ثقافه وفكر حر

شذرات لغوية / السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر ( إعراب و معنى آية)

قال تعالى :
” يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي ”
سورة الفجر : الآية ٢٤
٠٠٠٠٠٠
عزيزي القاريء الكريم نواصل حديثنا مع حلقات ” شذرات لغوية ” كي نتعرف على آي القرآن الكريم في ضوء الإعراب و المعنى العام لفهم المقاصد و الأهداف و الصيغ البيانية كي تعم الفائدة من وراء الطرح الجميل هكذا ٠٠
* أولا الإعراب:
——————-
يا : حرف نداء والمنادى محذوف أو هي لمجرد التنبيه ٠
لَيْتَنِي: ليت من الأحرف المشبهة بالفعل يفيد التمني.
النون للوقاية الياء ضمير متصل مبني في محل نصب اسم ليت.

كُنْتُ: كان فعل ماض ناقص مبني على السكون.
التاء ضمير مبني على الضم في محل رفع اسم كان.
ترابا: خبر كان منصوب علامة نصبه الفتحة.

جملة كان واسمها وخبرها في محل رفع خبر ليت.

يا: أداة نداء .
ليتني : حرف مشبه بالفعل.
النون للوقاية.
الياء ضمير متصل مبني في محل نصب اسم ليت.

قَدَّمْتُ: قدم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل.

التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.

لِحَياتِي: اللام حرف جر. حياة اسم مجرور علامة جره الكسرة وهو مضاف والياء ضمير مبني في محل جر مضاف إليه.

الجملة الفعلية (قدمت لحياتي) في محل رفع خبر ليت.

* ثانيا المعنى الإجمالي:
——————————–
و من ثم يندم الإنسان على ما سلف من المعاصي و التقصير في الطاعة و العمل الصالح و يتمنى لو عمل أو رجع لفعل الخير و الاستقامة كما فهمت من مضمون و معنى الآية الكريمة ٠٠

و نتابع هنا بعض الآراء ٠٠٠
جاء في تفسير الطبري :
يقول تعالى ذكره مخبرا عن تلهُّف ابن آدم يوم القيامة، وتندّمه على تفريطه في الصَّالِحات من الأعمال في الدنيا التي تورثه بقاء الأبد في نعيم لا انقطاع له، يا ليتني قدمت لحياتي في الدنيا من صالح الأعمال لحياتي هذه، التي لا موت بعدها، ما ينجيني من غضب الله، ويوجب لي رضوانه.

و لذا يصرح ياليتني قدمت لحياتي ” أي عملت في الدنيا للحياة الحقيقية التي انتقلت إليها ، ولم يقل : في حياتي أي للدنيا فقط أو لأنه قد مات وخرج من الحياة التي هي أوان العمل ، فبعد الموت ينقطع العمل بانقطاع الأجل ، لأن الآخرة دار الحيوان و الخلود الأبدي ٠٠٠
و في مواضع أخرى يتحسر الإنسان على سعيه السلبي فيكم يتمنى
فيقول : لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً٠
و قالَتْ مريم : ” يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا ” ٠
” يا ليتني اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ” ٠
عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال:
رأيت عمر بن الخطاب أخذ تبنة من الأرض فقال:
ليتني كنت هذه التبنة، ليتني لم أخلق، ليت أمي لم تلدني، ليتني لم أك شيئاً، ليتني كنت نسياً منسياً.

و يقول ابن عاشور : فيكون المراد الحياة الأولى التي قبل الموت . وتحتمل أن يكون اللام للعلة ، أي قدمت الأعمال الصالحة لأجل أن أحيا في هذه الدار .
والمراد : الحياة الكاملة السالمة من العذاب لأن حياتهم في العذاب حياةُ غشاوة وغياب ٠٠

و الخلاصة : نرى ما أكثر أسلوب التمني و التحسر في القرآن الكريم الذي يفيد اللوم و الندم على التفريط و التقصير في حق و جنب الله تعالى و في حق النفس و الناس أيضا قولا و عملا فيلوم العبد ذاته و الهوى و الشيطان الذي سهل له ممارسة الشرور و البعد عن البر ٠٠
على سبيل المثال :
قال تعالى:
“فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا “٠
” يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ” ٠
هذه كانت سبحات إيمانية مع الآية الكريمة لعلنا نصيب الخير و ترشدنا إلى الصراط المستقيم ٠
مع الوعد بلقاء متجدد إن شاء الله ٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق