مقالات

قراءة في كتاب: القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (52)

بقلم: د. محمد طلال بدران - مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى. وبعد:
نتناول في مقالتنا هذه العنوان التالي: (ظهور المسيح بعد قيامته) وجاء هذا العنوان في الصفحات: (125حتى 127) يقول الباحث الناقد بوكاي: ” كنا قد أعطينا سابقًا مثالا بارزًا على الخيال في الرؤية بالنسبة لإنجيل متّى، وذلك فيما يخص وصفه لظاواهر غير طبيعية قد صاحبت موت المسيح، والأحداث التي تلت قيامته والتي قد أعطت مادة لرواياتٍ متناقضة، بل غريبةً عند جميع المبشرين” ويعطي الأب روجي في كتابه: (مقدمة إلى الإنجيل) صفحة – 182- أمثلة على الاختلاط والفوضى والتناقضات التي تسود هذه الروايات فيقول: “لا تتطابق تمامًا الأناجيل الثلاثة المتوافقة قائمة النساء اللاتي أتَيْن إلى القبر، فليس هناك إلا امرأةً واحدة في إنجيل يوحنا وهي مريم المجدلية، ولكنها تتحدث بضمير الجماعة، كما لو كان لها رفيقات فهي تقول: “لا نعرف أين وضعوه”. أما في إنجيل متّى فملاك هو الذي يعلن للنساء أنهن سيرَين المسيح في الجليل، ولكن المسيح بعد لحظةٍ يقابلهن على مقربة من القبر، ولا شكّ أن لوقا قد شعر بهذه الصعوبة وعدّل قليلًا في مصدره، يقول الملاك: ” تذكرون كيف تحدث إليكن عندما كان بالجليل…” والواقع ان لوقا لا يشير إلى ظهور المسيح ثلاث مرّاتٍ بعد قيامته…” أما يوحنا فيقول: أنه ظهر مريتين على ثمانية أيامٍ بمجمع بيت القدس، ثم في المرّة الثالثة يظهر بالقرب من البُحيرة؛ -يصقد بحيرة طبريا- إذن بالجليل، وأما متّى فإنه يتحدّث عن مرّةٍ واحدةٍ لظهور المسيح بالجليل” ويستبعد المعلّق من هذه الدراسة خاتمة إنجيل مرقس، التي تتحدث عن ظهور المسيح، لأنه يعتقد انها قد كُتبت بقلمٍ آخر”.
– وكانت هذه الأمور تتناقض مع الإشارات إلى ظهور المسيح المحتواة في رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس(15.5.7) إذ يقول أنه قد ظهر لأكثر من (500) شخص في وقتٍ واحدٍ ولِجاك ولكل الحواريين دون أن ينسى نفسه…؛ -كورنثوس هي: -مدينة يونانية قديمة تقع في البرزخ الضيق الذي يربط بيلوبونيز بالبر الرئيسي لليونان. كانت كورنثوس واحدة من المدن الرئيسية في اليونان القديمة واشتهرت بتجارتها وثروتها وقوتها البحرية، وفي السياق الديني، يُشار إلى أهل كورنثوس في العهد الجديد من الكتاب المقدس، حيث كتب الرسول بولس رسالتين إليهم، تُعرفان بالرسالة الأولى والرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس، ضمن العهد الجديد-
– إنه لمن المثير للدهشة بعد ذلك أن يُندد الأب روجي في نفس هذا الكتاب “بالخوارق الطنانة والطفولية في بعض الأناجيل المزوّرة” فيما يتعلّق بقيامة المسيح، وهنا يضع هذا التساؤل الاستنكاري: ألا تصلح هذه الأوصاف بشكلٍ كاملٍ لمتّى وبولس نفسه الذي يتناقض تمامًا مع المبشرين الآخرين فيما يختص بظهور المسيح بعد قيامته؟.
– ويختم هذا الفصل بما أكده الأب روجي في كتابه، وفيما يتعلق بمرات ظهور المسيح، “إن هذا التفكك وهذا الغموض وهذا الاختلال يبعث على الثقة عنده” فجميع ذلك يثبت أن المبشرين؛ -كُتّاب الأناجيل- لم يتشاوروا فيما بينهم، وإلا أعوزهم أن يوفقوا بين ما كتبوه؛ ويعلق في الهامش السفلي على ذلك بقوله؛ نقصد بوكاي: ” لا نتصوّر كيف كان يمكن لبعض المبشرين أن يفعل ذلك؟. وهذا تفكير غريب فالواقع أنهم قد استطاعوا أيضًا أن يوردوا بإخلاص تام وعلى غير علم منهم، كل الأقوال الموروثة لطوائفهم وذلك في قوالب روائية، كيف ننتهي إلى إقامة هذا الفرض في مواجهة هذه الكثرة من التناقضات والأمور الغير معقولة في رواية الأحداث؟.. واما عنواننا التالي فهو: (صعود المسيح) والذي سوف نتناوله في مقالة الغد بمشيئة الله تعالى.
– مقالة رقم: (1644)
20. ذو الحجة. 1445 هـ
صباحكم طيب، ونهاركم سعيد
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق