مقالات

قراءة في كتاب القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (24)

بقلم: د. محمّد طلال بدران -مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلاميّة-

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
* العهد القديم (13)
نعاود من جديد الاستمررا في قراءتنا للكتاب الذي بين أيادينا ونستمر في هذه المقالة حديثنا حول: مواقف الكُتّاب المسيحيين تجاه الأخطاء العلمية في نصوص العهد القديم ودراستها النقدية.
– يقول بوكاي إن كثرة المديح التي يطلقها المعلقون المسيحيون على العهد القديم تدعو إلى كلامٍ كثير، وعلينا أن نُذكّر مرة أخرى أنها تُعلّق على حدث يستحيل الدفاع عن صحته على المستوى العالمي وفي العصر الذي تقع فيه التوراة، فمع تعليقٍ كتعايق الكاردينال (دانيلو) نعود وراء الى القرون الوسطى، حيث كان النص يُقبل كما هو، وحيث لم يكن هناك مكانًا لأي بحث غير تقليدي، ولا شك أن عصر آباء الكنيسة قد عرف مشاكل خاصة بالنصوص.. ويضيف بوكاي لم يكن معقولا بالنسبة للقديس (اوغسطين) أن نصا مقدسًا قد يحتوي على غلط، وكان القديس أوغسطين يعرف بمنتهى الوضوح عقيدة (العصمة من الخطأ) فأقام فقرة مناقضة للحقيقة كأن يواجه البحث علّة، ولا يستبعد فرض رجوع هذا الخطأ إلى سبب إنساني…
– تبدو حالة التشكيك مستمرة ودائمة في نصوص العهد القديم عند من يدقق في هذه النصوص ولو للحظات نقدية بعيدًا عن العاطفة، ولذلك كان بين الحين والآخر يظهر من يجرُؤ على النقد ولا يستسلم للنصوص المعلولة، خصوصًا إذا ما عُرضت هذه النصوص على ثوابت الحقائق العلمية التي أكدها تطور العلم الحديث الذي اعتمد على وسائل تساعد على فهم أسرار هذا الكون ولو بشكلٍ نسبي.
– إن النقاش العلمي والمنطقي الذي يطرحه بوكاي لمعالجة الحكم على نصوص العهد القديم جعله يصل إلى العديد من النتائج ومنها ما يقوله: إن التذكير بكل هذه المواقف التي اتخذها الكُتّاب المسيحيون أمام الأخطاء العلمية في نصوص التوراة توضّح جيّدًا الضيق الذي تجرّه، وتوضّح استحالة تعريف موقفٍ منطقيّ آخر، غير ذلك الذي يعترف بالأصل الإنساني لهذه الأخطاء وباستحالة قبولها كجزءٍ من التنزيل الإلهي.. ويضيف بوكاي: إن هذا الضيق الذي يسود الأوساط المسيحية والذي يمسّ التنزيل قد ظهر ترجمةً له في المجمع المسكوني للفاتيكان (1962/1965) حيث لم يلزم أقل من خمس صيَغ حتى يتفق الجميع على النص النهائي بعد ثلاث سنوات من المناقشات وحتى ينتهي هذا الوضع الأليم الذي هدد بتوريط المجمع على حد تعبير الأسقف (فيبر) في مقدمته للوثيقة المسكونية الرابعة عن التنزيل.. وانتظروا في مقالة الغد الخاتمة التي يُنهي بها الباحث بوكاي هذا الفصل الذي ناقش فيه نصوص العهد القديم وهو يعرضه على المعارف الحديثة، فكونوا على موعدنا المتجدد بارك الله فيكم.
– مقالة رقم: (1613)
17. ذو القعدة. 1445 هـ
د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق