اخبار العالم العربي

منتدى تواصل الأجيال قاعدة مجتمعيةاستراتجية لمعالجة القضايا العربية

كتبت الدكتورة سهير بنت سند المهندي

. منتدى تواصل الأجيال قمة عربية مصغرة سبقت القمة العربية التي ستقام في نوفمبر بالجزائرالجزائر رسمت مشهداً للوحدة العربية بالبساطة والنقاء خلال أشغال منتدى تواصل الأجيال
. في حافلات النقل بين ولايات الجزائر اندمجت الثقافات وانصهرت القضايالتكون هي الصورة المنشودة للوطن العربي.
اقيم في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية “منتدى تواصل الأجيال لدعم العمل العربي المشترك” في الفترة من 10 الى 15 سبتمبر 2022على مدار خمسة أيام متواصلة، وفي مدينة (وهران)بالتحديد المركز الإقتصادي والميناء البحري الهام والملقبة (بالباهية) ثاني أكبر مدن الجزائر بعد العاصمة، والذي شارك فيه أكثر من 20 دولة عربية من مسؤولين سامين عرب سابقين، وأكاديميين، وخبراء من بنات وأبناء الجيل الجديد، وممثلين عن جمعيات،ورجال أعمال، وفنانين،
وسياسين،  ودبلوماسيين سابقين ومنها: مملكة البحرين التي شاركت بأربع شخصيات من المجتمع المدني ومنهم الإعلامية والباحثة الأكاديمية الدكتورة سهير المهندي، والشيخ صلاح الجودر، والأديب ابراهيم راشد الدوسري،والطالب محمد وجدي الدوسري بهدف التعبير عن أرائهم وانشغالتهم إزاء قضايا الساعة ضمن نهج تشاركي بغية توطيد التضامن العربي، وتعزيز التواصل بين الأجيال.

يأتي هذا المنتدى المنظم من قبل المرصد الوطني للمجتمع المدني والذي يعد هيئة استشارية لدى رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية واطار للحوار والتشاور والإقتراح والتحليل والإستشراف في كل المسائل المتعلقة بالمجتمع المدني وترقية أدائة قبيل انعقاد الدورة الحادية والثلاثون لمجلس جامعة الدول العربية والتي ستعقد في نوفمبر 2022 المتزامنة مع الذكرى 68 لإندلاع الثورة التحريرية المجيدة كمساهمة في تعزيز العمل العربي المشترك، بإعتباره عاملاً جوهرياً لتحقيق طموحات وتطلعات الأمة العربية من أمن واستقرار وتنمية مستدامة.

شكل هذا المنتدى العربي  قمة عربية مصغرة، تناولت عدد كبير من القضايا ضمن أشغالة وأوراق العمل التي طرحت تحت عناوين بارزة بمحاور فاعلةتناولت في جلساته والمحددة بالتالي: مسيرة العمل العربي المشترك تحديات وآفاق، دور المجتمع المدني العربي في مواجهة تأثيرات التحديات الدولية على العالم العربي، احياء الذاكرة والتواصل بين الأجيال خدمة للعمل العربي، البعد الشعبي في اصلاح تطوير منظومة العمل العربي المشترك، حيث شاركت الدكتورة سهير المهندي من مملكة البحرين بورقة عمل في هذا المحور بعنوان مؤسسات المجتمع المدني ودوره في مواجهة القضايا المؤثرة على الشباب وتقدمهم للمستقبل” والتي تضمنت تحديد للدور الرئيس لمؤسسات المجتمع المدني والفرق بينه وبين المركز الوظيفي وأهمية هذه المؤسسات المدنية وتأثيرها الفاعل في التغيير وتطوير برامج الدولة الهادفة في نمو وترقية العمل الوطني، مستعرضة نماذج من هذه الأدوار وحجم وعدد هذه المؤسسات في المجتمع العربي

مشيرة الى المؤسسات المدنية في دولة الكويت والبالغ عددها 414 والعراق ومصر التي بلغ عدد مؤسساتها المدنية 16.800 ألف ومنها إلى مؤسسات المجتمع المدني في مملكة البحرين والبالغ عددها ما يقارب 640 منظمة أهلية تتنوع بين منظمات خيرية واجتماعية وحقوقية ونسائية مستعرضة أهم ما حققته هذه المنظمات من نجاحات وانجازات في مملكة البحرينومنها : انشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الأنسان في عام 2009، وتدشين أول أمانة عامة للتظلمات في المنطقة العربية، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين،ووحدة خاصة للتحقيق بالنيابة العامة،ولجنتي حقوق الأنسان بمجلس النواب والشورى،وموافقة مجلس جامعة الدول العربية في العام 2013 على مقترح مملكة البحرين في انشاء محكمة عربية لحقوق الأنسان واختيار المنامة مقرا لها.

