مقالات
قراءة في كتاب القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (11)
بقلم: د. محمّد طلال بدران -مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلاميّة-
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
مقدمة الكتاب (5)
هذه هي المقالة الأخيرة التي اتناول فيها مقدمة كتاب العالم موريس بوكاي، وكنا قد توقفنا في مقالة الأمس عند تصريح بوكاي عما وجد في الإناجيل من تناقض فيما بينها، وبأنها لا تتفق مع المعارف الحديثة الخاصة بقِدَمِ الإنسان على الأرض، ويضيف بوكاي: ” غير أنّ وجود هذه الأمور المتناقضة وتلك التي لا يحتملها التصديق وتلك الأخرى التي لا تتفق مع العلم، لا يبدو لي أنها تستطيع أن تُضعف الإيمان بالله، ولا تقع المسئولية فيها على البشر، ولا يستطبع أحد أن يقول كبف كانت النصوص الأصليّة وما نصيب الخيال والهوى في عملية تحريرها، او ما نصيب التحريف المقصود من قِبَلِ كتبةِ هذه النّصوص، أو ما نصيب التعديلات غير الواعية التي أُدخِلت على الكتب المقدسة، وإن ما يصدمنا حقًا في أيامنا هذه أن نرى المتخصصين في دراسة النصوص يتجاهلون ذلك التناقض والتعارض مع الحقائق العلمية الثابتة، أو يكشفون عن بعض نقاط الضعف ليحاولوا التستر عليها مستعينين في ذلك ببهلوانيتٍ جدلية… وان استخدام هذه الوسائل للتستر على تناقض أو على أمرٍ بعيد التصديق مما يسمونه (صعوبة) استحياءً قد كان ناجحًا في كثير من الأحيان، وهذا ما يفسر لنا كيف أن كثيرًا من المسيحيين ظلوا يجهلون نقاط الضعف الخطيرة في كثيرٍ من المقاطع في العهد القديم وفي الأناجيل…”
– لقد قسّم بوكاي كتابه هذا الى ثلاثة اقسام تناول فيها مضامين الكتب المقدسة الثلاثة مقارنة بالعلوم والمعارف الحديثة وتوصل فيها إلى ما تم ذكره في مقالة الأمس، ويضيف بوكاي: “أما الجزء الثالث فسيجد فيه القارئ امثلة توضيحية لتطبيق العلم على دراسة أحد الكتب المقدسة؛ -يقصد هنا القرآن الكريم- وهو تطبيق لم يكن ليتوقعه الإنسان، كما سيجد القارئ في ذلك بيانًا لما قد جاء به العلم الحديث الذي هو في متناول كل يد من أجل فهمٍ أكمل لبعض الآيات القرآنية التي ظلت حتى الآن مستغلقة أو غير مفهومة ولا عجب في هذا إذ عرفنا أن الإسلام قد اعتبر دائمًا أن الدين والعلم توأمان متلازمان، فمنذ البدء كانت العناية بالعلم جزء لا يتجزأ من الواجبات التي أمر بها الإسلام، وأن تطبيق هذا الأمر هو الذي أدى إلى ذلك الإزدهار العظيم للعلوم في عصر الحضارة الإسلامية، تلك التي اقتات منها الغرب نفسه قبل عصر النهضة في أوروبا، وأن التقدم الذي تم اليوم كان بفضل المعارف العلمية في شرح بعض النصوص القرآنية التي لم تكن مفهومة أو في شرح بعض ما أُسيء فهمه وتفسيره عن عمد حتى الآن من آيات القرآن ليُشكّل قمة المواجهة بين العلم والكتب المقدسة..”
وللحديث بقية في مقالة الغد بمشيئة الله تعالى فكونوا على موعدنا المتجدد بارك الله فيكم.
– مقالة رقم: (1600)
04. ذو القعدة. 1445 هـ
: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)