ثقافه وفكر حر
اليوم قمحٌ ..غداً أغنية. الإصدار الجديد للشاعر صالح احمد كناعنة
وأخيرا … وبمشيئة الله وفضل منه سبحانه سأستلم ديواني الجديد (اليوم قمحٌ… غدًا اغنية) … وهنا لا بد من كلمة شكر وتقدير لأخي صاحب دار الكلمة للنشر في دالية الكرمل – حيفا.. الفيلسوف الشاعر معيين حاطوم على ما بذل من جهد غخراج الديوان باجمل حلة.. شكرا من القلب أخي معين..
وإليكم أخوتي وأصدقائي الكلمة التي قدّمت بها للديوان… وأظنها تكشكف كثيرا من خصائصه….
***
مقدمة:
///
شيء من التَّوّجُّس نابع عن غيرة الكاتب على كلماته، وقلقه على مستواها وعلى نصاعتها، حملني على أن أدفع بمطوّلتَين، الأولى بعنوان: “اليومَ قمحٌ… غدًا أغنية”، والثانية بعنوان: “بحثًا عن أثر”، لأخي الفيلسوف الأديب معين حاطوم، الذي أثق برأيه، ليرى رأيه بهما.. فالشّاعر أو الكاتب لا يمكنه أن يكونَ ناقدًا لنفسه، فهو إنّما ينظر إلى كلماته نظرة الأم إلى وليدها..
وكانت المفاجأة حين أبلغني أخي وشقيقي الرّوحي معين بأنّه قرّر نشرهما معًا بين دفّتي كتابٍ واحد.
قلتُ: لا يمكن، فالأولى مجموعة خواطر وأفكار صغتها بلغة شاعِريَّة ولكن بلا وزن. والثّانية شعر موزون بوزن موحدٍ لكل فقراتها..
قال: ولكنّي أرى أنّ ما تطلق عليه “خواطر” فيه من الشّاعرية والموسيقى الدّاخلية أكثر مما تسميه شعرا موزونًا.. ولأنّك تذهب دائِما إلى التّأكيد على أنّ الشّعر هو ما التزم الوزن كمُرَكِّب أساسي.. فأريد أن أجعل القارئ يحكم: أي اللّونين أكثر شاعريّة.. لذلك أريد أن أجعلهما في كتاب واحد.. خاصّةً وأن الأفق الفكري يكاد يكون مشتركًا بينهما..
ومرة أخرى دخلنا معًا في نقاش حول مفهوم الشّعر-Poetry- والشّاعري، أو الشّعري-Poetik- وأن لا انفصال بينهما إذا سلّمنا بأنّ الشّاعر بالمفهوم المعاصر؛ هو مَن تولد الألفاظ في وعيه مبلورة إلى أفاق فكرية ومعان تحمل مراقِيَ تعبيريّة تسمو باللّغة المألوفة إلى أفقٍ من الفنتازيا الفكرية المتَصَوَّرَة تستثير خيال وفكر ووعي القارئ.. ولا يكون الشّاعر شاعرًا إذا لم تولد المفردات والتّعابير والمعاني في وعيه مموسقة .. الأمر الذي أتّفق مع أخي معين بأنّه الوميض الحسّي والتّصوّري والفكري الذي يميّز الشّعر عن أي جنسٍ أدبي آخر، وهو ما يكسب المفردة والتّعبير صفة الشّاعريّة، ليرقى بها إلى مرتبة الشّعر، وما الوزن إلا أداة ووسيلة من شأنها أن تصقل، تضبط، وتحدد ملامح هذا الوميض وإشراقاته النّغميّة الموسيقية لا أكثر، ولكنّها أبَدًا لا تشكّل شرطًا للمزاوجة بين الشّعريّة والشّعر.. أو بجعل الشّعريّة تنصهر في بوتقة الشّعر لتولد القصيدة.. مع التّأكيد على أن لا فصل بين الشّعرية والشّعر من حيث البعد التّلازمي للمصطلحين.. فلا شعر بلا شعريّة.. ولا يمكن للتّعبير أن يرقى إلى أفق الشّعر إن لم يُتوّج بروح الشّعرية..
وهكذا وجدتني أستسلم لرأي أخي الفيلسوف الأديب معين حاطوم، وأقوم بإضافة لمسات طفيفة على المطولة الأولى لخلق تناغم أفضل بين المطوّلتين؛ ليولد هذا التوأم السّيامي..
ويبقى الحكم عليه وعلى قدرته على الحياة لكم أحبتي القرّاء، وقد خرج من يدي إلى أيديكم… وفارق وعيي، ليحاور وعيكم.. سائلا المولى العلي القدير بأن أكونَ وفقت إلى إضافة شيء ذي قيمة لمسيرتنا الأدبية يروق لكم..
باحترام وتقدير : صالح أحمد (كناعنه)
كانون ثاني- 2016-