اقلام حرة

الثَّقافة الجنسيَّة بقلم /. كمال حسين

من مظاهر تربيتنا الخاطئة للأطفال ردود فعلنا عندما نُفاجأُ أحيانًا بسؤالٍ بريءٍ من طفلٍ كلُّهُ براءة , عن موضوعٍ نعتبره – خطأً – بمثابة “طابو ” لا يجوز الخوض فيه , كأنْ يكون لهذا السُّؤال علاقةٌ بالجنس أوِ الأعضاء التَّناسليَّة , أو كيف جئتُ إلى الحياة ؟ أو أيِّ أمرٍ آخر .
التَّعامل الخاطئُ مع هذا النَّوع من الأسئلة من جانب الوالدين ينبع عادةً إمَّا من الحرج التّامّ أوِ الجهلِ التّامّ . وفي كلتا الحالتَيْن يلجأ الوالد أوِ الوالدة إلى المداورة أوِ الإهمال أرِ الكذب أوِ الرَّدْع : عيب ! ممنوع ! حرام ! سيعاقبك اللّه ! سيحرقك بالنّار ! أوِ العقاب باعتبار أنَّ هذا النَّوع من الأسئلة لا يصلح طرحه .
جميع هذه الأساليب مرفوضة رفضًا باتًّا , ونتائجها مُدَمِّرِةٌ على بناء شخصيَّة الطِّفل : الخوف من طرح الأسئلة , عدم الثِّقة بالنَّفس , قتل حبِّ الاستطلاع , قتل الطُّموح … الخ .
الثقافة الجنسيَّة الّتي تُعْطى للأبناء بجُرُعاتٍ تتناسب وسنّ الواحد تحتاج إلى والدٍ ووالدةٍ مُتَنَوِّرَيْنِ مستنيرَيْن مُتَعًلِّمَيْن عارِفَيْن بما يجب أنْ يُقال في مثل هذه المواقف , وبذلك يضمنان نشوء ابنهما وابنتهما نشأةً سويَّةً تجعلهما يدركان ما ينتظرهما في كلِّ نقلةٍ لهما في هذا العالم .
التَّعامل الخاطئ مع هذا الموضوع سيؤدّي إلى شرِّ غاية.
مع الزَّمن تزداد الرَّغبة في المعرفة من جهةٍ ويزداد الخوف من البحث عنها من جهةٍ أخرى , وهو ما يُسَمَّى ” الجُبْن ” . أنْ يكون الإنسان جبانًا يعني أنْ يكون مهزوز الشَّخْصيَّةِ انطوائيًّا . ومع ازدياد الرَّغبة في المعرفة – كلُّ ممنوعٍ مرغوب – وسيطرةِ الانطوائيَّة , وكثرةِ التّناقضات , قد تتفاقم الأزمة النَّقسيَّة عند الابن حدَّ التَّعقيد , ولا يدري أيَ السُّبُل يسلك , فتودي به هذه الضّبابيَّة وعدم الوضوح إلى سلوكيّاتٍ تختلف من شخصٍ لآخرَ : قد يصل الحدُّ إلى الخوف من الجنس الآخر والعزوف عن الزَّواج , أو الانحراف عن سواء السّبيل وسلوك سُبُلِ الشّرِّ والعُنْف , وقد يجد مُتَنَفَّسًا لنفسه بالإفراط في مشاهدة الأفلام الإباحيِّة الّتي أصبحت في متناولِ كلِّ يد , وربَّما وجد مُتَنَفَّسًا في التَّطَرُّفِ الدينيِّ أوِ الانحراف التّامّ وعدم الإيمان بشيء . وإذا ما قُدِّرَ له أنْ يصل برَّ الأمان فتزوَّجَ وأقام أُسرةً فلا بُدَّ للتَّربيةِ الخاطئة الّتي زُرِعَتْ في أعماقه أنْ تنعكسَ في سلوكيَّاته .
المعرفة هي السِّلاح لأنَّها حياةٌ في النّور !
الجهلُ بالشيء يودي بصاحبه إلى السُّقوط دون أنْ يدري !

مقالات ذات صلة

إغلاق