مكتبة الأدب العربي و العالمي

نوادر الأعراب

الباب الحادي عشر نوادر الأعراب

دخل أعرابي البصرة في يوم جمعة ، والناس في الصلاة ، فركع معهم فرجموه ، فرفع يده ، ولطم الذي يليه ، وأخذ يزاحم ويقول في صلاته : ترحماني بحذاءٍ من حمى . . . عبل الذراعين ، شديدا ملطما ولى يوسف بن عمر أعرابياً عملاً له فأصاب عليه خيانة فعزله ، فلما قدم عليه قال له : يا عدو الله أكلت مال الله ، قال : فمن مال من آكل إذن . كانت في وكيع بن أبي سود أعرابية وهوجٌ شديد ، فقال يوماً وهو يخطب : إن الله خلق السموات والأرض في ست سنين ، فقال بعض جلسائه : في ستة أيام . فقال : قلت الأولى وإني لأستقلها . وصعد المنبر فقال : إن ربيعة لم تزل غضاباً على الله منذ بعث نبيه في مضر ، ألا وإن ربيعة قوم كشف ، فإذا لقيتموهم فأطعنوا الخيل في مناخرها ، فإن فرسا لم يطعن في منخره إلا كان أشد على فارسه من عدوه . ورؤي بعضهم في شهر رمضان نهاراً يأكل فاكهة ، فقيل له : ما تصنع ؟ قال : سمعت الله يقول : ” كلوا من ثمره إذا أثمر ” وخفت أن أموت من قبل أن أفطر ، فأكون عاصياً . قيل لآخر : ما يمنعك أن تمنع جارتك ، فإنه يتحدث إليها فتيان ؟ قال : وهي طائعةٌ أو كارهة ؟ قالوا : طائعة . فقال : أما امتنعت جارتي مما تكره ؟ قال : لما صرفت اليمانية من أهل مزة الماء عن أهل دمشق ، ووجهوه إلى الصحاري كتب إليهم أبو الهيذام : يا أهل مزة ، ليمسينني الماء أو لتصبحنكم الخيل ؟ قال : فوافاهم الماء قبل أن يعتموا فقال أبو الهيذام : الصدق يني عنك لا الوعيد . قيل لأعرابي من طيئ : أبا مرأتك حبل ؟ فقال : لا ، وذو بينة في السماء ، ما أدري ، ما لها ذنب تشتال به ، ولا آتيها إلا وهي ضبعة . وقف أعرابي فسأل قوماً ، فقالوا : عليك بالصيارفة فقال : هناك والله قرارة اللؤم . خطب عتاب بن ورقاء فحث على الجهاد وقال : هذا كما قال الله عز وجل . كتب القتل والقتال علينا . . . وعلى الغانيات جر الذيول وخطب والي اليمامة فيقال : إن الله لا يأخذ عباده على المعاصي ، وقد أهلك أمة عظيمة في ناقة ما كانت تساوي مائتي درهم . خطب عدي بن وتاد الإيادي فقال : أقول لكم كما قال العبد الصالح ” ما أريكم إلا ما رأى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ” قالوا ليس هذا قول العبد الصالح ، إنما هو من قول فرعون ، فقال : ومن قاله ، فقد أحسن . سمع أعرابي سورة براءة فقال : ينبغي أن يكون هذا آخر القرآن ، قيل له : ولم ؟ قال : رأيت عهوداً تنبذ . وقال الأصمعي : صلى أعرابي فأطال الصلاة ، وإلى جانبه ناس فقالوا : ما أحسن صلاته فقطع صلاته وقال : وأنا مع هذا صائم . استشهدوا أعرابياً على رجل وامرأة ، فقال : رأيته قد تقمصها ، يحفزها بمؤخره ، ويجذبها بمقدمه ، وخفي علي المسلك .

رفع أعرابي يده بمكة فقال : اللهم اغفر لي قبل أن يدهمك الناس . وكان أعرابي باليمامة والياً على الماء ، وإذا اختصم إليه اثنان ، وأشكل عليه القضاء حبسهما جميعاً حتى يصطلحا ، ويقول : زوال اللبس أو الحبس . رأى أعرابي رقاقة فقال : ما هذه ؟ قالوا : خبزة مرققة ، قال : فيكف تؤكل ؟ قالوا : تلف وتؤكل قال : فما عناؤكم ببسطها ؟ سمع أعرابي المغيرة بن شعبة يقول : من زنا تسع زنيات وعمل حسنة واحدةً محيت عنه التسع ، وكتبت له الواحدة ، فقال الأعرابي : فهلم نتجر في الزنا . وجد أعرابي مرآة وكان قبيحاً ، فنظر فيها ورأى وجهه فاستقبحه، فرمى بها وقال : لشر ما طرحك أهلك . العتبي : كان مجالساً لرجل من بني الحجاز ، فقال يوماً : نظرت في جنسي ، فلم أجده فأصابتني هجنة إلا إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ، فقلنا له : هذا أنت الآن صريح ، وإسماعيل هجين فأيكما أشرف ؟ قال : فمسح سباله وقال : أما أنا فلا أقول شيئاً . ولي أعرابي تبالة فصعد المنبر ، فلا حمد الله ولا أثنى عليه ، حتى قال : اللهم أصلح عبدك ، وخليفتك أني أنت ، إن الأمير أصلحه الله ولاني عليكم وأيم الله ما أعرف من الحق موضع سوطي هذا ، وإني والله لا أوتي بظالم ولا مظلوم إلا ضربته حتى يموت . شهد آخر عند بعض الولاة على رجل بالزنا فقال له : أشهد أنك رأيته كالميل في المكحلة ، فقال الأعرابي : لو كنت جلدة استها ما شهدت بها . تغدى أعرابي مع قوم فأتى بخلال قلبه ثم قال : وأصنع بهذه الصيصية ماذا ؟

جلس أعرابي وأعرابية ، طائي وطائية ، فأكلا من التمر ، وشربا من اللبن فقال الرجل : أنحن أشبع يا أم فلان أم معاوية ؟ فقالت : نحن أشبع ، وهم أكسى ؟ ؟ ؟ ؟ ركب شيخ من بني تميم سفينة ومعه ابن له ، وفي السفينة جماعة نسبهم الشيخ فإذا كلهم من الأزد ، فأخذ الشيخ حديدة ، وجعل ينقر بها السفينة فقال له ابنه : يابَهْ ما تصنع ؟ قال : أخرقها ، قال : إذاً تغرق قال : يا بني : ألا ترضى أن أغرق أنا وأنت وثمانية عشر رجلاً من الأزد ؟ . كان أعرابي إذا توضأ ، غسل وجهه قبل استه ، فقيل له في ذلك ، فقال : لا أبدأ بالخبيثة قبل الطيبة . قال بعضهم : أتيت لخماً وجذاماً ، فكانوا يقدمون العروس ، فصلى بهم سبعة أيام ، فقلت لهم : ما هذه السنة ؟ قالوا : أما سمعت الله يقول في كتابه : كاد العروس أن يكون ملكاً . قال الأصمعي : عذلت أعرابياً في الكذب ، فقال : والله إني لأسمعه من غيري ، فيدار بي من شهوته . كان بعض الأعراب يأكل ومعه بنوه ، فجعلوا يأخذون اللحم من بين يديه فقال : يا بني إن الله تعالى يقول : ” فلا تقل لهما إفٍ ولا تنهرهما ” ، ولأن تقولوا لي أف ألف مرة ، إذ في كل مرة سبعون انتهاراً ، أهون علي مما تفعلون . قال بعضهم : سمعت أعرابياً يقول في صلاته : أغفر لي ولمحمد فقط ، وأسألك تعجيل حسابي قبل أن يهلك الخلق . قيل لأعرابي : ما طعم اللبن ؟ قال : طعم الخير . قال أعرابي : خطب منا رجل مغموز امرأة مغموزة فقيل لولي المرأة : تعمم لكم فزوجتموه ، فقال : إنا تبرقعنا له ، قبل أن يتعمم لنا . قدم بعضهم الصلاة على امرأة كانت فاسدة فقال في الدعاء : اللهم إنها كانت تسيء خلقها ، وتعصي بعلها ، وتبذل فرجها ، وتحزن جارها ، فحاسبها حساباً أدق من شعر استها .

ولي أعرابي البحرين فجمع اليهود فقال لهم : ما تقولون في عيسى ؟ قالوا : قتلناه وصلبناه ؛ فقال : لا تخرجوا من السجن حتى تؤدوا ديته . قيل لأعرابي : أتعرف أبا عمرو ؟ قال : وكيف لا أعرفه ؟ وهو متربع في كبدي ، يعني الجوع . خرج المهدي يتصيد فغار به فرسه حتى دفع إلى خباء أعرابي فقال : يا أعرابي : هل من قرى ؟ قال : نعم، وأخرج له فضلة من ملةٍ فأكلها ، وفضلةً من لبن في كرش فسقاه ، ثم أتاه نبيذٍ في زكرةٍ ، فسقاه قعباً ، فلما شرب المهدي قال : أدري من أنا ؟ قال : لا والله ، قال : أنا من خدم الخاصة ، قال : بارك الله لك في موضعك ، ثم سقاه آخر ، فلما شربه قال : يا أعرابي أدري من أنا ؟ قال : نعم زعمت أنك من خدم الخاصة ، قال : لا بل أنا من قواد أمير المؤمنين ، فقال : رحبت بلادك ، وطال مزارك ، ثم سقاه قدحاً آخر ثالثاً ، فلما فرغ منه قال : يا أعرابي أتدري من أنا ؟ قال : زعمت أخيراً أنك من قواد أمير المؤمنين ، قال : لا ولكني أمير المؤمنين ، فأخذ الأعرابي الزكرة فأوكاها وقال : والله لئن شربت الرابع لتقولن : إنك لرسول الله ، فضحك المهدي وأحاطت بهم الخيل ونزل أبناء الملوك والأشراف ، فطار قلب الأعرابي فقال له : لا بأس عليك ، وأمر له بصلة فقال : أشهد أنك صادق ولو ادعيت الرابعة لخرجت منها . رأوا أعرابياً يبول في المسجد ، فصاحوا إليه فقال : أنا والله أفقه منكم ، إنه مسجد باهلة . وقيل لآخر : لم لا تشتري البطيخ ؟ قال : لا والله لا أشتري حتى يبلغ من رخصه أن يكون من تناول من بائعه بطيخة ، وعدا ، رماه بأخرى . لزم أعرابي سفيان بن عيينة حتى سمع منه ثلاثة آلاف حديث ، ثم جاء يودعه فقال له سفيان : يا أعرابي ما أعجبك من حديثنا ؟ قال : ثلاثة أحاديث : حديث عائشة عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه كان يحب الحلواء ويحب العسل ، وحديث عليه السلام إذا وضع العشاء وحضرت الصلاة فأبدأوا بالعشاء، وحديث عائشة عنه ( صلى الله عليه وسلم ) : ليس من البر الصوم في السفر . دخل أعرابي على يزيد بن المهلب ، وهو في فراشه والناس سماطان فقال : كيف أصبح الأمير ؟ قال يزيد : كما تحب . فقال : لو كنت كما أحب ، كنت أنت مكاني ، وأنا مكانك . فضحك . وقيل لأعرابي : لم يقال للعبد : باعك الله في الأعراب ؟ قال : لأنا نجيع كبده ، ونعري جلده ، ونطيل كده . توفي ابن لأعرابي ، فعزاه بعض إخوانه فقال لانتهم الله في قضائه فقال : والله لا أتهم غيره ، ولا ذهب بابني سواه . قيل لأعرابي : في خلافة من ولدت ؟ قال : في خلافة يوسف بن عمر أو كسرى بن هرمز وأعوذ بالله أن أقول على الله إلا حقاً قال الأصمعي : رأيت أعرابياً يرفع على والٍ ضربه فقال : والله إنه ليقبل الرشوة ، ويقضي بالعشوة ، ويطيل النشوة ، ولقد بنى جماماً زندقةً وكفرا . قدم إلى أعرابي كامخ فقال: مم يعمل هذا ؟ قالوا : من اللبن والحنطة ، قال : أصلان كريمان ، لكنهما ما أنجبا . قال ابن قريعة : سمع أعرابي قارئاً يقرأ القرآن ” الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ” ، وقوله عز وجل : ” تخشع قلوبهم لذكر الله ” فقال الأعرابي : اللهم لا تجعلني منهم ، فقيل له : ويحك لم قلت هذا ؟ قال : لولا أنهم قوم سوء ، لم توجل قلوبهم . قال الأصمعي : أصابتنا السماء بالبدو فنزلنا بعض أخبية بني نعيم ، وفيهم عروس فلما حضرت الصلاة قدموه فصلى بهم ، وكان ذلك سنتهم أن يقدموا العروس سبعة أيام ، فقلت لهم : ما هذه السنة ؟ قالوا : أوما سمعت الله يقول : كاد العروس أن يكون ملكاً . مر أعرابي بقوم من اليهود فقال : ويلكم ألا تسلمون ، ألا تأنفون مما أنزل الله فيكم وعيركم به ؟ قالوا : يا أعرابي ، وما الذي أنزله فينا ؟ قال قوله : ألا لعنة الله على اليهود ، إن اليهود إخوة القرود ، قالوا : فإن الذي أنزل فيكم أعظم من هذا ، قال : وما هو ؟ قالوا قوله : ” الأعراب أشد كفراً ونفاقاً ” فقال : يا أخوتاه ، مكذوب علينا وعليكم . وأخذ رجل ينكح شاة ، فرفع إلى الوالي وكان أعرابياً ، فقال الرجل : يا قوم أوليس الله يقول: ” أو ما ملكت أيمانكم ” والله ما ملكت يميني غيرها ، فخلى عنه وحد الشاة ، وقال : الحدود لا تعطل ، فقال إنها بهيمة ، فقال : لو وجب حكم على بهيمة وكانت أمي وأختي لحددتهما . قال بعضهم : وليت مخلافاً من مخاليف اليمن فأتيت بشيخ كبير فقلت : أمسلم أنت ؟ قال : بلى ، قلت : أتعرف النبي ؟ قال : بلغني أنه كان رجلاً صالحاً ، قلت : فابن من كان ؟ قال : لا والله ما أدري ، إلا أني أظنه رهط معن بن زائدة . أصاب أعرابي سروالاً وهو لا يدري ما هو ، فأخذه فأدخل يده في رجل السروال وبقي رأسه داخلاً ، وجعل يقلب وليس يدري كيف يلبسه ، فلما أعياه ، رمى به وقال : ما أظن هذا إلا من قمص الشيطان . وقيل لأعرابي : إقرأ : لم يكن فقال : ما وددت أن أحس ما كان فكيف ما لم يكن ؟ قال الأصمعي : نزلنا على المياه ، فإذا أعرابية نائمة ، فأنبهناها للصلاة ، فأتت الماء فوجدته بارداً فتركته ، وتوجهت إلى القبلة وهي قاعدة ، فكبرت ثم قالت : اللهم إني قمت إليك وأنا عجلى ، وصليت وأنا كسلى ، فاغفر لي ما ترى ، عدد الثرى ، قبل غيري وما جرى ، قال : فعجبنا ، فقلت : يا هذه ، ليست هذه بصلاة ، قالت : يا عم ، إنها والله صلاتي منذ أربعين سنة .

قال : تقدم أعرابي للصلاة فقرأ : الحمد لله ثم قال : قد أفلح من هم في صلاته ، وأخرج الواجب من زكاته ، أطعم المسكين من نخلاته ، وجانب الفحش وفاعلاته ، وحافظ على بعيره وشاته ، الله أكبر ، فضحك من كان خلفه فقال : أني ضحكتم ؟ والله لقد علمتني عجوز لنا أدركت النبي ؛ يعني مسيلمة . كان أعرابي إذا توضأ بدأ بوجهه فغسله ، ثم غسل فرجه ، ويقول : لا أبدأ بالخبيثة . قال الأصمعي : حضرت الصلاة ، فقال أعرابي : حي على العمل الصالح ، قد قام الفلاح ، ثم قام يصلي ، وقال : اللهم احفظ لي حسبي ونسبي ، واردد على ضالتي ، واحفظ هملي والسلام عليك ورحمة الله . قال : وقامت امرأة تصلي فقرأت : اللهم إني أعوذ بك من شر قريش وثقيف ، ومن شر ما جمعت من اللفيف ، وأعوذ بك من حر ملك أمره ، وعبد ملأ بطنه ، الله أكبر . وقف أعرابي يسأل شيئاً فقيل له : يا أعرابي ، هل لك في خير مما تطلب ؟ قال : وما هو ؟ قال : تعلمنا سورة من القرآن ، قال : والله إني لا أحسن منها ما إن حفظت كفاني ، أحسن منه خمس سور ، قال : فقلنا اقرأ ، فقرأ : الحمد لله ، وإذا جاء نصر الله ، وإنا أعطيناك الكوثر . ثم سكت ، فقلنا له : هذه ثلاثة فأين الثنتان ؟ قال : إني وهبتهما لابن عم لي ، يريد أني علمتهما إياه ، ولا والله أعود في شيء وهبته أبداً . خاصم أعرابي امرأته إلى السلطان فقيل له : ما صنعت ؟ قال : خيراً ، تجاثينا لركبنا قبلاً ، فأكبها الله لوجهها ، ولو أمر بي إلى السجن . قال : سمعت أعرابياً يدعو ماداً يده عند الكعبة وهو يقول: اللهم إن كنت ترى يداً أكرم منها ، فاقطعها . صعد بعضهم المنبر في عمله يخطب فقال : والله لئن أكرمتموني أكرمتكم ، وإن أهنتموني لتكونن أهون علي من ضرطتي هذه ، وضرط . قيل لأعرابي : أتعرف الأنبياء ؟ قال : أي والله ، إني بهم لعالم ، قالوا : فسمهم ، قال : لا تمسكوا محمدا صلى الله عليه ، وعيسى ، وموسى ، وأمسكوا فرعون، والله ما الثناء عليه بحسن ، ولوطاً والله أهل البادية يكرهون فعله ، ولكن أهل العراق لا يرون به بأساً . وقال : رأيت أعرابياً من طيئ ، وهو يتوضأ للصلاة ولا يحسن ، فقلت : يا أعرابي ما هذا الوضوء ؟ قال : يا جاهل أما سمعت الله يقول في محكم كتابه : من شدد على عبادي شددت عليه . وقيل لأعرابي : كيف أصبحت ؟ قال : بخير . فقال له آخر : كيف أصبحت ؟ قال : كما أخبرت هذا . وشهد أعرابي عند عامل على رجل ، فقال المشهود عليه : لا تقبل شهادته فإنه لا يقرأ من كتاب الله شيئاً قال : بلى ، قال : فاقرأ ، فقال : بنونا بنو أبنائنا وبناتنا . . . بنوهن أبناء الرجال الأباعد فقال القاضي : إنها لمحكمة ، قال المشهود عليه : تعلمها والله البارحة . قال رأيت أعرابياً يتيمم فقال : والله إني لأكره عادة السوء . قال : بلغني أن أعرابيين كانا يطوفان بالبيت ، فكان أحدهما يقول : اللهم هب لي رحمتك ، فأغفر لي ، فإنك تجد من تعذبه غيري ، ولا أجد من يرحمني غيرك . فقال صاحبه : اقصد حاجتك ولا تغمز بالناس . أقبل عيينة بن حصن الفزاري قبل إسلامه إلى المدينة . فلقيه ركب خارجين منها ، فقال لهم : أخبروني عن هذا الرجل ، يعني النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقالوا له : الناس فيه ثلاثة : رجل أسلم فهو معه يقاتل قريشاً والعرب ، ورجلٌ لم يسلم فهو يقاتله ، وبينهم الترابح ، ورجل يظهر له الإسلام إذا لقيه ، ويظهر لقريش أنه معهم : قال : ما يسمى هؤلاء ؟ قالوا : المنافقون ، قال : ليس فيمن وصفتم أحزم من هؤلاء ، أشهدكم أني من المنافقين . قال الأصمعي : مر أعرابي بقوم يختصمون في مسيل ماء ، فقال : فيم يختصمون ؟ قالوا : في مسيل ماء. قال : والله ما بلت في موضع مرتين . قال : وشكت أعرابية زوجها في صواحب لها فقلن لها : طلقيه ، فقالت : أشهدن أنه طالق ، فقلن لها : ثني فقالت : اشهدن أنه طالق ، فقلن لها ثلثي فقالت : اشهدن أني طالق ثلاثاً ، فاختصموا إلى والي الماء ، فتكلمت فقال : إيهاً أفي ثلاث لا يجوز فيجازيك ، الزمي الطريق المهيع ، ودعي ببنات الطريق ، وانتعلي الميت ، كيف قلت ؟ قالت : قلت هو طالق ثلاثاً ، قال : فتفكر الوالي ساعة ، ثم قال : أراك تحلين له ، ولا أراه يحل لك . حضر أعرابي مجلساً يتذاكرون فيه قيام الليل فقيل له : يا أبا أمامة أتقوم بالليل ؟ قال أي والله ، قالوا : فما تصنع ؟ قال : أبول فأرجع . قيل لآخر : أي بنيك الثلاثة أثقل ؟ فقال : ليس بعد الكبير أثقل من الصغير إلا الوسيط . اغتاب أعرابي رجلاً ، ثم التفت فرآه فقال : لو كان خيراً ما حضرته . ولي المهلب بعض الأعراب كورة بخراسان وعزل والياً كان بها ، فلما وردها الأعرابي ، صعد المنبر ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناص اقصدوا لما أمركم الله به فإنه عز وجل رغبكم في الآخرة الباقية وزهدكم في الدنيا الفانية فرغبتم في هذه . وزهدتم في تلك ، فيوشك أن تفوتكم الفانية ولا تحصل لكم الباقية فتكونوا كما قال الله لا ماءك أبقيت ، ولا حرك أنقيت . واعتبروا بهذا المعزول عنكم ، كيف سعى وجمع فصار ذلك كله إلي ، على رغم من أنفه ، وصار كما قال الله في محكم كتابه : أنعمي أم خالد . . . رب ساعٍ لقاعد أتى أعرابي برقاقة فتأملها ثم قال : لقد سحقك الدهر . قدم إلى أعرابي كامخ فقال : ما هذا ؟ قيل : كامخ . فقال : من كمخ به ؟ وذلك أنهم يقولون : كمخت البقرة إذا تلطت . واجتمع اثنان منهم على كامخ فقال أحدهما : خيراً ورب الكعبة ، وذاقه الآخر فاستطابه فقال : أحسبه خبز الأمير . دخل أعرابي على سليمان بن عبد الملك وبين يديه فالوذج فقال : ما هذا يا أمير المؤمنين ، قال : هذا شيء من أكله مات ، قال : أفلا أذوقه قال : ذقه ، فذاقه وشمر عن ساعده ، وجعل يأكل ويقول : أوصيكم بعيالي خيراً . مر أعرابي بقرص سفود وقد سقط من بعض الحاج فأخذه فلما نظر إلى وسطه رمى به وقال : من سلح عليك ؟ لا حياك الله . قال الأصمعي : سمع أعرابي واحداً يقرأ : ” هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ” فقال : وأبيك ، إني لأعرف هؤلاء القوم بنعتهم فقيل له : ومن هم قال : الذين يثردون ، ويأكل غيرهم . قدم أعرابي رجلاً إلى القاضي واستعدى عليه ، وتقدم شاهدان فقالا : نشهد أنه قد ظلم الأعرابي ، فقال الأعرابي : كذبا ، ما ظلمني ولكنه لوى حقي . نظر بعض الأمراء إلى أعرابي كان قائماً بين يديه نظراً شديداً ، فقال الأعرابي : لقد هم الأمير لي بخير ؟ قال : لا ، قال : فبشرٍ قال : لا ، قال : فالأمير إذاً مجنون . قال النضر بن شميل : ما شيت أبا جابر الأعرابي فرأى بقعة شمس فرمى بنفسه فيها فقلت : مالك ؟ قال : الشمس ، قلت : أوتعجبك ؟ قال : هي أدفأ ثيابي . قال : وسمعته يقول : اللهم اسقنا شمساً . قيل له : إنما يقال هذا في الغيث ، قال : أنا إلى الشمس أعطش . قيل لأعرابي : ألا تغزو ؟ فإن الله قد أنذرك فقال : والله إني لأبغض الموت على فراشي في عافية ، فكيف أن أمضي إليه ركضاً . حكى أنه أولم رجل وليمةً ، فحضرها أعرابي ، وجعل يأكل ولا يرفع رأسه ، حتى حضره الفالوذج فرفع رأسه فنظر إلى شيخ معتزلٍ عن القوم فقال : ما بال شيخنا لا يأكل ؟ قيل إنه صائم ، فقال : وما أحوجه إلى الصوم ؟ قال : طلب المغفرة والفوز بالجنة ، فقال الأعرابي : فإذا نال الجنة أفتراه يطعم فيها أطيب من الفالوذج . ركب أعرابي بحيرة ، فقيل له : إنها حرام لا يحل ركوبها ، قال : يركب الحرام من لا حلال له . قدم أعرابي إلى والي ، ليشهد على رجل بالزنا ، فقال له الوالي : بم تشهد ؟ قال : رأيت هذا دائم الأفكل كأنما هو عسالة عسل تلسب خصييه والمرأة سطيحة تحته ، وهي تغط غطيط البكر ، ولعابها يهمع ، والله أعلم بما وراء ذلك . وسئل أبو المغوار ، وقد تقدم ليشهد مثل ذلك فقال : رأيت امرأة صرعى ، ورجل يقوي فوه على فيها ، ومسربته على مسربتها ، والقنب غائب واليافعان يضربان بين المسفعة وهو يردي باسته والله أعلم بما وراء ذلك . دخل أعرابي سوق النخاسين يشتري جارية فلما اشتراها وأراد الانصراف ، قال النخاس : فيها ثلاث خصال ، فإن رضيت وإلا فدعها ، قال : قل : قال : إنها ربما غابت أياماً ثم تعود إذا طلبت ، قال : كأنك تعني أنها تأبق قال : نعم ، قال : لا عليك أنا والله أعلم الناس بأثر الذر على الصفا ، فلتأخذ أي طريق شاءت فإنا نردها ، ثم ماذا ؟ قال : إنها ربما نامت فقطرت منها القطرة بعد القطرة ، قال : كأنك تعني أنها تبول بالفراش ؟ قال : نعم ، قال : لا عليك فإنها لا تتوسد عندنا إلا التراب ، فلتبل كيف شاءت ، ثم ماذا ؟ قال : أنها ربما عبثت بالشيء تجده عندنا ، قال : كأنك تعني أنها تسرق ما تجد . ؟ قال : نعم قال : لا عليك فإنها والله ما تجد ما يقوتها ، فكيف ما تسرقه ، وأخذ بيدها وانطلق بها . قيل لأعرابي : أيسرك أنك نبي ؟ قال : لا . قيل : ولم . ؟ قال : يطول سفري ، وأهجر دار قومي ، وأنذر بالعذاب عشيرتي ، قيل له : فيسرك أنك خليفة ؟ قال : لا ، قيل : ولم ؟ قال : ينقص عمري ويكثر تعبي ، ولا تكبروني ، أمشي وحدي ، قيل : أيسرك أن تدخل الجنة وأنت باهلي ؟ قال : على أن لا يعرف فيها نسبي . سمع أعرابي قوماً يقولون : إذا كان للإنسان على شحمة أذنه شعر كان دليلاً على طول عمره ، فضرب يده على شحمة أذنه فوجد عليها شعراً فقال : أنا بالله وبك . قيل لأعرابي ما ترى يصنع الخليفة في مثل هذا اليوم الشديد البرد . قال : تجده قد أخذ لحم جزورٍ بيده اليمنى ، وقدرة تمر بيده اليسرى ، وبين يديه قصعة لبن ، وقد استقبل الشمس بوجهه ، واحتبى بكسائه فيكدم هذا مرة وهذه مرة ويتحسى من اللبن مرة . وقفت أعرابية على قوم يصلون جماعة فلما سجدوا صاحت وقالت : صعق الناس ورب الكعبة . قيل لأعرابي : أتعرف إبليس ؟ قال : أما الثناء عليه فسيء ، والله أعلم بسريرته . ودخل آخر مسجداً والإمام يقرأ : ” حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ” فقال الأعرابي : والكامخ فلا تنسه أصلحك الله . وسمع آخر رجلاً يقرأ : ” وفي السماء رزقكم وما توعدون ” فقال : يا بن عم ، إنه لبعيد سحيق .

قال الأصمعي : صلى بنا أعرابي بالبادية فقال الحمد لله ، بفصاحة وبيان ، ثم قال : ثبت ما يوسف ذوي ماءٍ ولا غلة، فأصبح في قعر الركية ثاوياً . ثم ركع ، فقلت : يا أعرابي ، ليس هذا من القرآن قال : بلى والله ، لقد سمعت كلاما هذا معناه . قال : وقرأ آخر والضحى ” بقراءة حسنة حتى بلغ إلى قوله : ” ألم يجدك يتيماً فأوى ” قال : وإن هؤلاء العلوج يقولون : قال ” ووجدك ضالاً فهدى ” لا والله ما أقولها فما أنا ضال ، الله أكبر . وقرأ آخر : ” إذا جاء نصر الله والفتح ” ثم ارتج عليه ، وجعل يكرر فلم يذكر الآية فالتفت في صلاته وقال لمن وراءه : قد بقيت علي آية لا أذكرها ، ولكني سآتيكم بآية خير مما نسيت وهي : ” محلقين حجاجاً ” الله أكبر . قال : وسمعت آخر وهو يقول : اللهم هب لي ما مضى من سيئ عملي ، فإن عدت فلك الخيار فيما وهبت لي . قال بعضهم : رأيت أعرابياً في بعض أيام الصيف قد جاء إلى نهر ، وجعل يغوص في الماء ، ثم يخرج ثم يغوص أيضاً ، ويخرج وكلما خرج مرة ، حل عقدةً من عقدٍ في خيطٍ كان معه ، قلت : ما شأنك ؟ قال : جنابات الشتاء أحصيهن كما ترى وأقضيهن في الصيف . وسئل آخر عن مسألة من الفرائض ففكر ساعة ، ثم قال : انظروا هل مات مع هذا الميت أحد من قرابته ؟ قالوا : لا، قال : إن الفريضة لا تصح لا بموت آخر . وقدم إلى أعرابي موز فجعل يقلبه ويقول : لا أدري ، ممن أتعجب ، ممن خاطه ، أو ممن حشاه .

قيل لآخر : هل في بيتك دقيق ؟ فقال : لا . والله ، ولا جليل . قيل لأعرابية : ما صفة الأير عندكم ؟ فقالت : عصبة ينفخ فيها الشيطان فلا يرد أمرها . وشربت أعرابية نبيذاً ، فسكرت ، وقالت : لبعض الحاضرين : أيشرب هذا نساؤكم . ؟ قال : نعم ، قالت : لئن صدقت ، ما يدري أحدكم من أبوه . قال بعضهم : سألت أعرابياً عن شهر رمضان ، كيف صاموه . فقال : تجرد منا ثلاثون رجلاً ، وأنذرناه في يوم واحد . مات لأعرابي ابن صغير فقيل : هذا شفيعك يوم القيامة فقال : هلكنا والله ، هو أضعفنا حجة ، وأقطعنا لساناً ، وليته يقوم بأمر نفسه . شرب أعرابي لبناً ، وابنه على يساره ورجل آخر عن يمينه ، فسقى ابنه قبل الرجل ، فقيل له : السنة أن تسقي من عن يمينك فقال: قد علمت أنه أحب إلي من السنة . قيل لأعرابي أتخاف أحداً قال : نعم ، الذئب في البادية ، والشرطى في الحضرة . صلى أعرابي خلف إمام قرأ : ” قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي ” فقال : أهلكك الله وحدك ما ترد إلا من معك . قيل لآخر : مالك لا تغزو الروم ؟ قال : أخشى أن أقتل ولا يطلب بثأري . سقط أعرابي عن بعيره فانكسر بعض أضلاعه ، فأتى الجابر يستوضفه فقال : خذ تمر شهرين فانزع أقماعه ونواه واعجنه بسمن ، واضمد عليه ، فقال الأعرابي : تمن ؟ قال : خباء خلق في أرض قفر وجله ، في أسفلها تمر ، وكلب إذا أمطرت السماء يزاحمني في البيت . قيل لأعرابي : كيف أكلك ؟ قال : كما لا يحب البخيل . سأل رجل من بني تميم عن رجل فقيل له : دعاه ربه ، فأجاب ، فقال : ولم أجاب ؟ لا أجاب ، أما علم أن الموت إحدى المهالك ؟ .

جاء أعرابي الحضر وكان يوم جمعة ، فرأى الناس في الجامع ، فقال لبعضهم : ما هذا ؟ وكان المسئول ماجناً ، قال: هذا يدعو إلى طعام ، قال : فما يقول صاحب المنبر ؟ قال : يقول ما يرضى الأعراب أن يأكلوا ، حتى يحملوا معهم ، فتخطى الأعرابي رقاب الناس ، حتى دنا من الإمام فقال : يا هذا إنما يفعل ما تقول سفهاؤنا . جاء آخر إلى صيرفي بدرهم ، فقال الصيرفي : هذا الستوق ، قال : وما الستوق ؟ قال : داخله نحاس ، وخارجه فضة ، فكسره فلما رأى النحاس قال : بأبي أنت ، أشهد أنك تعلم الغيب . وجاء آخر إلى السوق بدرهم يشتري به تمراً ، فقيل له مثل ذلك ، فقال : أعطوني بالفضة تمراً ، وبالنحاس زيتاً . نزل عطار يهودي بعض أحياء العرب ومات ، فأتوا شيخاً لهم لم يكن يقطع في الحي أمر دونه فأعلموه خبر اليهودي ، فجاء فغسله وكفنه ، وتقدم وأقام الناس معه ، وقال : اللهم إن هذا اليهودي جاء وله ذمام ، فأمهلنا نقضي ذمامه ، فإذا صار في لحده فشأنك والعجل . مر أعرابي وفي يده رغيف ، بغلام معه سيف ، فقال له : يا غلام ، بعني هذا السيف بهذا الرغيف قال : ويلك أمجنون أنت ؟ قال الأعرابي : لعن الله شرهما في البطن . قيل لأعرابي : هل تعرف من النجوم شيئاً ؟ قال : ما أعرف منها إلا بنات نعش ، ولو تفرقن ما عرفتهن . عض ثعلب أعرابياً ، فأتى راقياً ، فقال له الراقي : ما عضك ؟ قال : كلب ؛ واستحى أن يقول ثعلب ، فلما ابتدأ يرقيه ، قال : اخلط به شيئاً من رقية الثعلب . سئل آخر عن حاله مع عشيقته فقال: ما نلت منها محرماً ، غير أنني إذا هي بالت بلت حيث تبول .

قال بعضهم : صليت الغداة في مسجد باهلة بالبصرة ، فقام أعرابي فسأل ، فأمر له إنسانٌ منهم برغيفين فرآهما صغيرين رقيقين ، فلم يأخذهما ، ومضى ، وجاء برغيفٍ كبيرٍ حسنٍ فقال لباهلة : استفحلوا هذا الرغيف لخبزكم فلعله ينجب . دخل أعرابي الحمام وفيه نبطي ، فبال الأعرابي وضرط ، فقال النبطي : باسم هان الله ، قال الأعرابي: يا ابن الخبيثة ، فيكم ضراطي ، أحسن من سبيحك . قرأ إمام في صلاته : ” إذا الشمس كورت ” فلما بلغ إلى قوله : ” فأين تذهبون ” أرتج عليه ، فجعل يرددها وكان خلفه أعرابي معه جرابه ، فلما طال عليه الأمر ، ولم يكن ينبعث . تقدم الأعرابي فصفعه بالجراب ، وقال : أما أنا فإني كلواذي ، وهؤلاء الكشاخنة لا أدري أين يذهبون . أبو زيد : قلت لأعرابي : أتقرأ من القرآن شيئاً ؟ قال : ما أنشد منه حرفاً . تفاخر قوم بكبر الأيور ، فقال أعرابي حضرهم : لو كان ذلك فخراً ، لكان البغل من قريش . سأل أعرابي عن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فذكروا له ، حتى انتهوا إلى ذكر معاوية فقالوا : إنه كان كاتبه ، فقال : أفلح ورب الكعبة ، فإن الأمور بيد الكاتب . سمع أعرابي قوله تعالى : ” وفي السماء رزقكم وما توعدون ” فقال : وأين السلم ؟ وقرأ بعضهم في صلاته : إنا بعثنا نوحاً فقيل له : إنما هو أرسلنا ، فقال : ما بينهما إلا لجاجك .

وقرأ آخر : فمن يعمل مثقال ذرة شراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره فقيل له : غيرت فقال : خذا صدر هرشي أو قفاها فإنه . . . كلا جانبي هرشي لهن طريق صلى آخر بقوم وجعل يردد : ” أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي ” . فقال أعرابي من خلفه : أهلكك الله وحدك ، ما تريد إلا من معك . قيل لأعرابي : أيهما أحب إليك : أن تلقى الله ظالماً أو مظلوماً ؟ فقال : بل ظالماً قيل . ولم ؟ قال : وما عذري إذا قال لي : خلقتك قوياً ، ثم جئت تستعدي . سأل أعرابي عبد الملك فقال : سل الله فقال : قد سألته فأحالني عليك ، فضحك وأعطاه . سمع أعرابي يقول : أترى هذه الأعاجم تنكح نساءنا في الجنة ؟ فقال له آخر : ذلك بأعمالهم الصالحة ، فقال : توطأ إذاً رقابناً والله قبل ذلك . وكان آخر يدعو فيقول : اللهم اغفر للعرب خاصة ، وللموالي عامة ، فأما العجم فهم عبيدك والأمر إليك . أكل أعرابي قرشياً فقيل له : ما تأكل . ؟ فقال : فالوذج ، إلا إنكم قد حمصتموه بعدي . امتنع أعرابي من غسل اليد بعد الأكل ، وقال : فقد ريحه كفقده . قيل لآخر : هل تعرف التخمة . ؟ فقال : ما هو ؟ قال أن يمتلئ الإنسان من الطعام حتى يؤذيه ولا يشتهيه ، قال : وهل يكون إلا في الجنة ؟ قيل لآخر اشتد به الوجع : لو تبت ؟ فقال : لست ممن يعطي على الضيم ، إن عوفيت تبت .

طلبوا يوماً هلال شهر رمضان فقال لهم أبو مهدية : كفوا فما طلب أحد عيباً إلا وجده . خرجت من واحد منهم ريح، وحضرت الصلاة ، فقام يصلي ، فقيل له في ذلك فقال : لو أوجبت على نفسي الوضوء بكل ريح تخرج مني ، لخلتموني ضفدعاً أو حوتاً . قال الأصمعي : سمعت أبا غرارة يقول : من أكل سبع موزات وشرب من لبن الأوارك، تجشأ بخور الكعبة . قال هشام بن عبد الملك ، من يسبني ولا يفحش ، هذا المطرف له ، فقال له أعرابي حضر : ألقه يا أحول . فقال هشام : خذه قاتلك الله . دخل أعرابي المخرج ، فخرج منه صوت ، فجعل فتيان حضروه يضحكون منه فقال : يا فتيان هل سمعتم شيئاً في غير موضعه . قال الأصمعي : قيل لأبي المخش : كيف كان ابنه المخش ؟ قال : كان أشدق خرطمانياً ، إذا تكلم سال لعابه كأنما ينظر من قلتين كأن ترقوته بوان أو خالفةٌ ، وكأن منكبه كركرة جمل ثفال ، فقأ الله عيني هاتين إن كنت رأيت بهما أحسن منه ، قبله ولا بعده . وقال أبو المخش : كانت لي ابنة تجلس معي على المائدة فتبرز كفاً كأنه صلفةً في ذراع كأنه جمارة ، فلا تقع عينها على أكلة نفيسةٍ إلا خصتني بها ، فزوجتها ، وصرت أجلس مع ابن لي على المائدة ، فيبرز كفاً كأنها كرنافة ذراع كأنه كربة فوالله ما إن تسبق عيني إلى لقمة طيبة إلا سبقت يده إليها . ذكر أن رجلاً من الأزد كان يطوف بالبيت وهو يدعو لأمه ولا يذكر أباه ، فعوتب فقال : هذه ضعيفةٌ وأبي رجل ، فقال : باهلي ؟ قال : أعيذك بالله من ذاك قال : أي والله وأنا مع ذاك مولى لهم فأقبل الأعرابي يقبل يديه ويتمسح به ، فقال له الرجل : لم تفعل ذلك ؟ قال : لأني أثق بأن الله عز وجل لم ينلك بهذا في الدنيا ، إلا وأنت من أهل الجنة . وروى أبو هريرة قال : جاء أعرابي إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : إني جائع فأطعمني ، فقدم له لقمة من سلت وقال له سم وكل ، يا أعرابي ، فأكل حتى شبع ، وبقيت منها بقية ، فقال الأعرابي للنبي عليه السلام : إنك لرجل صالح . قيل لأعرابي : ما اسم المرق عندكم ؟ قال : السخين . قيل : فإذا برد ؟ قال : لا ندعه حتى يبرد . قال بعضهم : أبقيت جاريةٌ للحي فقيل لنا : إنها عند بني أبي الحلاج ، فأتيته وقلت له : إن جاريةً من الحي أبقت ، وبلغنا أنها عند بنيك ، فقال : حتى أنظر ، فدخل ثم خرج فقال: هي عندهم ، فأوردوا قليلاً لمخجونها بخجات ثم ندفعها إليكم . ذكر أعرابي امرأة وزوجها بالحدة فقال : هي قداحة وزوجها حراق . قيل لأعرابي : أتعرفون التخمة عندكم ؟ قال : نعم ، هي كثيرةٌ عندنا ، قيل : وما هي ، قال : يصبح الإنسان وكأن بنات البقر تلحس فؤاده ، يعني الجوع . قيل لأعرابي من بني تميم : أيهما أحب إليك أن تلقى الله ظالماً أو مظلوماً ، قال : لا بل ظالماً والله ، قالوا : سبحان الله أتحب الظلم ، قال فما عذري إن أتيته مظلوماً . يقول : خلقتك مثل البعير الصحيح ثم تأتيني تعصر عينك وتشتكي . ؟ ؟ ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق