرضي ملح بالشعور بالسطوة وفرض القوة عبر ممارسة الجنس القهري على شخص أضعف منه.
والمفترسين الجنسيين كثيرون في عالمنا، منهم رجال كنسية ومتنفذين ورجال مال وأعمال وقادة واقرباء من الدرجة الأولى “محارم”، حازوا على مسمى ” مفترس جنسي” بسبب ارتكابهم جرائم اغتصاب واعتداء جنسي لسيدات وأطفال قصر من الجنسين، بينما اقترف عددا منهم جرائم متسلسلة ضد عدد كبير من الضحايا.
هذا، وقد ازدحمت المحاكم الأمريكية والبريطانية والعربية في السنوات الأخيرة بقضايا الافتراس من اغتصاب واعتداء جنسيين، من بينها قضايا لمشاهير هوليود، كقطب الإعلام هارفي واينستين الذي تم الحكم قضائيا عليه الأحد الماضي بالاعتداء بالاغتصاب الجنسيين من الدرجة الأولى والثالثة. والممثل بيل كوسبي، الذي سبقه إلى السجن بأكثر من عامين. والملياردير جفري أنيستين الذي لقي حتفه بالانتحار في أعقاب فضيحة مدوية طالته بالاتجار والاغتصاب لقاصرات، والمغني الأمريكي روبرت كيلي الذي يخضع للمحاكمة حاليا، فضلا عن فضائح تحرش واعتداء رجال كنسية وقساوسة لأطفال قصر في الفاتيكان.
في الوقت الذي كشفت حركة “انا ايضا” النسوية بأمريكا الشمالية، عن أعداد كبيرة من الضحايا ممن تعرضن للتحرش أو الاعتداء الجنسي مرة واحدة على الأقل من قبل أحد هؤلاء المفترسين أو من قبل مشاهير آخرين، حيث تشجعن مذ بدأ الحركة على الكشف عن تجاربهم بعد التزام الصمت لسنوات.
وهناك سلوك نمطي متكرر يظهره المفترس بفرض حالة من السلطة والسيطرة على أهدافه . وأفعاله ومنطقه قد تدفع بالضحية إلى الخضوع أو الهوان النفسي بسبب أوامره أو ابتزازه أو تهديده المتكرر الذي يتسم بالفوقية والنرجسية، سيما اذا كان هدفه في حالة ضعف أو حاجة. فقد يردد على سبيل المثال هذه العبارة ” ألا تعرفين مالذي يمكن أن افعله؟!” او كما اعتاد واينستين قوله لضحاياه خلال التسجيلات المسربة ” انت لا تساعديني على الثقة بك. وهذا سيؤثر سلبا على قراري حيال مستقبلك”
ولورين اوكونر، كانت إحدى ضحايا هارفي واينستين، وقد عملت كموظفة تحت رئاسته لسنوات، تقول في مذكراتها عن تفاصيل اعتداءاته الجنسية، بأن المعتدي دائما ما يستمد قوته من ضعف ضحيته ويغذي قوته من خلال العدائية والتقليل من شأن الآخر. فيما يتلاعب بالأنظمة والقوانين ويجيرها لصالح نزواته الجنسية.
وتصف اوكونر حال ضحية الاعتداء بالضعف والتردد والخوف من وصمة العار التي قد تلاحقها نتيجة تعرضها للاغتصاب، لا سيما إذا كانت في مواجهة معتدي يملك السلطة المالية والاجتماعية اللتان غالبا ما يستخدمها للإطاحة بها في حال قررت مواجهته.
وبالحديث عن القوانين والعقوبات، توضح اوكنور بأنها غالبا ما تحمي المعتدي خصوصا في قطاعات الأعمال التي تلجأ إلى عقود التعهد بالسرية التي لا تسمح للضحية بالكشف عما يجري خلال عملها بأي مؤسسة. وهذا بطبيعة الحال يحمي المعتدي ويشكل سلاحا ضد الضحية في حال تقدمت بشكوى للسلطات.
وبتوجهنا من هوليوود إلى الهند شرقا نجد حوادث اغتصاب واعتداء جنسي لا حصر لها وتنوء منها الجبال. فضلا عما تنطوي عليه القارة الأفريقية السمراء من جرائم افتراس لا قبل لنا بها ولا بعد. وعندما نصل إلى مجتمعات الشرق الأوسط يُسكت عن الكلام.
الافتراس الجنسي سلوك إجرامي عالمي مدمر يحدث في كل من مجتمعات الشرق والغرب مهما تفاوتت أشكاله ومرتكبيه. وقوانين عقوباته ما زالت لا تشكل رادعا كافيا لوقف مثل هذه الجرائم اللاأخلاقية التي يقترفها ذمرة من المفترسين الباحثين عن الهيمنة والسطوة عبر لذة محرمة.
الكاتبة الصحفية: نيروز عبد الكريم – السعودية – ” وكالة أخبار المرأة “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق