مقالات
الى متى… بقلم علي الشافعي
الى متى ــ يا ايها السادة الكرام ــ الى متى ؟ الى متى نبقى ندفن روسنا في الرمال , ولا نواجه او نعترف بكثير الظواهر التي غزت مجتمعاتنا , وباتت خطرا يتهدد اركانها المهددة اصلا , ثم نستسلم للواقع ولا نبحث عن الحلول المناسبة . اتحدث اليوم عن اخطر هذه الظواهر على الاطلاق , انها ظاهرة الطلاق . بدأت هذه الظاهرة تتفشى في بلاد بني عرب , لتؤثر سلبا على النسيج الاجتماعي , خاصة اذا عرفنا ان غالبية الزيجات هي ضمن نطاق العائلة , اضافة الى تفاقم ظاهرة اولاد الشوارع , الذين لم تعد الملاجئ تستوعبهم نظر للأعداد المتزايدة يوما بعد يوم .
تشير الدراسات التي اجريت في اغلب البلدان العربية الى تنامي هذه الظاهرة سنة بعد اخرى . وسهولة اتخاذ قرار خطير من هذا النوع , وقد لا يأخذ تفكيرا كثيرا : ففي السعودية مثلا 8 حالات طلاق تقع كل ساعة وفقاً لإحصائيات وزارة العدل في المملكة لعام 2015، أي نحو 188 حالة يومياً ، عدا حالات الخلع ، وقضايا الانفصال أمام المحاكم والتي لم يبت فيها حتى الان . رغم أن غالبية السعوديين ، يعيشون في ظروف اقتصادية جيدة ، فإن خبراء علم الاجتماع وجدوا أن هذا أحد أسباب الطلاق هناك , اي سهولة الزواج للمرة الثانية إذا أراد الزوج ، كما كان الأمر سهلاً في المرة الأولى . فضلاً عن أسباب أخرى أهمها موروث اجتماعي ذكوري كضرب الزوجة او إهانتها ، اضافة للغيرة الزائدة و وسائل التواصل الاجتماعي من خلويات وفيسبوك وغيرها , ثم استقلال المرأة المالي جعلها تنفصل عن الزوج اذا احست بأدنى انواع الظلم .
في مصر: 20 حالة طلاق كل ساعة , ونظراً للظروف الاقتصادية الصعبة في المجتمع المصري فقد باتت في تزايد مستمرً . ووفقاً لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة الوزراء ، وصل عدد المطلقات عام 2014 إلى مليونين ونصف المليون رغم النظرة المجتمعية السيئة للمطلقة في العالم العربي ، اذ ان قانون الخلع في مصر منح المرأة سهولة الحصول على الطلاق ، وهو سبب رئيسي في هذا الرقم الكبير، و أن المرأة تلجأ إلى طلب الطلاق أو الخلع لأسباب عدة أهمها الظروف الاقتصادية الصعبة ، وعدم قدرة الزوج على تحمل مسؤوليات الزواج . وأشارت الدراسة إلى أن غالبية حالات الطلاق تحدث في العام الأول ، بسبب رفض الزوجة تقبل طباع زوجها وأخلاقياته وحالته المادية . لافتةً إلى أن نسبة كبيرة من حالات الطلاق التي تحدث بعد أشهر الزواج الاولى , وأضافت الدراسة : “ضمن الأسباب التي تؤدي للطلاق، الزواج خلال فترة قصيرة من دون فترة تعارف مناسبة بين الطرفين . ويعود ذلك إلى ضغط الأسرة على الابنة لإتمام الزواج خوفاً من العنوسة التي تطارد الفتيات”.
الإمارات: مع أواخر 2015 وبداية 2016، باتت محاكم دبي تسجل يومياً 4 حالات طلاق، ما يشير إلى ارتفاع ملحوظ في نسب الطلاق التي سجلت من 2012 حتى 2014، 12 ألف حالة. وبحسب آخر الإحصائيات الإماراتية، فإن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت من أسباب الطلاق ، نظراً لانشغال الزوجين بهذه المواقع طوال اليوم ، وإهمال كل منهما الآخر. وساعدت في ذلك الهواتف الذكية ، وتأتي ضمن الأسباب الأخرى الذمة المالية المستقلة للسيدات في الإمارات ، وقدرتهن على المعيشة الميسورة بعد الانفصال .
وشر البلية ما يضحك ففي العراق ــ يا دام سعدكم ــ اثبتت الدراسات ان المسلسلات التركية سبب رئيس من اسباب الطلاق , حيث سخط الأزواج دعلى واقع حالهم ، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها العراقيون ، منذ الغزو الأمريكي . وكانت مؤسسة العراق لمنظمات المجتمع المدني ، كشفت في دراسة لها أن موقع Facebook والانترنت والهواتف المحمولة ، من أسباب الطلاق في العراق . خصوصاً أن تواصل الأزواج مع آخرين عبر الانترنت يثير الغيرة والشكوك التي تؤدي إلى المشاكل الأسرية في نهاية المطاف . وقد أعلنت السلطة القضائية الاتحادية في العراق أن حالات الطلاق ارتفعت بنسبة 70% في السنوات العشر الأخيرة . وأصبحت تسجل أكثر من 60 ألف حالة سنوياً .
في تونس: تسجل 1000 حالة طلاق شهرياً، وفقاً لمركز الإحصاء الوطني التونسي ، أي نحو 4 حالات كل 3 ساعات ، وهذا الرقم يعد كبيراً هناك ، نظراً لأن المجتمع التونسي لم يتجاوز 12 مليون نسمة . وقد تحدث خبير معتمد لدى المحاكم التونسية عن أن 40% من حالات الطلاق اسبابها اقتصادية وبخاصة البطالة المتفشية في تونس .
في الجزائر: أعلنت وزارة العدل الجزائرية ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الطلاق في البلاد وصل إلى 65 ألف حالة سنوياً ، أي حالة كل 10 دقائق . وكشفت الإحصائيات عن 100 ألف طفل جزائري يقعون ضحايا بسبب انفصال الآباء . وتعزى الاسباب الى إن القوانين الجزائرية الجديدة التي وفرت للمرأة الجزائرية حقوقاً كثيرة تضمن لها التحرر من زوجها ، وتكَفّل الزوج توفير سكن لها ولأطفالها .
في المغرب : كشفت إحصائية حديثة لوزارة العدل المغربية ارتفاع قضايا الطلاق في المغرب بنسبة 80% خلال هذا العام ، معظمها بسبب الخلافات بين الزوجين . وأبرزت الإحصائية تفوق النساء على الرجال في طلبات الطلاق، إذ رفعن 26547 قضية من اصل 40728حالة رفعت للمحاكم . وبلغ عدد قضايا الطلاق للشقاق 24783 بسبب عيب في أحد الأزواج ، و1071 بسبب الإخلال بأحد الشروط المتضمنة في عقد الزواج ، و2169 قضية طلاق بسبب غياب الزوج عن مسكنه .
اما في الاردن ــ يا دام مجدكم ــ فقد اعترفت المحاكم بالطلاق الالكتروني فلم يعد الزوج مكلفا برمي اليمين امام المرأة , بل بكفي ابلاغها برسالة نصية لتصبح خارج بيت افنت عمرها في بنائه . وقد وصلت حالات الطلاق في الأردن إلى نحو 15 ألف حالة سنة 2015 ، بزيادة سنوية 1000 حالة عن سنة 2014 اما الاسباب فلا تختلف كثير ا عن غيرها في البلدان العربية كالخيانة الزوجية ، والجفاف العاطفي ، وعدم الانجاب ، والفقر والبطالة . اضافة الى متطلبات الزوجة واهلها التي تثقل كاهل الزوج , فتجعله يستدين , ثم لا يستطيع الايفاء بالتزاماته بعد الزواج , فيقع الشجار والزقار والنقار الذي يؤدي في اغلب الاحيان للانفصال .
وبعد ــ ايها السادة الكرام ــ فكما لاحظتم ليست المسالة متوقفة عن انفصال زوجين , بل ما يترتب على ذلك الانفصال من تبعات تعصف بالمجتمع , وتنتج جيلا لم يتربوا في احضان والديهم , ولم يتلقوا الرعاية والعناية والتربية اللازمة , فماذا تكون النتيجة ؟ لذلك فاذا ما اردنا حلا لهذه الظاهرة فلا بد من تضافر جهود الدولة والمجتمع والمدرسة , اذ لا بد من تعريف الشباب قبل الاقدام على الزواج بمعنى الاسرة واهميتها كونها الحاضنة الدفيئة لأكرم مخلوقات الله , وان الجهوزية ليست فقط جهوزية مادة او سن , انما جهوزية تفكير وفهم , فيعرف كل فرد من افراد الاسرة دوره الحقيقي في بنائها , فلا يتعدى احد على دور الاخر . فالزوج له دور وعليه واجبات وله حقوق , والزوجة ايضا لها دور وعليها واجبات ولها حقوق . والاطفال لهم حقوق وعليهم واجبات . وحتى يتم ذلك كله ارى انه لا بد من تدريس مساق في المدرسة والجامعة ويكون متطلبا للنجاح , بعنوان التربية الاسرية اسوة باليابان التي تدرس من الصف الاول الاساسي مساقا بعنوان مبادئ الاخلاق . طبتم وطابت اوقاتكم .