نشاطات

في الجزائر: درس حول عذاب القبر في العلوم الطبيعية

يلفت مدير مخبر الدراسات الاجتماعية والنفسية والأنثروبولوجية (علم الإنسان) بالمركز الجامعي بغليزان (غربي الجزائر) البروفيسور سيكوك قويدر في تصريح بعام 2015 إلى أن المدرسة الجزائريةساهمت خلال العشرية السوداء في “إنتاج التطرف” بسبب المناهج التي كانت تحث على العنف.

ولم تمر تصريحات قويدر من دون إحداث ضجة في أوساط المنتمين لسلك التربية بالجزائر، إلا أن الأخير أكد أن حكمه ناتج عن تجربة شخصية.

درس حول عذاب القبر في العلوم الطبيعية

وخلال مداخلته ضمن يومين دراسيين حول تحدّيات الإصلاح في المنظومة التربوية في خضم العام الدراسي المنصرم، قال البروفيسور سيكوك إن البرامج الدراسية كان لها دور كبير في التشجيع على العنف، “بدليل أنّ عدّة أساتذة ومعلّمين وتلاميذ تحوّلوا إلى إرهابيين خلال تلك الفترة”.

واستشهد البروفيسور سيكوك بالحادثة التي عاشها شخصيا حينما كان معلما بإحدى المتوسطات غربي الجزائر وكيف فاجأه بكاء بعض التلاميذ بالصف المجاور للحجرة التي كان يدرس بها. وقال “تفاجأت لأن سبب البكاء كان سماع التلاميذ لرواية أستاذ العلوم الطبيعية يلقنهم فيها درسا حول عذاب القبر”.

من جانبه، أكد الدكتور بوعفاد مصطفى، أستاذ جامعي بكلية العلوم الاجتماعية في حديث لموقع (إرفع صوتك)، أن التغييرات التي أحدثت في مناهج التدريس مؤخرا بدأت تأتي بنتائج “لأننا نرى اليوم شبابا مقبلا على الحياة بدل الجيل الذي كان منغلقا على نفسه ويترجى الموت في الجبال”.

رفض

ونفى مسعود عمراوي رئيس شبكة الإعلام للاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن تكون المدرسة الجزائرية وراء تصاعد العنف والتطرف، متسائلا عن السبب الحقيقي وراء الاتهامات التي يوجهها “دعاة “تغريب” المدرسة الجزائرية للمنظومة التربوية.

“إذا كانت المدرسة الجزائرية وراء تخرج دفعات الإرهابيين فمن كان وراء تكوين رجال الدرك والشرطة والجيش الذين استبسلوا في محاربة الإرهاب؟”، يتساءل عمراوي.

“بن زاغو”.. القضاء على التطرف؟

وعرفت المنظومة التربوية بالجزائر سلسلة إصلاحات استجابة لسياسات الحكومات المتعاقبة، كان أولها في تشرين الثاني/نوفمبر 1976، وتمثلت بإرساء أسس وقواعد المنظومة التربوية في الجزائر. تلتها إصلاحات سنة 1991. إلا أن إصلاحات 2003 أو ما يعرف بالجزائر بإصلاحات ” بن زاغو”، نسبة لاسم رئيس اللجنة علي بن زاغو، هي التي أثارت الكثير من الجدل منذ ما يقارب الـ13 عاما.

ولعل أبرز المآخذ التي يرفضها المنتقدون هي تدعيم اللغة الفرنسية على حساب العربية و”تهميش” مناهج التربية الإسلامية والهوية الوطنية عموما.

“لم تقضِ إصلاحات بن زاغو على التطرف في المدرسة الجزائرية بل ساهمت في  تغريب المدرسة وضرب مقومات الأمة”، يقول مسعود عمراوي.

دخول مدرسي على صفيح ساخن

ويتساءل رئيس شبكة الإعلام للاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين حول السبب وراء جعل التربية الإسلامية مادة اختيارية في شهادة البكالوريا ابتداء من الدخول المدرسي الجديد. ويقول “هل يعتقد مناصرو إصلاحات بن زاغو أنهم يتخلصون من العنف والتطرف بتهميش التربية الإسلامية واللغة العربية ؟ كيف يمكن أن نقبل بأن تصبح اللغة العربية مادة اختيارية في امتحان البكالوريا؟”.

وختم الرجل قوله “ننتظر دخولا مدرسيا على صفيح ساخن هذه السنة”.

وردت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط التي كانت عضوا في لجنة بن زاغو سنة 2003 على منتقدي الإصلاحات في تصريحات صحافية سابقة بأن الخلل الذي تعيشه المنظومة التربوية “لم ينجم عن إصلاحات لجنة بن زاغو بحد ذاتها، بل عن عدم تطبيق التوصيات التي أقرتها اللجنة بحذافيرها”.

وبعد سنتين من توليها الوزارة، نجحت بن غبريط في إدخال التعديلات على المناهج التي سيتم تدريسها بدءاً من هذا العام.

ثقافة السلم.. البديل

ويعوّل أولياء التلاميذ على التغييرات الجديدة التي طرأت على مناهج المقررات الدراسية بالنسبة للسنوات الابتدائية لإعادة بعث فرص التعلم الصحيح لأبنائهم وهو الأمل الذي يعبر عنه مجموع من تمكنا من الاتصال به في موقع (إرفع صوتك).

ويؤكد جمال خربي وهو أب لطفلين في السنة الرابعة من التعليم الابتدائي أنه ينتظر بفارغ الصبر الاطلاع على المناهج الجديدة علها تدعم اللغات أكثر من الماضي.

“أتمنى أن يتعلم طفلي اللغات لأن أبنائي الكبار بالجامعة لا يكادون يكتبون إلا العربية وهو أمر لا يعقل بعد أكثر من 13 عاما من التدرج بأقسام المدارس، لعل الاصلاحات تؤتي أكلها هذه المرة”.

وللسيدة نفيسة مهني ذات الأمل حيث تقول لموقع (إرفع صوتك) “لا بد من تجربة مناهج جديدة كفانا تلك التي أفشلت جيلا كاملا وأنتجت شباب منغلقا على نفسه لا يتقن إلا العربية ولا يعرف من ثقافات الامم إلا الأفلام، لا بد أن نلقنهم ثقافة السلم”.

ومن جانبه، يؤكد السيد بريهمات علي، رئيس جمعية أولياء التلاميذ بمدرسة علي شكير بأعالي العاصمة، في حديث لموقع (إرفع صوتك) أنه يتمنى أن يتم تحضير الجيل الجديد لتحديات العالم المتطور “وأن نتمكن من صرف نظرهم عن السياسة والتطرف، لأن ذلك لا يخدمهم ولا يخدم الإنسانية في شيء”.

*الصورة: “نرى اليوم شبابا مقبلا على الحياة بدل الجيل الذي كان منغلقا على نفسه”/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مقالات ذات صلة

إغلاق