اقلام حرة

بسمة طفل مسلوبة .. بقلم: تمارا حداد.

مثل بقيّة أطفال العالم يَنْشُد أطفال فلسطين الاستمتاع بطفولتهم، غايتهم اللّعب والرّسم بألوان البراءة، أملهم السّموّ فوق القمم والطّيران بين جنان الأزهار، والتّغريد بصوت جميل… أرواحهم بريئة، قلوبهم طاهرة، يأملون العيش بحريّة ولكنّ وجود الاحتلال الإسرائيلي على أرضهم يسرق البسمة من على وجوههم، ويخطفهم من بين أحضان أهاليهم ليعتقلهم خلف قضبان السّجون الفاشيّة. تبدأ رحلة عذاب الأطفال الفلسطينيّين باقتحام جنود الكيان الصّهيونيّ بيوتهم، فيتمّ اعتقالهم وتعصيب عيونهم وتقييد أيديهم بقيود بلاستيكيّة، ولا غرابة أن يتمّ بطحهم على الأرض ودهسهم بالأحذية العسكريّة القاسية حتّى ينزفوا فتغرق وجوههم في الدّماء، ولا يخلو الاعتقال من التلفّظ بالكلام النّابي والشّتم والسّباب ومن ثمّ يُنقل المعتقلون إلى البوسطة مرفقين بالكلاب التي تعمل على إرهابهم. وتمتدّ معاناتهم أثناء رحلة البوسطة عدّة ساعات يقيّدون على امتدادها إلى كراسي حديديّة مدبّبة بالغة البرودة، فتكون الرّحلة عبارة عن عذاب متواصل ما بين الشّعور بالاختناق والآلام الشّديدة في الأقدام والمفاصل. وما إن تنتهي رحلة البوسطة حتّى يبدأ مشوار قاس في مراكز التّحقيق التي لا تمثّل إلاّ غرفًا لتعذيب الأشبال الذين يتعرّضون إلى الاستجواب والتّعذيب المتواصليْن، فلا يتوانى المحقّقون الصّهاينة عن ضرب الأطفال وشتمهم وإجبارهم على الاعتراف بارتكاب أعمال لم يقوموا بها، وقد أفاد عدد من الأطفال الأسرى عن تعرّضهم أثناء التّحقيق إلى أساليب تعذيب وحشيّة مثل تعريضهم إلى الصّعقات الكهربائيّة والكيّ بالسّجائر وإجبارهم على شرب بول المحقّقين. وبعد التّحقيق يُزجّ الأطفال المعتقلون داخل زنازين انفراديّة بلا طعام أوشراب، زنازين تغزوها الحشرات المسبّبة للأمراض، زنازين لا يصلها نور الشّمس فلا شبابيك ولا تهوية، وحدها مياه الأمطار تؤنس وحدة الأطفال المعتقلين فتُبلّل الفُرُش الرّديئة وتزيد من معاناتهم، ويتعرّض الأطفال الأسرى إلى جملة من الضّغوطات النّفسيّة ترفع من حالة القلق والتّوتّر والانطوائيّة وتزيد حالة التّبوّل اللّيليّ ناهيك عن الغرامات الباهظة التي تُفرض عليهم. ولأنّنا إزاء ممارسات تُنتهك فيها كلّ القوانين والأعراف فإنّ الصّهاينة لا يتورّعون عن استهداف الأطفال الجرحى فيتركونهم ينزفون حتّى الموت دون علاج، ويضعونهم على أسرّة المستشفيات مكبّلي الأيدي والأرجل، ولا شكّ أنّ تلك الممارسات الوحشيّة التي تترجم عنصرية الاحتلال الدّاعمة للتّمييز العرقي تكشف عن حجم ما تتعرّض إليه الطّفولة في فلسطين من ممارسات ضدّ الإنسانيّة يشيح العالم بوجهه عنها، فقيام الاحتلال الصّهيونيّ بتلك الأساليب القمعيّة يخالف المادّة 16 من اتّفاقية حقوق الطفل التي تنصّ على أنّه “لا يجوز أن يجري أيّ تعرّض تعسّفيّ أو غير قانوني للطّفل في حياته أو أسرته أو منزله ولا أيّ مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته.” فأين المسؤولية القانونية لتنفيذ القرارات المصفوفة في ميثاق الأمم المتحدة؟ وأين التعاون الدولي لحماية أطفال فلسطين؟ يجب أن تكون هناك حماية لأطفال فلسطين من خلال الحركات العالمية للدفاع عن الأطفال، فاعتقال الأطفال وتعذيبهم لا بدّ أن يستعمل كشهادة دولية أمام المحاكم الدولية ليكون ضاغطا على الاحتلال للكفّ عن أساليبه القمعيّة، فحماية أطفال فلسطين مسؤولية الجميع لأنّهم الجرح النازف لفلسطين

مقالات ذات صلة

إغلاق