مقالات
أصول الغجر أو”الروم” في فلسطين
(ويعود سبب تسميتهم بـ “الرّوم” إلى كلمة غجرية تعني “رجل”. فالرجل في تقاليد عشائر الروم هو القائد والمسيطر والمقرر)
“وطني حقيبة وحقيبتي وطن الغجر شعب يخيم في الأغاني والدخان شعب يفتش عن مكان بين الشظايا والمطر”(محمود درويش)
تعود أصول الغجر أو (الرّوم) المنتشرين اليوم في معظم أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وشمال افريقيا، إلى منطقة تقع شمال غرب الهند، حيث رحلوا من هناك، لأسباب غير معروفة تماما قبل ثلاثة آلاف سنة في مسارين، إذ هاجر بعضهم إلى منطقة الشرق الأوسط واعتنق الديانة الإسلامية، فيما توجه البعض الآخر نحو المناطق الشرقية من أوروبا واعتنقوا الديانة المسيحية.
وذلك لأسباب عدة أبرزها أن يكون بسبب التعصب الديني إبان تلك الفترة في الهند، الأمر الذي دفع الرّوم نحو الهجرة، والبعض الآخر يعتقد أنهم ملوا الحياة في موطنهم الأصلي فقرروا البحث عن أماكن أكثر جاذبية للحياة.
ويعود سبب تسميتهم بـ “الرّوم” إلى كلمة غجرية تعني “رجل”. فالرجل في تقاليد عشائر الروم هو القائد والمسيطر والمقرر، و للغجر المنتشرين في نواحي العالم المختلفة علم خاص بهم، وهو يتكون من مستطيلين أحدهما أزرق والآخر أخضر تتوسطهما عجلة دراجة باللون الأحمر وهي ترمز للترحال، كما أن اللونين الأزرق والأخضر يرمزان لمكونات الطبيعة “السماء والنبات” التي يتوق إليها الرّوم.
ودخل الغجر، أو عشائر الروم، فلسطين خلال القرن الخامس عشر، وتمركزوا في مناطق القدس، ورام الله، ونابلس، وغزة. ولا توجد إحصائيات حول أعداد الروم في فلسطين، ولكن التقديرات ترجح أن عددهم يقارب 1200 شخصا في منطقة القدس، و حوالي 5000 شخصا في قطاع غزة.
وإثر نكبة عام 1948 تهجر الروم كباقي أبناء الشعب الفلسطيني، واستقر معظمهم في الأردن، وتحديدا في ضواحي عمان، ويقدر عددهم هناك من 4000 إلى 5000 شخصا، ويطلق عليهم اسم “غجر فلسطين”، وهم، كغيرهم من اللاجئين الفلسطينيين في الشتات يتمسكون بحق العودة، والغجر في فلسطين ينتمون إلى 20 عشيرة مختلفة، لكل منها عادات وتقاليد مختلفة تختص بها، ولكل عشيرة قائد أو رئيس للعشيرة يتم اختياره من بين أفراد الحمولة، أو العشيرة الأكبر بناءً على حكمته واتساع نفوذه.
اشتهر الغجرفي فلسطين، وفي تسمية أخرى “الرّوم”، بحرفة الحدادة وصناعة الأدوات المعدنية كحدوات الخيول، والحلي الفضية، كما امتازوا بترويض الحيوانات، وتقديم عروض السيرك، وإحياء الحفلات بالغناء والرقص، واعتمدوا على أسلوب المقايضة بدل البيع في معاملاتهم التجارية. أما اليوم فإن الغجر “الرّوم” قد انخرطوا في مختلف المهن الأخرى، فمنهم الموظف والتاجر والحرفي، شأنهم في ذلك شأن بقة أبناء الشعب الفلسطيني.
العادات والتقاليد
الزواج
يمتاز الزواج بين غجر فلسطين بكونه زواجاً مدبراً أي أن اختيار الوالدين لشريك أو شريكة الحياة هو أساس الزواج، وغالباً ما يتم تزويج الشبان في سن مبكرة (17 عاماً)، وتزويج الفتيات في سن أقل من ذلك. قديماً كانت والدة العريس تقود احتفالات الزواج خلال سبعة أيام يطلق عليها اصطلاحا “أسبوع الفرح”، وكانت تقدم خلالها الحلويات والمشروبات بالإضافة إلى طبخ اللحم واللبن والأرز، أما حديثاً فلم تعد طقوس الزواج تدوم لأكثر من يومين؛ ليلة الحناء، وليلة العرس.
وعلى الرغم من طابع الابتهاج والصخب الذي يتسم الأعراس، إلا أن الكثير من الأغاني الخاصة بهم حزينة، وتعبر عن الحالة النفسية للعروس التي لا تتوقف عن البكاء في معظم أيام الاحتفال بزفافها لأنها سوف تنتقل من نمط حياة إلى نمط حياة آخر.
الزّي الغجري التقليدي
يعرف “الروم” بحبهم للألوان الصاخبة كالأحمر والأصفر والأخضر، والذهبي بصورة خاصة. ولذلك، فإن لباسهم التقليدي يتكون من هذه الألوان أو من بعضها. ولباس النساء الغجريات محتشم بصورة عامة، ويتكون عادة من تنانير فضفاضة، أو فساتين طويلة غالباً ما تكون مزركشة بالتطريز الغجري الخاص ذي الألوان المتعددة. وعندما دخل الغجر فلسطين، وامتزجوا مع الأعراق الأخرى في البلاد أصبح طراز ملابسهم خليطا بين الزي الغجري التقليدي واللباس التراثي الفلسطيني، إذ انتقوا الأثواب الفلسطينية التقليدية ذات الألوان الصاخبة كالبرتقالي والأصفر والأحمر.
المواسم الخاصة
ويوجد للرّوم مواسم خاصة للاحتفال، لعل أهمها “موسم الأموات” أو “موسم الربيع” والذي يحتفلون به في الجمعة الثانية من شهر نيسان/ابريل، ويسمى أيضا “خميس الأموات”، حيث يتم خلال هذا اليوم توزيع البيض الملون والزلابية على الأقارب والجيران، احتفالا بحياة جديدة من خلال تكريم الأموات.