سؤال وجهه أحدهم إلى الدكتور الطيب ابو سن
لنستمع إلى الآراء والإجابات :
وهذا راي آخر يعيب على اللغة العربية عدم انتشارها عالميا
الرأي
اللغة العربية تواجه العديد من المصاعب التي تحد من انتشارها كلغة عالمية يعتمد عليها لاحتواء هذا الكم المستحدث من المفاهيم العلمية والتقنية فنجد استعارتها الخجوله من اللغات الاخري لا تفي بالغرض المطلوب..من دراستنا يتضح لنا بأن اللغة العربية ليست ذات مدلولات محددة للمعني المعين ونشهد في مجالات عدة ذاك الصراع والتناقض والمفاهيم المتباينة في مسألة ما بين اصحاب اللغة نفسها ومرجع ذلك المعاني المطاطية للمفردة العربية..اللغة الانجليزية مثلا..وهذه وجهة نظري وتجربتي..لغة معبرة جدا يمكنك من خلالها توصيل افكارك بسهولة بجانب انها لغة(رقمية )بمعني غير مغلقة علي نفسها وليست عليها قوانين صارمة تمنعها من قبول الإضافات والتطور..لا اري ان اللغة العربية مؤهلة للعب الدور الريادي في المستقبل…
وهذا رد من احد المترجمين
السلام عليكم ورحمة الله ،إذا كان لي أن أضيف شيئاً هنا فهو التذكير بما يلي:
أولا: الكلام عن أن فنون البلاغة من البديع والبيان هي محض إطناب وبعد عن الواقعية وإلهاء للباحث عن المعنى: ينبغي أن نقر أنها ما وضعت أصلا إلا لغرض هو بالعكس من ذلك وهو ألإبانة عن خلجات النفس واستخدام تلك الأساليب والإفادة من ثراء اللغة ومعينها في تحشيد الصور ،بغية ذلك الفرض وهو إيصال المعنى القائم بالنفس ولذا سموا ذلك العلم علم البيان لإبانته عن المراد.
أما القول بأن البلاغة تحيل اللفة العربية إلى لغة غير واقعية، بسبب استعمال الصور المتخيلة من تشبيه واستعارة ، ما يصعب من مهمة الباحث العلمي الذي يريد رصد الحقائق وبالتالي فاللغة العربية لا تصلح لغة للبحث العلمي، فينبغي للرد على ذلك باعتبار من هو ذلك الباحث وما هي لغته وما هي خلفيته.فإن كان الباحث عربي اللسان ويكتب البحث أو الكتاب باللغة العربية لقارئ عربي ،فما وجدنا لذلك الإشكال أثرا عندما كتب الرازي وابن سينا على سبيل المثال كتبهما ،لأن اللغة العربية كانت لغة الباحث التي شكلت وعيه بالمفاهيم ذاتها التي صاغها في كتبه وابحاثه ونظرياته وبالتالي فاللغة لا يمكن أن تكون حاجزاً لأنها بالأساس امتداد لتشكل ذاك الوعي العلمي ومظهر من مظاهره، لأن الكاتب كان يفكر بها ويحدث نفسه بمفرداتها ،فقد كانت حاضرة في كل مراحل صوغ النظرية والبحث.
وهنا إشارة مهمة لابد منها وهي أن القرآن الذي خلد لغة العرب قبل الإسلام وشكل أهم معين لها بعد الإسلام، قد استخدم تلك الأساليب البيانية والبلاغية ،واقرأوا إن شئتم قول الحق سبحانه (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار) وقوله جل وعلا(اهدنا الصراط المستقيم) وغير ذلك مما استخدم فيه القرآن أسلوبا أدبيا لإيصال حقيقة علمية، وبالتالي فهنا فرق جوهري بيننا والفرنجة إذ ليس يلزم عندنا أن تكون اللغة العلمية صحراء قاحلة ،ليس فيها إلا مفردات جامدة.ولا يلزم بالتالي أن ننتتقص من لغتنا لكونها لا تجري على أسلوبهم وطريقتهم.
أما إذا كان الباحث هذا أعجمي اللسان وينقل من كتبنا ويترجم ما فيها، فيلزمه أن يبلغ مبلغ الإجادة للغتنا والمعرفة بأغوارها ونجودها ،فينقل عنها كما هي بأساليبها العلمية التي تعتمد الأدب كما قلنا سبيلا لبيان المعلوم والمشهود.
أما الكلام عن تعقيدات النحو ،فهي نسبية ،يعني أن العربي قبل ألف سنة مثلا، ما كان يجد ذلك معقدا ،لأنها تراكيبه المعتادة التي سمعها من أمه وأبيه وأقرانه، وتحدث بها منذ صغره ، وما كانت شيئا يدرسه ويتعلمه بالدربة والمران.
الآن ما الذي تغير؟ غابت اللغة العربية من مناحي حياتنا ،فما صرنا نتحدثها إلا على الخطب والدروس ،وسمحنا لمفرداتها بالتقهقر أمام سيل العولمة والكلمات الدخيلة ، وأبعدنا صغارنا عن تراثهم الأدبي ،ثم جئنا نشكو تعقيد النحو ونلوم لغة الضاد. علام نلومها؟ هل أنتجنا منتوجا علميا فعجزت لغتنا عن استيعابه وتحمله؟ هل عجز الفطاحلة من المترجمين عن ترجمة ما توصلت إليه العلوم والثقافات؟ لا شك إنكم لا تجهلون أنه إذا قعدت لغتنا فذلك ليس إلا مظهرا من مظاهر خمولنا وبعدنا عن التأثير على المشهد الإنساني.
طرح واستفسار من احد الحاضرين يستفسر من الدكتور الطيب
جزاك الله خيرا دكتور. والله نكون شاكرين ومقدرين اذا تفضلت علينا بلقاء أو نقاش في موضوع *تصحيح عبارات الترجمة والتعريب* عبر منصة زوم لمنتدى المترجمين السودانيين.
فماذا اجاب
هذا ردٌ ردَّ إليَّ آنفاسي بعد احتباس.
لا تعقيد ينتاب اللغة العربية ، فهي عربية من الإعراب أي الإبانة عن الذي بالخاطر يجيش ، وعن إزاحة الغموض عن العبارة كتابةً وحديثاً وإشاره.
هجرانها أصابنا بالصمم والبكم وانحسار الفهم؛ فهي سليقية تحكي قصتها قصة الفتاة العربية التي بعثها أبوها إلى معلم يساعدها على تقويم لسانها ، فرجع المعلم بالفتاة إلى أبيها وهو يقول : ابنتك هذه عصيَّةُ اللسان ، لا تستجيب للتلقين . قال الوالد: ما الذي وقف حايلاً دون تعلُّمِها؟ قال المعلم: أحببت تخفيف المتابعة عليها فبادرتها بقولي : تبت يدا، فأبدت إصراراً على قولها : (تبت يدان).
قال الوالد: والله يا أخي إنك لقليل الخالات بالدهناء ، كنايةً عن عطب ألمَّ بلسانه. صِلْ حديثك يا أخي ، فالنون لا تُحذفُ إلا عند الوصل، فخاطب الوالد ابنته قائلا: ردِّدي ( تبت يدا أبي لهب وتب) فإذا بها وبلا تردد وبصوت ملائكي: تبت يدا أبي لهب وتب.
الصعوبات التي تواجهنا هي نتاج لرحيلنا عن مضاربها ، وغيابنا عن منابتها ثم العودة إليها بعد قرون ، وبعد أن واجهتنا بوحشيتها ، حاولنا التودد إليها بعلوم نحوٍ وقواعد ضبطٍ ونحن نحلم باسترداد سليقة الفتاة التي أثبتت النون في حالة غياب المضاف إليه دون أن تحتاج لكتاب النحو والإعراب .
نحتاج لجهود تتواصل ، وأسأل الله عز وجل أن يمنحني العمر والقدرة على تقديم جُهد المقل بجَهد المجتهد في مجالات المفهومات المخطئة عن مداخل واحات العربية بدءاً بتصحيح معاني عبارات الترجمة والتعريب ، وفقه اللغة ، ودقايق الدلالات من احتباك وتبعيض واشتمال ، وإظهار وإضمار وغير ذلك من كنوز المعرفة الدَّالَّة على تقييم الحال ، وتقويم المآل.
والله من وراء القصد.
الدكتور الطيب أبوسن.