منوعات

دراسة الطلبة الأجانب في الصين.. كل ما تريد معرفته عن المزايا والصعوبات

طلاب أجانب في جامعة يانغسو في فبراير/شباط 2021 (غيتي إيميجز)
بكين- في الصين أكثر من 2700 جامعة حكومية وقرابة 800 جامعة خاصة، تغطي جميع الاختصاصات، وقد شكلت الحكومة الصينية “رابطة الجامعات المرموقة التسع” التي تهدف لتعزيز وتطوير سمعة التعليم العالي في الصين. وتشمل الرابطة: جامعة تشينغهوا، وجامعة فودان، ومعهد هاربين للتكنولوجيا، وجامعة نانجينغ، وجامعة بكين، وجامعة شنغهاي جياو تونغ، وجامعة العلوم والتكنولوجيا- الصين، وجامعة شيان جياوتونغ، وجامعة تشجيانغ.

وفي مطلع عام 2022، ارتقت 60 جامعة صينية لتصل إلى العالمية، بحسب تصنيف أهم المراتب العالمية للجامعات (QS).

وتعتبر جامعة تشينغهوا (Tsinghua University) الأفضل على الإطلاق في الصين، وتحتل المرتبة 17 عالميا وفقا لتصنيف (Times Higher Education)، ويعتبر امتحان دخولها من أصعب الامتحانات في العالم، ولا غرابة في ذلك، إذ يتخرج منها نخبة من أفضل الطلبة البارزين في مجالات الصناعة والطب والأدب.

انخفاض أعداد الطلبة الأجانب

تسببت جائحة كورونا والإغلاقات المتتالية في خفض أعداد الطلبة الأجانب الملتحقين بالجامعات الصينية، ليتدنى إلى أقل من 100 ألف طالب عام 2020، وأفرزت هذه الجائحة عددا من التحديات للطلبة الأجانب تمثلت في صعوبة عودة من غادر البلد قبل انتشار الوباء، إضافة إلى قيود الحجر التي فرضتها الجامعات على حركة الطلاب، حيث ألزمتهم مساكنهم الجامعية.

ورغم أن الجائحة أثّرت كثيرا في كل قطاعات الدولة الصينية، فإن الدعم الحكومي لقطاع التعليم الصيني لم يتوقف أو يتدن، بل خصص قرابة 150 مليار يوان صيني (22 مليار دولار) عام 2021 لدعم البحث العلمي وتطوير التعليم بأفضل الوسائل التفاعلية.

توجد في الصين المئات من الجامعات والمعاهد التي توفّر للطلاب الأجانب الكثير من التخصصات (الفرنسية-أرشيف)

شروط التقديم للدراسة في الصين

يوجد نوعان من التقديم: الأول هو برنامج المنح الدراسية الصينية الحكومية (CSC)، بما فيها منحة طريق الحرير الصيني وغيرها، والثاني هو التسجيل “على النفقة الشخصية”. وتتم عملية التقديم إلكترونيا، وتتيحها مواقع وزارة التعليم الصينية والجامعات الصينية أيضا، كما يمكن إرسال رسائل إلى البريد الإلكتروني لكل جامعة من أجل البحث والاستفسار، وبشكل عام فإن عملية القبول في الدراسة الجامعية بالصين تتألف من عدة خطوات رئيسية، هي:

  • تعبئة استمارة التقديم للجامعة.
  • إرسال مستندات التقديم كاملة، وهي: 
  1. صورة جواز السفر الساري المفعول لمدة سنة على الأقل.
  2. صورة شخصية.
  3. شهادة التخرج من الثانوية العامة.
  4. بيان الدرجات (كشف علامات).
  5. رسالتا توصية.

ويخضع الطلب للمراجعة من قبل لجنة القبول بالجامعة، حيث تتم إحالة الطلب إلى القسم الذي تقدمت إليه. تقوم كل جامعة بإرسال الرد على الطلبات المرسلة إليها عن طريق البريد الإلكتروني، وفي حال الموافقة يتم إرسال خطاب القبول حتى يتمكن الطالب من التقديم على “فيزا طالب” من منافذ السفارات الصينية في بلده، ومن ثم تبدأ الرحلة الدراسية.

تحديات وثقافة غريبة

في الصين مئات الجامعات والمعاهد التي توفر علوما واختصاصات مختلفة، إلى جانب الثقافة الصينية التي تتميز بالتفرد والتنوع وتستدعي الفضول للتعرف عليها، مما يسهم في جذب العديد من الطلاب من حول العالم. إلا أن هذا الإقبال تقلص في ظل وجود عدد من الحواجز المعيقة لمتابعة الدراسة في الصين.

وتعد إلزامية تعلم اللغة الصينية من أكبر التحديات التي يتعرض لها الطلاب، باستثناء طلبة الدراسات العليا المعفين من تعلمها. وتغير هذا النظام في الأعوام الأخيرة بعد أن افتتحت أقسام للدراسة باللغة الإنجليزية.

ومن ضمن التحديات الأخرى: الاختلاف والتفرد لدى الصينيين عن باقي الحضارات، مما يصعب على الطلبة التعامل معهم والانسجام مع عاداتهم وتقاليدهم لحظة وصولهم، خاصة أن معظم الصينين لا يجيدون اللغة الإنجليزية.

كما يشكل تباين درجات الحرارة بين المدن الصينية التي تقع فيها الجامعات عائقا آخر للطلاب، فهناك المدن الباردة جدا في الشمال مثل “هيلونجيانغ” التي تصل فيها درجات الحرارة شتاء إلى 35 درجة مئوية تحت الصفر، وهناك المدن المدارية في الجنوب التي تصل فيها الحرارة صيفا إلى 45 درجة مئوية.

ويعد مكان الإقامة كذلك تحديا آخر، إذ إن طبيعة الغرف الجامعية تكون تشاركية، مما يترتب عنه صعوبة الحصول على شريك في السكن بنفس العقيدة والعادات التي تناسب الثقافة العربية، لذلك يفضل العديد من الطلبة العرب السكن الخارجي للحفاظ على عاداتهم وحرياتهم، على الرغم من أن ذلك يكلفهم مبالغ إضافية تصل في بعض المدن كشنغهاي وبكين إلى أكثر من 1500 دولار شهريا (لمن لا يرغب بالعيش في السكن الجامعي).

اختلاف الصينيين عن باقي الحضارات يصعب على الطلبة التعامل معهم (غيتي)

500 دولار لكل طالب

يحظى الطلبة الأجانب في الصين بعدد من المزايا الجاذبة، كالمنح المالية الدراسية التي تؤمن معيشتهم فيها، حيث يحصل طلاب الماجستير على 3000 يوان (حوالي 500 دولار أميركي) والدكتوراه على 3500 يوان (ما يعادل 600 دولار)، فضلا عن مزايا أخرى كمجانية السكن والضمان الصحي الكامل.

كما تضم بيئة الدراسة طلبة من جميع أنحاء العالم بمختلف الثقافات واللغات والحضارات، مما يشكل فرصة للتعارف وتبادل المعارف والأفكار بينهم.

وحتى مطلع عام 2019، درس أكثر من 400 ألف طالب أجنبي في أكثر من ألف جامعة ومعهد ومؤسسة أكاديمية صينية، قدموا من قرابة 200 دولة (بحسب موقع  الصيني)، وسجل الطلبة العرب حضورا بأكثر من 20 ألف طالب في إحصائية تقديرية قياسية، حيث إن الإحصائية الرسمية الوحيدة التي تم رصدها لأعداد الطلبة العرب كانت عبر موقع شينخواالرسمي الذي أفاد بأن عدد الطلبة العرب عام 2015 هو 17 ألف طالب.

وتوفّر الجامعات الصينية إمكانية الاطلاع على عدد من الأبحاث وتطويرها، كالروبوتات وتقنيات الاتصالات وأبحاث الجينات والسرطان والخلايا الجذعية والصناعات الهندسية وصناعة المركبات العامة والقطارات.

ما الجنسيات العربية الأكثر دراسة في الصين؟

تعتبر الجنسية اليمنية الأكثر من حيث عدد الدراسين العرب في الصين، تليها بالتسلسل الجنسيات: السودانية والمصرية والسورية والتونسية والمغربية والأردنية والعراقية والجزائرية واللبنانية، ومن ثم السعودية التي تأتي في المرتبة الأولى خليجيا، ومن بعدها الكويتية والعمانية ثم الإماراتية.

وانخفضت تلك الأعداد لقرابة 200 ألف طالب بين عامي 2020 و2021 نتيجة الجائحة، وتشير بعض التقديرات إلى أن أكثر من 50% من الطلاب غادروا الصين، ولم يعودوا خلال السنتين الأخيرتين.

التخصصات الدقيقة ليست لكل الجنسيات

حتى عام 2000، سمحت الصين بدراسة كافة التخصصات العلمية الدقيقة، كعلوم الطيران والفضاء وتقنيات النانو، إلا أن أسلوب التعليم تغير مع رغبة بكين في الحفاظ على سرية أبحاث طلبتها.

اعتمدت الصين على تدريس الطلبة الأجانب المبتعثين من قبل حكوماتهم للاختصاصات الدقيقة في أقسام ومختبرات داخل الجامعات لا يسمح دخولها إلا للطلبة المتفق على تعليمهم، وتستثني من هذه الفرصة الدراسين على نفقتهم الخاصة.

وتعتبر باكستان من أكثر الدول التي تحظى بمنح تعليمية صينية للاختصاصات الدقيقة، إضافة إلى إيران وروسيا وسوريا وكوريا الشمالية وميانمار، بحسب طلبة التقتهم الجزيرة في جامعة بكين لعلوم لطيران وجامعة بكين للتكنولوجيا.

وفي لقاء مع الطالب أنور من ليبيا الذي يدرس علوم الطيران، صرّح برغبته الشديدة في التعمق في مجالات تخصصه، إلا أنه لا يسمح له بالاطلاع على مراجع أو دخول مختبرات التجارب للسرعات الصوتية، بينما يتاح ذلك لصديقه الباكستاني الذي يدرس التخصص ذاته وفي القسم نفسه.

مجموعة طلاب متعددة الأعراق يتناقشون في استراحة الغداء بساحة إحدى جامعات الصين (غيتي)

تحديات خاصة بالطلبة العرب

كما تعرّض عدد من الطلاب العرب لتحديات، إذ يقول حسين، وهو طالب جزائري يعد الماجستير في الهندسة الصناعية: “تتمثل التحديات الحالية في صعوبة الحصول على المعلومة من المشرفين على أبحاث تخرجنا، أو حتى من المدرسين المساعدين، في ظل فرض التعليم عبر الشبكة (أونلاين)، ويتركوننا غالبا نعاني من البحث عن إجابات لاستفساراتنا التي لا نجد لها آذانا صائغة، إضافة إلى صعوبة المضي قدما في كتابة أطروحات التخرج، وهذا الوضع مختلف جداً قبل جائحة كورونا”.

ويضيف حسين في حديث للجزيرة نت “يكفي أن أقول لكم إنني أحاول يومياً الاتصال بمكتب إدارة شؤون الطلبة الأجانب وهم لا يردون، إما من ضغط الاتصالات أو الإهمال الذي بتنا نعاني منه في ظل الجائحة وعدم تواجد الموظفين في مكاتبهم”.

الطالب التونسي يحيى يدرس علوم الحاسوب، يؤكد هو الآخر حرص الطلاب الأجانب عموماً -والعرب على وجه التحديد- على التواصل مع طلبة أجانب أو صينيين من السنوات الأعلى، للحصول على إجابات لاستفساراتهم ليتمكنوا من اجتياز اختباراتهم أو إتمام إعداد أطروحاتهم.

كما أوضح عدد من الطلاب العرب أن الدراسة قبل جائحة كورونا كانت أفضل من ناحية حجم المعلومات التي يتلقونها وأهميتها بالرغم من عائق اللغة، ومنهم السوداني أحمد الذي يدرس الماجستير في الكيمياء بجامعة بكين للصناعات الكيميائية، والأردني من أصل فلسطيني عدنان الذي يدرس الاقتصاد في جامعة بكين للاقتصاد والتجارة.

وبرأيهم، فإن التعليم عن بعد خلال جائحة كورونا لم يكن مفيدا، إذ قل استيعابهم وفهمهم للموضوعات، واستمر الحال لمدة سنة إلى أن تحسنت الأوضاع وعادت الدراسة بشكل حضوري.

ألا تزال الصين جاذبة للأجانب؟

الطالبان أحمد وعدنان يريان أن الصين وجامعاتها تتميز بأحدث وسائل التعليم، إضافة لامتلاكها مكتبات ضخمة تزخر بأمهات الكتب التي تثري حصيلة الطلبة من المعارف والعلوم.

كما صرح طلبة آخرون -مثل: محمد من الصومال، وعبد الله من جيبوتي، وسليم من سوريا- بخلو الدولة الصينية من العنصرية، وتمتعها ببيئة آمنة للعيش الهادئ، إذ لم يسبق بحسب رأيهم أن تعرض أي منهم لأي نوع من المضايقات أو المشادات أو التهجم أو التنمر على جنسياتهم أو ألوان بشرتهم أو جنسياتهم.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق