مقالات
شذرات لغوية ٠٠!! السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر ٠
((( إعراب و معنى آية )))
قال تعالى :
” إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ”
( سورة النساء : ١٤٥ )
عزيزي القاريء الكريم و الصديق الحميم سنعيش في تلك السطور المضيئة مع ( آفة النفاق ) و التي تضر المجتمع و الفرد قولا و عملا كما سنبين هنا بأذن الله تعالي في مختصر لهذه الظاهرة الفجة ٠
و قد ورد فيها كلام طويل في الكتاب و السنة و الأثر و الدراسات الإنسانية و الحكم و الشعر ٠٠ هلم جرا ٠
* اولا الإعراب :
—————–
إنّ : أداة نصب و توكيد ٠
المنافقين : اسم ان منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم ٠
(في الدرك) :
جار ومجرور متعلق بخبر إنّ ٠
(الأسفل) نعت للدرك مجرور مثله ٠
(من النار) جار ومجرور متعلق بحال من الدرك الواو : عاطفة استئنافية٠
(لن تجد لهم نصيرا)
لن : حرف نفي و نصب و استقبال ٠
تجد : فعل مضارع منصوب ٠
لهم : اللام جر و الضمير مجرور باللام ، متعلق بمحذوف حال من نصيرا او متعلق بمحذوف مفعول به ثان ٠
نصيرا : مفعول به منصوب ٠
جملة (إنّ المنافقين ) لا محل لها استئنافية.
وجملة (لن تجد لهم ) في محل رفع معطوفة على خبر إن.
و قد قرأ الكوفيون : ( في الدرك ) والأول أفصح والدليل على ذلك أنه يقال في جمعه :
” أدراك ” ، مثل جمل وأجمال .
و أن الأدراك الطبقات والمنازل ، إلا أن استعمال العرب أن يقال لكل ما تسافل :
” أدراك ” ، يقال للبئر : أدراك ، ويقال لما تعالى : درج ، فللجنة درج وللنار أدراك .
* ثانيا المعنى العام :
————————
و ثمة صفات ملازمة لأهل النفاق و منها على سبيل المثال :
أنهم إذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفلوا، وإذا أؤتمنوا خانوا ٠٠
و هى صفات ذميمة لا تستقيم مع الفطرة و أخلاق الإنسان و تعاليم الدين الحنيف ٠٠
= و النفاق في اللغة :
اللغة العربية هو إظهار الإنسان غير ما يبطن ٠ وأصل الكلمة من النفق الذي تحفره بعض الحيوانات وتجعل له فتحتين أو أكثر فإذا هاجمها عدوها ليفترسها خرجت من الجهة الأخرى، وسمي المنافق بهِ لأنه يجعل لنفسهِ وجهين يظهر أحدهما حسب الموقف الذي يواجهه.
و يمتلكون ملكة الخداع قولا و عملا ٠٠
و النفاق فهو إظهارُ الخير وإسرار الشّرِّ، وأمّا أنواعهُ فهي:
نفاقٌ اعتقاديٌّ، ونفاقٌ عمليٌّ، ونفاقٌ أكبر؛ وهو المُخرج من الملّة، أمّا النفاقُ الأصغرُ فهو الذي لا يُخرج صاحبَه من الملّة ٠
و المنافقون فقد ذمهم الله عز وجل في كتابه الحكيم في مواضع كثيرة و فضحهم و جعل لهم سورة ” المنافقون ” تحمل اسمهم و صفاتهم و التحذير منهم ٠٠
و هذه بعض مواقفهم التي صورها لنا القرآن الكريم في قوله تعالى :
” إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ ”
( سورة النساء : ١٤٢ ، ١٤٣ )
و من ثم أخبر الله عز وجل جليا في قوله تعالي :
( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) ٠
أي : يوم القيامة ، جزاء على كفرهم الغليظ .
قال الوالبي عن ابن عباس : ( في الدرك الأسفل من النار ) أي : في أسفل النار .
وقال غيره : النار دركات ، كما أن الجنة درجات .
وقال سفيان الثوري ، عن عاصم ، عن ذكوان أبي صالح ، عن أبي هريرة : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) ٠
نعم إن آفة النفاق لها مردود سلبي على الفرد و المجتمع معا ٠
إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار
معنى النفاق :
فهذا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يبين لنا حال المنافقين بخصال يحذرنا منها، حتى نبتعد عنها، يقول صلى الله عليه وسلم :
آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ٠
يحذرنا من إخلاف الوعد، ومن الكذب في الحديث والأخبار، ومن الخيانة في الأمانة، وأنها من خصال أهل النفاق نعوذ بالله فيجب الحذر منها.
و يقول المفتي عبد اللطيف فتح الله :
وَكُنْ رَجُلاً في النّاسِ باطِنُهُ يُرى
كَظاهِرِهِ حَتّى تُعدَّ نَبيها
وَإِنْ تَختَلِفْ في ذاكَ كُنتَ مُنافِقاً
وَإِنَّ أَخا الوَجهَينِ لَيسَ وَجيها ٠
ويقول صلى الله عليه وسلم :
” أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق، حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر ” ٠
رواه الشيخان من حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، فهذا يدل على أن المنافق من خصاله إخلاف الوعد، والكذب في الحديث، والخيانة في الأمانة، وأنه إذا خاصم فجر، وفجوره التوسع في المعصية والكذب.
و أخيرا يا رب ابعد عن خصلة النفاق و الكذب و الخداع و اجعلنا مع الصادقين دائما ٠
و صل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد و الحمد لله رب العالمين ٠
آمين ٠