مقالات

العولمة الثقافية / م – عبد الحفيظ اغباربة

العولمة الثقافية :-

ارتبط المفهوم الثقافي للعولمة بفكرة التنميط Uniformalisation أو التوحيد Unification الثقافي العالمي علي حد التعبير التي استخدمتها لجنة اليونسكو العالمية للإعداد لمؤتمر السياسات الثقافية من أجل التنمية التي عقدت في اجتماعاتها في مدينة استكهولم عام 1998 فقد رأت اللجنة أن التنميط الثقافي يتم استغلال ثورة وشبكة الاتصالات العالمية وهيكلها الاقتصادي الإنتاجي والمتمثل في شبكات نقل المعلومات والسلع وتحريك رؤوس الأموال .

كما أن التوحيد أو التنميط الثقافي هو مرآة التطور الاقتصادي للعولمة فمن البديهي أن يتكامل البناء الثقافي للإنسانية مع البناء الاقتصادي المعلوماتي ومن هنا اتخذ المفهوم الثقافي للعولمة بعدا اقتصاديا إعلاميا ومن ثم فإن عولمة الثقافة تصبح شكلا آخر من أشكال فرض السيطرة والاحتواء والتبعية بل ربما تكون من أخطرها جميعا إلي حد ذهب معه البعض إلي القول بأن تنميط الثقافة هو الحرب العالمية الثالثة غير المعلنة بين الشعوب الأكثر نموا أو تلك الأقل نمو بشكل خاص .

لما كانت عولمة الثقافة من المفاهيم التى أصبحت شائعة الانتشار على نطاق واسع بما تحمله من مخاوف و آمال و التى يعبر عنها باستمرار من خلال وسائل الإعلام المختلفة و تصريحات الكتاب و المسئولين كظاهرة حتمية يجب الاستعداد لها فقد أهتم رجال التربية بثقافة العولمة و الأخذ بمفاهيم الحداثة Modernity والمواطنة Citizenship من منظور العولمة

و تلعب الثقافة دورا مهما فى حياة الإنسان ، و أنها هى التى تميز بين فرد و آخر و بين مجتمع و آخر بل إن الثقافة هى التى تميز الجنس البشرى عن غيره من الأجناس ؛ لان الثقافة هى التى تؤكد الصفة الإنسانية فى الجنس البشرى

و من أقدم التعريفات للثقافة هو تعريف إدوارد تايلور الذى عرف الثقافة على انها كل مركب يشمل على المعرفة و المعتقدات و الفنون و الأخلاق و القانون و العرف و غير ذلك من الإمكانات أو العادات التى يكتسبها الإنسان باعتباره عضو فى المجتمع و يبرز هذا التعريف العناصر اللامادية لحياة الناس فى جماعة كالأخلاق و القانون و العرف الـذى ينشا نتيجة للتفاعل الاجتماعي و تأخذ طابعا إلـزاميا الى جانب العنصر المادي للثقافة علاوة على العلاقات بين الناس و بين العناصر المكونة الثقافة

و هناك من عرف الثقافة على أنها تعنى كل ما صنعه الإنسان فى بيئته خلال تاريخه الطويل فى مجتمع معين ، و تشمل اللغة و العادات و القيم و آداب السلوك و الأدوات و المعرفة و المستويات الاجتماعية و الأنظمة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و التعليمية و الثقافية

و نظرا لتنوع و تعدد تعريفات الثقافة بشكل يصعب حصره ركز مؤلفو كتاب نظرية الثقافة على اتجاهين وإضحين فى تلك التعريفات و إن كان بينهما تنافس ينظر أحدهما للثقافة على أنها تتكون من القيم و المعتقدات و المعايير و الرموز و الايدولوجيات، و غيرها من المنتجات العقلية

أما الاتجاه الآخر فيربط الثقافة بنمط الحياة الكلى لمجتمع ما و العلاقات التى تربط بين افراده و توجهات هؤلاء الأفراد فى حياتهم و استمدوا منها ثلاثة مفاهيم تمثل الثقافة فى نظرهم و هى :-

1 –التجهيزات الثقافية 2 –العلاقات الاجتماعية 3 – أنماط و أساليب الحياة

و يتضح أنها ظواهر، أو عناصر مرتبطة ببعضها البعض فى الكل المركب للثقافة فالتجهيزات الثقافية تشمل القيم و المعتقدات المشتركة بين الناس و العلاقات الاجتماعية تشمل العلاقات الشخصية التى تربط الناس بعضهم إلى البعض الآخر

وإزاء تحدى العولمة الثقافية لابد للتربية خلال مؤسساتها المختلفة من القيام بمسئولياتها من خلال قيامها ببعض الواجبات الأساسية ومنها :

تدعيم الهوية الثقافية والوطنية دون إغلاق الأبواب أمام الثقافات الأخرى .

السعى لاستخدام اللغة العربية السليمة والبسيطة فى وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرى وخاصة مع البرامج التى تعامل مع الطفل والابتعاد ما أمكن عن اللهجات المحلية .

إيجاد توازن بين رسائل المؤسسات التى تعنى بالجوانب الثقافية والتعليمية ورسائلها التى تعنى بالترفيه والتسلية على إلا يتعارض المضمون الترفيهي مع القيم التى تستهدفها التنمية .

دعم القيم الدينية والروحية انطلاقاً من دور الدين فى تاريخ العرب وتراثهم وحياتهم المعاصرة والتأكيد على نسق قيمي يستند إلى القيم العربية والإسلامية .

إنشاء هيئة تربوية إعلامية تبضم الكفاءات والمخلصين من التربويين والإعلاميين تسهم فى التخطيط لوضع برامج تربوية وتثقيفية بعيدة المدى تستهدف مواجهة أخطار العولمة الثقافية .

تحليل ونقد الرسائل الإعلامية التى تبثها وسائل الإعلام وما تحمله من قيم قد لا تتفق والقيم الدينية والروحية العربية والإسلامية أو تتعارض مع سياسات التنمية والجهود الساعية لحماية الخصوصية الثقافية .

الحفاظ على التراث الثقافى وإثرائه بالربط بين الموروث الثقافى والإبداعات المعاصرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق