الصحه والجمال
العقل السليم في الجسم السليم – الغذاء الصحي المتوازن
موضوع يتسع فيه الكلام، لكن باختصار يمكننا، إذا أردنا! اعتماد نظام غذائي سليم من الناحيتين النوعية والكمية، فعلينا تنظيم وجبات الطعام وتحديدها، مع الامتناع عن تناول الطعام بين الوجبات.
وهكذا نبدأ التزود بنوعية طعام يحتوي على القليل من الدهون الحيوانية والزيوت المشبعة بالأحماض الدهنية مع الاعتياد على تقنين كمية اللحوم (ثلاث مرات أسبوعياً من اللحوم الحمراء ومرتان من الأسماك أو الدجاج ومرتان من أصناف الحبوب المتنوعة: فول، عدس، فاصولياء مجففة.. وهي التي تؤمن للجسم الكمية اللازمة نفسها من البروتين).
وفي دراسة أميركية أجرتها «المجلة الأميركية لأمراض الجهاز الهضمي» على نصف مليون شخص ممن يتناولون اللحوم، الحمراء لمدة عشر سنوات وبطرق تحضير وكميات مختلفة، تبين أن هؤلاء معرضون لخطر الإصابة بسرطان المعدة، إلى جانب دراسة أخرى سبقتها وألقت الضوء على زيادة إمكانية الإصابة بسرطان القولون أو الشرج عند تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء.
وفي ضوء ذلك تبدو أهمية الاعتدال في تناول هذه اللحوم، لأن كثرة الحصول عليها لا تعني الغنى والترف والكرم، كما أن قلة تناولها لا توازي الفقر أو البخل، رغم عدم تمكن بعض الطبقات الاجتماعية من ابتياعها إلا فيما ندر فحسب، بل ينم عن نمط عيش ومستوى تثقيف صحي لمعرفة ماذا نأكل، كم وكيف نأكل، ما هو الضروري، المفيد لجسمنا والذي يمكننا الوقاية من أمراض نتعرض لها في فترات لاحقة من حياتنا.
كما يمكننا اعتماد الهرم الغذائي المؤلف من أربع طبقات: في قسمه السفلي توجد الحبوب على أنواعها (قمح، ذرة، شوفان، أرز) إلى جانب المعجنات. أما الطبقة الثانية فتحوي الخضار والفاكهة وفي الطبقة الثالثة نجد اللحوم (الحمراء، والبيضاء من الأسماك والدجاج والطيور..) ناهيك عن البيض والحليب والألبان والأجبان والمكسرات. في الطبقة الرابعة من الهرم تتواجد الزيوت والسمنة والزبدة والكريما والمارغارين والحلويات المشبعة بالدسم.
نشبه هذا الهرم ببناء مؤلف من أربعة طوابق وعلى الإنسان صعوده، كلما صعد المرء طابقاً منه، بذل جهداً إضافياً (وهذا بالشيء الجيد لأنه يصرف السعرات الحرارية!)؛ أما بالنسبة إلى محتويات الهرم الغذائي فكلما ارتفعنا ازداد تمويننا بالمواد الدسمة والشحوم والزيوت المضرة للصحة. الحكمة في الموضوع ترتكز على التوازن في الاختيار والتنويع بين مجموعة العناصر الأربعة، من أجل تحضير وجبة غذاء صحية (فلا نختار صنفين من نوع واحد، كأن تحوي الوجبة سمكاً ودجاجاً أو دجاجاً ولحماً، على سبيل المثال).
من هذا المنظور تبرز أهمية توازن غذاء الإنسان، من خلال اختيار ما هو صحي وأكثر فائدة من أقسام الهرم الأربعة، لا سيما بالإكثار من الخضار والفاكهة والتي تحوي على الكثير من الفيتامينات الضرورية لوظائف الجسم، هذا إلى جانب الأملاح المعدنية المفيدة ومواد ولكن بكميات قليلة جداً.
ومن أجل نظام غذائي خال من الدهون المضرة، يفضل الابتعاد عن الزيوت الحيوانية المشبعة بالدسم، والاعتماد على الزيوت النباتية التي نحتاجها لطهي الطعام أو تحضير بعض الأطباق، لما لها من منافع صحية، حيث تحوي على كمية جيده من «الكولسترول» الحميد أو عالي الكثافة (HDL) الذي يحد من ترسب المادة الدهنية على جدار الشرايين؛ يتواجد هذا الصنف الجيد في: زيت الزيتون (النيئ) وزيوت دوار الشمس وفول الصويا والذرة والأفوكا وغيرها.
كما ينصح الإقلال من تناول اللحوم الحمراء أو أن نستبدل بها اللحوم البيضاء، الأقل دسماً، والابتعاد عن أطباق الطعام المقلية وتفضيل المشوي منها؛ كما من المهم مراقبة كمية الطعام وتناولها باعتدال (إذا أردت أن لا تأكل كثيراً.. صغّر صحنك!) بما يوفر الغذاء اللازم للجسم ويؤمن كمية من السعرات الحرارية قابله للاستهلاك اليومي، حسب الحاجة لكل فرد، بما يقوم به من مجهود (جسدي، فكري..)، وإلا وقعنا في شرك البدانة والسمنة مع التعرض للأمراض والمضاعفات التي تنجم عنها.
من المهم أيضاً الحديث عن النشويات، الموجودة بنسب عالية، في الخبز والحبوب (حمص، عدس، فول…) والمواد السكرية التي تحويها الحلويات والمربيات والجاتو والدبس وبعض الفواكه المجففة والطبيعية (الموز، التين..)، إلى السكر المستعمل في المنزل؛ والمشروبات الغازية (أغلبها يحوي على كمية 25 بالمئه من السكر) والعصير الُمعلب وغيرها، وضرورة الاعتدال في استهلاكها لأن الفائض منها يتراكم في الجسم على شكل شحوم.
لن ننسى ملح الطعام والذي يشكل مادة يحتاجها الجسم في عملياته البيولوجية والفيزيولوجية، لكن بكميات قليله جداً، والاستهلاك الزائد منه يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم الشرياني؛ لا سيما لدى الأشخاص الذين يعانون من هبوط في وظيفة القلب أو الذين يعالجون من اضطرابات في الكلى أو غيرها مثل «الوذمة» أو التورم. لذا ينصح الإقلال من تناول ملح الطعام (الذي يحوي على مادة الصوديوم ودوره الأساسي في هذا الارتفاع،