مقالات
بيان باطل واستحقاقات انتخابية مشوهة: الحقيقة الغائبة داخل نقابة اتحاد كتاب مصر
السيناريست عماد النشار عضو اتحاد كتاب مصر

في بيان رسمي حمل توقيع علاء عبدالهادي، ونُشر أمس الأحد على الصفحة الرسمية لنقابة اتحاد كتاب مصر، قبل أيام قليلة من الجمعية العمومية الطارئة المقررة يوم الجمعة 11 يوليو 2025، حاول فيه الترويج لصورة “قانونية ومُشرّفة” لمجلس مطعون في شرعيته ، ويمارس صلاحياته منذ سنوات ضاربا باللوائح والقوانين والأحكام القضائية عرض الحائط .
البيان الذي امتلأ بالادعاءات والعبارات الإنشائية، تجاهل عمدًا أحكامًا نهائية صادرة عن محكمة القضاء الإداري وجنح قصر النيل، التي أجبرته مرغمًا على إجراء انتخابات التجديد النصفي في نهاية عام 2021، بعد المماطلة لأكثر من عام ونصف على موعدها القانوني في مارس 2020.
المثير للسخرية أن البيان يزهو بطباعة عملة تذكارية وبعدد من القضايا التي يقول إنه ربحها، والتي بلغ عددها 43 قضية، متجاهلًا الحكم الأهم: حكم أغسطس 2021، الذي ألزم المجلس بإجراء انتخابات التجديد النصفي بعد أن انتهت مدته القانونية، وما تلاه من جنحة مباشرة لعدم تنفيذ الحكم. كما يحاول تسويق رواية زائفة عن التزامه بالاستحقاقات الانتخابية، بينما تشير الأحكام القضائية إلى تأجيل متعمد دام أكثر من عام ونصف، استند فيه إلى دعاوى مشكوك في صحتها ومزاعم صحية ملفقة حول جائحة كورونا، ثم تبع ذلك بإلغاء انتخابات 2024 سواء للنقابة العامة أو الفروع .
البيان لا يستند إلى حقائق قانونية، بل يستهدف تمرير قرارات باطلة في الجمعية العمومية المقبلة، متجاهلًا إرادة الأعضاء والأحكام القضائية، ومصرًّا على ممارسة صلاحياته رغم سقوط مشروعيته. وما نقدمه في هذا المقال لا يستند إلى آراء شخصية أو تقديرات جزافية، بل إلى حقائق قاطعة وأحكام باتّة، تكشف الحقيقة التي يحاول البيان التستر عليها.
تفنيد الادعاءات بندًا بندًا.
دعونا نُفند الآن ادعاءاته بندًا بندًا ليعلم الجميع مدى ما تضمنه بيانه من تدليس. يقول المفكر، لا فض فوه:
“وقد تم الوفاء بالاستحقاقات الانتخابية بعد زوال جائحة كورونا، حيث جرى انتخاب نصف أعضاء مجلس إدارة النقابة في ديسمبر 2021، وذلك بعد أن وجهتُ الدعوة لانعقادها أربع مرات متتالية، دون إمكانية لذلك، بسبب منع الدولة للاجتماعات في أثناء أزمة كورونا، وامتناع مجلس الدولة عن الإشراف عليها. هكذا حالت الظروف القاهرة دون إجرائها إلا في ديسمبر 2021.”
هذا الكلام غير صحيح. الحقيقة أن الانتخابات أُجرها مُرغمًا، وبعد تأخير دام عامًا ونصف عن موعدها القانوني، وبموجب حكم قضائي نهائي وبات، صدر لصالح المستشار القانوني الأستاذ محمد حامد سالم، المحامي “العقَر”، وكيلاً عن الأديب الأستاذ محمد العون في الدعوى رقم 36851 لسنة 74 ق، الصادر من محكمة القضاء الإداري في أغسطس 2021. وقد طالب الحكم بتشكيل لجنة لإدارة النقابة لحين إجراء انتخابات التجديد النصفي، بعد أن انتهت مدة مجلس الإدارة برئاسة المدعو علاء، مع التأكيد على ضرورة التعجيل بإجراء هذه الانتخابات. وصورة الحكم وتعقيب المحكمة على ذلك متاحة وموجودة.
كما أن انتخابات ديسمبر 2021 المؤجلة بفعل فاعل ، وانتخابات التجديد النصفي في مارس 2022 ، كانوا بإشراف قضائي كامل من مجلس الدولة سواء للنقابة العامة أو الفروع .
من تسبب في تأجيل الانتخابات؟
فما الذي أدى إلى تأخير الانتخابات كل هذه المدة؟ عند الرجوع لصورة الحكم 36851 لسنة 75 ق، نجد أن السبب هو الدعوى رقم 51185 لسنة 74 ق، المرفوعة من عضو مجلس الإدارة المدعو ناصر دويدار في أغسطس 2020، حيث طالب بإيقاف إجراء الانتخابات، متذرعًا بالخوف على صحة الأعضاء من انتقال عدوى فيروس كورونا. وفي هذه الدعوى، تم تقديم رقم غير حقيقي ، لأعداد أعضاء الجمعية العمومية، مدعياً أنهم ستة آلاف عضو، سيحضر منهم ثلاثة آلاف، مما يشكل خطرًا على الصحة العامة. والحقيقة أن عدد الأعضاء وقتها لم يتجاوز أربعة آلاف، ولم تحضر أكبر جمعية عمومية أكثر من 500 عضو. لا المفكر الكبير ولا مجلس إدارته اعترضوا على هذا التزييف، ولم يوضحوا أنه تضليل وإهدار لحق الأعضاء في ممارسة حقهم القانوني والدستوري. بل بالعكس، استغلوا هذا الطعن، وقَبِلوه بصدر رحب. وها هي صورة من الدعوى بالأرقام الغير صحيحة موجودة أيضًا.
انتخابات نيابية وتشريعية ، و في النقابات الأخرى… وأين كان الخوف؟
والآن، لنقارن هذا بالاستحقاقات الانتخابية التي أُجريت في النصف الثاني من عام 2020، في ذات الفترة التي ادعى فيها المفكر الكبير وعضوه “ابو قلب رقيق وحنين” ، أنهم يخشون على صحة الأعضاء.
انتخابات نقابة أطباء الأسنان التي يبلغ أعضاءها أكثر من خمسين ألف عضو، وانتخابات نقابة البيطريين ، التي يبلغ أعضاءها، أكثر من تسعين ألف عضو، وانتخابات مجلسي الشيوخ والنواب شارك فيها ملايين المواطنين. كل هذا في نفس الفترة، بينما هو وعضوه كانوا “خائفين” على 300 عضو فقط حضروا انتخابات رأس السنة 2021.
تنفيذ حكم القضاء… تحت ضغط جنائي
وعلى الرغم من الحكم القضائي الصادر في أغسطس 2021، الذي ألزم المفكر الكبير بسرعة إجراء الانتخابات، فإنه ماطل وتأخر. مما دفع المحامي “العقر” محمد حامد سالم ، إلى رفع جنحة مباشرة ضده بتهمة عدم تنفيذ حكم قضائي، وهي جنحة عقوبتها الحبس والعزل. رقم الجنحة هو 9396 لسنة 2021 جنح قصر النيل. وبعد ذلك، أعلن المفكر الكبير عن إجراء انتخابات التجديد النصفي يوم الجمعة 31 ديسمبر 2021.
فكم كان عدد الحضور في الجمعية العمومية؟ حوالي 300 عضو فقط، أي أقل من 10% من عدد الأعضاء. وكم صوت حصل عليه المفكر الكبير بعد سنة ونصف من المماطلة وتجاهل دعوى قضائية بُنيت على أرقام مضروبة ؟ حصل على حوالي 215 صوت فقط، أي أقل من 5% من إجمالي أعضاء الجمعية العمومية.
عشر سنوات من السيطرة… وانتخابات باطلة
ومع ذلك، لا يزال المفكر الأستاذ الدكتور الشاعر الناقد يشغل منصب رئيس اتحاد كتاب مصر (كما يزعم) ورئيس اتحاد الكتاب العرب (كما يكرر)، مستندًا في ذلك على نسبة مشاركة لم تتجاوز 5%! وهو باقٍ في موقعه منذ عشر سنوات، لم يجري خلالها سوى انتخابات شاملة واحدة على جميع المقاعد الثلاثين، قبل انتخابات التجديد النصفي في نهاية 2021. لم تكن تلك الانتخابات قانونية أو شرعية، ورغم ذلك جثم على صدر الاتحاد وتحكم في الميزانية ، وقبل عضويات وشطب عضويات ، وأحال أعضاء للتحقيق ، ولو سلمنا بشرعنة هذه الإجراءات الباطلة ، فكان من المفترض أن تنتهي مدته في فبراير 2022 ، باعتبار أنه قضى مدة الأربعة سنوات منذ مارس 2018 ، أو قضى مدة السنتين من مارس 2020 حتى مارس 2022 ، ليتم إجراء انتخابات شاملة في مارس 2022، لكنه اكتفى بإجراء انتخابات على نصف المقاعد فقط، واحتفظ بنصفه الآخر، متذرعًا بفترة الأربع سنوات مع أنه قضاها ملتصقا بكرسيه يمارس كافة الصلاحيات الباطلة،
والأدهى من ذلك، أنه في بيانه الجديد، قال في نهايته:وسيتم انتخاب ثلاثين عضوا في 2026 على أن يتم الاقتراع على إسقاط النصف بعد سنتين”. إذاً، لماذا لم يتم إسقاط نصفك في مارس 2024 كما يفترض؟ خصوصًا وأنت تؤكد ذلك بنفسك؟ الحقيقة أنه لم يسقط لا نصفه ولا ربعه، بل ألغى الانتخابات تمامًا، سواء للنقابة العامة أو للفروع، ويُعد الآن لجمعية عمومية طارئة يوم الجمعة القادمة لتمرير قرارات وقوانين لا يعلم حقيقتها إلا الله، وجميعها باطلة كبطلان وجوده الذي أقره القانون والأحكام القضائية.
ديباجة فصيحة… تخفي واقعًا مريرًا
والمضحك المبكي، كما قال المتنبي، هو مقدمة البيان، التي يخاطب فيها أعضاء الجمعية العمومية قائلاً:
“ولأعضاء النقابة من المفكرين والأدباء والشعراء والروائيين والمترجمين والنقاد، بوصفهم أبرز عناصر قوة مصر الثقافية والفكرية…”
فإذا كنت تحترم عقول هؤلاء بالفعل، فقل الحقيقة، ولا تعزف على وتر،آفة جمعيتنا النسيان ، لأنها حقائق موثقة بالمستندات والأحكام القضائية.
ثم إذا كنت كما تقول، قد ربحت 43 قضية، وجلبت ملايين الجنيهات لخزينة النقابة، فلماذا رفعت رسوم الاشتراك إلى 400 جنيه، ورسوم التقديم للعضوية إلى 4000 جنيه؟
إن البيان الأخير لا يعكس سوى محاولة لتثبيت واقع باطل بأدوات باطلة، في تجاهل تام لإرادة الجمعية العمومية، واستخفاف بعقول الكتّاب والأدباء والمثقفين. لكن الحقيقة، مهما تأخر ظهورها، لا بد أن تنتصر، وسيظل القانون هو الفيصل في مواجهة كل قلب للحقائق وخلط للأوراق من أجل رئاسة أبدية غير مستحقة حتى آخر نفس .
السيناريست عماد النشار
عضو اتحاد كتاب مصر

