اخبار العالم العربي

مشاركون في ندوة «مركز الخليج للدراسات» ضرورة إنشاء مرصد لسلامة «العربية» وجائزة لأفضل أداء لغوي

كتب هاني عوكل

الشارقة دعا مشاركون في ندوة «الفصحى في الإعلام العربي: الواقع والمأمول» التي عقدها «مركز الخليج للدراسات» بدار «الخليج للصحافة والطباعة والنشر»، صباح أمس السبت، عبر تقنية «زوم»، إلى ضرورة إنشاء مرصد للسلامة اللغوية يراقب حال اللغة العربية في المنابر الإعلامية.

واتفقوا على أهمية وجود جائزة سنوية مخصصة للإعلام العربي لأفضل أداء لغوي، فضلاً عن إيجاد سياسة لضبط الإعلام الفردي («تويتر»، «فيسبوك»، «إنستجرام»)، حفاظاً على العربية. وأكدوا أهمية وضع قانون يحدد معايير الإعلام الجديد وآليات النشر للمساهمة في الحفاظ عليها.
كما أجمعوا على الحاجة إلى القراءة والعودة إلى التراث العربي الأصيل، لترسيخ مكانة العربية في المجتمع، وربطوا بين تطوير المحتوى اللغوي العربي، وتمكين الإعلام العربي من أدواته، مع ضرورات تدريب الكوادر المهنية وتمكينها من العربية الفصحى ومفرداتها. وحذروا من ظاهرة استخدام الكتابة العربية بالحروف الأجنبية، لدورها الكبير في تعميق الهوة بين الجيل الجديد واللغة الفصحى وقواعدها النحوية.
رحب الدكتور عيسى الحمادي، مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة، الذي أدار الندوة، بالمشاركين، ودعا إلى ضرورة إعداد دراسة بعنوان: «معايير اختيار الإعلاميين وإعدادهم وتدريبهم» وتتضمن التركيز على العربية الفصحى ضمن معايير الإعلام.
وتحدث عن أولوية رسم سياسات إعلامية جديدة، تحافظ على العربية الفصحى بما يتناسب مع المستجدات والمتغيرات الإعلامية الحديثة. كما لفت إلى أهمية تأسيس قناة خاصة لتعليم العربية، تستهدف جميع فئات المجتمع وتوظيف الرسالة الإعلامية للفضائيات العربية، بما يخدم العربية والرقي بها.
واتفق الدكتور الخليل النحوي، الباحث والشاعر، رئيس مجلس اللسان العربي بموريتانيا مع الدكتور الحمادي، على أننا بحاجة إلى اعتماد سياسات عامة وتدابير تفرض تعلم العربية للوافدين للعمل في بلداننا من الجنسيات المختلفة، لحمايتها من عوامل الطمس والتغير، ولا بد من تعميم الرقيب اللغوي في المؤسسات الإعلامية لتقديم مضامين للنشر والبث بلغة سليمة وجذابة.
ولفت إلى أن العربية تكاد تذبح من الوريد إلى الوريد، بسيفي العاميات واللغات الوافدة، وأن الإنتاج العربي من الأفلام غالباً ما يكون بالعامية. مشيراً في سياق آخر إلى أن المحتوى اللغوي العربي على الشبكة العنكبوتية ضعيف، على الرغم من زخم النشر الرقمي، ومن المهم مراقبته ومتابعته لتطويره وتجويده.
فيما قال الدكتور رشاد سالم، مدير الجامعة القاسمية بالشارقة: إن الإعلام مدرسة لتعلم اللغة، فاللغة ملكة تكسب بالسماع وتقوى بالممارسة، والإعلام يحقق ذلك، متسائلاً لماذا يخاف الناس من التعامل مع لغتنا العربية الجميلة، ويقصرون في حقها؟ مؤكداً أن حبنا للعربية يقتضي إتقانها مع التركيز على القرآن الكريم، لأنه أداة الفصاحة، وكذلك دور المجامع اللغوية في تطوير اللغة.
بلال البدور، رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم بدبي، شدد على أننا بحاجة إلى استنهاض المجتمع لمعرفة العربية الصحيحة، وفهمها وهضمها، ويأتي ذلك بقراءة القرآن وحفظ الشعر العربي والقراءات الحرة. ومن المهم ضرورة البحث عن وسيلة تقارب للتواصل ونقل الثقافات العربية مع مراعاة خصوصيات كل مجتمع.
وقال إن العربية الفصحى السليمة هي الوسيلة الأساسية للتقارب الفكري والمعرفي العربي. ودعا إلى عدم التنازل في المؤسسات الإعلامية عن قواعد اللغة وذائقتها حتى لا تضطر مستقبلاً إلى التنازل أكثر.
وعن سبل النهوض بالفصحى في الإعلام العربي، أوضح الدكتور محمد المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، أن الإعلام المعاصر بحاجة إلى مزيد من التدريب والعناية بالعربية. وعلى المؤسسات الإعلامية تطوير قوانينها ولوائحها للارتقاء باللغة، مع أولوية ربط جسر من التعاون والتنسيق بين المؤسسات الإعلامية والمجامع اللغوية، خصوصاً في ألفاظ الحضارة العربية. وطالب المؤسسات القائمة على التعليم بالتركيز أكثر على تكوين الملكة اللغوية السليمة. كما دعا المؤسسات الإعلامية إلى تدريب الصحفيين والإعلاميين باستمرار على العربية الفصحى شفوياً وكتابياً.
وفي موضوع العلاقة بين اللغة والإعلام، ذكر الدكتور علي عبدالقادر الحمادي، مدير جمعية حماية اللغة العربية، أن أي مشروع نهضوي للغة العربية يستوجب التركيز على الإعلام، وضبط وتطوير محتواه اللغوي، لأنه ركيزة للغة العربية. ودعا إلى أهمية استخدام لغة مقبولة وسهلة تراعي متطلبات المرحلة، لكن تتسم بالوضوح والسلامة اللغوية والمرونة والقابلية للتطور، وطالب كذلك، بوجود معايير لضبط اللغة في الإعلام وتحديداً الجديد.
واتفق الدكتور عطا عبد الرحيم، عميد كلية الاتصال بالجامعة القاسمية مع المشاركين على أن إغراق الإعلام في استخدامات العامية يعني ضعفاً تدريجياً للغة الفصحى بسبب قلة استعمالها، مشدداً على إنتاج المصطلحات العربية وترويجها إعلامياً والمتابعة المستمرة لأنشطة المجامع اللغوية ومراكز التعريب وتوظيف جديدها إعلامياً حتى تجد هذه المفاهيم طريقها إلى المجتمع، ومحاربة العاميات عن طريق ضبط النشاط التلفزيوني وفرض قوانين تمنع التحدث بغير العربية الفصحى.
أما الدكتور إدريس ولد عتية، أستاذ اللغة العربية بالجامعة القاسمية، فقدم مجموعة من المقترحات، من قبيل ضرورة العودة إلى التراث والتركيز على دور جمعيات حماية اللغة العربية لتطويرها والحفاظ عليها، وصناعة معجم إعلامي جديد وعاجل يحمي اللغة العربية، وأخيراً أوصى بقناة عالمية باللغة الفصحى، تركز على المحتوى وتتناسب مع مختلف الفئات العمرية.
ولتفادي ضعف العربية الفصحى في بعض المؤسسات الإعلامية، دعا الدكتور أحمد عفيفي، أستاذ اللغويات بقسم اللغة العربية في جامعة الإمارات إلى التنسيق والتعاون بين المؤسسات الإعلامية، لتقديم محتوى لغوي سليم ومفهوم.
وفي حين رأى أن الاهتمام الزائد بالإنجليزية على حساب العربية، انتحار لغوي وحضاري، فقد ذكر أن الوسائل الإعلامية المتنوعة، لو وظفت ما نسبته 30% من محتواها في خدمة العربية الفصحى، لكانت أسهمت في بناء الوعي وعززت الثقافة العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق