مقالات

هل مر النبي عليه الصلاة والسلام من الزرقاء أو نام بها؟ بقلم الكاتب. والشاعر حسن منصور

هل مر النبي عليه الصلاة والسلام من الزرقاء أو نام بها؟
——————————————————–
هذا موضوع شائك حقاً، ولا بد من الحذر والاحتكام إلى الدلائل القاطعة عندما يقول الإنسان شيئاً، وكل يجتهد بما يسر الله له من إمكانيات مادية أو عقلية وعند الإنسان القدرة على محاكمة الأمور والوصول إلى نتيجة ربما تكون قاطعة لكل شك ومقنعة لكل الناس، أو تكون مقنعة لبعضهم لسبب من الأسباب… وهذه هي طبيعة البشر والحياة. نريد في البداية أن نسلّم بأشياء ثابتة لا شك فيها وهي أن النبي عليه الصلاة والسلام ذهب من مكة إلى بلاد الشام في تجارة لخديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فهذا شيء مفروغ منه. ومن الحقائق البسيطة التي لا جدال فيها أن القوافل التجارية كانت تقف عند محطات على طول الطريق من مكة إلى بلاد الشام، وهذا يعني أنها لا تقف إلا في مكان فيه خدمات، وتتوفر فيه احتياجاتها وأولها وأهمها الماء بطبيعة الحال. هذه أشياء لا يجهلها أحد. وبما أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في مثل هذه القوافل فهو ينزل حيث تنزل ويسير حيث تسير، وهنا يحق للمرء أن يسأل [بتجرد تام] ما هو الأثر [العيني أو المادي] الذي يدل على أنه عليه الصلاة والسلام نام في مكان معين دون غيره. وقبل هذا هل هناك ما يؤكد أن أحد طرق التجارة بين مكة وبلاد الشام كان يمر من هذه البقاع دون أي شك؛ بمعنى أنه هل تم اكتشاف آثار تدل على سير القوافل على هذا الطريق دون غيره؟ إن علم الآثار يعتمد في تقاريره على ما يجده من مخلفات وآثار الأمم الغابرة ويستعمل أدواته العلمية وتقنياته المتقدمة في البحث والتحليل والتدقيق والمقارنة وغير ذلك ثم يخرج لنا بتقريره العلمي المستند إلى واقع لا شك فيه. وربما اعتمد علم الآثار على شيء آخر هو الوصف الذي يرد في كتب التاريخ القديمة التي تم تأليفها في وصف حضارة معينة، وأحياناً تكون مثل هذه الكتب دليلاً مرشداً لعالم الآثار المنقّب عن معالم وأدوات من الحضارة المبحوث فيها وعنها. إن ما يدعو المرء إلى الشك في كون الرسول عليه الصلاة والسلام جلس تحت شجرة (بعينها) أو في مكان بعينه هو أن طول الزمن الذي مر يجعلنا نستبعد أن تكون تلك الشجرة حية إلى الآن، وهو أكثر من 1400 سنة كما يعلم الجميع، وعلى كل حال فبالإمكان معرفة عمر أي شجرة يُظن بها ذلك. وثانياً ما هو الأثر المادي أو العيني الذي يدل دلالة أكيدة على أن النبي نام هنا أو هناك؟. إن عوامل التعرية الجوية من حرارة شديدة وبرودة تمسح أي أثر مع طول الزمن ما لم يكن هذا الأثر راسخاً ومستقراً (خاصة في الأجواء الصحراوية المعروفة)، فمن قال بأن النبي عليه الصلاة والسلام نام هنا أو هناك (أو قالَ) تحت شجرة معينة فعليه أن يقدم الدليل المادي على ذلك، ولا أعتقد أن الموضوع كله يستحق كل هذه الضجة، فالنبي عليه الصلاة والسلام زار المسجد الأقصى وصلى فيه: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله…) هذه حقيقة كالشمس لا يجهلها إنسان… لا وهم ولا ظن ولا ادعاء، فهل ننسى الشمس الساطعة لنبحث عن (السُّها) …!!

مقالات ذات صلة

إغلاق