مقالات

أولياء عهد البيوت. بقلم صديق بن صالح فارسي

اولياء عهد البيوت / الجزء الثاني ٠٢/ ١٠
بِسْم imageالله والصلاة والسلام على رسول الله.
إخواني وأبنائي وأهل محبتي.
١٦ / ٠٤ /١٤٣٧ هـ

وليّ العهد والأخت الكبرى أو الأخ الأكبر.

الأخت الكبرى أو أحياناً قد يكون الأخ الأكبر والذي قد لا يبدي حماساً كبيراً في القيام بمسؤوليات ولاية العهد في البيت وذلك لسبب أو لآخر مهما كان ذلك السبب سواءً لطبيعته الجسمية او النفسية او الصحية والتي احياناً قد لا تساعده على تلك المهمة.
وخاصة إذا كان فارق السن بينهما كبير نوعاً ما.

على ولي العهد أن يدرك العامل النفسي لكل من الأخت الكبرى أو الأخ الأكبر الذين يعتبران أن دور ولاية العهد في البيت هي من حقهم بالفطرة وحسب الترتيب المنطقي لأفراد الأسرة.

ولكن الترتيب الفعلي لسبب او لآخر فرض عليهم التراجع إلى الصف الخلفي ليتحولوا إلى وليّ وليّ العهد.
وهنا تحولت مسؤولياتهم من ولاية العهد وإستلام زمام الأمور إلى دور شد عضد وليّ العهد الذي شآءت حكمة الله تعالى أن يكونوا لها.

وتبدأ الحكاية منذ الطفولة عندما تكون الأخت الكبرى أو الأخ الأكبر هم محور الإهتمام وهم من يتهيأوا من قبل الوالدين للقيام بواجبات ولي العهد من رعاية وحماية وحرص ومتابعة للبيت وللإخوة والأخوات الأصغر سناً مع ما يرافق ذلك من تحفيز من الوالدين لهم للقيام بذلك وتشجيعهم عليه.

وفجأة وبعد أن يتقدم بهم العمر تجد الأخت أو الأخ ذلك الأصغر سناً منهم والذين كانوا يرعونه ويهتمون به ويخافون عليه بل ربما كانوا يعاقبونه ويضربونه إذا لزم الأمر.

يرونه قد إمتطى صهوة المسؤولية وأخد بزمام الأمر وبدأ يمارس دوره في قيادة وإدارة دفة الأمور في البيت بل ويتوجب عليهم تقديم واجب السمع والطاعة له فيما يقول وينهى ويأمر.

والأمر الذي قد يزيد من حساسية الموقف ربما يكون إندفاعه وحماسه مع قلة خبرته العمرية كشاب مبتديء.

أقول قلة خبرته في النفسيات وأهمية مراعاة الجانب النفسي في التعاملات الإنسانية.

أضف إلى ذلك لو قدر أن كان البيت في ظروف صعبة سواءً مادية او اجتماعية تستلزم منه بذل المزيد من الحماس للأخذ بأسباب الإصلاح والتعديل لمجريات الأمور في البيت.

مما يضطره بخبرته البسيطة وإندفاعه وحماسه الشبابي وغيرته على البيت ورغبته في التحسين من ظروفهم المعيشية الى اتخاذ سلوك اكثر صرامة وحزم وفي بعض الأحيان قد تصل إلى الشدة والغلطة.

وهو ما قد لا يتحمله الإخوة الأكبر سناً وخصوصاً إذا كانوا على درجة من عدم التثقيف والوعي والإدراك لأهمية القائد في البيت وضرورة التعاون معه في دفع العجلة لا الوقوف عكسها.
مع أهمية إنكار الذات في مثل هذه المواقف وعدم التشبث بالزعامة على حساب النتائج التي في النهاية تصب في مصلحة البيت وعلى الجميع.
مما يجعل حب الذات يتحول الى حب الذوات ( أي جميع أفراد البيت).

من هنا قد ينشأ ما يسمى صراع الأجيال.
وخصوصاً عند غياب دور القدوة من الوالدين أو أحدهما وذلك لأي سبب من الأسباب.

سواءً عدم فاعليته وقدرته على التربية والتوجيه.
أو العجز والمرض او الغياب عن البيت.
أو لأية ظروف أخرى.

ومما يزيد من حجم المشكلة فيما إذا أفتقدت الأسرة الى البيئة الإجتماعية الواعية السليمة في حياتها ومنهجها.
والتي تعوض فقدان دور الوالدين.

مثل أن يكون هناك لديهم من الأعمام والعمات والأخوال والخالات وكذلك ربما الأرحام وأصدقاء العائلة ممن هم على خلق ودين كل أولئك قد يكون لهم دور في رعاية الأجيال في حالة غياب الوالدين أو حتى مع وجودهم.

لذلك من المهم جداً أن تكون العائلات والبيئة المحيطة بالأسرة من الواعين والمثقفين والذين لديهم الدراية والمعرفة بأساليب الإحترام والتقدير الذي يجب أن يسود الجو الأُسَري لضمان منع ظاهرة صراع الأجيال التي قد تنشأ بسبب ظروف نمو الأسرة وتعدد أفرادها وإنتقالهم فيها من جيل الى جيل.

ومن القصص السلبية في صراع الأجيال مابين أولياء العهد وبين الأخت الكبرى.
والتي حصلت في ظروف مشابهة لما ذكرناه آنفاً.
هو تلك الأخت التي كانت بصفتها الكبرى لأخوانها وأخواتها تتمتع بسلطات وصلاحيات واسعة وسط غياب دور الوالدين بسبب حالة سوء التفاهم الدائم بينهما.

وعندما كبر إخوتها وكوضع طبيعي في إستلام زمام الأمور من قبل الإخوة الرجال الأقل منها سناً بعد أن أصبحوا قادرين على ذلك.

لم تكن قادرة على تحمل هذا التغيير والتسليم لهم لمسؤولية القيادة بسهولة.

بل إتخذت منهم موقف مضاد كنتيجة لإثبات الذات والتمسك بدورها القيادي الذي لم تستطع التخلي عنه.
وكردة فعل عكسية لخروج الأمور عن سيطرتها.

فقد حصل منها والعياذ بالله تعالى مالا تحمد عقباه.
فقد تسببت في خراب بيوت إخوتها وشردت من شردت من أسرهم وأبناءهم وسعت بينهم بالتدخل في شؤونهم طولاً وعرضاً في سبيل إثبات وجودها ودورها القيادي بينهم الذي لم تستطيع التخلي عنه.

وهناك الكثير من القصص وان اختلفت في اشكالها إلا أنها تشابهت في الأسباب والنتائج.

ومن ناحية أخرى تجدر الإشارة الى أن هناك حدود ومعالم ينبغي ان تكون واضحة ومحددة بين ولي العهد والأخوة الأكبر منه سناً يتم الإتفاق عليها بينهم والتفاهم على تفاصيلها حسب ظروف كل بيت وحسب الحاجات والمتطلبات لها والتي ينبغي على الجميع العمل على إنجاحها كهدف مشترك بينهم.

قد يكون للإجتماع الأُسَري في جو من الإحترام والتقدير لمناقشة الأمور وطلب الإقتراحات والتشاور فيما بينهم بصورة دورية مع ضرورة الإتفاق على تسليم زمام القيادة لولي العهد للبيت وتقديم النصح له ومساعدته في الإنجاز له دور إيجابي في التغلب على صراع الأجيال.

ليس بالضرورة ان يكون ولي العهد معصوم من الأخطاء فهو في النهاية بشر يصيب ويخطىء.
ومن الممكن ان نختلف معه على اي امر كان
ولكن يجب الا نتخالف عنه او نخذله.

يجب ان يفرق الجميع مابين المسؤولية في القيادة وبين حق التقدير والإحترام للكبير والصغير وفيما بينهم.

يجب الا يحمل اي سوء فهم او خطأ او تصرف غير لائق على انه كسر للعلاقة الأسرية قد يصل الى القطيعة لا سمح الله تعالى.

هناك الكثير من النماذج التي نجحت في تسليم القيادة لولي العهد من الإخوة والأخوات الأكبر منه سناً.
وجنوا من ورائها الخير الكثير والبركة في الأعمار والأعمال والحمد لله رب العالمين.
عندها أدرك حكيم الزمان الآذان.
فأمسك عن الإفصاح والتبيان.
وإلى اللقاء القادم رعاكم الله تعالى. ?
صديق بن صالح فارسي.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق