مقالات

كتبة التوراة / محمد مبروك

وفقا للتراث الديني اليهودي، فإن النبي موسى صعد إلى جبل طور سيناء، وتلقى من الرب مباشرة وحي العهد، والوصايا العشر، وكذلك الأسفار الخمسة الأولى والتلمود والمشناه والأحاديث الدينية المنقولة.. إلا أن الأبحاث في التوراة وتاريخها توصلت إلى أن موسى لم يكتب التوراة، ولا الأسفار الخمسة الأولى، وإنما كتبها أشخاص مختلفون بأفكارمتنوعة…
ويستدل من نصوص التوراة نفسها أنها لم تنزل في سيناء، وأن النص التوراتي لا يذكر أن موسى حصل على كتاب التوراة، إضافة إلى ذلك، فإن قصة موسى كتبها كاتب (مؤلف) يتحدث عنه بصيغة الضمير الغائب، ومثال على ذلك: “وأما الرجل موسى فكان حليما جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض” (عدد 12، 3) .
كبار الحاخامات اليهود، واجهوا صعوبة في تبرير أن موسى كتب الآيات الثماني الأخيرة من سفر التثنية، التي تصف موته ودفنه، وهناك من يقول أن خليفته ” يهوشع بن نون” هو من كتبها. وجاء في كتاب الفيلسوف الهولندي اليهودي باروخ سبينوزا (رسالة في اللاهوت والسياسة)، أنه واضح كالشمس في الظهيرة أن موسى لم يكتب الأسفار الخمسة الأولى في التوراة، وإنما كتبها شخص عاش بعده بسنوات كثيرة”.، كما إكتشف الباحث الفرنسي البروفسور “جان أستروك” أن سفر التكوين مؤلف من نصوص مختلفة متداخلة تشكل نصا واحدا، مما يؤكد بأن التوراة لم يكتبها شخص واحد وإنما عدة أشخاص، نتيجة للتكرار الذي لا حاجة له والتناقضات في المضمون، والإختلافات في الأسلوب واللغة .

إن التوراة مكونة من أربع مخطوطات دمجها كتبة كثيرون في فترات متأخرة، لتشكل وحدة واحدة، والاعتقاد السائد بأن “عزرا الكاتب” الوارد ذكره في القرآن بإسم “عزير”، الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، هو الذي جمع وحرر نصوص التوراة. ويعتقد الباحثون أن نصوص التوراة لم تكتب كقطعة واحدة، وإنما هي ثمرة عمل أجيال من الكتبة، الذين أضافوا “طبقات فوق طبقات” من النصوص. وبتكليف من ملك فارس “أرتحششتا”، جمع عزرا الكتابات العبرية القديمة في كتاب واحد، أورد فيه قصة الخروج من مصر، على أنها قصة “العائدين من الشتات” والرحلة إلى فلسطين..
وجاء في كتاب الدكتور جورج بوست (قاموس الكتاب المقدس) أنه في التقاليد اليهودية، فإن عزرا يشغل مكانة تضاهي مكانة موسى وإيليا ” لأنه أسس المجمع الكبير، وأنه جمع أسفار الكتاب المقدس ، وأدخل الأحرف الكلدانية عوضا عن العبرية القديمة ، وأنه ألف أسفار الأيام وعزرا ونحميا” .
بقلم/ أ. نبهان خرايشي
Nabhan Khraishi

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق