اقلام حرة
الكل مظلوم … فأين الظالم ؟؟؟ بقلم ؛ د. عائشة الخواجا الرازم
الجميع في وسائل التواصل مظلوم … والكل سواسية بالنزاهة … ولا ارى هناك ظالما أبدا .. . فأين يقبع الظالمون ومن هم ؟ وأين يسكنون ؟؟؟
نعم … أين يسكنون ؟ وكم هم متقنون لارتداء طاقية الإخفاء .!!! ..يحدث ذلك ولا يظهرون ولا يعترفون وليس لهم وجود بالمطلق ! ذلك لأن النفس بفطرتها مغسولة في التكوين … شفافة ناصعة في الأصل … وكل ما تلصقه بقشورها أو يلذعها به المجتمع ما هو إلا شواذ لا علاقة له بالفطرة الأصيلة …فالنفس هنا تتظلم وتتشكى وتتبرأ ظالمة أم مظلومة . ولو فطنت النفس البشرية لنور الله في الروح ( أمر الله الجميل الذي يحب الجمال ) والذي حرم الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرما ، لو فطنت تلك النفس لفطرة النزاهة المصممة من العدالة لبحثت عن طبقة القلب الشفافة للعودة لمساءلة مدارج الروح … ومدارج الروح أصلا تهفو لغسل الإفتراء على الروح نفسها …لأن كل ظلم لا يقع إلا ضد النفس سواء اكانت النفس تربة أم شجرا أم حجرا أم حرية معنوية أم حيوانا أم دما أم خبزا ( وللعلم كله مال وعرض والمال حق الله في عدالة الحياة ألا وهو الرزق والوعد ) والأصل هو عدم التعدي على الحق …والحياة حق كامل النظام والمنح والهبات والأرزاق والعمر المطبوع بالقدر .والإيمان بالله العدل العادل … فالحياة لا تستوي إلا بالنظام السماوي بإرادة الخالق والروح هي الحياة وبدون روح لا تهلل نفس بالحركة … لذلك فإن الظلم لا يولد مع الروح لأن الروح نور من امر الله …فنرى الظلم يبدأ تدريجيا يتسرب لحركة الإنسان أو حتى الكائن المخلوق ليمشي وينمو مع الطفل بظاهرة التملك … والطفل على استعداد لتخبئة دمية أخيه ليحوزها وربما يتمثل البراءة والبكاء والإنكار حتى يتم العثور على المفقود ومساءلته وفي اغلب الاحيان لا يعترف … وتمر السنون وبعد أن يكبر ربما يكتبها في مذكراته ويعترف بها ، بينما يكون قد سبب الجرح والحرمان والأذى لاخيه الصغير الذي ربما يكون قد تعرض للعقاب لإضاعته تلك الحاجة . فليس غريبا ان يمثل الظالم ويتمثل بأنه المسكين المظلوم ويشتكي ويظهر أنموذجا للبراءة وكأنه مغسول الذيل من قبل ومن بعد … ذلك لأن طبيعة الخلق تحتم على المخلوق نزاهة الروح وعدالة المسار … فيفعل الظالم المستحيل للتمثل بالبراءة ، فنجد أن وجوه الجميع وسيرهم وسلوكياتهم نظيفة من الجرم والفساد والإفساد وظلم الآخر … وكل متهم مثبت الجرم والظلم يسوغ سلوكه وجرمه ويعيده لظلم الفريق المحيط به … حتى يتساوى الظالم والمظلوم … وتنتفي الرؤية وتتطلسم حتى في رؤى العدل الممسوك بأيدي رموز العدالة وهنا يختل الميزان وتتراقص الكفتان … ويحتار الحليم ويجزع الحكيم … وتضيع الطاسه … ذلك كله بسبب تبرير الظالم للظلم وتسويغ الفساد في الأرض وتسوية قضايا الوطن والناس كما ترتأي النفس الأمارة بالتحلي بالبراءة حتى لو غرقت في الظلم والموبقات وأكل دم ولحم وحق الإنسان … فيصبح الشعور بالتحلي والتمني بالتمثل بالبراءة بعد ارتكاب الظلم وليس قبل حدوثه ..فلو تحصنت النفس بعد بزوغها النوراني بالبراءة والنظافة لكان حصن الحياة منيعا سلفا … ولا يفعل هذا إلا ذو حظ عظيم ومن رحم ربي … لكن النزاهة والنظافة ليستا عسيرتين على الإنسان للاحتفاظ بهما طالما النفس الأمارة بالقناعة والمشاركة العادلة الموجبة للشخصية الكريمة المؤمنة بالحق ….والأخطر بجميع الجبهات أن التكويش والتحويش يدفع المرء للغلط المشين فيدفع الغلطان عن نفسه صفة الخزي والحرج بادعاء المثالية وحيوية الضمير في كل شبر يجلس فيه … فتعم ظاهرة خلو الساحة من الظالمين والفاسدين …وهذا هو نار النفس الأمارة بالسوء وليس النفس الأمارة بالفطرة والبراءة …فيرجع المجرم وناهب الحقوق لمبررات يعفي نفسه تماما منها ولا ننسى أن الظالمين العظماء في نشر أسس الظلم والفسوق والكذب وسلب الحقوق والجرم والرعب يطلعون في أغلب الحالات أبرياء .كما الحال مع إسرائيل ككيان مارق سلب الحياة والدم والحق والأرض واصطف معه قضاء العالم وتجاوز العدل جرائمه لأنه اشتط في ادعاء السلم والبراءة مع انه مكشوف وظاهر للعيان في الارض والسماء ………فأما الأشخاص الظالمون والفاسدون الذين يحتار بحكمهم القضاء المحلي لبعض الدول فيطلعون معتبرين أبرياء و غير مسؤولين .. بالطبع بقيادة كفتي الميزان المتراقصتين في نفوس رموز القضاء والعدالة … وهذا أخطر ما يحوم على رؤوس الناس … وأنا ارى أنه من اغرب ما يجري في أروقة القضاء انه حتى رمز القضاء والعدالة حينما يستمع للجاني الظالم يتعاطف معه ومع وكيله دون أن يشعر … وفي نفس الوقت يزدري المظلوم او الضحية بنظرة تتطور إلى موت تعاطف الهيئة مع المظلوم … لدرجة الإيحاء للظالم بأن الضحية يستحق !!! او ان المظلوم الله يجازيه ( الله يجازي اللي كان السبب ) …ويرتكب القضاء جرما آخر سواء كان يعرف أم لا يعرف بالتلطف بدعم وكيل الجاني بإحضار الشهود والوثائق والثبوتات والمبررات والموجبات للجرم أو الظلم أو الهتك أو النهب أو السلب ( فمثلا يقول قاض لوكيل المجني عليه أمام الجاني ووكيل الجاني : إذا المرة الجاية ما بتحضر في موعد الجلسة ساعمم عليك وأجلبك عن طريق التنفيذ … ! أو يقول للمظلوم : بسرعة جاوب بقدر السؤال باختصار لا تضيع وقت ….مش فاضي لك !!! فيشمخ الظالم ويبتسم لأن المظلوم يتعرض للقسوة بينما الظالم اسهب في الشرح والتوضيح خلال الإدلاء بالإفادة … وكان قد.تغيب عن مواعيد.الجلسات …والقاضي عليه مسؤوولية كبرى بصناعة الظالمين وهذا نزيف العدالة الذي جعل الظالم يتفرعن …ويعتقد القاضي.بأن الأمر عادي أيضا دون أن يدري أنه يغرس الثقة في نفس الجاني ويرفع من سوية روحه المعنويه … وأجزم أن جميع الظالمين والجناة حتى المحكومين بالإعدام رحلوا وهم يقسمون أنهم أصحاب حق وموجبات لارتكاب ما فعلوا …مثال ذلك قتل النساء بذريعة الشهامة وشرف الرجال … وأجزم أن رموز العدالة حينما يحققون مع أطراف القضية من جان ومجني عليه يبذلون اعظم الجهود للعثور على مسببات ومبررات وموجبات خفية وعلنية لتبرئة الجاني….مثال ذلك الوقوع تحت هبة الجنون والصرع … أو هز الرأس أمام الجاني بأن الضحية آخ منها !!! وقد شهدت جلسة في إحدى المحاكم قال القاضي : كانت دايرة على راسها ؟؟؟ وهكذا يكون القضاء عمودا رئيسيا في الخلط.بين الظالم والمظلوم بينما المجني عليه أو المأكول حقه يقف في الصف الأدنى باهتمام وسهر وتحليل العدالة ورموزها فليس في حال المجني عليه احتمال أو تأكيد جنون أو غيره …فالفاسد الناهب الظالم للوطن والمال العام يبرئه أصحاب المصالح والحواشي وبالتالي القضاء المأسوف على عدالته حينما يخشى صاحب الولاية والقرار … بعد ذلك يتربع الفاسد الظالم في طابور من المناصب تجعل للمغنم والمنصب مطمعا عند الظالمين حيث يتحكمون بالأرض ويتمخترون ببراءة الذمة !! فيعم الفساد والظلم ولا يتمكن أي سد منيع من حجب الظلم … فتجد الظالمين يتمتعون بالحظوة والتكريم والاحترام ويقسمون أنهم مصلحون والدليل هو انتصار العدالة لمعظمهم كما نرى في ساحات الوطن العربي وكسبهم للحق … وبالتأكيد هذا ما ينبع أصلا في ضمير الجاني والظالم حيث انتقل بكهروماغناطيسية التوصيل الخارق لقناعة رمز العدالة والمقاضاة … ويسري للمجتمع فتنتشر حابلة الفوضى مع نابلة الحيرة !
أما بالنسبة للأشخاص العاديين الخطائين فمن المؤكد انهم يتمنون كما ترى النفس المفطورة على نقاء الروح التي طهرها الله بأمره وقال : ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي …
وهنا يكمن سر عشق الإنسان للطهارة من الظلم وحلمه بأن لا يتهم بالظلم ولا يقع في جرم ظلم غيره وإطالة مدية الفساد علنا … فبعض الخطائين الذين اعتادوا تحليل ما حرم الله من رزق غيرهم عليهم من إرث ومال ايتام وأمانات وحقوق نساء وأرامل بعض هؤلاء مستعد للبقاء في بوتقة الإفساد والنهب وظلم غيره متماديا طالما لا ينكشف أمره …وخاصة الظلم بحقوق المرأة واليتيم وخيانة الامانة وحينما ينكشف يعود كما ولدته أمه بفطرة النقاء حاشدا جميع السبل والأسباب والطرق للحصول على البراءة … ذلك لأن البراءة أعلى مراتب الواجهة الإنسانية بالفطرة وشعاع الروح ….ومن هنا يرتعد المجتمع حينما يسمع بأن ظالما اعترف علنا جهارا نهارا بالظلم والفساد والجريمة وسوغ وبرر رغبته بارتكاب الظلم هذا والجرم قائلا : فعلت كذا وسأفعل ولست نادما ولن أندم !!! كأنه يقول : ولو قيض لي فسأفعل ذلك ولن يردعني أحد.!! فالخوف من الظالم حينما يحلل الظلم ويبيح مكانه دون خشية من فضيحة أو خزي في الدنيا والآخرة وعقاب … وفي سبيل الرجوع للحق والردع والتوقف عن الظلم طالما تنغرس امنية الإنسان بالبراءة ونفسه مفطورة الروح على جانب العدالة والحق في نظام تكوين الجسد والروح والسلوك المبرمج النظام ( العدل ) فلو رجع كل إنسان لمساءلة مدارج الروح فيه لانتعش الضمير ووقف سدا منيعا لحجب الظلم الذي هو أعظم خلل يصب في الأرض … ولذلك قال الله سبحانه : يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما … فلا تظالموا / صدق الله العظيم
…/ عائشة