أخبار عالميه

كورونا: كيف يتأقلم جهاز الأمن الداخلي البريطاني لمحاربة انتشار الوباء

Image captionقال باركر إن أكبر التغييرات التي شاهدها تتعلق بنوعية العناصر التي يعينها جهاز MI5 في صفوفه

بينما يستعد أندرو باركر، رئيس جهاز الأمن الداخلي البريطاني (MI5) للتخلي عن منصبه بعد سبع سنوات، تحدث لبي بي سي عن وباء فيروس كورونا وجهود مكافحة الإرهاب والتغيير الذي طرأ على الجهاز منذ إنضمامه إليه في عام 1983.

وفي المقابلة التي أجريناها معه في مقر جهاز الأمن الداخلي في (تيمز هاوس) في لندن، اعترف باركر بأن هذا هو توقيت غريب لترك المنظمة التي رئسها في السنوات السبع الأخيرة.

ومثلها مثل سائر المنظمات والمؤسسات الأخرى، كان على جهاز الأمن الداخلي أن يتأقلم بسرعة مع التغيرات غير المسبوقة التي صاحبت انتشار فيروس كورونا في الأسابيع الأخيرة.

وكانت أولوية الجهاز مواصلة عمله لكي تتمكن خدمات الطوارئ من التركيز على انتشار الوباء.

وقال باركر “في هذا الوقت، وربما أكثر من الظرف العادي، من الحيوي أن نضمن عمل آليات الأمن الوطني بشكل طبيعي من أجل أن نضمن ألا تتعقد الجهود أو تعرقل بتطورات أخرى”.

قد تكون ممرات تيمز هاوس أقل صخبا من الحالات العادية، ولكن باركر كان حذرا لكي لا يدلي بكثير من التفاصيل حول الكيفية التي تغيرت بها سياقات العمل.

وقال “يجب أن تتفهم الأسباب التي تمنعني من الخوض في الكثير من التفاصيل عن سياقات عملنا والظرف الذي نحن فيه، ولكن MI5 تعمل في شتى المجالات بشكل مرن”.

وكان عدد من الأطباء والممرضين الذين يعملون في الجهاز قد أعيرت خدماتهم لنظام التأمين الصحي الوص الوطني لمساعدته في التصدي لإنتشار فيروس كورونا على الخط الأمامي.

كما يقوم جهاز MI5 بتوفير الغطاء الأمني لعمليات تصميم وإنشاء مستشفيات (نايتينغيل) الجديدة التي شيدت خصيصا لمعالجة المصابين بالفيروس.

ولكن التهديدات القديمة ما زالت ماثلة، ولو مع بعض التغييرات.

وقال “بعض الأشخاص الذين نعدهم مصادر تهديد للأمن الوطني يخضعون بالطبع لأوامر الإغلاق، ولذا فإن تحركاتهم محدودة. وهذا يغير من سلوكياتهم ولكنه لا يلغي التهديد الذي يشكلونه”.

يذكر أن عدد الوفيات التي تعزى إلى الفيروس يوميا تتجاوز عدد البريطانيين الذين قتلوا في أعمال إرهابية منذ عام 2001، ويعترف باركر بأن هذا قد يغير الكيفية التي يرتب فيها السياسيون أولويات التهديدات التي تواجهها البلاد.

ويقول “ما من شك إطلاقا في أن الحكومة ستغير نمط تفكيرها حول سبل الرد على هذه التهديدات وتغيير أولوياتها فيما يخص الإنفاق بعد أن مرت في أخطر جائحة منذ قرن من الزمن. ولكن لم تتخذ هذه القرارات بعد”.

“من أسوأ لحظات حياتي”

مثلت الهجمات التي شهدتها العاصمة لندن في عام 2005 لحظة محورية بالنسبة لجهاز MI5، وذلك عندما فجر أربعة أشخاص عبوات استهدفت شبكة النقل العام في العاصمة.

وقال باركر “كانت تلك واحدة من أسوأ لحظات حياتي، وذلك عندما شاهدت ما حدث من على شاشات التلفزيون في مكتبي. ولسنوات بعدها علقت صور الضحايا على جدران المكتب”.

وأدت تلك الهجمات إلى تغييرات أساسية في الطريقة التي تتعامل بها بريطانيا مع الإرهاب، وهي طريقة يقول باركر إنها أتت أكلها عندما تم إفشال عملية كان هدفها التفوق على هجمات سبتمبر في الولايات المتحدة في العام التالي.

فقد خططت مجموعة تتخذ من بريطانيا مقرا لها لإسقاط 7 طائرات مدنية فوق مدن أمريكية باستخدام مواد سائلة متفجرة. يقول باركر إن هذه العملية “كانت أكبر وأخطر عمل إرهابي في التاريخ الحديث”.

عيّن باركر مديرا لـ MI5 في عام 2013، وفي عام 2017 هزت سلسلة من الهجمات الإرهابية بريطانيا. وفي إثنتين من هذه الهجمات – عند جسر لندن بريج في العاصمة وفي مدينة مانشستر – كان المسؤولون عنها رهن التحقيق من قبل MI5، مما عرّض الجهاز للانتقاد في التحقيقات.

ماذا كان الخطأ؟ يقول باركر إنه سؤل عن ذلك مرات عديدة.

ويقول “وهو سؤال صحيح. إنه تحد معقول…ونحن نقوم بشكل يومي بتوزيع قدراتنا ومواردنا حسب المعلومات القليلة التي بحوزتنا…لا أستخف بهذه الأسئلة لأننا نسأل أنفسنا نفس الأسئلة. وبعد كل هجوم نعمد إلى إجراء استعراض داخلي لكي نستخلص الدروس والعبر”.

يقود جهاز MI5 الآن جهود التصدي للإرهاب اليميني المتطرف، وما زال نشطا في إيرلندا الشمالية. ولكن التهديدات من الدول الأخرى أصبحت هي الأخرى أكثر خطورة كالمحاولات الروسية لبث الفوضى والشقاق من خلال وسائل التواصل الإجتماعي.

ويقول باركر “علينا وعلى غيرنا من أجهزة المخابرات أن نضع في أول قائمة أولوياتنا الدفاع عن أنظمتنا الديمقراطية ضد تدخل الدول الخارجية”، ولكنه أضاف بأنه لم ير أي دليل بأن التدخل الروسي كان له أي أثر ملموس على نتيجة استفتاء الخروج من الإتحاد الأوروبي.

وبرزت الصين إلى الواجهة مؤخرا.

وبينما تهيمن القضايا الاقتصادية على العلاقة بين بريطانيا والصين، ولكن جهاز MI5 يتعامل مع ما يطلق عليها باركر “بالحواف الحادة” للعلاقة والمتعلقة بالتجسس الإلكتروني وسرقة حقوق الملكية الفكرية. ويقول باركر إنه “مرتاح” للنصيحة التي أسدتها أجهزة المخابرات للحكومة بالسماح لشركة هواوي الصينية بالمشاركة بشكل محدود في تركيب شبكة 5G الهاتفية في بريطانيا.

وردا على سؤال عن التصريحات التي أدلى بها بعض المسؤولين الحكوميين البريطانيين قالوا فيها إنع يجب محاسبة الصين لعدم شفافيتها في توفير المعلومات الصحيحة حول فيروس كورونا، قال باركر إن هذا أمر متروك للحكومة لاتخاذ القرارات المناسبة في المستقبل.

وبينما يستعد باركر لترك الجهاز الذي عمل فيه منذ عام 1983، قال إن أكبر التغييرات التي شاهدها تتعلق بنوعية العناصر التي يعينها جهاز MI5 في صفوفه.

فقد كانت هناك قلة صغيرة من السود وغيرهم من أغراد الأقليات العرقية في صفوف الجهاز عندما تسلم دفة قيادته، كما لم يسمح للمثليين العمل في الجهاز. غيّرت هذه السياسة في أوائل التسعينيات، بعد ربع قرن من قرار رفع التجريم عن المثلية الجنسية.

وقال باركر “كان لمنع المثليين من العمل في الجهاز مصدر ألم للكثيرين، وهو مصدر أسف وندم لنا جميعا”، وذلك في أول اعتراف يصدر عن رئيس لـ MI5 حول فشل الجهاز في هذا المضمار.

ويقول متطرقا إلى تركه المنصب “إنه لشعور غريب نوعا ما أن أتنحى خلال أزمة من هذا النوع بدل أن أترك المنصب في وقت أكثر هدوءا”، ولكنه يضيف أنه لن يقيم حفل وداع لأن MI5 حريصة على الإلتزام بضوابط التباعد الإجتماعي لمساعدة الكوادر الصحية في نظام التأمين الصحي في القيام بواجباتهم على الخط الأمامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق