مقالات

رؤية سلسلة جديدة * هذه السلسلة يكتبها د. محمد طلال بدران – مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية – سلسلة مكونة من إثنَتَيْ عشرَة مقالة حول: (أدبِ الخلاف)

أدب الخلاف في الإسلام: قواعد وضوابط (1)(2)(3)

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد

* مفهوم الخلاف وضوابطه
الخلاف في معناه العام هو الاختلاف في وجهات النظر أو الفهم أو الاجتهاد، وهو سنة كونية وضرورة بشرية، إذ تختلف العقول والمدارك، ويتباين فهم النصوص تبعًا للقدرات والاستنباطات.
الإسلام لم يمنع الخلاف ولم يذمه بإطلاق، بل وضع له ضوابط تحكمه وتوجهه نحو البناء لا الهدم، فقد اختلف الصحابة -رضي الله عنهم- في مسائل عديدة، ومع ذلك لم يكن خلافهم سببًا للفرقة والشتات، بل كان منطلقًا للثراء الفقهي والعلمي.
* الضوابط الشرعية للخلاف
• الرجوع إلى الْوَحْيَيْن: يجب أن يكون القرآن والسنة هما المرجع في أي خلاف، فالاحتكام إليهما يضمن عدم الخروج عن إطار الشريعة. قال تعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ (النساء: 59).
• الالتزام بأدب الحوار: من أهم ما يميز الخلاف الإسلامي هو احترام الطرف الآخر وعدم الاتهام بالضلال لمجرد الاختلاف، فقد قال الإمام الشافعي: “رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب”.
• تحري العلم والتخصص: لا ينبغي أن يكون الخلاف مبنيًا على الجهل أو الهوى، بل يجب أن يستند إلى دليل شرعي صحيح، وأن يكون المتحدث في المسألة أهلًا للفتوى والنظر.
• نبذ التعصب المذموم: الخلاف المذموم هو ما كان مبنيًا على التعصب للرأي أو الشخص أو المذهب، مما يؤدي إلى تمزيق وحدة المسلمين.
• التسامح وقبول الآخر: من أدب الخلاف أن نُحسن الظن بالمخالف، وأن نسعى إلى التماس العذر له، فقد كان السلف يختلفون في المسائل الفقهية لكنهم يحفظون الودَّ بينهم.
* من نماذج أدب الخلاف عند السلف: نجد في سيرة الصحابة والتابعين صورًا رائعة في التعامل مع الخلاف، فحينما اختلف الصحابة في فهم قول النبي ﷺ: “لا يُصلّيَن أحدكم العصر إلا في بني قريظة”، فمنهم من صلى في الطريق، ومنهم من صلى عند وصوله إلى بني قريظة، ومع ذلك لم يعنف النبي ﷺ أيًّا منهم، بل أقر اجتهادهم جميعًا.
* الخلاف المذموم وأضراره: عندما يخرج الخلاف عن ضوابطه الشرعية يصبح فتنة تفرق الأمة، فيؤدي إلى التعصب، والتبديع بغير حق، والتشاحن بين المسلمين، مما يضعف الصف الإسلامي، لذلك حذر النبي ﷺ من الفتن المفرقة للأمة، فقال: “لا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا” (متفق عليه).
* أهمية التوازن في الخلاف: التوازن في الخلاف يعني عدم المبالغة في التشدد أو التساهل، بل اعتماد منهجية وسطية تحافظ على أصول الدين وتحترم الاختلاف الفقهي المقبول، فالعلماء قد يختلفون، لكن يبقى الجميع تحت مظلة الإسلام التي تجمعهم.
– كما أن التوازن يقتضي أن يكون الخلاف وسيلة للوصول إلى الحق وليس غاية بحد ذاته، فحينما يتحول الخلاف إلى وسيلة للصراع والانقسام، فإنه يخرج عن مقاصد الشرع الحنيف.
* دور العلماء والدعاة في ترشيد الخلاف: يقع على عاتق العلماء والدعاة مسؤولية كبيرة في ترشيد الخلاف بين المسلمين، من خلال نشر ثقافة الحوار الهادف، والالتزام بأدب النقد البناء، وتوجيه الناس إلى فهم تعددية الآراء الفقهية في إطارها الصحيح.
– ومن المهم أيضًا تعزيز روح الأخوة الإسلامية، وتذكير الناس بأن الاختلاف في الفروع لا ينبغي أن يؤدي إلى تنازع في الأصول، فالعبرة بالمقاصد والمآلات، وليس بمجرد التنوع في الاجتهادات.
• * الخاتمة: إن أدب الخلاف ضرورة لحفظ وحدة الأمة، وهو فن يحتاج إلى علم وصبر وأخلاق رفيعة. فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، ما دام في إطار احترام النصوص الشرعية، والبعد عن الأهواء والتعصب، نسأل الله أن يلهمنا الحكمة، ويجنبنا الفتن، ويجعلنا من أهل الإنصاف والاعتدال… عنوان مقالة الغد بمشيئة الله تعالى: “من الاختلاف إلى التنازع: أين يكمن الخلل؟”

• اللهم احقن دماء المسلمين واجعلهم أذلة على أنفسهم أعزة على الكافرين
* مقالة رقم: (1919)
* 04. شوال . 1446 هـ
* الأربعاء. 02.04.2025 م
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)

رؤية
سلسلة جديدة
* هذه السلسلة يكتبها د. محمد طلال بدران – مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية –
سلسلة مكونة من إثنَتَيْ عشرَة مقالة حول: (أدبِ الخلاف)
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

* من الاختلاف إلى التنازع: أين يكمن الخلل؟ (2)

الاختلاف ظاهرة إنسانية طبيعية، بل هو سنة كونية وضرورة اجتماعية، لكن تحوّله إلى تنازع وصراع مدمّر هو المشكلة التي تستحق البحث والتحليل، فالسؤال الذي يطرح نفسه: أين يكمن الخلل؟ ولماذا يتحول الاختلاف – الذي قد يكون إيجابيًا – إلى صراعٍ مضرّ؟
* الاختلاف بين التنوع والتنازع
الاختلاف بحد ذاته ليس مشكلة، بل هو مصدر للثراء الفكري والاجتماعي، وهو ضرورة للتطور والتكامل بين البشر. فالقرآن الكريم يؤكد هذه الحقيقة في قوله: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ (هود: 118). لكن هذا الاختلاف قد ينقلب إلى تنازع إذا غابت الضوابط الأخلاقية والمنهجية في التعامل معه.
* أسباب تحول الاختلاف إلى تنازع
• غياب أدب الحوار: خصوصًا عندما يفتقد النقاش إلى أدب الاختلاف، تتحول الآراء المختلفة إلى ساحة للجدال العقيم والتراشق اللفظي، مما يؤدي إلى الانقسام والعداوة.
• الهوى والتعصب: حينما تغلب المصالح الشخصية أو الحزبية على طلب الحق، يصبح الاختلاف وسيلة للإقصاء بدلًا من أن يكون وسيلة للتكامل.
• الجهل وقلة الوعي: كثير من النزاعات الفكرية والاجتماعية تنشأ بسبب سوء الفهم أو قلة المعرفة بأصول الخلاف الفقهي أو الفكري، مما يؤدي إلى تحميل الأقوال ما لا تحتمل.
• سوء الظن والتأويل الخاطئ: التسرع في الحكم على المخالفين يؤدي إلى خلق نزاعات كان يمكن تجنبها لو تحققت حسن النية وسلامة التأويل.
* الفرق بين الاختلاف السائغ والتنازع المذموم
يجب التمييز بين الاختلاف السائغ، الذي ينشأ عن اجتهادات معتبرة، وبين التنازع الذي يقوم على الهوى والتشدد، فالأئمة الأربعة، رغم اختلاف اجتهاداتهم، كانوا يحترمون بعضهم بعضًا، ويحرصون على وحدة الأمة، في حين أن التنازع المذموم يؤدي إلى تفكك المجتمعات وإضعافها.
* نحو منهجية علمية في إدارة الاختلاف
• تحري الموضوعية: يجب أن يكون الحوار قائمًا على الحجة والدليل لا على الانتصار للرأي الشخصي.
• إحياء أدب الحوار: الالتزام بأدب المناقشة واحترام الآخر هو مفتاح تحول الاختلاف إلى عامل إثراء بدلاً من أن يكون مصدرًا للتنازع.
• التربية على سعة الصدر: غرس قيم التسامح وتقبل التنوع الفكري منذ الصغر يساهم في بناء جيل قادر على التعامل مع الاختلاف بشكل إيجابي.
• الرجوع إلى القواعد الشرعية والعلمية: الإسلام وضع ضوابط واضحة لإدارة الخلاف، ومن أهمها قوله تعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ (النساء: 59).
* دور المؤسسات التربوية والدعوية
إن المؤسسات التربوية والدعوية لها دور محوري في تأصيل ثقافة الاختلاف الإيجابي، من خلال نشر الوعي بأدب الخلاف، وتعليم الأفراد كيفية إدارة الحوار بشكل بنّاء، فإذا نشأ الأطفال والشباب على احترام التنوع الفكري وتقدير الرأي الآخر، فإن احتمالية تحول الاختلاف إلى نزاع ستقل بشكل كبير.
* أثر الإعلام في توجيه الاختلاف
يلعب الإعلام دورًا خطيرًا في تأجيج النزاعات أو تهدئتها، فحين يكون الإعلام مسؤولًا وهادفًا، فإنه يعزز مناخ الحوار الهادئ والبنّاء، أما إذا كان وسيلة لإثارة الفتن والخلافات، فإنه يسهم في تحويل الاختلاف إلى أداة للصراع والانقسام، ومن هنا تأتي أهمية دعم الإعلام الهادف الذي يقوم على المهنية والموضوعية.
* أهمية فقه الأولويات في إدارة الاختلاف
من القواعد المهمة التي تساهم في منع تحول الاختلاف إلى تنازع، فقه الأولويات، الذي يحدد ما هو الأهم فالأهم في القضايا الفكرية والاجتماعية، فقد يكون الخلاف في مسائل جزئية سببًا لتعطيل قضايا كبرى أكثر أهمية، وهو ما نراه في كثير من النزاعات الفكرية داخل الأمة، إن الوعي بأولوية المصالح العامة واتساع الأفق في ترتيب الأولويات يسهم في تقليل النزاعات غير الضرورية، ويعزز روح التعاون رغم وجود الاختلافات..وكنت قد كتبت في فقه الأولويات سلسلة لمن رغب في المتابعة تجدونها في صفحات الفيس الخاصة بي.
* خاتمة
الخلل في تحول الاختلاف إلى تنازع يكمن في غياب الضوابط الأخلاقية والعلمية في إدارة الخلاف، فلو التزم الناس بقيم الحوار الراقي والموضوعية، لكان الاختلاف عامل بناء لا هدم، ولتحول إلى مصدر قوة بدلاً من أن يكون سببًا للفرقة والتشرذم.
• عنوان مقالة الغد بمشيئة الله تعالى: “الاحترام في الخلاف: بين المبدأ والممارسة”

• اللهم احقن دماء المسلمين واجعلهم أذلة على أنفسهم أعزة على الكافرين
* مقالة رقم: (1920)
* 05. شوال . 1446 هـ
* الخميس. 03.04.2025 م
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)

رؤية
سلسلة جديدة
* هذه السلسلة يكتبها د. محمد طلال بدران – مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية –
سلسلة مكونة من إثنَتَيْ عشرَة مقالة حول: (أدبِ الخلاف)
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

* الاحترام في الخلاف: بين المبدأ والممارسة(3)

حين نُشيد بقيمة “الاحترام في الخلاف”، فإننا لا نأتي بجديد من خارج منظومتنا الدينية والثقافية، بل نحن نستنطق جوهر ما دعت إليه الشريعة الإسلامية من حسن الظن، ورُقي الحوار، والتماس العذر، والعدل في النظر إلى من نختلف معهم، دون أن نغتال إنسانيتهم أو نجرّدهم من فضائلهم.
لقد كانت هذه القيمة—الاحترام—حاضرة في سلوك النبوة، لا كشعار يُرفع في المحافل، بل كمنهاج حياةٍ وميزان تربية، فالرسول ﷺ خالف اليهود والنصارى، وخالف مشركي قريش، وخالف المنافقين، بل وخالفه بعض أصحابه في الاجتهاد، ومع ذلك ما فقد وقاره، ولا أخلّ بميزان العدالة والرحمة، ولا نطق في الخلاف إلا بكلام موزون محسوب: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ (البقرة: 83) ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (فصّلت: 34)
* المبدأ الذي نتغنى به… أين هو في الممارسة؟
مشكلة كثير من الناس اليوم ليست في غياب المبادئ، بل في غياب الالتزام العملي بها، يتحدث أحدهم عن ضرورة احترام المخالف، ثم يصفه في أول نقاش بـ”الجاهل” أو “العميل” أو “المتلوّن”، وكأننا لا نحسن الحديث إلا إذا جردنا الطرف الآخر من إنسانيته!
وهذا التناقض بين المبدأ والممارسة لا يضرّ المخالف فقط، بل يدمر نسيج المجتمع، ويزرع الكراهية، ويصنع أجيالاً تظن أن الغِلظة دليل قوة، وأن التنمّر حُجة، وأن الصوت العالي بديل عن الفكرة.
* لماذا نفشل في الاحترام عند الخلاف؟
ربما لأننا نخلط بين “رفض الفكرة” و”إهانة صاحبها”، أو لأننا لم نُربّ على التفريق بين “الرد على الرأي” و”الطعن في النوايا”، أو لأننا نريد أن ننتصر لا أن نتحاور، نريد أن نقهر لا أن نقنع.
– إن غياب الاحترام يكشف عن خلل داخلي: في التربية، في الوعي، في الفهم، وربما في الثقة بالنفس، من يملك الحقيقة لا يحتاج إلى الشتيمة ليحميها، ومن يملك الحُجة لا يصرخ ليقنع بها.
* الاحترام ليس ضعفًا، بل هو منتهى القوّة
– أن تحترم من يخالفك وأنت قادر على أن تهاجمه، تلك شجاعة.
– أن تكف لسانك عن الرد السيء رغم استفزازك، تلك هي الرجولة.
– أن تظل على خلُقك وإن تغيّر غيرك، فذلك هو الاتساق مع النفس.
– وقد رأينا علماء سلفنا يختلفون في المسائل العِظام، ومع ذلك يقول أحدهم عن مخالفه: “ما رأيت رجلاً أعدل منه، وما رأيت أعبد لله منه، ولكني أخالفه”، وكانوا إذا ذكروا بعضهم، ترحّموا، واستغفروا، وذكروا الفضل قبل الخلاف.
* ومضة من التاريخ: الخلاف لا يُسقط الاحترام
حين سُئل الإمام الشافعي عن مخالفيه من العلماء، قال: “أرائي صواب تحتمل الخطأ، وآراؤهم خطأ تحتمل الصواب.”
– وفي موقف أبلغ، دخل عليه أحدهم وقد أساء في الحوار، فلما انتهى قال له الشافعي: “ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة؟”.
– وها هو الإمام أحمد بن حنبل يُجلّ ويوقر الإمام الشافعي، ويصفه بأنه “كالشمس للدنيا والعافية للناس”، رغم أنه خالفه في مسائل، ولم يُنقل عنه قط أنه نال من عرضه أو استخف بعلمه.
– هذه النفوس العظيمة لم تُربّ على الحقد، بل تربّت على أن الحق لا يُبنى على الأذى، وأن الخلاف لا يُلغى، ولكن يمكن تهذيبه ليكون مصدرَ نضج لا ساحةَ صراع.
* فلنعد بناء ثقافة الاحترام
– في بيوتنا، في مناهج تعليمنا، في منابرنا، في إعلامنا، في صفحاتنا الرقمية.
– فلنربّ أبناءنا أن يختلفوا بأدب، ويناقشوا بعقل، ويتواضعوا في الرأي، ولا ينسَوا أن الله يراقبهم وهم يكتبون ويعلّقون ويتكلمون: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ (ق: 18)
– إننا لا ندعو إلى تمييع الحق، ولا إلى دفن الخلاف، بل إلى تأصيل الاحترام كأساسٍ لا يسقط مهما اشتد الخلاف، ومهما اختلفت المشارب والمذاهب والمدارس.
* في الختام:
يبقى الاحترام في الخلاف امتحانًا حقيقيًا لأخلاقنا، لا يُقاس بما نقوله في لحظات الهدوء، بل بما نفعله في مواطن التوتر.
فليكن الاحترام منهجًا لا مظهراً، وخُلقًا لا تكتيكًا، ودربًا نسير فيه وإن سلك غيرنا غيره.

• عنوان مقالة الغد بمشيئة الله تعالى: “الخلاف في الفقه الإسلامي: رحمة أم مفسدة؟”
• اللهم احقن دماء المسلمين واجعلهم أذلة على أنفسهم أعزة على الكافرين، جمعة مباركة
* مقالة رقم: (1921)
* 06. شوال . 1446 هـ
* الجمعة. 04.04.2025 م
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق