مقالات
من هم الأيزيديون؟/ إعداد:د.حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي
من هم الأيزيديون؟
يخلط البعض بين اليزيديين أي من ينتمون الى الإيزيدية .. وبين الزيديين الذين ينتمون الى الزيدية
(((وبينما الزيدية طائفة دينية إسلامية تتفرع من الشيعة وهي اقلية معظم افرادها يقطنون اليمن وتسمى كذلك بالهادوية نسبة للإمام الهادي الى الحق يحيى بن الحسين))).
فإن اليزيدية او الايزيدية، فهي مجموعة دينية تقيم في الشرق الأوسط ويعيش معظم اتباعها قرب مدينة الموصل ومنطقة سنجار في العراق وعددهم نحو 750 الف نسمة في العراق لوحدة. بينما يقدر عددهم في العالم 2.5 مليون نسمة.
ومنها مجموعات أصغر تنتشر في تركيا وسوريا وايران وجورجيا وأرمينيا. وهي مجموعة تنتمي عرقيا الى الاكراد وازياء افرادها شبيهة بالأزياء العربية.
يتحدث الايزديون اللغة الكردية وهي لغة الأم ولكنهم يتحدثون العربية أيضا، خصوصا ايزيدية بعشيقة قرب الموصل. صلواتهم وأدعيتهم والطقوس والكتب الدينية كلها باللغة الكردية، وقبلتهم هي لالش حيث الضريح المقدس للشيخ أدي، في شمال العراق ويعتبر الأمير تحسين بك من كبار شخصيات الديانة الايزيدية في العراق والعالم.
معتقداتهم ورموزهم الدينية تختلف عن الديانات السماوية الثلاث، فهم يعتبرون الله ربهم ولكنهم يؤمنون بأن الملك على الأرض هو الطاووس الذي يعتقدون بأنه يحكم الأرض بمعية سبعة ملائكة خاضعة للرب الأعلى.
الماء والنار والتراب والهواء تعتبر رموزا مقدسة في الديانة الإيزيدية أيضاً وتمثل هذه الرموز حياة مستقلة بحد ذاتها. ومن ابرز طقوسهم الدينية: هو الدعاء، وهو لثلاث فترات، مع شروق الشمس وغروبها، يدعو فيه الإيزيديون بالخير والسلام للبشرية جمعاء عامة ومن ثم لهم.
والإيزيدية كديانة لها فكرها ومسلكها الخاص في أداء طقس الصلاة “الدعاء” لخالق الكون الله يسمونه بلغتهم الاريية القديمة “خودى” أو “ئيزدان”، وتتجلى في عدد من الأدعية والنصوص بعضها تختص بطلوع الشمس مع الفجر، فالظهيرة ومن ثم الغروب، وبعضها الآخر تختص ببعض المناسبات الدينية كالأعياد مثلاً، أو أدعية أخرى تتلى على المريض، وأخرى تقترن بحدوث الفيضانات والكوارث، ومنها ما تختص بظاهرة كسوف الشمس وخسوف القمر وهكذا.
كتبهم المقدسة هي مصحف رش او الكتاب الأسود، وكذلك كتاب الجلوة لـ عدي بن مسافر. واما الأماكن والمواقع المقدسة لديهم فهي وادي لالش في العراق للحج.
يصوم الايزديون في السنة أكثر من مرة. والايزدي مدعو للصيام طول السنة فهو يمكن ان يصوم متى ما شاء وهذا الصيام يكون خاصا يرتبط برغبة الشخص، ولكن هناك صوم عام يسمى صوم “ايزي” (ئيزي) اي صيام الله لمدة ثلاثة أيام، يصادف غالبا في شهر كانون الأول/ديسمبر الميلادي لان الايزديين يتبعون التقويم الشرقي القديم وفي هذه الايام الثلاث يصوم الإيزدي عن كل ملذات الدنيا وفي اليوم الرابع بعد الصيام يصادف العيد المسمى “رۆژيێت ئيزي”.
القبلة لدى الايزيديين هي الشمس باعتبارها اعظم ما خلقه الله ويعتبرون التناسخ وسيلة للتكفير عن الذنوب ويحرصون على تعميد المولود الجديد، واحتفالهم يصادق يوم الأربعاء الأول من شهر نيسان /ابريل من كل عام.
التوحيد لدى الايزيديين يعتبر من اهم الاسس الثابتة في فلسفة الدين الأيزدي لذا فالايزديون لا يعتقدون بوجود الأرواح الشريرة والعفاريت والشياطين والابالسة لأنهم يعتقدون أن الإقرار بوجود قوى أخرى تسير الإنسان يعني الثانوية وتبرير لما يقوم به البشر من افعال.
لذا الإنسان في العقيدة الايزدية يمثل المسؤول عما يفعله وليس الجن أو الأرواح الشريرة. وان الله هو كله خير اما الشر فيأتي أيضا نتيجة لأفعال البشر لذا الصراع بين الخير والشر هو في الأساس صراع بين النفس والعقل فاذا انتصر العقل على النفس نال الإنسان خيرا.
لعل أشهر ما شاع عن أسرار الأيزيدية بين أهل العراق وأهل غرب الشام هو أنهم يقتلون خصومهم سرا خنقا، لذا سماهم البعض الخناقون، لكن هذا بعيد تمام البعد عن الحقيقة، وإنما شاع ما شاع عنهم لأنهم يمارسون طقوس عبادتهم في مكان واحد وحيد بعيدا عن عيون الناس من أتباع الديانات الأخرى، وبعيدا عن فضول وسائل الإعلام. فوق ذلك، فإن ديانتهم غير تبشيرية، أي أنّ الأيزيدي يكتسب ديانته بالولادة. كما أن الأيزيدية لا تمتلك كتابا يوثّق أحكامها وتأملاتها وأفكارها الميتافيزيقة.
رحلة البحث عن السلام
يقول مؤرخون إن اليزيديين يمثلون الشعب الكردي الأول الذي عاش قبل حوالي 4 آلاف عام، فيما يعرف بشمال غرب إيران حاليا. ما يعني أن تاريخهم يتداخل من الناحيتين الثقافية والسياسية مع تاريخ الأكراد.
وعلى الرغم من ثراء ثقافتهم، إلا أنهم لم ينعموا بالعيش في سلام على أراضي أجدادهم. فعلى مدى الـ700 عام الماضية، تعرض آلاف اليزيديين إلى القتل، وأجبروا على ترك أراضيهم والتخلي عن ثقافتهم.
وخلال فترة الحكم العثماني تعرض الأزيديون لتمييز ديني، ما جعل البعض منهم يهرب إلى المناطق الجبلية.
وأجبرت السلطات العثمانية مجموعات منهم في ملاحقة بني جلدتهم لأعالي الجبال. ومحاولة إبادة أفرادهم والقضاء على من تبقى من اليزيديين المتهمين بـ”الردة”.
كما أن الغزو المغولي في القرن الثالث عشر، جلب نصيبه من الرعب والبؤس. فقد قام الغزاة بقتل اليزيدين الذين أظهروا أقل مؤشر على المقاومة والمعارضة.
وفي العصر الحديث عاش الأزيديون رعبا آخر، فهجروا إلى مدينة الموصل شمالي العراق في ظل حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وأجبروا على تسجيل أنفسهم كعرب. بالإضافة إلى ممارسات أخرى تسببت برفع نسبة الأمية والفقر.
وبعد الغزو الأميركي على العراق، وسقوط نظام صدام حسين، وجد اليزيديون فسحة أمل ببناء عراق جديد وتطوير كردستان. واستطاعوا انتزاع الاعتراف بهويتهم وثقافتهم إلى حين.
ولم تطل فترة السلام التي نعم بها اليزيديون، حتى أعاد عام 2007 لهم ذكريات التهجير والقتل فيما سمي بـ”مذبحة اليزيدين”، حين قتل المئات على يد جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة.
كسر للتابو بإقرار حق الوجود
حكومة إقليم كردستان العراق، كسرت التابو المفروض على هذه الديانة، حين أقرّت رسميا حق هذه الديانة في الوجود وعيّنت مديرا عاما لشؤونها في وزارة أوقاف الإقليم بأربيل عاصمة الإقليم.
يعمل أغلب السكان البالغ عددهم 12 ألف نسمة في دهوك أو في المدن القريبة منه.
يختن الأيزيدية أبناءهم الذكور كما يفعل المسلمون واليهود، ولا تستوجب المناسبة حضور رجل دين، كما أنّ يوم الأربعاء مخصص لعبادتهم لأنه في عقيدتهم يوم خلق الكون، وهو يستوجب أن يعطّل الناس أشغالهم، لكن هذا ليس بالأمر الحتمي.
يتبع الأيزيدية طريقة طريفة غير معلنة لتمييز أصدقاءهم الحقيقيين عمن يكفّرونهم، فهم يقدمون للضيف طعاما طبخوه بأنفسهم، فاذا أكل الضيف من هذا الطعام، فهو صديق صدوق لهم، وإن لم يفعل، فهو ممن يكفرونهم ويرون طعامهم حراما
أما موقف الديانة الأيزيدية من الخمور. فالخمرة محرّمة، لكن من شاء أن يشربها، فذنبه على جنبه، سيحاسبه الرب على مافعل، أما الناس فلا يتدخلون في علاقته بربه، من هنا لا أحد يمنع بيع المشروبات الكحولية.