مقالات

الزباخ: التربية مشروع حضاري يحتاج التحرّر من سلطة السياسة وتيار العولمة

قال الأكاديمي والمسؤول السابق على المستوى الجغرافي ذي الأغلبية المسلمة، مصطفى الزباخ، إن “التربية بالأساس رسالة قيمية”، وهي “مدعوة في قيمها ومناهجها إلى فك الاشتباك بين الأصالة والحداثة، والذاتية والغيرية، والعقل والنقل، وينبغي أن تجيب عن سؤال: كيف نبقى أصلاء دون انغلاق؟ ونصبح معاصرين وحداثيين دون ذوبان؟ بفك الاشتباك القائم؛ لأننا لا نريد الإنسان ذا البعد الواحد، بتعبير ماركوزه، بل الإنسان متعدد الأبعاد”.جاء هذا في مائدة مستديرة نظمتها كلية علوم التربية، الأربعاء، بتعاون مع “مؤسسة زاكورة للتربية” و”منظمة المجتمع المدني الدولية لقيم المواطنة والحوار والتنمية”، وذكر فيها الزباخ الذي درّس بكلية علوم التربية، وكان مديرا لمديريات التربية والثقافة والتخطيط والتقييم بمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة، والأمانة العامة لاتحاد جامعات العالم الإسلامي، (ذكر) أن ما عاشَه في المغرب وعديد من دول العالم الإسلامي من وجود “انبهار بالحداثة بشكل طفولي عفوي، أثّر على التربية”، انطلاقا من “مفهوم القطيعة مع التراث، والتشكيك في القيم والمرجعيات والهويات”، وهذا بالنسبة للمتدخل “حداثة شكلية”، غير الحداثة المطلوبة “بمفهوم القيم الإنسانية المشتركة”.

صاحب كتاب “مشروع قراءة تأسيسية لنظرية التربية في تراثنا بين التأصيل والتحديث” دافع في مداخلته عن “تحرر التربية، وتحقيق سيادتها”، قائلا: “الأدبيات التربوية والخطاب التربوي يحتاجان تحقيق استقلالهما وحريتهما من سلطة السياسة، وأقصد بها أي سلطة حزبية أو إدارية وغيرها، والتحرر من سلطة الهيمنة؛ لأن الاستلاب يقع عندما تصير التربية مرددة لمفاهيم وإيديولوجيات وتيارات… وهو ما يتطلب أيضا التحرر من تيار العولمة المنمِّط للقيم”.

ونادى رئيس منظمة المجتمع المدني الدولية لقيم المواطنة والحوار والتنمية بـ”رفع منسوب الوعي بالتربية في التراث العربي الإسلامي”، وقدّم أمثلة من بينها أن “المعرفة عن طريق اللعب تحدث عنها الغزّالي في [الإحياء] وقال إن منع الطفل من اللعب يميت القلب، كما نظرية التربية الوالِدية، الواردة في الحديث النبوي [كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجّسانه]، أما الديمقراطية والمساواة في التعليم والتعلم، فورد معناها مع بن سحنون في كتابه [آداب المعلّمين]”.

وانتقد مصطفى الزباخ أيضا “العبثية” بوصفها نظرية “أفقدت المعنى الغائي للمنتج المعرفي، تربويا كان أو ثقافيا”، و”نظرية الصراع الحضاري” التي “أثّرت على الوضع التربوي في العالم”، كما أبرز الانعكاسات السلبية لتصوّرات “نزعت دور القوامة والقدوة في الأسرة”، و”نزعت قيم المشترك الإنساني”، قبل أن ينادي بالانتباه إلى أن “التربية مشروع تنموي اجتماعي وحضاري، حتى يَرحل بالإنسانِ، مصنع التربية من مؤسسات وخطط واستراتيجيات، من الإنسان الحيواني إلى الإنسان الإنساني”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق