بعد 3 أعوام من ظهوره الأول.. اكتشاف سبب وفاة البعض بفيروس كورونا

مع تجدد الأمل بقرب الإنتهاء من كابوس فيروس كورونا والإصابات التي تجاوزت مئات الملايين وكذلك الوفيات التي وصلت لعدة ملايين، ما زال الباحثون يعملون بشكل حثيث لكشف خفايا وتفاصيل مرض كوفيد-19 الذي يُسببه فيروس كورونا المستجد.

ومن هذه الخفايا، مسألة وفاة بعض المصابين بعدوى كورونا بعد معاناة مريرة مع المرض ومضاعفاته، فيما البعض الآخر شهد أعراضاً خفيفة ونجا من براثن كوفيد-19 وعاد لمزاولة حياته الطبيعية كما كانت قبل الإصابة.

سؤال طرحه الكثيرون حول العالم: لماذا أودى فيروس كورونا ببعض الناس، فيما تعافى منه آخرون بكل سهولة؟ يبدو أن إجابته باتت معروفة بحسب ورقة بحثية جديدة نُشرت في العدد الأخير من مجلة Nature قام بها عدد من الباحثين من جامعة روكفلر.

هذا هو سبب وفاة البعض جراء الإصابة بفيروس كورونا

نقل موقع “العربية.نت” تفاصيل عن هذه الورقة المثيرة للجدل، بحثت عن أسباب وفاة البعض جراء الإصابة بفيروس كورونا وذلك من خلال تتبع الأسس الجينية لانقسام الفيروس داخل جسم الإنسان.

وخلال التجارب التي أجراها الباحثون من “روكفلر”على فئران التجارب،تبين أن الفئران ذات المتغيرات الجينية المرتبطة سابقاً بمرض ألزهايمر كانت أكثر عرضة لخطر الموت بمرض كوفيد-19 جراء الإصابة بفيروس كورونا الجديد.

وجاءت هذه النتيجة في توافق تام مع التحليل الذي تم إجراؤه بأثر رجعي، وكشف أن المرضى الذين لديهم نفس المتغيرات الجينية كانوا أكثر عرضة للوفاة طيلة فترة الوباء. وبماأن 3% من سكان العالم يمتلكون هذه المتغيرات الجينية، فقد تكون للنتائج التي توصل إليها الباحثون آثاراً قوية على مئات الملايين من الأفراد على مستوى العالم.

وعلق سهيل تافازوي، الأستاذ بجامعة “روكفلر”، والباحث الرئيسي بالدراسة، على النتائج قائلاً: “من الواضح أن العمر والجنس وبعض الأمراض مثل السكري، تزيد من خطر حدوث نتائج ضارة عند الإصابة بفيروس كورونا، لكن هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها مثل هذا المتغير الجيني الشائع المرتبط بوفيات كوفيد-19“.

وفي دراسات سابقة، عكف مختبر تافازوي على دراسة جين يدعى “APOE” يمنع انتشار الورم الميلانيني، ويعمل على تنظيم الاستجابات المناعية المضادة للورم. وقد بدأ مع فريقه البحثي في النظر لأشكاله المختلفة عن قرب.ليجد تافازوي وفريقه أن معظم الناس لديهم شكل يسمى “APOE3”، لكن 40% من السكان يحملون نسخة واحدة على الأقل من متغير“APOE2” أو “APOE4”. ويُنتج الأفراد المصابون بـ“APOE2” أو “APOE4” بروتينات تختلف عن البروتين المنتج بواسطة الحاملين لمتغير “APOE3”، بسببالاختلاف في واحد أو اثنين من الأحماض الأمينية.

وهذا الفرق في واحد أو اثنين من الأحماض الأمينية يجعل الأشخاص المصابين بـ“APOE4” أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر وتصلب الشرايين. وقد أثبتتافازوي وفريقه البحثي أيضاً أن الحاملين لهذا المتغير، بالإضافة إلى المتغير“APOE2” لديهم احتمال أكبر للإصابة بمرض سرطان الجلد.

وفيما كان الوباء يتقدم، بدأ تافازوي ومعه باحث آخر إسمه أوستندورف في التساؤل عما إذا كانت متغيرات الجين “APOE” قد تؤثر على نتائج “كوفيد-19 أيضاً. وقال في هذا الصدد:  “لقد نظرنا في السابق للأمراض غير المُعدية، ولكن ماذا لو جعلت متغيرات (APOE) الأشخاص أيضاً عرضة لعامل معد مثل كورونا المستجد، فهل يمكن أن تسبب استجابات مناعية مختلفة ضد الفيروس؟”

وللتحقق من ذلك، عمد تافازوي وزملاؤه لإجراء البحوث على فئران التجارب حيث وجدوا أن الفئران المصابة بمتغيرات “APOE4” و“APOE2” من الجين، كانت أكثر عرضة للوفاة من الفئران التي لديها متغير “APOE3” الأكثر شيوعاً.

ووجد بنجامين أوستندورف، الباحث المشارك بالدراسة أن “النتائج التي تم التوصل إليها كانت مذهلة؛ حيث كان الاختلاف في واحد أو اثنين فقط من الأحماض الأمينية في جين (APOE) كافياً لإحداث اختلافات كبيرة في بقاء الفئران التي يظهر عليها مرض كوفيد-19“.

هذا وشهدت الفئران المصابة صاحبةالمتغيرات“APOE2” و“APOE4” الجينية، مزيداً من الفيروسات المتكاثرة في رئتيها، والمزيد من علامات الالتهاب وتلف الأنسجة.

أما على المستوى الخلوي، فقد وجد الباحثون أن المتغير “APOE3” قد يُقلل من كمية الفيروس التي تدخل الخلية، في حين أن الحيوانات ذات المتغيرات الأخرى لديها استجابات مناعية أقل فاعلية للفيروس.

وعلق أوستندورف قائلاً: “تشير هذه النتائج مجتمعة إلى أن التركيب الوراثي للجين(APOE)يؤثر على نتائج كوفيد-19 بطريقتين، من خلال تعديل الاستجابة المناعية ومنع الفيروس من إصابة الخلايا“.

وبعد هذه النتائج، تحول الفريق البحثي إلى الدراسات البشرية، وفي تحليل لـ13 ألف مريض في البنك الحيوي في المملكة المتحدة، وجد الباحثون أن الأفراد الذين لديهم نسخة من“APOE4” أو “APOE2” كانوا أكثر عرضة للوفاة من كوفيد-19 مقارنةبالذين لديهم “APOE3”.

تجدر الإشارة إلى أن ما يقرب من 3% من الأفراد يحملون نسختين من “APOE2” أو “APOE4”، ويمثلون حوالينحو 230 مليون شخص في جميع أنحاء العالم.

المصدر : مجلة هي