مقالات

التربية للأبناء بين الماضي والمستقبل” حوار حول تحديات وآفاق تربية الاجيال الجديدة مع الدكتور أحمد الثقفي

حوار/ د. وسيلة محمود الحلبي

أود بدايةً أن أعرب عن خالص امتناني للدكتور أحمد بن عبدالغني الثقفي، الذي تكرم بقبول دعوتنا لهذا اللقاء الحواري المهم حول موضوع التربية للأبناء بين الماضي والمستقبل. الدكتور أحمد هو شخصية علمية مرموقة لها بصمة واضحة في مجالات التعليم والإعلام، حيث يجمع بين عمق الفهم النظري والخبرة العملية. عمله المتميز في العلاقات الدولية والإعلام أكسبه سمعة طيبة بين زملائه وتلاميذه. يتميز الدكتور أحمد بشخصية هادئة ومتواضعة، ولديه رؤية ثاقبة للأمور، ما يجعله دائمًا في مقدمة المتحدثين عن الموضوعات الهامة التي تلامس حياة المجتمع.

قال الدكتور أحمد الثقفي :
أشكر الدكتورة وسيلة الحلبي على كلماتها الطيبة والمشجعة، ويسرني أن أشارك في هذا اللقاء الحواري حول موضوع حيوي كهذا. الدكتورة وسيلة إعلامية مميزة، تمتاز بحس وطني عميق، ودائمًا ما تسلط الضوء على القضايا التي تستحق النقاش وتسهم في تطوير المجتمع. يشرفني أن أكون جزءًا من هذا الحوار، خاصة عندما أكون أمام إعلامية متألقة مثل الدكتورة وسيلة، التي تتمتع بفكر واسع وثقافة غنية.

بداية الحوار

دكتور أحمد، كيف ترى مفهوم التربية بين الماضي والمستقبل؟ هل تعتقد أن هناك فرقًا جوهريًا بين أساليب التربية في الزمنين؟

قال الدكتور أحمد الثقفي:
بالتأكيد، هناك فرق كبير بين التربية في الماضي والمستقبل. في الماضي، كانت التربية تعتمد على القيم التقليدية والأسرية، حيث كانت الأسرة تلعب الدور الأكبر في نقل القيم والمعارف. كان التركيز على الاحترام، الطاعة، والانضباط، بينما في المستقبل، تغيرت متطلبات التربية بسبب التحولات الاجتماعية والتكنولوجية. أصبح الأطفال أكثر تعرضًا لتأثيرات التكنولوجيا، مما جعل من الضروري أن تواكب التربية هذه التغيرات لتقديم توجيهات مناسبة في هذا العصر الرقمي.

هل تعتقد أن التكنولوجيا أثرت بشكل إيجابي أو سلبي على طرق التربية الحديثة؟

قال الدكتور أحمد الثقفي:
التكنولوجيا لها تأثير مزدوج، فهي سلاح ذو حدين. من جهة، وفرت التكنولوجيا مصادر هائلة من المعرفة ووسائل تعليمية مبتكرة يمكن أن تسهم في تحسين التربية. كما أتاحت الفرصة للأطفال لتوسيع آفاقهم والتعلم بطرق تفاعلية. لكن من الجهة الأخرى، الإفراط في استخدام التكنولوجيا قد يؤدي إلى عزلة الأطفال عن أسرهم ومجتمعهم، وقد يكون له آثار سلبية على تطورهم الاجتماعي والعاطفي. لذا يجب على الآباء أن يوازنوا بين الاستفادة من التكنولوجيا والتحكم في استخدامها لضمان ألا تؤثر سلبًا على نمو أبنائهم.

د. أحمد كيف يمكن للآباء أن يتعاملوا مع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على أبنائهم، خاصة مع انتشارها الكبير؟

قال :
وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الأطفال والمراهقين، ومن المهم أن يكون الآباء حذرين في التعامل معها. عليهم أن يلعبوا دورًا توجيهيًا من خلال مراقبة استخدام الأبناء لهذه المنصات، وتعليمهم كيفية التعامل معها بوعي ومسؤولية. يجب تعزيز مفهوم الخصوصية، وتنمية مهارات النقد والتفكير لدى الأبناء للتفريق بين المعلومات الصحيحة والمضللة. الأهم هو خلق حوار مفتوح بين الآباء والأبناء حول مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي وأهميتها، بما يضمن تعزيز الثقة بين الطرفين.

وماذا عن القيم الأسرية؟ هل تعتقد أن القيم التقليدية لا تزال تحمل نفس الأهمية في تربية الأبناء في المستقبل؟

قال الدكتور أحمد :
إن القيم الأسرية كانت وستظل دائمًا أحد الأعمدة الأساسية للتربية. القيم مثل الاحترام، التعاون، الصدق، والانتماء ما زالت تحتفظ بأهميتها في أي زمن. لكن التحدي في المستقبل يكمن في كيفية تعزيز هذه القيم في ظل التغيرات السريعة. يجب على الآباء أن يكونوا قدوة في تجسيد هذه القيم، وأن يكونوا مرنين في تطبيقها بما يتناسب مع الواقع الجديد. القيم يمكن أن تتكيف مع الزمن دون أن تفقد جوهرها، وهذا ما يجب أن يسعى الآباء لتقديمه لأبنائهم.

وكيف ترى دور التعليم في عملية التربية؟ هل يمكن أن يكمل النظام التعليمي دور الأسرة في تربية الأبناء؟

اجاب دكتور أحمد الثقفي:
التعليم يلعب دورًا محوريًا في عملية التربية، لكنه لا يمكن أن يحل محل الأسرة. المدارس والجامعات توفر بيئة تعليمية تساعد في تشكيل شخصية الأبناء وتزويدهم بالمعرفة والمهارات، لكنها تعمل جنبًا إلى جنب مع الأسرة. التربية تبدأ من المنزل، والمدرسة تأتي لتعزز ما يتعلمه الأطفال في بيئتهم الأسرية. لذا، يجب أن يكون هناك تعاون وتكامل بين المؤسسات التعليمية والأسرة لتحقيق أفضل نتائج في تربية الأبناء.

د. أحمد ما هو التحدي الأكبر الذي يواجه الآباء في تربية أبنائهم في المستقبل؟

قال الدكتور أحمد الثقفي:
أعتقد أن التحدي الأكبر هو التكيف مع التغيرات السريعة التي يشهدها العالم. نحن نعيش في عصر يتسم بالتطور التكنولوجي والتغيرات الاجتماعية المتسارعة، وهذا يضع الآباء أمام تحدٍ في كيفية مواكبة هذه التحولات وتقديم توجيهات لأبنائهم. من الضروري أن يكون الآباء مرنين ومنفتحين على التغيير، وأن يسعوا لاكتساب مهارات جديدة تمكنهم من تقديم الدعم والتوجيه اللازمين لأبنائهم في هذا العالم المتغير.

وكيف يمكن للآباء تعزيز الثقة والاستقلالية لدى أبنائهم في المستقبل؟

قال :
الثقة والاستقلالية هما من أهم المهارات التي يجب أن يطورها الآباء في أبنائهم. يمكن تعزيز هذه القيم من خلال إعطاء الأبناء الفرصة لاتخاذ القرارات بأنفسهم وتحمل المسؤولية عن أفعالهم. على الآباء أن يثقوا بأبنائهم ويوفروا لهم الدعم اللازم، دون أن يتدخلوا في كل التفاصيل الصغيرة. الأهم هو خلق بيئة منفتحة للحوار، حيث يشعر الأبناء بالقدرة على التعبير عن آرائهم وأفكارهم بحرية.

وكيف ترى مستقبل التربية في ظل التغيرات الاجتماعية والتكنولوجية التي يشهدها العالم؟

قال د. الثقفي:
مستقبل التربية يتطلب التفكير بطريقة مبتكرة ومستدامة. علينا أن ندرك أن العالم سيواصل التغير، وأن أبناءنا سيواجهون تحديات مختلفة عما واجهناه. لذلك، يجب أن تكون التربية مرنة وقادرة على التكيف مع هذه التحولات. التكنولوجيا ستظل جزءًا مهمًا من هذا المستقبل، لكنها لا يمكن أن تحل محل العلاقات الإنسانية الأساسية. علينا أن نعمل على تطوير مهارات التواصل، التفكير النقدي، وحل المشكلات لدى أبنائنا لتمكينهم من النجاح في المستقبل.

وفي ختام هذا الحوار،د. أحمد الثقفي ما هي النصائح التي تقدمها للآباء والأمهات فيما يتعلق بتربية أبنائهم في المستقبل؟

قال الدكتور أحمد الثقفي:
أنصح الآباء والأمهات بأن يكونوا مرنين، وأن يحرصوا على تعلم كل ما هو جديد في مجالات التربية والتعليم. عليهم أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم من خلال تجسيد القيم التي يرغبون في تعليمها. الحوار المستمر والتواصل المفتوح مع الأبناء هو الأساس لبناء علاقة صحية وداعمة. كما أن التوازن بين استخدام التكنولوجيا والحياة الواقعية يعد من الأمور الأساسية التي يجب الانتباه لها. تربية الأبناء في المستقبل تتطلب حبًا غير مشروط، دعمًا مستمرًا، وحرصًا على تطوير شخصياتهم بطريقة متكاملة.

*كلمة اخيرة د. أحمد ماذا تقول فيها ؟؟
أشكرك دكتورة وسيلة الحلبي على هذا الحوار البناء والشيق. لقد استمتعت بمناقشة هذا الموضوع الهام الذي يمس حياتنا جميعًا، وأتمنى أن تكون هذه الأفكار مفيدة لكل الآباء والأمهات. كما أشكر الصحيفة التي أتاحتنا هذه الفرصة للتحدث عن قضية حيوية مثل التربية للأبناء بين الماضي والمستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق