مقالات

ملهِم النور في منبع الأنوار

بقلم : الدكتور عيسى صالح الحمادي مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج

أضاءت «اليونسكو» نوراً خالداً بتاج اللغات (المعجم التاريخي) الذي كان حلماً يراود الشارقة منبع الأنوار، حيث سعى في رعايته سعياً حاكم الشارقة الذي كان سباقاً مع الزمن في متابعته المخلصة، ودعمه اللغوي السخي للمعجم التاريخي، فسموّه رائد للعلم والثقافة وفارس العربية والحصن الحصين للسانها، جعل من الشارقة منبعاً للأنوار فحصدت سلسلة من الإنجازات في «اليونسكو» كان أبرزها أن توّجت الشارقة عاصمة عالمية للكتاب عام 2019م.

لو رجعنا إلى تاريخ الأنوار في بلاد الأنوار وسَأَلْنَا الملك «فرانسوا الأول» في القرن السادس الميلادي: لماذا أصدرت قراراً عام (1538م) بِتَبنِّي اللغة العربية كلغة أساسية للتّدريس في فرنسا؟ سنجد الإجابة عبر الزمن تمتدّ ليَنطق بها لسان «جاك لانغ» وزير الثقافة الفرنسي المعاصر في قوله: «من دون اللغة العربية لم نكن لنتعرَّف إلى عدد من الفلاسفة الإغريقيين، ولم تكن بعض العلوم والرياضيات لتصلنا، ولما تعرَّفنا إلى كتاب ألفِ ليلة وليلة»، لذا فإنّ العربية جزء من التّاريخ الثقافي والتعليمي في بلاد الأنوار، حيث كانتْ تدرس من الابتدائية إلى المرحلة الجامعية، أما روايةُ (حَيِّ بْنِ يَقْظَانَ) لابْنِ طُفَيْلِ -التي انتشرت في أوروبا- فتدور حول طفل يعيش في جزيرة مهجورة، ثم يبحث عن الحقيقة فيجد نفسه حيا مع الحضارة الإنسانية، وذلك عندما يلتقي ب«أَبْسَالَ» الذي جاء إلى الجزيرة ليعتزل الناس ويتأمل في الحياة والدين، فإذا كان لهذه الرواية نهضة وتأثير ٌكبير من الأدب العربي على الأدب الأوروبي، فكيف بإنجاز لغوي مداده سبعة أبحر من الزمن أُنْجِزَ خلالها إنجازٌ لغوي عظيم، هو المعجم التّاريخي الذي تحقّق بإيمان راسخ من حاكم الشارقة فقد تجلى في قوله:«إن حفظ اللغة هو حفظ لأبنائها، وحفظ لتاريخها المجيد، وحفْظ لآدابها وأصالتِها وهويّتِها»، فمنذ بَدْء تبَنِّي سموه للفكرة، ثم ترجمتها إلى واقع عملي ومنهجيّة علمية محكمة، وصولاً إلى التّتويج في قمة العالم التّعليمية والثقافية بالمنظّمة وإدراج المعجم التّاريخي للغة العربية رسمياً في مكتبة «اليونسكو».
شكراً لكم يا شارقة الأنوار، شكراً لكم يا صاحب السمو الوالد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فقد توّجتم العالم بتاج اللغات، فشكراً يزدان دوماً، ويبقى أبداً من كل فرد من أبناء العربية ومحبّيها في كل زمان ومكان، لقد ألهمتم أبناء العربية وعشاقها أنواراً خالدة من منبع الأنوار.. إنها الشارقة.. وبهذا الإنجاز سيبقى منبعها أنواراً مشرقة.. وفي بلاد الأنوار حروفاً بارقة.. 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق