مقالات

الإمارات.. تجاوزت “هنتنغتون وفوكوياما” د. أسامة أحمد المصطفى

من الواضح أن الإمارات هي الوحيدة التي أتقنت وفهمت كيفية التفوق على فكر كل من صمويل هنتنغتون وفرانسيس فوكوياما، بالجرأة الحاسمة لدخول العالم الجديد بنهضة وتفرد في الطرح، وبفهمها العميق أن صيرورة التاريخ الإنساني حددت هوية كل أمة، وميزت جوهرها بخصائص وملامح تميزها عن غيرها، فأي تصور للمستقبل في جزء منه على الأقل هو عبارة عن محاولة ترمي إلى إعادة ترتيب العلاقة مع الآخر، وفق أسس ومبادئ واضحة وحيادية.

 

فبحسب رأي المفكرين المذكورين أعلاه، فإن الدول المتخلفة ليس لديها أمل في البقاء إن كانت غير قادرة على الصمود ومقاومة تأكيد الذات بالحوارات، فهناك العديد من المبادرات التي تلوح في الأفق العالمي، وتدعو لاحتواء الصراعات وإرساء التعايش في سياق حضاري وقانوني، حيث يتضمن القانون الدولي عدة أسس تلزم الدول باحترام خصوصية الآخرين..

لقد تبنت الإمارات هذا المبدأ، وهذا مؤشر على تبنيها منطق الحوار والتسامح، بدلاً من الصراع والمواجهة في جميع مسارات علاقاتها في محيطها الإقليمي والعالمي، فالنهج الاستراتيجي الذي تتخذه والذي يقوم على تطبيق آليات الدبلوماسية في سبيل تكريس مفهوم السلام والوئام بين الشعوب، هو أعلى مستوى من الوعي بالعلاقات الدولية والإنسانية، في إطار الدبلوماسية الوقائية

من هذا المنطلق، تأتي معاهدة السلام الإماراتية مع إسرائيل ضمن رؤية بعيدة المدى لخدمة القضية الفلسطينية، وإحلال السلام في المنطقة بأسرها، وهي بشكل أو بآخر، امتداد ناضج لاتفاقية أوسلو التاريخية بين الطرفين، منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في عام 1991 والتي وقعها كل من الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز ومحمود عباس بواشنطن في 13 سبتمبر 1993، بحضور الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، والراحل ياسر عرفات، حيث اعترفت فلسطين بإسرائيل وحقها في حرية التنقل والأمن، واعترفت إسرائيل بالسلطة الفلسطينية كمرحلة أولى في عملية التطبيع

لكن المشكلة تبقى بينهما على مستوى الممارسة، فالواقع يثبت وجود تناقضات كبيرة بين المقترح والممارسة، وهو ما تسعى الإمارات لمعالجته بتفكيك الإشكالات بمحاور استراتيجية ورؤية ثاقبة مدرجة في مبادرة السلام، التي وُصفت بأنها جريئة على جميع المستويات العالمية.

لقد نجحت الإمارات في الانتقال من نمط الإقصاء القائم على تصور التنوع الثقافي كتهديد إلى نمط الحوار والاندماج، الذي ينبني على اعتبار التنوع عنصراً من عناصر التكامل والتوافق، وبذلك دحضت فكر «هنتنغتون» وتفوقت على طرح «فوكوياما»، فهل يتبع الآخرون نهج الإمارات؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق