اقلام حرة
التخطيط الهيكلي مصلحة عُليا للمواطنين وللمدينة. بقلم: تمارا حداد.
تهدف عملية التخطيط بشكل عام إلى خلق بيئة حضرية تُحقق التنمية المستدامة للمدن وللمواطنين، وعملية التخطيط قديمة حديثة ارتبطت بشكل مباشر مع تطور الحضارات، ويُعتبر التخطيط المحلي المستوى الثالث من التخطيط بعد التخطيط الإقليمي والوطني.
والتخطيط الهيكلي أحد أهم عمليات التي تتم ضمن الإطار المحلي التي ترسم السياسة العامة للاستخدامات المختلفة للأراضي وتُعبر عن أنظمة اجتماعية واقتصادية وعمرانية وبيئية بحيث يُؤخذ بعين الاعتبار مصالح المواطنين.
والمخطط الهيكلي من أبرز عناصر التخطيط الاستراتيجي ويعتبر الآلية التنفيذية لاستراتيجية التطور الحضري للمدينة، ومحور الفكرة التخطيطية هو لتحديد استعمالات الاراضي في المدينة وعلاقتها ببعضها وكذلك التغيير المستمر والمتوقع في النمو العمراني وبالتالي التطور المستقبلي للمدينة حيث يتخلل رؤية للمباني العامة ومناطق الفلل والعمارات ومناطق ذات استعمال سكني او تجاري ومساكن العمل والورش والمصانع والحدائق.
التخطيط الهيكلي يعمل على تنظيم النمو المستقبلي للمدينة بطريقة مستدامة ضمن الاستغلال الأمثل للموارد داخل المدينة الا انه لا يلقى قبول المواطنين رغم ايجايبات التخطيط الهيكلي التي نذكر منها:
يعمل التخطيط على حل ازمة المرور وتنظيمها، ويعمل على التخفيف من وجود عدد كبير من السكان في بقعة معينة وتنظيم وجودهم في مناطق اخرى تاخذ بعين الاعتبار الابعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والتكنولوجية كون المستقبل القادم هو التطور نحو المدن الذكية.
ويساهم في حل مشاكل البنية التحتية وحل مشكلة ضعف الاستثمار، ويساهم في تثبيت حقوق المدينة في التوسع المستقبلي بالتحديد أن أغلب أراضي المدينة خارج حدود التخطيط الهيكلي للمدينة. حيث ان عدم التوسعة في التخطيط ينجم عنه توسعة مدن أخرى على حساب مدن معينة، وسيطرة الاحتلال على اراضي معينة نتيجة عدم قيام الهيئة المحلية بتنفيذ التحديث للمخطط الهيكلي وتطوير المدينة.
أما سلبيات عدم وجود التخطيط الهيكلي للمدينة في الواقع الفلسطيني:
1.ضعف شبكة الطرق.
2. ضعف البنية التحتية والأراضي المخصصة للمرافق والأبنية العامة.
4. انعدام مشاريع الاسكان وخاصة لذوي الدخل المحدود والمنخفض.
5.عدم توفر الحدائق والمناطق الخضراء التي تتناسب مع ارتفاع عدد السكان.
6. عدم توفر المدارس لتوازي الازمة السكانية.
7. انشاء المستوطنات وسرقة الأراضي من قبل الاحتلال.
عند دراسة المخطط هناك معايير لأخذها بعين الاعتبار:
• دراسة المنطقة بشكل شمولي من ناحية العدد السكاني وعدد الاراضي.
• ان يأخذ المخطط المحدث او المعدل بعين الاعتبار استيعاب التوسع المستقبلي للمدينة.
• ان يعمل المخطط على تطوير المرافق الترفيهية والتجارية والاستثمارية.
• العمل على تنظيم المرور وتحسين البنية التحتية.
• تحسين الواقع التعليمي والصحي والبنية الاقتصادية.
• استغلال الفرص والإمكانات مثل امتلاك المدينة لمداخل تجارية حيوية وامتلاكها المقومات الجمالية.
• اهم نقطة عند دراسة المخطط هو فرض الوجود في مناطق “ج” من خلال الاتصال العمراني بين المدينة والتجمعات المحيطة.
التحديات التي تواجه التعديل في المخطط الهيكلي:
• التوسع على حساب اراضي المواطنين في عدد من المناطق.
• عدم تطبيق مبدأ المشاركة المجتمعية أثناء تجهيز المخطط الهيكلي وعرضه على المواطنين، كون أصل التخطيط يبدأ من المعلومة” الإنسان وحاجته الوظيفية”.
الفرق بين المخطط الهيكلي والتحديث:
المطلع على المخططات الهيكلية لأغلب المدن في الواقع الفلسطيني ساهم في جعل تلك المدن لا تستطيع أن تحل مشاكل المرور أو أن تتوسع لتصبح مدن شاملة بل أصبحت تتحول نحو “المدينة القرية”، هذه المخططات هي قديمة ولا يحدث التعديل فيها إلا بعد سنين طويلة، الامر الذي يجعل من قبول التحديث من قبل المواطنين أمراً صعبا.
وان عملية التخطيط هي مثابة خارطة الطريق ذات أهداف كبرى تنموية تصب نحو المصلحة العليا، ولكن عملية التحديث لو تمت مرة واحدة كل خمس سنوات لكانت عملية التحديث أمراً يسيرا على المواطنين، ولكن عدم التحديث يعني أن هناك كماً كبيراً من التغيرات التي تطرأ نحن لا نلقي لها بالاً، بل يحق لنا القول أن أي مدينة لا تحدث تعديلاً على مخططاتها هي مدينة تحت نظام العمل الروتيني، وأن عملية التأخير في التحديث سيُكلف تكاليف باهظة على المنظورين البعيد والقريب ووجود المخططات المحدثة حسب ما يطرأ من تحديات هو خطوة أولى لمحاولة صد التأخر العمراني والتنموي.
المواطن يحق له الاعتراض:
يستطيع المواطن المتضرر من اي عملية تعمل على تعديل المخطط الهيكلي عليه تقديم اعتراضه وعلى الهيئة المحلية ان تدرس اعتراضه حتى لا يقع الضرر عليه، وان حدث المصادقة على المخطط الهيكلي من قبل الهيئة المحلية فهذا الامر ليس نهاية المطاف في اقراره، فهناك اللجنة الاقليمية ومجلس التنظيم الاعلى اللذان يقومان بدراسته وايضا عرضه للاعتراض حتى لا يقع الضرر على اي مواطن داخل اطار حدود الهيئة المحلية.
خلاصة: في ضوء المشاكل والتحديات من جهة والفرص والامكانيات من جهة أخرى لا بد من خروج مخطط هيكلي للمدن ضمن معايير وقيم وطنية لتعزيز الخدمات وتوفير مرافق خدماتية وترفيهية والحفاظ على مدينة جاذبة لكن ضمن سياق رضى المواطنين والعمل على التوازي بين المصلحة العليا ومصلحة المواطنين.