مكتبة الأدب العربي و العالمي

تخطب الجمعة وتؤم المصليات.. موقع ‘الحرة’ يحاور شيرين خانكان

في محاولة لإيجاد دور أكبر للمرأة في مجال الدعوة الإسلامية، قامت الدنماركية شيرين خانكان بالمشاركة في إنشاء مسجد خاص بالنساء في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن.

في مسجد “مريم”، تلقي خانكان خطبة الجمعة وتؤم النساء للصلاة، فهي ترى أن كل من لديه معرفة وعلم يجب أن يشاركها مع الآخرين بغض النظر عن جنسه.

مؤمنة بأنها تفعل ما كانت تفعله النساء في زمن النبي محمد، ترى خانكان أن المؤسسات الدينية التي يقودها الرجال قد “انحرفت عن رسالة الإسلام الموجودة في القرآن”، وأنه حان الوقت لكي “تحاول النساء المشاركة في إصلاح تلك المفاهيم”.

موقع الحرة حاور خانكان للتوقف على خلفيات تجربتها في الإمامة.

هنا نص المقابلة:

1- لماذا قررت إمامة النساء؟ هل لهدف شخصي أم ترغبين برؤية هذه التجربة في العالم الإسلامي ؟

لم أكن أبدا أتخيل نفسي أؤم النساء، ولكن في آب/أغسطس من عام 2001، قمت بتأسيس جمعية تسمى جمعية “المسلمين الناقدين” في الدنمارك، ومنذ ذلك الوقت بدأت أتفهم أهمية أن تقوم المرأة بالإمامة، وأهمية إعادة هيكلة المؤسسات الدينية بشكل عام. لم تكن فكرة عارضة هذا العام، بل كانت فكرة عملنا على دراستها خلال 15 عاما الماضية. نحن نحاول الآن أن نضفي الطابع المؤسسي على “النسوية الإسلامية” وعلى إمامة المرأة.

أنا أرى أن قضية إمامة النساء مهمة، لأنه من حق أي شخص يملك العلم أن يخطب في صلاة الجمعة ويؤم المصلين بغض النظر عن جنسه. وتكمن أهمية خطبة الجمعة في كون الخطيب يمتلك الفرصة لنشر رسالة الإسلام في المجتمع. من المهم أن تكون هناك فرصة للنساء أيضا في مشاركة تجربتهم وعلمهم مثلما يفعل الرجال، فالأمر هنا لا يتعلق بالجنس.

وأعتقد أن السلطوية الموجودة الآن في المؤسسات الدينية التي صنعها الرجال لا علاقة لها بالإسلام، بل إنها بعيدة كل البعد عن القرآن الكريم. فالنساء نظائر الرجال في القرآن ولا يوجد بينهما أي فرق.

وعندما ننشئ مجتمعا يعزز إمامة النساء، فإننا فعليا نعود لتعاليم الدين الحقيقية ولا نبتكر شيئا جديدا. فالسيدة عائشة زوجة النبي محمد، أمّت النساء في الصلاة، والنبي محمد طلب من “أم ورقة” أن تقود الصلاة في مجتمعها النسائي، لأنها كانت على علم بالتعاليم. ويوجد العديد من النماذج لنساء عاصرن النبي وكن على قدر كبير من العلم بل وحاربن معه وكن قادة في مجتمعاتهن النسائية.

كما أن ثلاثة من المذاهب الإسلامية الأربعة تحلل مسألة إمامة النساء للنساء في الصلاة، وكذلك أقرها الأزهر. والنساء تؤم الصلاة منذ القرن 18 في الصين وهناك العديد من المساجد في كندا وبريطانيا، فنحن جزء من حركة عالمية.

المرأة بالفعل الآن تعمل كداعية إسلامية وباحثة وأستاذة في الأزهر، ما هو الجديد التي ستأتي به خطبة الجمعة؟

الفرق هو أن خطبة الجمعة ذات أهمية خاصة لأنها طقس ديني منتظم يتكرر مرة كل أسبوع، وهو ما يتيح الإمكانية للخطيب للتفاعل مع المجتمع الإسلامي داخل المسجد بشكل منتظم خاصة في الدول الغربية. كما أن الخطيب أو الإمام ليس شخصا يلقي الخطبة فقط، بل من المفروض أن يتفاعل مع المجتمع ويحاول أن يستمع لمشكلاتهم. ومسجد “مريم” الذي أخطب فيه يتبني الدفاع عن حقوق النساء، ومن الصعب عليهن التحدث عن مشكلاتهن أمام الرجال.

والمسجد أيضا لديه نزعة صوفية في فهم القرآن، وهي في الأساس تعنى بسماع مشكلات الآخرين، من دون توجيه ومن دون إصدار أحكام. أحاول دائما في الخطبة أن أركز على الجانب الروحي في الإسلام. لذلك أعتقد أن من المهم للنساء وللرجال أيضا تقبل فكرة إمامة النساء.

ومن خلال خبرتي، وجدت أن النساء اللائي مررن بتجارب قاسية، كموت عزيز، أو عدم القدرة على الإنجاب وغيرها، يفضلن الحديث مع امرأة لأنها أكثر قدرة على فهم ما يعانين منه. والدعم الروحي الذي يقدمه الإمام قد يكون أمرا مهما خلال تلك الفترة. والمسجد يقدم أيضا الدعم القانوني في حالات الزواج والطلاق على الطريقة الإسلامية بما يحفظ حق المرأة.

ولكن ألا تعتقدين أن تطبيق هذه الفكرة سيكون أمرا صعبا في الشرق الأوسط حيث يعيش غالبية المسلمين؟ خاصة وأنهم ينظرون للخطوة على أنها ممارسة قادمة من الغرب.

في حقيقة الأمر، أنا أستلهم هذه الأفكار من الشرق لا من الغرب. لقد قضيت وقتا طويلا في كل من سورية ومصر، وكنت عضوة في العديد من الجمعيات الإسلامية السنية، وشاركت في نشاطات نسوية في المساجد بسورية، وأردت أن أنشئ شيئا كهذا في الدنمارك حيث تستطيع المسلمات أن يكن نشيطات في نشر الإسلام.

إنهن يستطعن لعب دور مهم في محاربة الإسلاموفوبيا في الغرب، فمن المهم أن نظهر للجميع أن النساء في المجتمع الإسلامي يستطعن القيادة إذا امتلكن الكفاءة.

هل تتواصلين مع نساء يشاركنك الأفكار نفسها في الشرق الأوسط؟ وهل بينهن متحمسات لنقل التجربة إلى المنطقة العربية؟

أعتقد أن هناك تجارب مشابهة في الشرق أيضا، ففي المغرب على سبيل المثال، قامت الدولة بتدريب العديد من المرشدات الإسلاميات للمساهمة في نشر الإسلام المعتدل في المجتمعات النسائية، ولكنهن بالطبع ما زلن لا يخطبن في صلاة الجمعة.

تواصلت مع مسلمات في مدينة براتفورد البريطانية، وهن يفكرن في إنشاء مسجد خاص للنساء ويبحثن الآن عن دعم لتحويل هذه الفكرة إلى حقيقة، وأنا أشارك معهن تجربتنا هنا في الدنمارك.

وأعتقد أنه من المهم إنشاء شبكة دولية تتبنى فكرة إمامة النساء.

ولكن ألا تعتقدين أن هذا أمر صعب التنفيذ في الدول العربية؟

نعم، بالطبع أعرف أن الأمر ربما يكون مستحيلا في بعض الدول الإسلامية المتشددة، ولكنني سمعت أن هناك سيدات يفكرن في هذه الخطوة في عدد من الدول الإسلامية. وأعلم أن هناك أشياء أهم من هذا الموضوع على أجندة هذه الدول.

ولدت لأب مسلم وأم مسيحية، هل تعتقدين أن هذا لعب دورا في تشكيل طريقة فهمك للدين؟

بالتأكيد، أعتقد أن طريقة فهمي للدين تأثرت بشكل كبير بنمط حياة عائلتي، ورؤيتي للحب المتبادل بين أبي وأمي رغم اختلاف دياناتهما. ولطالما شجعني أبي على فكرة دعم النساء، ولم أكن لأصبح ما أنا عليه من دون دعمه.

لقد تبنت أسرتي مبدأ الحرية في تربيتي، بعيدا عن أي سلطوية أو توجيه مباشر أو ضغوط، وهذا انعكس على طريقة تفكيري وطريقة عملي. وأعتقد أن جوهر رسالة الإسلام يتعلق بفهم وتقبل التعدد في المجتمع.

ومنذ طفولتي، كانت لدي الفرصة أن أرى أكثر من دين وأكثر من ثقافة، وهذا يسهل عليّ الوصول إلى قواسم مشتركة بين الجميع تسهل وتساعد على التفاهم.

أستطيع أن أتفهم أن تتم مهاجمتك من قبل إسلاميين متشددين، لكن لماذا يتم مهاجمتك من غير المسلمين أيضا في الدنمارك؟

أعتقد أن الأمر يتعلق بالإسلاموفوبيا التي انتشرت في الغرب بعد أحداث 11 من أيلول/ سبتمبر. وفي الدنمارك، أصبح البعض يخاف من الإسلام. وبعض الناس ينظرون بعين الشك لأي شخص متدين بشكل عام. تذكر عندما قال الرئيس الفرنسي جاك شيراك عام 2004 إن الدين يشكل خطرا على المجتمع الغربي. وهناك العديد من الناس في الدنمارك كما في فرنسا يعتقدون ذلك، ولكنهم ليسوا غالبية في المجتمع الدنماركي.

العديد من غير المسلمين يرسلون إليّ خطابات ويبدون إعجابهم بالمسجد، ويعتقدون أنها تجربة ملهمة لهم لأننا نقدم الدعم للجميع سواء المسلمين أو غير المسلمين.

وبشكل عام أنا أركز على من يدعموننا فقط، لا من ينتقدوننا لأن ذلك يجعلنا نركز أكثر على ما نقوم به.

مقالات ذات صلة

إغلاق