مقالات

قراءة في كتاب: القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (97)

بقلم: د. محمد طلال بدران - مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
* عالم الحيوان
يقول الكاتب الباحث الناقد موريس بوكاي تحت هذا العنوان الذي جاء في الصفحة رقم: (223): في القرآن عدة مسائل متعلقة بعالم الحيوان، وهي موضوع ملاحظات تتطلب أن نقوم بمقابلةٍ مع المعارف العلمية الحديثة فيما يتعلق بهذه النقاط الخاصة، هنا أيضًا نخاطر بأن نعطي عرضًا غير كاملٍ لما يحتويه القرآن بالنسبة لهذا الموضوع، ما لم تذكر عبارة كالتالية، حيث يشير الله إلى خلق بعض عناصر عالم الحيوان بهدف ان يجعل الناس يتأملون في نِعَمِ الله عليهم، ونقدم هذه العبارة أساسًا لإعطاء مثَلٍ عن الطريقة التي يذكر بها القرآن تكيّف الخلق الذي يتناغم مع احتياجات الإنسان، خاصة في حالة الفلاحين، حيث لا يشكل هذا المثل مادة لدراسة من نوعٍ آخر، وإليكم هذه الآيات: ﴿وَٱلۡأَنۡعَٰمَ خَلَقَهَاۖ لَكُمۡ فِيهَا دِفۡءٞ وَمَنَٰفِعُ وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ* وَلَكُمۡ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسۡرَحُونَ* وَتَحۡمِلُ أَثۡقَالَكُمۡ إِلَىٰ بَلَدٖ لَّمۡ تَكُونُواْ بَٰلِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ ٱلۡأَنفُسِۚ إِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ* وَٱلۡخَيۡلَ وَٱلۡبِغَالَ وَٱلۡحَمِيرَ لِتَرۡكَبُوهَا وَزِينَةٗۚ وَيَخۡلُقُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾ (النحل: 5-8) وإلى جانب هذه الاعتبارات ذات الطابع العام فالقرآن يعرض لبعض المعطيات عن موضوعات شديدة التنوع منها:
– التناسل في عالم الحيوان
– ذكر وجود الجماعات الحيوانية
– تأملات في النحل والعناكب والطيور
– مقولة عن أصل لبن الحيوان
أ- التناسل في عالم الحيوان
يذكر التناسل بشكلٍ شديد الإيجاز في الآيتين: ﴿وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ* مِن نُّطۡفَةٍ إِذَا تُمۡنَىٰ﴾ (النّجم: 45.46) الزوج عنصر التزاوج هو نفس التعبير الذي وجدناه في الآيات الخاصة بتناسل النباتات، الجنسان مدلول عليهما هنا، ولكن التفصيل الرائع يكمن في التحديد المُعطى عن الكم الضئيل من السائل اللازم للتناسل، وبما أن الكلمة الدالة على السائل المنوي مستخدمة فيما يخص الإنسان، فإن ذلك يتطلب التعليق عليه لأهمية هذه الملاحظة.
ب- وجود الجماعات الحيوانية
﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ (الأنعام: 38) يظهر من خلال هذه الآية عدة نقاط يجب تفسيرها، يبدو أن القرآن يذكر مصير الحيوانات بعد موتها بالنسبة لهذا المنطق فليس للإسلام أي مذهب فيما هو واضح… ويمكن تصوره باعتباره مصيرًا مطلقًا أو مصيرًا نسبيًا محدودًا ببنيات ونظامٍ وظيفيٍ تتحكم في طريقةٍ ما للسلوك، فالحيوان يستجيب لدوافع خارجية متنوعة، وهو يخضع وظيفيًا في ذلك لشروطٍ خاصة… وعنواننا الثالث (ج) “تأملات خاصة بالنحل والعناكب والطيور” سوف نبدأ به مقالتنا القادمة صبيحة الغد بمشيئة الله تعالى، فكونوا على موعدنا المتجدد بارك الله فيكم.
– مقالة رقم: (1689)
06. صَفَر. 1446 هـ
صباحكم طيب، ونهاركم سعيد
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق