مقالات

قراءة في كتاب القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (22)

بقلم: د. محمّد طلال بدران -مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلاميّة-

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
* العهد القديم (11)
نستمر مع قراءتنا للكتاب الذي بين أيادينا ونتناول
في هذه المقالة: الطوفان (2)
تناولنا في مقالة الأمس موضوع طوفان نوح -عليه السلام- كما جاء في الإصحاحات (6.7.8) ووصلنا عند نقطة تحقيق العلم الحديث في هذه النصوص حيث يقول بوكاي: ” إن المعطيات التاريخية تثبت استحالة اتفاق هذه الرواية مع المعارف الحديثة، والواقع أن عصر إبراهيم يُحدد بالسنوات (1800- 1850) ق.م تقريبًا، فإذا كان الطوفان قد حدث قبل ثلاثة قرون من إبراهيم، كما يوحي بذلك سفر التكوين في الأنساب، فإن الطوفان يقع في القرن: (21 أو 22 ق.م) وذلك هو العصر الذي كانت قد ظهرت من قبله في نقاط مختلفة من الأرض حضارات إنتقلت أطلالها للأجيال التي تليها، إن المعارف التاريخية الحديثة تسمح بتأكيد ذلك، فعلى سبيل المثال فهذه الفترة بالنسبة لمصر هي التي تسبق الدولة الوُسطى (2100 ق.م) وهذا بالتقريب هو تاريخ الفترة الوسطى الأولى قبل الأسرة الحادية عشر، وفي بابل أسرة أور الثالثة، ومن المعروف جيّدًا أنه لم يحدث إنقطاع في هذه الحضارات، وبالتالي لم يحدث إعدام يخص البشرية برمّتها كما تقول التوراة”.
– ويخلُص بوكاي إلى أنه لا يمكن بذلك اعتبار أن روايات التوراة الثلاث تصف للانسان أمورًا تتفق مع الحقيقة، وإذا أردنا أن نكون موضوعيين فلا بد أن نقبل أن هذه النصوص التي وصلت الينا لا تمثّل تعبير الحقيقة، ويَطرحُ هنا التساؤل الآتي: هل أنزل الله شيئًا غير الحقيقة؟ ويجيب على تساؤله الافتراضي هذا الذي طرحه بقوله: الواقع أنه من غير الممكن تصور فكرة إلهٍ يُعلّمُ الناس الاستعانة بأوهام، بل بأوهام متناقضة، ومن الطبيعي أن يثير ذلك أفتراض وجود تحريفٍ بواسطة البشر إما في الأقوال المتوارثة التي انتقلت شفهيًا من جيل إلى جيل آخر أو في النصوص بعد تحديد هذه الأقوال المتوارثة، وعندما نعرف أن سِفر التكوين قد تم تعديله على الأقلّ مرّتين على مدار ثلاثة قرون، فكيف نُدهش حين نجد فيه أمورًا غير معقولة، أو روايات يستحيل أن تتفق مع واقع الأشياء، منذ أن سمح تقدم المعارف البشرية، إن لم يكن بمعرفة كل شيئ فعلى الأقل بامتلاك معرفة كافية عن بعض الأحداث التي تسمح بإقامة الحكم على درجة اتفاق الروايات القديمة بهذه المعرفة.. (الصفحتين: 55.56) وللحديث بقية ولكن حول عنوانٍ جديد من عناوين الكتاب وهو: مواقف الكُتّاب المسيحيين تجاه الأخطاء العلمية في نصوص العهد القديم ودراستها النقدية. فانتظرونا في مقالة الغد بارك الله فيكم.
– مقالة رقم: (1611)
15. ذو القعدة. 1445 هـ
د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق