تربية الأبناء من المهام الصعبة هذه الأيام خصوصاً بعد الثورة التكنولوجية والتغيرات التي حصلت ًعلى الفرد والمجتمع والتي لها أثرها على مستوى التواصل والتفاعل اليومي بين أبناء الاسرة الواحدة مع بعضهم البعض بالرغم من انهم يسكنون في نفس المنزل وتحت سقف واحد ,فنجد كل واحد منهم مستغرق بكل حواسه بالبلفون او الإنترنت وألعاب الكمبيوتر ووسائل التواصل الاجتماعي وهو ما يؤدي إلى ضعف التواصل بين افراد الأسرة الواحدة والتعاطف بينهم إلا إذا بذل الآباء والأمهات جهداً في خلق أجواء التقارب مع أبنائهم لإعادتهم إلى عالم الإنسانية الحقيقي وابعادهم عن العالم الافتراضي , وللأسف هذه حالة عامة عند معظم الاسر في مجتمعنا . وأحياناً، نجد بعض الآباء والأمهات يتذمرون ويشتكون من هذا الوضع ولا حيلة لهم في التأثير على ابنائهم , ونجد ان مواقع الانترنت واليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام هي التي تربي الأبناء مما جعل الكثير منهم يبتعدون عن قيم وعادات وتقاليد مجتمعهم , وهذا الشيء بدون ادنى شك أثر ويؤثر على تصرفاتهم التي أصبحت بعيدة عن المعايير الاجتماعية المتعارف عليها , ولكن العلاقات الصحية الطبيعية بين الإباء والأمهات لا تمنع من أن تقال كلمة “لا” للأبناء عندما يجب أن تقال، ولا تمنع محاسبتهم عندما يتطلب الأمر وقفة صارمة تجاه تجاوز الحدود والقوانين، بل على العكس، فقد أثبتت التجارب أن التربية الواعية والحازمة وإرساء قواعد الانضباط تمنح الاستقرار والأمان للأبناء لاسيما في مرحلة المراهقة ، وتجنبهم الوقوع في المشكلات، وتعلمهم كيفية الموازنة بين الحرية وبين تحمل المسؤولية كما أنها تقوي الصلات بين الإخوة والأخوات. ولكن للأسف في اسر كثيرة أصبحت قيادة الأسر أحياناً بيد الأبناء والبنات ، فهم من يقرر ويحل ويربط حتى ولو كان في ذلك إضرار أو خروج عما هو منطقي أو مألوف، وكما قال المثل : “الولد ولد ولو كان قاضي بلد ” لان تنقصه الحكمة والتجارب في إدارة شؤون العائلة بالشكل السليم حيث يفترض أن يكون التأثير من خلال الأب والأم اللذين يرسمان لأبنائهم عبر السلوك والكلام المنضبط والأفكار والقيم والنموذج الجيد الذي يريدان أن يكون أبناؤهم عليه، ويشكلان لهم المرجعية التي يلجأون إليها عند الحاجة.
التربية الاسرية الصحيحة تبدأ منذ صغر الاولاد , وهذه التربية تمنع تمرد الأبناء في جيل المراهقة وتضبط سلوكياتهم وتجعلهم مطيعين ويسمعون كلام والديهم وتقوي التواصل بينهم ,ولذا أيها الاهل احسنوا تربية اولادكم منذ نعومة اظفارهم وارشدوهم للاستعمال الصحيح للتقنيات ووسائل التواصل الاجتماعي حتى تجنبوهم أضرار الإدمان عليها .
الدكتور صالح نجيدات