كما أكدت ورقة العمل البحرينية على مدى أهمية الدورالتكاملي للأكاديمين والمؤسسات الحكومية مع مؤسسات المجتمع المدني من أجل معالجة الكثير من القضايا لمصلحة الفرد والمجتمع، وتطرقت أيضا إلى دور الإعلام في ابراز الجهود الوطنية التطوعية مشيرة إلى مدى اهمية العمل التطوعي في المجتمع ودورة في تعزيز العمل الوطني لتحقيق التنمية المستدامة مستعرضة برنامج ( كفو ) انموذجاً مميزاً تضمن شواهد بيضاء على انجازات المجتمع المدني من خلال أفراده.

كما حرصت المهندي على الإِشارة إلى ضرورة الإهتمام على وضع أليات واستراتجيات لمواجهة القضايا العصرية من المخدرات والارهاب التكنولوجي والفكري التي تؤثر على المجتمعات العربية من خلال شبابها حيث هي القضايا المشتركة التي تهم الأمة العربية، مختتمة بعدد من التوصيات أهمها ضرورة أن تكون هناك قيم مشتركة للتضامن في ظل التحديات الراهنة التي تستهدف الساحة الدولية، التعاون المشترك في وضع الإستراتجيات بين المؤسسات المدنية المثيلة في العمل المتخصص، صناعة التغيير للعمل الوطني، الحرص على مشاركة المرأة بشكل فاعل في المؤسسات المدنية لدورها المهم في المجتمع والتي جاءت متوافقة مع توصيات المتحدثين في جلسات المنتدى من الدكتور محمد المسفر الباحث والمحلل السياسي من قطر، والدكتور عبدالحميد صيام الكاتب والأكاديمي من فلسطين، والدكتور عبدالصمد ولد مبارك رئيس مركز الأطلس للتنمية والبحوث الإستراتجية من موريتانيا، والدكتورة ابتسام الكتبي استاذه علوم سياسية ورئيسة مركز الامارات للسياسات من الإمارات العربية المتحدة، والدكتور حمدي محمد الحسيني نائب ورئيس تحرير مجلة روز اليوسف المختص بالشؤون السياسية من مصر، والدكتور جمال الشلبي استاذ العلوم السياسية من الإردن، والدكتور بومدين بوزيد الأمين العام للمجلس الأسلامي الأعلى بالجزائر، والسيدة عبير احمد زياد رئيسة قسم احياء التراث الإسلامي في المسجد الأقصى من فلسطين، والدكتور محسن بن حمود الكندي استاذ بجامعة السلطان قابوس من عمان، والسيدة رهف اسامة السنوسي المديرة العامة لبرنامج تصميم السياسات وكسب التأييد بمؤسسة الملك خالد بالمملكة العربية السعودية، ومعالي السيد نبيل فهمي وزير خارجية جمهورية مصر العربية السابق، والسيد سايج مصطفى مدير المدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية من الجزائر، والسيد محمد علي الجاروش مدير ادارة الدول العربية سابقا بجامعة الدول العربية من لبنان، والدكتور محمد صافي المستغانمي الأمين العام لمجمع اللغة العربة بالشارقة من الجزائر، والسيدة كوثر الجوعان رئيسة معهد المرأة للتنمية والسلام من الكويت، والسيدة احلام سالم علي برلمانية سابقة مهتمة بقضايا المرأة من العراق ، والأستاذه لمين قاضي رئيس لجنة البيئة والإنتقال الطاقوي والتنمية المستدامة بالمجلس الوطني الإقتصادي والإجتماعي والبيئي من الجزائر، والسيد خالد أحمد ابزيم الجمعية الوطنية للتنمية المستدامة من ليبيا.

كما كانت هناك مشاركات وأراء ومقترحات فاعلة من بقية أعضاء الوفد المشارك من مملكة البحرين والوفود الأخرى خلال أشغال المنتدى والتي تنوعت مابين الشؤون السياسية والأجتماعية والأقتصادية والشبابية وشؤون المرأة والمتوجة بالهم الأكبر المشترك قضية فلسطين وسوريا واليمن والسودان والعراق ولبنان، حيث ساهمت  هذه المقترحات والآراء بشكل كبير في بلورة مخرجات المنتدى لتكون توصيات ترفع الى القمة العربية المقامة في الجزائر والتي من أهمها:

1. تثمين مبادرة السيد عبدالمجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية الرامية إلى تفعيل وترقية دور المجتمع المدني الجزائري من خلال دستورة وانشاء المرصد الوطني للمجتمع المدني تعني بقضاياه وأدواره وانشغالاته واعتبارها نموذجاً يحتذى به.
2. بلورة رؤية جديدة موحدة اتجاه التحديات الراهنة والمستقبلية التي تهم الشأن العربي لا سيما التكنولوجية منها وكذا تداعيات حالى الاستقطاب الدولي وانعكاساته الوخيمة على العالم العربي، بالإضافة إلى الأزمات والكوارث الطبيعية والمناخية وما تفرزة من أثار سلبية على اقتصاديات الدول ونسيجها الإجتماعي ، يكون المجتمع العربي فيها رديف بل حليف وشريك فعال للحكومات العربية يكمل ويدعم جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة في كنف التفاهم والتوافق والتضامن والتعاون.
3. مواصلة الالتفاف حول قضية العرب المركزية القضية الفلسطينية من خلال موقف موحد وقوي عبر احياء مبادرة السلام العربية دعما لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف وعلى رأسها حقة في اقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف.
4. تفعيل دور مختلف فعاليات المجتمع من جمعيات وأكاديميين وخبراء واعلامين ومبدعين ومثقفين وتنسيق مبادراتهم وجهودهم للحفاظ على مركزية وأولوية القضية الفلسطينية .
5. دعوة جامعة الدول العربية الى وضع آليات للتعاون والتفاعل مع المجتمع المدني العربي واشراك ممثلية في رسم وتنفيذ السياسات العربية في اطار توحيد الرؤى حول القضايا ذات الأولوية والإهتمام المشتركة.
6. بث روح التغيير الواعي والمنضبط والمتوازن وفق مقاربة تشاركية يكون المجتمع المدني مرافقا في رسمها وتنفيذها.
7. بلورة استراتجيات مبنية على رؤية مشتكرة ومندمجة خاصة في جانب الأمن الطاقوي الغذائي المائي والبيئي.
8. اشراك المجتمع المدني في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تفعيل دورة في رسم ووضع وتنفيذ السياسات العربية وتشجيع مبادراته ومشاريعة المجتمعية في الشأن.
9. اسهام المجتمع المدني في تطوير البنى الفكرية لتماسك الأمة والتشبع بهويتها وتعزيز استخدام اللغة العربية وتطوير البنية التحتية للإنتاج الثقافي كإنشاء المكتبات العامة والمسارح ودور السينما والمتاحف.
10. توسيع مشاركة الشباب، وتمكين المرأة العربية ، وتعزيز قدرات المجتمع المدني لأداء دورة بفعالية.
11. دعوة وسائل الإعلام العربية لتكثيف تناولها للقضايا ذات الإهتمام العربي المشترك لا سيما في مجال الذاكرة والثقافة العربية.
12. تنسيق العمل التضامني والتطوعي العربي في حالة الأزمات والكوارث.
13. تشكيل لجنة متابعة لتوصيات المنتدى والتنسيق لتنظيم منتديات ومؤتمرات مستقبلا في جميع الدول العربية.

وقد شهدت الوفود المشاركة لهذا المنتدى بالنجاح الباهر الذي حققه من الناحية التنظيمية، واختيارهمللمشاركين، ومحاورهم والذي انعكس بشكل ايجابي من خلال تفاعلهم في كافة فعالياته، الى جانب ما تميز به من حسن ضيافة وكرم من المنظمين عكسطبيعة الشعب الجزائري المضياف، الذي استطاع ايجاد التواصل المتين بين الوفود المشاركة من الدول العربية والتواضع  والبساطة وعدم التكلف في التعامل مع مختلف الشخصيات من المشاركين بمختلف مستوياتهم وأعمارهم ووظائفهم والمتوج بالطيب واللطف في التعامل محققا روح الوحدة الوطنية.

منتدى تواصل الأجيال كان فرصة للمشاركين في التعرف أكثر على الجزائر وعاداتها ولهجاتها وثقافاتها وبعض من ولاياتها البالغ عددهم ما يقارب 59 ولاية وما تتميز به هذه الولايات من مناطق سياحية تراثية أثرية فكان منها زيارة الى ولاية شلف وولاية تلمسان وولاية وهران حيث تنقلت الوفود المشاركة برفقة المنظمين الذين حرصوا على توفير كافة مستلزمات الراحة أثناء التنقل من ولاية الى اخرى ومن معلم سياحي اثري إلى اخر.

كما كان المنتدى فرصة في التعرف على الثقافات العربية المشتركة داخل حافلة نقل جمعت مختلف الجنسيات العربية بثقافاتهم مترجمة من خلال مواهبهم وهوايتهم وقدراتهم ومهاراتهم في التواصل التي تبلورت بتوطيد العلاقات بينهم والتعارف وتبادل الخبرات وانصهار الخلافات العربية لتكون هي الصورة المطلوبة للوحدة الوحدة العربية المنشودة.

منتدى تواصل الأجيال المقام في الجزائر التي تستعد لإقامة القمة العربية في شهر نوفمبر 2022 جذب أقلام الصحافة العربية بمخرجاته المميزة بعد اطلاله مبهرة للجزائر في عيد استقلالها الذي اقيمت احتفالاته في الفترة من 3 الى 6 يوليو 2022 بحضور عدد كبير من الرؤساء والوزراء والمسؤولين والشخصيات من مختلف الدول العربية لإحتفال وطني متميز سطر تاريخ الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية ونضالها العظيم وشهداءها الأحرار وعطائهم غير المحدود الذي ترجم معنى العطاء الوطني بالتطوع المخلص للأرض ونهضتها وحبهم لها برغم اختلاف القبائل واللهجات التي تتميز بعدة تشكيلات اقليمية تنتمي الى مجموعتين مختلفتين منها لهجات ما قبل الهلالية الحضرية المتاثرة باللهجة الأندلسية، واللهجات الهلالية البدوية التي تنتمي الى ثلاث مجموعات لغوية منها الشرقية التي يتحدث بها الهضاب العليا، واللهجات الهلالية الوسطى من وسط وجنوب الجزائر وجنوب مدينة الجزائر ووهران ولهجات المعقل التي يتحدث بها في الجزء الغربي من القطاع الوهراني، أما اللهجات ما قبل الهلالية فهي نوعين الحضرية والقروية الحضرية منها أو ما تسمى بالمستقرة فيتحدث بها جميع المدن الجزائرية الكبرى، أما اللهجات الريفية أو القروية والتي تأتي مزيج ما بين المدن والمناطق الناطقة بالبربرية، حيث علق أحد الدبلوماسيين الجزائريين عندما سؤول عن عدد اللهجات في الجزائر في أثناء التنقل بالحافلة مع وفود  منتدى تواصل الأجيال من منطقة وهران الى الجزائر العاصمة :”بأن كل ألف كيلو هناك لهجة تختلف عن الأخرى والجميع يفهم بعضه، كما كان من الصدف أن يعرف الوفد المشارك بأن الجزائر أرض نقية بسيطة ببساطة الطبيعة حيث لم تدخل عليها متطلبات السواح التي تغير من الهوية والثقافة، فمن يتواجد علي أرض الجزائر عليه أن يتعايش على هذه الطبيعة بكل بساطتها جوهر لم الشمل وانصهار الجمود وتكتلات القضايا العربية وبساطة الطبيعة وبساطة التعامل وبساطة الحياة.

منتدى تواصل الأجيال الذي نضمه المرصد الوطني لمؤسسات المجتمع المدني بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية قاعدة استراتجية ضرورية لبناء مستقبل الأجيال من خلال طرح كافة القضايا وتناولها مجتمعياً للوصول الى توصيات لها ثقل عربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق